الداعية التونسي، بشير بن حسن
تونس ـ أزهار الجربوعي
انتقد في شريط فيديو نشره على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "الاحتفالات الدينية الّتي تُقام بمناسبة المولد النبوي الشريف"، وقال البشير بن حسن "هؤلاء الّذين يحتفلون بالمولد النبوي أضعف الناس دينًا"، وأضاف أن "المولد النبوي يحتفل به أقوام
يعيشون لبطونهم، في إشارة إلى بعض الطقوس والأطباق التي تختص بها تونس خلال المولد النبوي".
كما اعتبر بن حسن الاحتفال بالمولد النبوي "نفاقا"، قائلًا في هذا السياق "نتحدث عنه ليلة، وطوال العام نهجر سنته، فهذا هو من النفاق"، داعيًا إلى "مقاطعة هذه الاحتفالات "الدخيلة" على الدين الإسلامي واتباع السنة النبوية".
ويعتبر الداعية البشير بن حسن، من بين المقربين إلى حكومة الترويكا في تونس التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، إذ كان قد ألقى عددًا من المحاضرات في القصر الرئاسي في قرطاج بدعوة من الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، كما تم الاستنجاد به لإلقاء دروس في السجون التونسية لإثناء الشباب السلفي عن إضرابات الجوع، التي أدت إلى وفاة اثنين من المحسوبين على التيار بعد تدهور وضعهم الصحي.
من جهة أخرى، أكد عدد من رواد مقام "سيدي عبد القادر" في مدينة منزل بوزلفة التابعة لمحافظة نابل شمال البلاد، "تعرضهم إلى اعتداء لفظي وتهديدات من قبل أربعة أشخاص من المحسوبين على التيار السلفي".
وقال أحد رواد المقام، إن "أربعة من المحسوبين على التيار السلفي، اقتحموا المكان وبادروا بالاعتداء اللفظي على الموجودين واتهامهم بالكفر والزندقة، كما عمد أحدهم إلى إشهار سلاح أبيض في وجه "حسين اللقطي" وكيل (حارس)المقام، الذي تقدم بشكوى لدى مركز الأمن الوطني في مدينة منزل بوزلفة ضد المعتدين". وأضاف أن "المعتدين هددوا بحرق المقام في صورة إقامة احتفالات المولد النبوي الشريف داخله، غير أن المصادر الرسمية في محافظة نابل، بادرت بتكذيب هذا الاعتداء، معتبرة أن "الخبر لا أساس له من الصحة"، نافية "استهداف المقام أو من فيه من قبل جماعة محسوبة على التيار السلفي"، كما اعتبرت أن "الخبر المروج في هذا الصدد يندرج في إطار إثارة الفتنة وأن الشكوى التي تقدم بها حارس المقام هي "شكوى مفتعلة".
يذكر أن المقامات الصوفية باتت مهددة بشكل كبير في تونس، لاسيما بعد حرق مقام "سيدي بوسعيد" الشهير، الذي يعد من أثمن المعالم الحضارية والتراثية في تونس، إذ نددت اليونيسكو بهذا الاعتداء الذي اعتبرته مقدمة لتدمير المخزون الثقافي والتاريخي للبلاد.
وأعلن رئيس جمعية فجر الإسلام التونسية، الطيب بلحاج حميدة الأحد 20 كانون الثاني/ يناير العام 2013 أن "الجمعية سترفع قضية ضد القناة الفرنسية الثانية وبالتحديد ضد برنامج envoyé spécial، على خلفية ما جاء في مضمون الحلقة، مما اعتبره "تحريفًا" لما تم تداوله من حوارات ونقاشات ومداخلات خلال الملتقى الذي نظمته الجمعية، كما اتهم المتحدث المراسل بقيامه بترجمة خاطئة للمداخلات واصفا نقله بـ"الكذب".
وقد بدأ نشاط المنظمات والجمعيات ذات المرجعية الإسلامية والسلفية في تونس، بالتوسع، ليأخذ أشكالًا وأبعادًا أخرى على غرار الأعمال الخيرية، إذ نظم أنصار الشريعة في القيروان بالتعاون مع أنصار الشريعة في تونس العاصمة "قافلة طبية خيرية شارك فيها 10 أطباء في جميع الاختصاصات، من بينها أمراض الأطفال وأمراض النساء وأمراض العيون وأمراض العظام. وانتفع بخدمات القافلة حوالي 800 مريض ومريضة أغلبهم من المنتمين للعائلات الفقيرة ومحدودة الدخل".
