إسلام آباد ـ جمال السعدي أمرت المحكمة العليا في باكستان بإلقاء القبض على رئيس وزراء البلاد راجا بيرفايز أشرف، بتهمة التورط في قضايا فساد. ويرى المراقبون أن "هذا القرار من شأنه أن يدفع بالتجربة الديمقراطية الهشة في باكستان نحو المجهول، كما يثير المخاوف من تعرضها للانهيار".وقد أعلن عن هذا القرار في الكثير من المحطات التلفزيونية في الوقت الذي كان يخطب فيه أحد رجال الدين أمام آلاف المتظاهرين الذين اعتصموا في العاصمة الباكستانية احتجاجًا على تفشى الفساد وتورط السياسيين في تزوير الانتخابات.
وجاء أمر إلقاء القبض على رئيس الوزراء لاتهامه بتورطة في فضيحة طال أمدها حول عقود محطات توليد الطاقة الكهربائية. وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن "توقيت تدخل الهيئة القضائية العليا التي بات يغلب عليها الطابع السياسي، يثير الكثير من الشكوك".
وقد أعربت النخبة السياسية في البلاد عن "مخاوفها طوال الأسابيع الماضية من استخدام ما يطلق عليها "مسيرة المليونية" التي يقودها حزب طاهر القادري العالم الإسلامي، كذريعة لتأجيل الانتخابات المقبلة المقرر أجراؤها بعد أشهر قليلة".
وكان القادري قد أعلن في الساعات الأولى من صباح  الثلاثاء أمام الحشود المؤيده له أن"التفويض المزور للحكام قد انتهى" كما طلب من الرئيس الباكستاني آصف على زاردار حل البرلمان فورًا".
وقال أمام الحشود وهو يقف خلف ساتر مقاوم للرصاص فوق حاوية وسط شارع رئيسي في العاصمة إسلام أباد "لقد أصبح زارداري رئيسًا سابقًا" للبلاد". وأضاف أنه "مطالب بحل البرلمان أو أن يقوم الشعب بحله".
ويشكك الكثير من المراقبين والمعلقين في دوافع ونوايا القادري، وأعربوا عن "خشيتهم من أن يكون القادري بمثابة الواجهة التي يقف وراءها نفوذ المؤسستين العسكرية والقضائية في باكستان". وتشير الصحيفة في هذا السياق إلى "حالة العداء الشديدة التي تكنها المؤسستان للسياسيين المدنيين المتهمين بممارسة الفساد والذين ينظر إليهم باعتبارهم غير قادرين على التعامل مع مشكلات باكستان العويصة أو حلها".
وأكد القادري في خطاب ثانٍ له أمام الآلاف الذين يبيتون في مخيمات في الشارع "مخاوف الكثيرين عندما امتدح كلًا من المؤسستين العسكرية والقضائية، عندما قال إنه "لا يوجد في باكستان سوى مؤسستين تعملان لمصلحة الشعب الباكستاني، وهما السلطة القضائية الباكستانية والقوات المسحلة الباكستانية ولا يوجد غيرهما".
ولم يتضح بعد وقبل قرار المحكمة العليا الباكستانية، ما إذا كان القادري سينجح في تحقيق مطالبه بحل الحكومة وإجراء إصلاحات انتخابية تمنع السياسيين غير المؤهلين من الوصول إلى السلطة.
ويرى البعض أن "عدم بلوغ عدد المحتشدين للمليون كما وعد القادري أو حتى 100 ألف كما كان يتوقع بعض المراقبين المستقلين، من شأنه أن يؤدي بالبلاد إلى حالة حرجة من الجمود والاستقطاب السياسي".
إلا أنه وبعد قرار المحكمة احتفل المتظاهرون وهتفوا بشعارات تقول "تعيش المحكمة العليا".وقال القادري بلغة إنكليزية "هذا انتصار بفضل الله".
وكان رئيس الوزراء الباكستاني قد تولى الحكم في حزيران/ يونيو من العام الماضي، بعد اضطرار رئيس الوزراء السابق يوسف رازا غيلاني إلى الاستقالة بعد إدانته بتهمة ازدراء القضاء.
وقد انعكس قرار المحكمة العليا على معاملات بورصة كراتشي، إذ أعرب الكثير من المستثمرين عن "مخاوفهم من تفاقم حالة عدم الاستقرار في باكستان".