طهران ـ مهدي موسوي يرى المحللون السياسيون أن "شبح المواجهة العسكرية مع إيران وما يتبعها من اشتعال الصراع على نطاق أوسع في الشرق الأوسط، بدأ يلوح في الأفق مع بداية العام الجديد 2013، وذلك وسط صراعات السلطة والطموحات النووية التي تعني أن الأوضاع في إيران والشرق الأوسط ستظل متقلبة وسريعة التأثر، وأن أي شكل من أشكال السلام سيكون موقتًا وعارضًا وغير مستقر".

وقالت صحيفة "غارديان" البريطانية، إن التقارير الحديثة الواردة من إسرائيل، تشير إلى أن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو كان مستعدًا لشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية منذ العام 2010، ولكنه تراجع نتيجة اعتراض كبار قيادات كل من الجيش والاستخبارات الإسرائيلية، ولكن ما يُنذر بالخطر أن وزير الدفاع ورئيس الاستخبارات (المعارضان لقرار نتنياهو بضرب المنشآت النووية الإيرانية) قد تم استبدالهما بغيرهما في الآونة الأخيرة، وأن ما يجعل من العام 2013 عامًا خطيرًا على نحو استثنائي، هو أن احتمالات نشوب الحرب تفوق ما كانت عليه قبل عامين، إذ تعتقد القوى الغربية أن برنامج الأسلحة النووية وما يرتبط بها من أنظمة الصواريخ قد وصل إلى مراحل أكثر تقدمًا".
وأشارت "غارديان" إلى أن "شهر كانون الثاني/يناير سيشهد خوض نتنياهو للانتخابات العامة من أجل فترة رئاسة ثانية للحكومة الإسرائيلية، ومن المتوقع في حال فوزه، أن يعود إلى ممارسة ضغوطه من جديد على طهران، وسيعتبر زعيم (الليكود) أن فوزه في الانتخابات يعني تفويضه من الشعب الإسرائيلي بشن هجوم على إيران، حيث باتت إيران تمثل هاجسًا يسيطر على حواس نتنياهو"، مضيفة أن " فترة الرئاسة الثانية للرئيس الحالي المثير للجدل محمود أحمدي نجاد، ستنتهي هذا العام، ولم يتضح بعد ملامح من سيخلفه في رئاسة إيران، ومن المرحج أن يقوم المرشد الأعلى لإيران آية الله على خاميني، وهو من الصقور المحافظين المعادين للغرب، باختيار أحد رجاله وترشيحه للمنصب، إلا أن المعارضة، وعلى الرغم من تمزقها، لديها هي الأخرى أفكارها في هذا الشأن، ومن المحتمل جدًا أن تشهد شوارع إيران خلال الانتخابات الرئاسية في حزيران/ يونيو من هذا العام الجديد، معارك واضطرابات مدنية، والتي بدت في لحظة خلال صيف العام 2009 قريبة من إسقاط النظام الثوري في إيران، فيما يعتقد الكثير من الإيرانيين والمراقبين في الخارج في مرشح (الحركة الخضراء) مير حسين موسوي، والذي سبق وأن فاز بانتخابات الرئاسة السابقة، ولكنه سقط ضحية التزوير، ومن شأن ذلك أن يؤدي بالنظام إلى إلقاء اللوم على الغرب وتدخلاته كما حدث في السابق".