وأسهم صعود حركة النهضة الإسلامية إلى الحكم إلى بروز أكثر من 100 جمعية وحزب إسلامي في تونس بعد ثورة 14 كانون الثاني/يناير العام 2011، بعد أن كان مصيرها القمع والملاحقة الأمنية والقضائية زمن الرئيس المخلوع، وترفض معظم التيارات الإسلامية في البلاد وصفها بـ"الإسلامية" التي ترى فيها "تهمة بالتطرف وتمييزًا بين مكونات الشعب التونسي المسلم أصلا" ، متهمة وسائل الإعلام بـ "تشويهها وبخدمة أجندة النظام السابق".
في هذه الأجواء أعلن المدير العام للتدريب في وزارة الداخلية التونسية رياض باللطيف عن إدراج مادة "التثقيف الديني"، في صلب برامج التعليم في المدارس الأمنية التونسية، وهو ما اعتبره مراقبون مقدمة لـ"أسلمة الجهاز الأمني" وتطويعه لخدمة حزب حركة النهضة الحاكم ذي التوجه الإسلامي، في الوقت الذي تدعو فيه القوى المدنية والوطنية إلى تحييد المؤسسة الأمنية عن التجاذبات السياسية.
وكشف المدير العام المسؤول عن التدريب في وزارة الداخلية التونسية التي يتزعمها علي العريض القيادي في حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، رياض باللطيف، عن أن "سلطة الإشراف في أعلى هرم الوزارة، قررت إدراج مادة "التثقيف الديني" ضمن مقررات التعليم في مدارس الأمن التونسية".
وأضاف "وردتني ملحوظة عمل تتعلق بإدماج مادة دينية تعنى بالتثقيف الديني، في صميم المناهج التعليمية التي تلقن للإطارات الأمنية، إذ رأت القيادات العليا أنه من الصالح إلقاء محاضرات تدوم لساعتين (أسبوعيًا) في كل مدرسة" أمني.، يشرف عليها خطباء وأئمة وأساتذة جامعيون".
وأوضح المسؤول في الداخلية التونسية أن "هذه المحاضرات ستسعى إلى تكريس "الاعتدال (الديني) والوسطية في تونس"، مؤكدًا أنها "لقيت قبولا واستحسانًا كبيرين في جميع المدارس الأمنية".
وقد أثار إعلان، تخصيص مادة دينية صلب مناهج التعليم في المدارس الأمنية التونسية، مخاوف بشأن "أسلمة" الجهاز الأمني"، وتحييده عن مهمته الأصلية في ضمان أمن واستقرار البلاد والمواطنين دون تمييز، إذ يرى مراقبون أن حركة النهضة الإسلامية الحاكمة تسعى إلى استمالة المؤسسة الأمنية وتطويعها لخدمة مصالحها"، مشددين على أنها "بدأت بخوض المعركة "أيديولوجيًا"، ومما عزز هذه المخاوف تصريحات سابقة مسربة عن زعيمها راشد الغنوشي، حذر فيها "عددًا من القيادات السلفية من المؤسسة الأمنية والعسكرية"، مشيرًا إلى أنهما "غير مضمونتين"، بعد ولا يخضعان إلى سيطرة الحزب الإسلامي الحاكم الذي يقوده، إلا أن الداخلية التونسية تشدد على أن هذا الإجراء لا يتعدى حدود التثقيف والتوعية وزرع قيم الوسطية والتسامح والاعتدال في العقيدة الأمنية، شأنها في ذلك شأن برامج حقوق الإنسان التي تم إدراجها في مقررات التعليم الأمني بعد الثورة، لتطويع "العقلية الأمنية" في خدمة الإنسان والمواطن واحترام حقوقه، وبالتالي القطع مع حقبة "بوليس النظام السابق"، الذي كان أداة للقمع والترهيب والتعذيب".
وفي سياق متصل، كشف المدير العام للتكوين في وزارة الداخلية، رياض بالطيف عن "علاقة القرابة العائلية التي تربطه بزعيم التيار السلفي الجهادي سيف بن حسين الملقب بـ"أبو عياض" ، مؤكدًا أن "العلاقة التي تجمعه به، هي دموية فقط"، نافيًا "أي صلة به من قريب أو بعيد".وأضاف بلطيف قائلا "لم يسبق لي الالتقاء به قط، وذلك بحكم نشأتنا في مدينتين مختلفتين".
ونفى بصفة قطعية أن "تكون له أي علاقة بالرجل، ويتحدى من يقدم إثباتات تجزم عكس ذلك".
وقد استغلت بعض الأطراف السياسية، هذه القرابة الدموية التي تجمع بين أحد مسؤولي وزارة الداخلية وبين الزعيم السلفي "أبو عياض" ، لتحذر من مغبة "سيطرة الإسلاميين" على جهاز الأمن في تونس.