سيدات "تنظيم القاعدة"

أدت التجمعات النسائية غير المشروعة إلى انتقال الفكر التكفيري من ولاية قندهار، جنوب أفغانستان، إلى منطقة مكة المكرمة، غرب السعودية؛ حيث كانت هناك سيدة يمنية "هربت مع زوجها السعودي إلى قندهار" تحضر دروسًا تكفيريةً في منزل القتيل أسامة بن لادن ، وسيدة سعودية تحمل الفكر التكفيري تعمل في إحدى المؤسسات الخيرية في باكستان.

والتقت المتهمتان 3 سيدات سعوديات ، من بينهنّ الهاربة (أروى بغدادي)، لعقد اجتماعات نسائية مع أُسر الموقوفين أو المقتولين، ويعملنّ جميعًا على جمع الأموال لدعم تنظيم القاعدة في أفغانستان والعراق، كما قامت إحداهنّ بإرسال ابنيها إلى أفغانستان، وسعت لتزويج ابنتها القاصر من مُقاتل أفغاني في أفغانستان.

وفتحت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، أخيرًا، ملفات قضاياهنّ التي أحيلت من هيئة التحقيق والادّعاء العام، بعد أنّ ألقي القبض عليهنّ خلال الفترة الماضية؛ لتفنيد الاتهامات التي أقرّ بها النساء "أطلق سراحهنّ بأمر من القاضي"، تمهيدًا للنُطق بالحكم خلال الفترة المُقبلة، خاصةً أنّ ممثل الادّعاء العام طالب بعقوبة تعزيرية شديدة لهنّ ورادعة لغيرهنّ.

واعترفت الموقوفة اليمنية بأنها لحقت بزوجها "سعودي الجنسية وموقوف حاليًا"  إلى أفغانستان، وتوجهت مع زوجها إلى إحدى المضافات التابعة لتنظيم القاعدة في مدينة كويتا الباكستانية؛ حيث جرى سحب جوازات السفر منهما، حيث تمكنت من الوصول إلى قندهار، وعلى الفور ذهبت إلى أحد المنازل التي تقيم فيها بعض الأسر اليمنية، وقابلت نساء، وهنّ: أم أسامة، وأم خلود، وأم الزبير، واصطحبها زوجها- فيما بعد - إلى منزل أسامة بن لادن في قندهار؛ حيث كانت تحضر درسًا أسبوعيًا عند زوجة بن لادن، يشمل العقيدة والفقه ودروسًا عن القتال والرباط، ودور تنظيم القاعدة في تحقيق ذلك، ودور المرأة في الدعاء للمقاتلين، ومؤازرتهم، ومعهنّ زوجات عناصر التنظيم من الجنسيتين المصرية والجزائرية.

كما كانت تتعلم اللغة العربية عند زوجة بن لادن الأخرى، وهي سعودية الجنسية. وأكدت الموقوفة اليمنية خلال اعترافاتها إنها بعد الغزو الأميركي لأفغانستان العام 2001، توجّهت مع مجموعة من النساء إلى قرية انجواي، ورحلنّ عبر حافلات إلى الحدود الباكستانية ومنها إلى كويتا، ثم سافرنّ إلى اليمن، بعد أنّ تسلمت جوازات سفرهنّ من المضافات؛ حيث قُبض عليها هناك من الأمن السياسي، وجرى توقيفها لمدة شهر، حيث قامت بالتسلل عبر الحدود السعودية- اليمنية بطريقة غير مشروعة بواسطة شقيقها، والتقت زوجها في منطقة جازان، وانتقلت معه إلى مكة المكرمة، واستأجرت شقة بجوار الحرم المكي، حيث كانت تكفّر الحكومة السعودية والأنظمة العربية التي تعطل فريضة الجهاد، وتتعامل مع الولايات المتحدة.