وأضافت الصحيفة البريطانية، "أما عن الأميركيين، فإنهم سيحاولون تجنب المواجهة العسكرية المباشرة قدر الإمكان، وذلك على الرغم من ضغوط اليمين الأميركي على إدارة الرئيس باراك أوباما، بينما تتشكك وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في جدوى شن حرب ضد إيران، هذا ناهيك عن الحرب الخفية التي تستهدف إيران من خلالها الهجمات على أنظمة الكمبيوتر واغتيالات علماء إيران وعمليات إشاعة عدم الاستقرار، وهي حرب لا يمكن القول إنها ستتوقف، ولا يرغب أوباما في خوض حرب أخرى ضد دولة إسلامية بعد المعاناة الأميركية في الخروج من العراق وأفغانستان، ويجرى الآن الاستعداد لخوض جولة من المفاوضات الدبلوماسية مع إيران، وتقوم الولايات المتحدة بإجراء مفاوضات ثنائية سرية في الوقت الذي يلمح فيه أوباما إلى عدم الممانعة في التفاوض مع إيران وجهًا لوجه، وتبدو ملامح الصفة الدبلوماسية في قيام إيران بوقف إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20% في مقابل تخفيف العقوبات المفروضة على إيران، على أن تستمر إيران في إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة مخفضة للأغراض المدنية مع قبول الرقابة الدولية، وتعتقد وكالة الطاقة الذرية أنه في الإمكان استئناف التفتيش خلال كانون الثاني/ يناير الجاري، إلا أن إسرائيل تطالب بتحقيق مجرد انفراجة، وإنما تقدم حاسم ونهائي قبل حزيران/يونيو المقبل، وهو الشهر الذي تؤكد إسرائيل أنه سيشهد نجاح إيران في إنتاج يورانيوم عالي التخصيب يزيد من قدرتها على إنتاج قنبلة نووية، وهذا هو الخط الأحمر الذي تتحدث عنه إسرائيل".
وأوضحت "غارديان" أن "هناك مشكلة كبري في التعامل مع إيران، تتمثل في تحديد هوية من يمكن أن يتحدث باسم النظام الإيراني الذي تتعدد فيه مراكز القوى، ولا يوجد في إيران سياسي واحد يجرؤ على تقديم تنازلات للغرب خلال مرحلة سياسية انتقالية، وأن هناك مشكلة أخرى تتمثل في الحرب الأهلية في سورية، ففي حالة سقوط الرئيس بشار الأسد الذي تدعمه طهران - كما يتردد - بالمال والسلاح والتدريب والخبرة، قد تشعر إيران بأنها الهدف التالي بعد سورية على الأجندة الأميركية الرامية إلى تغيير الأنظمة، وستنظر إيران الشيعية إلى سقوط سورية باعتباره نكسة إستراتيجية كبرى في صراعها الإقليمي مع الحكومات السنية في كل من مصر والسعودية والخليج، وهي دول يدعمها الغرب، كما أن رحيل الأسد سيضعف النفوذ الإيراني في لبنان، إذ يوجد (حزب الله) الشيعي، كما أنه سيضع علاقتها مع (حماس) في مأزق في ضوء علاقات الأخيرة مع مصر وتركيا، وفي ظل التوقعات بسقوط الأسد أمام المعارضة السورية، وهو ما يتوقع الغرب وروسيا حدوثه خلال العام 2013، فإن الشرق الأوسط سيشهد لحظة غاية في الخطورة، وهناك احتمالات بأن تقوم إيران بالانتقام بضربات استباقية قبل أن تتعرض لهجوم أميركي ـ إسرائيلي، وبعبارة أخرى فإنه وبعد سقوط الأسد، يمكن القول إنه إذا بدأت إسرائيل بضرب إيران، فإن صقور إيران قد يقدمون على هذه الخطوة".
وأضافت الصحيفة أنه "بالإضافة إلى ذلك، فإن التوقعات تشير إلى أن الشرق الأوسط سيواجه صعوبات خلال هذا العام، ففي مصر بعد الثورة تبدو الأمور أكثر تعقيدًا وأن سقوط نظام حسني مبارك كان الجانب الأسهل في الثورة المصرية، وأن الصعوبات تكمن في مرحلة التحول الديمقراطي وبناء نظام يتمع بالشفافية في ظل مجتمع يضم مسلمين وأقباط وإسلاميين وعلمانيين، وفي ظل وقوع بعض حوادث العنف بسبب الخلافات على الدستور الجديد، إن مشكلة مصر الآن ليست مجرد اختلاف في الآراء، وإنما هي في الأساس أزمة ثقة، كما كشفت الصدامات الأخيرة عن حالة من الاستقطاب الاجتماعي والعدائي بين الفصائل المتناحرة، قد يصعب إن لم يكن من المستحيل التغلب عليها، هذا ناهيك عن حالة عدم الاستقرار التي يعاني منها الأردن، بسبب تدفق اللاجئين السوريين والصعوبات الاقتصادية. وفي البحرين والسعودية تطفو على السطح المطالبات بالإصلاحات الديمقراطية، وهناك تكهنات بأن يشهد العراق المزيد من التوترات الداخلية بين رئيس الحكومة نور المالكي الشيعي وبين النزعات الانفصالية الكردية السنية".