القاهرة ـ أكرم علي، محمد مصطفى   تقدم النائب العام المصري المستشار طلعت عبد الله، باستقالته من منصبه، مساء الإثنين، إلى مجلس القضاء الأعلى لنظره، الأحد المقبل، وقدّم النائب العام المساعد المستشار عادل السعيد، الاستقالة مكتوبة بخط يد عبد الله وموقعه منه، لأعضاء النيابة العامة الذين أعلنوا الاعتصام أمام مكتبه  وأمهلوه حتى، الأربعاء، لتقديم استقالته، وإلا بدأوا إضرابًا شاملًا عن العمل، فيما أشاد عدد من السياسيين بقرارالاستقالة، معبرين عن تقديرهم لشخص النائب العام، وشكرهم لجهد وكلاء النيابة وكفاحهم من أجل استقلال القضاء بعد تعيينه من قبل الرئيس محمد مرسي.
يأتي ذلك في ضوء إعلان أعضاء النيابة العامة عن فشل الاجتماع الذي عُقد بين الوفد الممثل لهم وبين المستشار طلعت عبد الله في مكتبه في دار القضاء العالي، في وقت أعرب فيه رئيس حزب الدستور الدكتور محمد البرادعي، عن تقديره لأعضاء النيابة العامة على مواقفهم، قائلا في تغريدة له على موقع "تويتر"، مساء الاثنين "كل التقدير والعرفان لأعضاء النيابة العامة في موقفهم الصلب مع الشرعية واستقلال القضاء. ويظل الحق فوق القوة".
وقالت مصادر قضائية لـ"العرب اليوم"، إن الاستقالة ستُعرض الأسبوع المقبل على مجلس القضاء الأعلى للبت فيها، مؤكدة أن قبول المجلس الاستقالة يعني استجابة لمطلب شباب القضاة وأعضاء النيابة العامة الذين اعترضوا على تعيين عبد الله من قبل الرئيس محمد مرسي، وليس عن طريق مجلس القضاء الأعلى.
وبشأن ردود الأفعال على الصعيد السياسي، قال رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، حافظ أبو سعدة، "إن إصرار السادة وكلاء النائب العام على تنفيذ صحيح القانون، واحترام استقلال السلطة القضائية، ورفض تدخل الرئيس في أعمال القضاء موقف مبدأي نؤيده".
فيما قال نقيب المحامين، سامح عاشور، إن "استقالة النائب العام انتصارًا لاستقلال القضاء، و تؤكد أن شباب النيابة و شباب القضاة هم الأمل في عداله حقيقية لا تميل لحاكم أو لهوى".
 وأضاف عاشور، على حسابه الشخصي على "تويتر" "الشكر للمستشار طلعت إبراهيم الذي انتصر لاستقلال القضاء واحترم رغبة أبنائه وكلاء النيابة في مشهد يستحق التقدير".
 وأشاد ، عضو مجلس الشعب السابق، محمد أبو حامد بوكلاء النيابة العامة، قائلًا "تحية إجلال و تقدير للقضاء المصري الشامخ وهيئة النيابة العامة في مصر، أنتم في معركة لا تقل شرفًا عن معركة أكتوبر لكم كل الاحترام"
ومن جانبه أوضح  الناشط القبطي مايكل منير، في حسابه على "تويتر" أوجه "تحية لأعضاء النيابة الثوار الذي وقفوا من أجل استقلال القضاء، وأجبروا النائب العام على الاستقالة وتصحيح خطأ مرسي الذي مازال يتجاهل الثورة".
وأضاف منير "وجب أن يختار المجلس الأعلى للقضاء النائب العام الجديد، ولا يتدخل مرسي إلا بالتصديق على التعيين حتى يكون الاستقلال تامًا ويخدم النائب الشعب".
وكان مرسي قد أصدر إعلانا دستوريًا في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، نصت إحدى مواده على تعيين النائب العام لمدة 4 سنوات، إذ أعلن إقالة المستشار عبد المجيد محمود وتعيين المستشار طلعت عبد الله بدلا منه.