ورحلت الموقوفة اليمنية إلى بلادها بعد أنّ ألقي القبض على زوجها، ثم عادت إلى السعودية بتأشيرة حج برفقة والدتها وأشقائها، وتعرفت على الهاربة السعودية (أروى بغدادي)، وذهبتا إلى منزل سيدة تدعى أم أسماء، ومكثت اليمنية عندها 4 أشهر، وكانت تجري مقابلات مع زميلاتها، ويتبادلنّ الأحاديث عن ذوي الموقوفين، وكلهنّ يحملنّ الفكر القتالي والتكفيري ضد الدولة، وكانت تلتقي معهنّ الموقوفة الثالثة وكُنيتها (أم صهيب)، وحضرت فيما بعد المتهمة الأولى التي تُكنى بـ(أم تركي) و(أم اليزن)، وبدأنّ العمل على جمع التبرعات للمقاتلين، وكذلك إرسال البعض الآخر إلى أفغانستان.

واعترفت الموقوفة اليمنية بأنها مكثت في منزل (أم صهيب) 8 أشهر، وسهلت لها الأخيرة إنشاء بريد إلكتروني، حيث أخبرتها بأنها سبق لها السفر إلى باكستان أثناء الحرب السوفياتية، وقامت بالتدريس في مدرسة للأيتام في باكستان، ثم عادت إلى السعودية، حتى أوقّف زوجها في قضية أمنية، وكانت مطلوبة للجهات الأمنية، إلا أنها لم تكنّ تتجاوب معهم، وكانت تتخفى في المنازل، وتدرس الموقوفة مع عدد من النساء منّ بينهنّ والدة 3 أشخاص قتلوا في مواجهات أمنية في المدينة المنورة.

المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية السعودية، اللواء منصور التركي، طالب جميع النساء الغيورات على وطنهنّ بعدم التردد في الإبلاغ عن أي ملاحظة يجري رصدها داخل المجتمع النسائي، حيث إنّ التنظيمات الإرهابية الضالة استغلت عملية استدراج السعوديين لتدريبهم ودفعهم إلى الجرائم الإرهابية، ومنّ ثمّ العمل على إعادتهم مرة أخرى إلى السعودية خلايا محلية تكون نواة لتنظيم متطرف جديد.

فيما أقرّت الموقوفة الأولى وكُنيتها (أم اليزن) بأنّ ابنها، وهو مطلوب أمني، التحق بصفوف القتال في العراق العام 2007، وبعد 20 يومًا وردها اتصال من مجهول يفيد بأن ابنها قُتل في عملية انتحارية، وبعد عام واحد دفعت بابنها الآخر، وهو مطلوب أمني، للقتال في أفغانستان، حيث وردها اتصال بعد عامين، بأن ابنها قتل في عملية قصف أميركي في أفغانستان، لا سيما أنّها كانت تحرض ابنيها قبل خروجهما للقتال على القيام بعملية متطرفة أو انتقامية في وزارة الداخلية، خلال مراجعتهما في قضية والدهما الموقوف.

وأفادت بأنّ هناك شخصًا كان يلتقي مع ابنها (15 سنة)، وهو (محمد عصام بغدادي)، (قُتل في مواجهات أمنية بنقطة تفتيش المثلث في وادي الدواسر العام 2010)، حيث كان البغدادي، وهو شقيق الموقوفة الثانية أروى الهاربة إلى اليمن، متخفيا عن الأنظار، ويعتقد حينها أنه في العراق، ويسعى للحصول على هوية مزورة من أشخاص في جدة للرجوع إلى العراق مرة أخرى.

وطلب نجل الموقوفة الأولى من والدته السيارة لتهريب القتيل بغدادي إلى جازان، للخروج إلى العراق عبر اليمن، وأنه سوف يرتدي عباءة نسائية للتخفي عن أنظار رجال الأمن، فعرضت على ابنها مرافقتهما إلى جازان حتى لا يُكتشف أمرهما، فرفض ذلك، وذهب ابنها إلى جازان، ولم يستطع الخروج، فعاد إلى الرياض حيث قُبض على والدها بعد مواجهات أمنية في نقطة المثلث بوادي الدواسر.

