أفراد من الجيش الوطني الأفغاني أثناء دورة عسكرية في كيفية استخدام الهاون في إقليم هلمند
أفراد من الجيش الوطني الأفغاني أثناء دورة عسكرية في كيفية استخدام الهاون في إقليم هلمند
كابول ـ أعظم خان
أكد محللون سياسيون، أنه "رغم ملامح القوة والقدرة التي تبدو على الجيش الأفغاني حاليًا، إلا أن هذا لا يؤهله لخوض المعارك ضد حركة (طالبان)، في ظل وجود معوقات لوجيستية وبشرية، وأن قدراته ستتعرض إلى اختبار غاية في القسوة بعد رحيل القوات الأجنبية عن البلاد في العام 2014، وذلك رغم تقارير الأمم
المتحدة التي أعلنت انخفاض الخسائر البشرية في أوساط المدنيين خلال الـ10 أشهر الأولى من عام 2012، الناتجة عن عمليات (طالبان)"، فيما كشف أمير الحرب الأفغاني قلب الدين حكمتيار، المُصنف أميركيًا كـ"إرهابي دولي"، في انفراد لصحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، عن استعداد حزبه للمشاركة في الانتخابات الرئاسية الأفغانية المقبلة، داعيًا إلى "انتقال سلمي للحكم واعتماد الديمقراطية منهجًا للبلاد".
وقالت صحيفة "غارديان" البريطانية، إن "قوام (الفيلق 215 ) العسكري التابع للجيش الأفغاني، يبلغ نحو 17 ألف جندي، وأنه بدأ يكتسب الثقة بسبب ما يتمتع به من جدارة وكفاءة، ووفق استطلاعات الرأي المحلية، فإن هذه القوة تحظى بالاحترام العام في أفغانستان، بعد أن استطاعت السيطرة بقوة على المناطق السكانية، في إقليم هلمند في مواجهة حركة (طالبان)، ومحاولاتها استعادة السيطرة على تلك المناطق، ونتيجة لهذا النجاح باتت مدن وأحياء ذلك الإقليم أكثر أمانًا عما كانت عليه قبل عام، ورغم كل ذلك، إلا أن الجيش الأفغاني لا يستطيع خوض معارك قتالية وحده، حيث لا يوجد في الفيلق العسكري الذي يتكون من أربعة ألوية سوى لواء واحد هو الأقرب إلى خوض معركة كاملة".
وكشف تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، أوائل كانون الأول/ديسمبر الماضي، عن أنه "لا يوجد لواء في الجيش الوطني الأفغاني البالغ عددها 23 لواء، والمنتشرة في أنحاء البلاد كافة، سوى لواء واحد هو القادر على خوض حرب طويلة، وأن نجاح (طالبان) في التسلل إلى صفوف هذه الوحدات العسكرية ساهم في زيادة عدد الهجمات التي تعرض لها أفراد قوات التحالف الأجنبية على يد من يدربونهم من القوات الأفغانية، حيث شهد إقليم هلمند 12 هجومًا دمويًا من هذا النوع خلال العام 2012، الأمر الذي أسفر عن انهيار روابط الثقة التي كانت تستند عليها إستراتيجية قوات ("الناتو) في أفغانستان، فيما تشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن نسبة 84% من حالات الوفيات في أوساط المدنيين في أفغانستان كان السبب فيها "طالبان"، في حين تتحمل القوات الحكومية والأجنبية 6% منها فقط، بينما لا يُعرف من المسؤول عن نسبة الـ10% الباقية، وشهد العام 2012 وحده نحو 28% من إجمالي هذه الوفيات، مما يعني أن المواطن الأفغاني العادي بات أكثر عرضة للخطر، بينما بدأ الجيش الوطني يتولى مسؤولية حماية المواطنين الأفغان".
ونقلت "غارديان" عن نائب القائد العسكري لـ"الفيلق 215"، الجنرال غلام فاروق بارواني، قوله إن "جنوده قادرون على التعامل مع تهديدات (طالبان)، بعد رحيل القوات البريطانية والأميركية من هلمند بحلول العام 2014"، فيما اشترط لتحقيق ذلك أن "تتوفر لديهم الوسائل الكافية للقيام بهذه المهمة"، قائلاً "لو توفرت المعدات كما وعدت قوات التحالف فإن (طالبان) لن تكون لها قائمة، ونحن بحاجة إلى الدعم في سلاح المدفعية وأسلحة متقدمة".
وأشار الجنرال بارواني، إلى أن "تسارع عملية رحيل القوات الأجنبية باتت ملموسة في أرجاء أفغانستان كافة، فقد كان قوام قوات (المارينز) الأميركية في هلمند 21 ألف جندي خلال العام الماضي، أما الآن فلم يعد هناك سوى 6500 جندي، ولم يتوقف الرحيل على الجنود فقط، وإنما شمل أيضًا المعدات العسكرية من مدرعات وطائرات"، فيما حمل بشدة على "نقص قدرات الشرطة الأفغانية، الأمر الذي يضطر إلى نشر قوات الجيش لحراسة الطرق الرئيسة، بدلاً من محاربة (طالبان)"، قائلاً إن "القدرات المحدودة لقوات الشرطة الأفغانية أدت إلى انشغال قوات الجيش بنقاط التفتيش"، غير أن المستشارين الأميركيين يرفضون مثل هذه الملاحظات من الجنرال فاروق ويطالبونه بالتحدث فقط عن "الجيش من دون التطرق إلى الشرطة".