وكان العشرات من أعضاء النيابة العامة ومجموعة كبيرة من المواطنين، نظموا وقفة احتجاجية ضد النائب العام أمام مكتبه في وسط القاهرة، مطالبين إيّاه بالرحيل بسبب ما اعتبروه "الاعتداء على القانون لصالح أغراض ومصالح سياسية".
وجاءت الوقفة على خلفية حالة من الغضب تجاه قرار اتخذه النائب العام مؤخرًا (ثم ألغاه)، بنقل المحامي العام الأول لنيابات شرق القاهرة المستشار مصطفى خاطر، إلى نيابات بني سويف لسبب رفضه "توجيهًا بحبس عدد من المتهمين بالاعتداء على معتصمين أمام مقر رئاسة الجمهورية، الأربعاء قبل الماضي، وقيامه بإخلاء سبيلهم".
كما جاءت على خلفية قرار النائب العام بندب المستشار أسامة عبد الرؤوف، أحد أعضاء حركة "قضاة من أجل مصر"، المعروفة بتأييد أعضائها لقوى الإسلام السياسي والرئيس محمد مرسي، ليتولى منصب المحامي العام لنيابات شرق الإسكندرية.
فيما أعلنت نيابات أسيوط تعليق العمل بها، الاثنين، استجابة لدعوات التعليق التي دعا لها عدد من أعضاء النيابة العامة، للمطالبة بإقالة النائب العام،  معلنين مشاركتهم في الاعتصام المقرر، الثلاثاء، أمام مكتب النائب العام في القاهرة.
وأكد المستشار العام لنيابات شمال أسيوط محمد حسام، أن تعيين المستشار طلعت عبد الله، جاء مخالفا لنصوص دستور 71، والدستور الجديد الذي يستفتى عليه الشعب الآن، والتي نصت مواده على ترشيح وتحديد المجلس الأعلى للقضاء لـ3 محامين عموم يختار رئيس الجمهورية أحدهم ليشغل منصب النائب العام.
وأضاف أن أعضاء النيابة العامة ومجلس إدارة نادي قضاة أسيوط مازالوا على موقفهم الرافض للمشاركة في الإشراف القضائي على المرحلة الثانية من  الاستفتاء، مشيرا إلى أن اللجنة العليا للانتخابات أرسلت خطابات لاستطلاع رأي القضاة والمستشارين الذين لم يشاركوا في المرحلة الأولى، إلا أن جموع القضاة رفضوا للمرة الثانية المشاركة، وأصروا على موقفهم من الإشراف على الاستفتاء.
وكان أعضاء النيابة المحتشدون في دار القضاء العالي أصدروا بيانًا صحافيًا بعد فشل اجتماعهم مع رئيس المجلس الأعلى للقضاء المستشار محمد ممتاز متولي، بشأن طلبهم بإقالة النائب العام، في وقت سابق من مساء الاثنين، قالوا فيه: "إننا أصبحنا في دولة اللا قانون بعد تعيين النائب العام بطريقة لا تتسم بالشرعية، وما نتج عن ذلك من تبعات، محملين مجلس القضاء الأعلى مسؤوليته في الدفاع عن استقلال القضاء"، وأكدوا استمرارهم في تعليق أعمالهم لحين تحقيق القانون وضمان عودة هيبة القضاء.
كما أكد البيان رفض أعضاء النيابة الإعلان الدستوري وما جاء به من ديكتاتورية تخالف حقوق الإنسان، وتؤثر على مصر سلبًا، مطالبين المستشار طلعت عبد الله بالاعتذار عن منصب النائب العام احترامًا للقضاء والقضاة والقانون والشرعية، وإعادة النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود لمنصبه طبقًا لصحيح القانون، وفى حالة رفضه يوكل الأمر إلى مجلس القضاء الأعلى في تعيين نائب عام جديد.