واعترفت (أم اليزن) بأنّ هناك تجمعات نسائية لزوجات الموقوفين بسجون المباحث في مكة المكرمة، وهنّ يحملنّ الأفكار والتوجهات الفكرية نفسها التي تؤيد الأعمال القتالية داخل السعودية وخارجها، والقائمة عليهنّ هي الموقوفة الثالثة (أم صهيب)، والموقوفة الرابعة، وأنهما يقومان بإعطاء دروس في منزليهما، ويحضر تلك الدروس زوجات الموقوفين في سجون المباحث العامة، وأنّ (أم صهيب) لديها طُرق مختلفة لإرسال الشباب إلى أفغانستان.

وأدينت (أم اليزن) بتواصلها عبر الهاتف والبريد الإلكتروني مع السعودي (عبدالمحسن الشارخ)، المطلوب رقم 49 في قائمة الـ85، الذي تبنى مجلس الأمن الدولي، أخيرَا بالإجماع، القرار الذي تقدمت به بريطانيا لإدراجه على لائحة العقوبات الدولية الخاصة بتنظيم القاعدة، وذلك حينما كان يتنقل بين إيران وأفغانستان، قبل أنّ ينتقل إلى سوريا، وينضم للواء "جبهة النصرة"، ويُعيّن أميرًا للساحل في اللاذقية.

وقد أثّر زوج (أم صهيب)، وهو موقوف على ذمة قضية أمنية، في أبنائها وبناتها بالفكر القتالي التكفيري، وأمرهم بترك الدراسة في المدارس لأنها حرام، وقد تواصلت عبر الهاتف والبريد الإلكتروني مع أحد المقاتلين في أفغانستان ويدعى (جابر)، وطلب منها مبلغًا ماليًا، وقامت بتوفيره من الهاربة (أروى بغدادي)، حيث استعدّت لإرسال ابنتها (12 سنة) للسفر إلى أفغانستان للزواج من الأفغاني (جابر)، ولم تنجح المحاولة، وعزمت مرة أخرى على الخروج إلى أفغانستان بصحبة أبنائها وبناتها، ولم تستطع أيضًا.

فيما أقرت السعودية (أروى بغدادي)، التي هربت إلى اليمن بصحبة شقيقها وزوجة شقيقها القتيل، وطفلها الرضيع، وأطفال قامت بتبنيهم، بانتهاجها الفكر التكفيري، وأنّ الموقوفة اليمنية التي تلقت الدروس التكفيرية في منزل بن لادن، طلبت منها عدم اللهو في الدنيا، وأنّ تتعلم معها ومع بعض زميلاتها الكتب الدينية، وأنّ علماء السعودية لا يعجبونها، وأنّ المتهمة الأولى (أم اليزن) طلبت منها أنّ تعرض أفلامًا، ومقاطع قتالية، وعمليات عسكرية، ومقاطع قتل ونحر، على الأطفال الذين تبنتهم الهاربة بغدادي، وكانت ترى أن أسامة بن لادن ليس شيخا للمجاهدين، بل أنّ عبدالله عزام يستحق هذا اللقب.

وتزوجت (بغدادي) من أحد الموقوفين في السجن، الذي تعرف على شقيقها القتيل محمد قبل أنّ يطلق سراحه، وقامت بعد القبض عليها بسب ولعن المجندات في السجن، وتوجيه ألفاظ غير أخلاقية إليهنّ، وحاولت الاعتداء بالضرب على إحدى المجندات، وإثارة الفوضى والإضراب عن الطعام، كما لعنت الدكتورة أثناء الكشف عليها، ورمتها بجهاز الضغط، وقذفت إحدى المجندات بـ"الزنا".

