الجزائر ـ سميرة عوام
يعدُّ ملف "التحرّش الجنسي" من أصعب الملفات التي طرحت للنقاش في الجزائر في العام الجاري، لاسيما إثر بروز مظاهر جديدة في المجتمع.
وأكّد مختصون في علم الاجتماع في الجزائر، في دراسة لهم، أنَّ "الأساليب اللّفظية تمثل 50%، وهي من الوسائل المعتمدة في التحرش الجنسي بالنساء في العمل، في حين تحتل بعض الإيماءات الأخرى، منها غير اللفظي، مثل الصفير والنظرات العشوائيّة، 12%، فضلاً عن الضغط والاستفزازات المصحوبة بالتهديد".
وأوضح أساتذة علم الاجتماع أنَّ "المتحرّش يوظف الطرق والوسائل السالفة الذكر بغية الوصول إلى المرحلة الأخيرة، حيث يعتمد بعض المسؤولين وأصحاب الشركات، وحتى أرباب العمل، الضغط المتمثل في زيادة الأعباء المهنية على الضحية، ورفع وتيرة الانتقادات، عبر إبراز العيوب المهنية، وأخيرًا التهديد بالطرد من العمل".
واعتبروا أنَّ "الأمر يعدُّ غاية في الفظاعة، بما أنّه تهديد فعلي ببطالة الضحية"، مؤكّدين أنَّ "التحرّش بالمرأة العاملة يفقدها التوازن، ويدخلها دوامة من الشك والخجل، والشعور بالذنب، والميل إلى الاعتزال، وتدهور صحتها تحت تأثير الاضطراب، والقلق النفسي، ما يدفع الضحايا إلى محاولة انتحار، لاسيما أنَّ المتسببين في عملية التحرش الجنسي تتراوح أعمارهم ما بين 45 إلى 60 عامًا، وهم مدراء ومسؤولين لهم وزن في السلطة، تمنحهم الدولة النفوذ على الضحايا، اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 19 و45 عامًا".
ويرى المختصون أنَّ "ظاهرة التحرش الجنسي محتملة الوجود في المؤسسات الجامعيّة، والطبيّة، والشركات الكبرى"، منتقدين "سياسة مواجهة التحرّش في الجزائر، حيث تعتبر الظاهرة من المسكوت عنه في المجتمع، ولهذا عجز المختصون في علم النفس عن مناقشة الموضوع مع الضحايا، حيث تظلُّ الحالات طيَّ الكتمان، لأنه يتعلق بشرف المرأة العاملة، لاسيما في المناطق المحافظة، لأنها إذا تقدّمت بشكوى ضد رئيسها قد تتهم بالتساهل معه، ما دفعه إلى التطاول عليها"، لافتين إلى أنَّ "حالات كثيرة قد تجبر المرأة عن التوقف، إذا بلغت المشكلة للأب أو الزوج".
وبيّن الخبراء أنّه "لاحتواء ملف التحرش الجنسي لابد من فتح نقاش مع الضحايا، بغية التقليص من مشاكل المتسببين في إزعاج النساء العاملات، وعلى القانون تعيين جلسات سريّة، لمعالجة موضوع التحرّش، الذي تعاني منه المرأة في العمل أو الشارع، لأنَّ القانون له قوة الردع، ويرفع اللّبس المحيط بالظاهرة".