وأضافت الصحيفة البريطانية، أنه "في شأن محاولات فرض قيود مشددة على تجنيد الأفغان للحيلولة من دون تسلل (طالبان) إلى صفوف القوات الأفغانية، فقد كان تأثيرها متفاوتًا حيث تعتقد قيادات قوات التحالف في أن المشكلة قد يكون لها أبعاد أعمق، فهناك من يرى أن المشكلة تكمن في تأثر أفراد الشرطة والجيش في أفغانستان برسائل الحركة، وبرسائل الشيوخ والأئمة المحليين، أما عن أهم الإنجازات التي تمت في هلمند خلال العام الماضي، فقد نجحت قوات التحالف والقوات الأفغانية في إزاحة العنف خارج وسط الإقليم حيث تقطن الغالبية من السكان، وتؤكد قيادات التحالف العسكرية أن 80% من الأعمال القتالية في المنطقة تجري في مناطق لا يعيش فيها سوى20% من سكان الإقليم، مما يعني بلغة الأرقام أن غالبية السكان يعيشون في سلام وأمان، ويؤكد ذلك أيضًا تقارير الأمم المتحدة التي تشير إلى انخفاض الخسائر البشرية في أوساط المدنيين خلال الـ10 أشهر الأولى من العام 2012 بنسبة 4%، لكن ما حدث في أواخر العام يشير إلى أن المكاسب التي تحققت لاتزال في خطر، وهذا في حد ذاته يعني بوضوح أن قدرات الجيش الأفغاني ستتعرض لاختبار غاية في القسوة بعد رحيل القوات الأجنبية من البلاد".
على صعيد متصل، انفردت صحيفة "ديلي تلغراف" بنشر مقابلة مع أحد أمراء الحرب الأفغانية والذي تصنفه الولايات المتحدة الأميركية كـ"إرهابي دولي"، وهو قلب الدين حكمتيار، والذي دعا فيها إلى "انتقال سلمي للحكم وإلى الديمقراطية"، معربًا عن مخاوفه من "انحدار أفغانسان إلى الفوضى، بعد انسحاب القوات الدولية بقيادة قوات (الناتو) بصورة تشبه ما أعقب الانسحاب الروسي من البلاد في الثمانينات".
وشن حكمتيار خلال المقابلة، هجومًا على بريطانيا وعلى الأمير هاري تشارلز الذي يقضي خدمته قائدًا لمروحية مع القوات البريطانية في إقليم هلمند، متهمًا إياه بأنه يسعى بمجيئه إلى أفغانستان إلى "قتل الأفغان الأبرياء واصطياد المجاهدين بصواريخ مروحيته"، وكذلك اتهم بريطانيا بأنها تورطت "في نزاع وحشي غير عادل ولا فائدة منه، لمجرد إرضاء البيت الابيض. فالبريطانيين لم يجنوا أي شيء سوى فقدان الدماء والثروة"، مضيفًا "أنا لا أفهم كيف يوافق البريطانيون على أن يُرسل أبناؤهم إلى موت محقق، من أجل إرضاء الجنرالات الأميركيين".
وقالت الصحيفة البريطانية، إنها لم تجر المقابلة مع أمير الحرب الأفغاني وجهًا لوجه، بل أرسلت له الأسئلة وأجاب عليها عبر شريط فيديو مصور بعد 3 أسابيع من إرسالها، وأن مكانه الآن غير معروف ولكن يُعتقد أنه في منطقة جبلية جنوب شرقي أفغانستان، وأنه قد قضى الأحد عشر عامًا الماضية هاربًا، إذ يُعتقد أنه لعب دورًا أساسيًا في مساعدة زعيم تنظيم "القاعدة" السابق أسامة بن لادن على الهرب من جبال تورا بورا بعد انهيار حركة "طالبان" في العام 2001، وصنفته الولايات المتحدة في العام 2003 بوصفه "إرهابيًا دوليًا" كما اتهمه الرئيس الأفغاني حامد كرزاي بأنه "مجرم حرب".
وأضافت "ديلي تلغراف" أن "حكمتيار نجا من محاولة اغتيال قامت بها وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ويُعتقد أنه العقل المدبر وراء الهجمات الدموية ضد القوات الأميركية والبريطانية في أفغانستان في السنوات الأخيرة، وأنه بدا في أجوبته أشبه بمراقب انتخابات من الأمم المتحدة وليس أمير الحرب الذي عرف بمسؤوليته عن القصف الدموي لكابول إبان فترة رئاسته للوزراء في أفغانستان في الثمانينات، إذ يدعو في إجاباته إلى انتقال سلمي للسلطة، ويطالب بانتخابات حرة وعادلة، قائلاً: إن من يفوز بغالبية الأصوات فيها يجب أن يقبل به الجميع، وأعلن أن (الحزب الإسلامي) الذي يترأسه، مستعد للمشاركة في الانتخابات الرئاسية الأفغانية عام 2014، مشترطًا الانسحاب الكامل للقوات الاجنبية وإقامة انتخابات يمثل فيها جميع الأطراف على قدم المساواة".