واعترفت المتهمة الثالثة (أم صهيب) بأنّ فكرة خروجها إلى باكستان عائدة إلى تأثير المجلات الدعوية في فكرها، وعزمت بعد ذلك على الذهاب إلى هناك، وبعد زواجها طلبت من زوجها الذهاب إلى باكستان، والتحقت بمؤسسة دار الأيتام، ومعها مجموعة من النساء المصريات والجزائريات اللائي يحملنّ الفكر التكفيري، وتعرفت على الموقوفات الأربع، ونساء أخريات، نتيجة إيقاف أزواجهنّ لدى الجهات الأمنية، وجهّزت عددًا من الرجال للقتال في أفغانستان، وزودتهم بنحو 60 ألف ريال، وقامت بربط أحدهم مع شخص يحمل الجنسية الأفغانية يعمل في المدينة المنورة للتنسيق معه.

وكفّرت المتهمة الرابعة، وكُنيتها (أم سليمان)، الدولة السعودية، واتهمت أفرادها وضباطها بالردة، وادعي عليها بالانتماء إلى تنظيم القاعدة، وتأييدها الأعمال التي يقومون بها، وحيازتها مقاطع مرئية تحث على المشاركة في القتال، ودورات تدريبية في صناعة الأسلحة، والتشريك، وعمل المتفجرات، وعملت على نشر فكر القاعدة المتطرف، وقدحت في أمانة مفتي عام المملكة العربية السعودية، ووصفته بأنه شيخ سلطة.

وهربت (أم سليمان) إلى منطقة الجوف، ومكثت هناك نحو 20 شهرا، دون أنّ يعلم عنها أحد، وذلك بعد أنّ طلبت منها السلطات الأمنية الحضور، خلال توقيف اثنين من أشقائها، لا سيما أنّ زوجها الموقوف لدى السلطات الأمنية غادر إلى أفغانستان، مرورًا بالإمارات وباكستان، ثم عاد إلى هناك بعد أنّ مكث سنة كاملة، وأوقف.

وكانت (أم سليمان) تجمع النساء في منزلها للحديث عن الجهاد بشكل عام، وكذلك جهاد تنظيم القاعدة، وكانت تجمع الأموال لصالح مؤسسة خيرية، إلا أنّ المؤسسة أغلقت بأمر من السلطات الأمنية، وجرى إيقاف مديرها، وقامت بتحويل الأموال إلى أفغانستان.

واعترف أحد الموقوفين السعوديين بأنّ هناك تجمعات نسائية في منطقة مكة المكرمة لا تقل خطورتها عن تجمعات الشباب المُتطرفة، بل هي أشد خطورة، لسهولة تواصلهنّ بحجة الزيارات العائلية، إذ أصبح ارتباط النساء المتطرفات عنّ طريق النسب فيما بينهنّ غطاء لتنقلاتهنّ، مفيدًا بأنّ هؤلاء النساء يحملنّ فكرًا تكفيريًا، ويحرِّمنّ الالتحاق بالوظائف الحكومية والمدارس، وأنّ أنشطتهنّ بدأت تنتشر في منطقتي الجوف والقصيم.

وأضاف الموقوف إنّ أهداف النساء المتطرفات تتضمن التواصل مع أسر السجناء لضمهن إليهنّ، واحتوائهنّ، وتقديم المساعدات المالية لهنّ، وإقامة محاضرات داخل الاستراحات لنشر الأفكار التكفيرية والجهادية المتطرفة، وجمع الأموال من خلال تلك التجمعات لدعم القتال، والعمل على تزويج الشباب، سواء الموقوفون منهم ومن يحمل التوجهات المتطرفة، بهؤلاء النساء.

وأكد الموقوف أنّ المتهمة الرابعة وكنيتها (أم سليمان) التي تعدّ بمثابة "الشيخ" عند النساء، وامرأة تكنى بـ(أم صهيب) تُعد من أكثر النساء تشددَا وتطرفًا في تلك المجموعة، كما أنهنّ يتواصلنّ مع السجناء أثناء زيارة أزواجهنّ، لمعرفة من ألقي القبض عليه، حتى يتسنى لهنّ زيارة عائلة الموقوف.