بغداد ـ جعفر النصراوي بدأت لغة التصعيد تتخذ خطًا بيانيًا متصاعدًا يترجم حال الأزمة المتفاقمة بين الحكومة العراقية المركزية ممثلة في رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وإقليم كردستان ممثلاً في رئيس الإقليم مسعود البارزاني، على الرغم من إصدار رئيس الجمهورية العراقي جلال الطالباني بيانًا أكد فيه أن كل من رئيس الحكومة ورئيس إقليم كردستان اتفقا مبدئيًا على وقف الحملات الإعلامية بينهما، فيما اعتبر المالكي قرار البارزاني الذي عد بموجبه جميع المناطق المختلطة تابعة لإقليم كردستان "يفتقد إلى أية قيمة قانونية"، داعيًا رئاسة الجمهورية ومجلس النواب وجميع الجهات التنفيذية والرقابية إلى إدانة هذا التصرف.
وقال المالكي، في بيان صدر عن مكتبه، السبت، وتلقى "العرب اليوم" نسخه منه: إنه "ضمن مسلسل المخالفات التي ترتكبها إدارة الإقليم للدستور الذي صوت عليه الشعب العراقي، وأقسمت جميع القوى والسلطات العراقية على المحافظة عليه وحمايته، أصدر رئيس الإقليم مسعود البارزني قرارًا اعتبر بموجبه جميع المناطق المختلطة التي يسميها الدستور مناطق متنازعًا عليها تابعة لإقليم كردستان".
واعتبر المالكي أن القرار "يفتقد إلى أية قيمة قانونية، ولا يمكن أن يترتب عليه أي أثر"، مضيفًا أنه "يشير إلى جرأة كبيرة، وتجاوز على أرفع وثيقة عراقية وهي الدستور، ومخالفة لأبسط مبادئه".
وأضاف المالكي "إننا على يقين أن هذه التجاوزات ما كانت لتحدث لو تحركت السلطات المعنية والقوى السياسية لشجب الانتهاكات الأخرى، التي ارتكبت من إدارة الإقليم طيلة السنوات الماضية في وقتها"، داعيًا "جميع السلطات إلى إدانة هذا التصرف، خصوصًا الجهات المعنية مباشرة بحماية الدستور والمحافظة عليه، مثل رئاسة الجمهورية ومجلس النواب، وجميع الجهات التنفيذية والرقابية، كي نضع حدًا لهذا المسلسل الخطير".
وتابع رئيس الحكومة في بيانه، أن "الحكومة قامت بواجبها، وأبلغت الجهات المعنية بضرورة الالتزام التام بأحكام الدستور، خصوصًا في تبعية هذه المناطق للحكومة الاتحادية"، مشيرًا إلى أن "أي تصرف خارج هذا الإطار سيعرضها إلى أشد المساءلات القانونية، التي تقتضيها المخالفات الدستورية".
ومضى المالكي إلى القول "إننا على ثقة تامة أن مثل هذه التصرفات لن تنال من قوة القانون، ولن تفت في عضد الحكومة، وسعيها لتطبيقه على الكل دون استثناء"، مؤكدًا أن "لا خيار لنا سوى العودة إلى الدستور، واحترامه في حل كل المنازعات والخلافات، التي يمكن أن تحدث أثناء عملية بناء الدولة، وتشييد مؤسساتها المختلفة".
وكان البارزاني أطلق في (14 كانون الأول/ ديسمبر 2012)، مصطلح "المناطق الكردستانية خارج الإقليم" على المناطق المختلف عليها، مبينًا أن تخلي عدد من المسؤولين الكبار في الحكومة العراقية عن استخدام عبارة "المناطق المتنازع عليها" لا تعبر عن الرغبة في تنفيذ المادة 140 الدستورية.
وفي أول رد على البيان الذي أصدره المالكي اعتبر النائب عن التحالف الكردستاني فرهاد الأتروشي أن قرارات رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني "لا تستمد شرعيتها" من رئيس الحكومة المالكي، مؤكدًا أن قرار البارزاني اعتبار جميع المناطق المختلطة تابعة لإقليم كردستان "جاء معبرًا عن كل كردي".
وقال الأتروشي لـ "العرب اليوم": إن "قرار البارزاني اعتبار المناطق الكردستانية خارج الإقليم جزءًا من الإقليم لا يستمد شرعيته من المالكي"، موضحًا أن "شرعية هذا القرار تتمثل في صلاحية البارزاني لإصدار القرارات استنادًا إلى قانون رئاسة الإقليم للعام 2005، الذي أعطى له الحق في كل هذه الأمور".
وأضاف الأتروشي، أن "المناطق الكردستانية خارج الإقليم هي جزء من الإقليم تاريخيًا وجغرافيًا، ولا يمكن للكرد التنازل عنها"، مشددًا على أن "قرار البارزاني جاء معبرًا عن كل كردي يؤمن بكردستانية هذه المناطق".
يذكر أن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي اعتبر أن الأحداث الجارية في المناطق المختلطة، وطبيعة التصريحات الصادرة من المسؤولين في الإقليم، لا تنم عن نية حسنة ورغبة حقيقية في حل المشاكل عن طريق الحوار، فيما أكد أنه رغم إصرار الحكومة الاتحادية على وجوب حل المشاكل عن طريق التفاهم والحوار، وما قدمته من مبادرات عملية للحل، ومنها العودة إلى تفاهمات العامين ٢٠٠٩ - ٢٠١٠، وتشكيل السيطرات المشتركة، أو تدريب العدد الكافي من أبناء المناطق ذاتها للقيام بهذه المهمة، يصر المسؤولون هناك على انتهاج نبرة التصعيد غير المسؤولة التي تعود بالضرر الكبير على الجميع، وفي مقدمتهم الشعب الكردي.
فيما اعتبر التحالف الكردستاني أن المناطق المتنازع عليها هي "كردستانية جغرافيًا وتاريخيًا"، وفيما بين أن استعمال رئيس الحكومة نوري المالكي مصطلح المختلطة لتلك المناطق "خرق دستوري"، أتهمه بـ"محاولة تشكيل مليشيات" في كركوك.