لندن ـ سليم كرم أكد رئيس الوزراء الإيطالي السابق، سيلفيو بيرلسكوني، عزمه خوض الانتخابات المقبلة والصراع من أجل تولي رئاسة الحكومة للمرة الرابعة، ليعود الملياردير المتورط في قضايا فساد وفضيحة أخلاقية، للظهور من جديد على الساحة السياسية في إيطاليا، مرتكزًا على نتائج استطلاعات للرأي تشجعه على العودة، بالإضافة إلى توليه رئاسة حزب "شعب الحرية".
وقال بيرلسكوني في تصريحات أدلى بها إلى إحدى قنواته التلفزيونية، الجمعة الماضية، "إن قرار عودته كان له تأثيره الإيجابي، وأنه بقيادته للحزب يمكن أن يحصل على أصوات مثل تلك التي حصل عليها العام 2008، أي أصوات الناخبين الذين خابت آمالهم، والذين لم يقرروا بعد التصويت لحزب بعينه وأنه سيستميل هؤلاء، وأنه على قناعة بأن هؤلاء لن يسمحوا لليسار الإيطالي أن يفوز بالانتخابات".
وذكرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أن "الإمبراطور الإعلامي الإيطالي يتأبط عشيقة جديدة تصغره بـ 50 عامًا، وكانت تعمل سابقا بائعة في أحد محلات نابولي، واستحوذت على اهتمامه عندما قامت بحملة تحت شعار "وحشتنا يا بيرلسكوني"، وأنه في ظل هذا المشهد يبذل قصارى جهده لإقناع نفسه والملايين الذين سبق وأن أدلوا بأصواته إليه، بأن الواقع الإيطالي لايزال كما هو من دون تغيير منذ أيام مجده".
ولكن اليوم وفي ظل فضحية الفساد التي اضطرت صديقه ورفيقه القديم، مؤسس وزعيم "رابطة الشمال الانفصالية" أمبرتو توسي إلى الاستقالة، وفي ظل مزاعم الفساد التي تحيط بحزبه، لا يملك بيرلسكوني أكثر من 20% من أصوات الناخبين في إيطاليا.
وتشير الصحيفة البريطانية إلى "الحركات البهلوانية التي قام بها بيرلسكوني على مدار الأسبوع الماضي والتي تكشفت عن مدى الضعف الذي ألم به، إذ انتقد ماريو مونتي الاقتصادي التكنوقراطي الذي تولى الحكومة من بعده، وقام بسحب دعمه له في البرلمان الإيطالي، الأمر الذي اضطر مونتي للإعلان عن استقالته، كما شهد هذا الأسبوع أيضًا أحد غرائبه عندما عرض دعمه لمونتي إذا ما قبل بزعامة حزب يمين الوسط، وفي هذه الحالة وفي حالة إضعافه، فإن بيرلسكوني يمكن أن يكون بمثابة مرشح الحزب، وكان رد مونتي جديرًا بالثناء عندما قال: في البداية سحبوا دعمهم لي، ثم بعد ذلك عرضوا علي أن أكون مرشحهم، أشكركم، دعونا نتحلى بقدر من التماسك والتلاحم".
ويرى البعض في إيطاليا من خارج دائرة بيرلسكوني، أن محاولته العودة إلى السلطة التي وصفتها صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية اليومية بأنها "عودة المومياء"، قد أضفت على التكنهات بنتائج الانتخابات المقبلة مزيدًا من المخاطرة، فقد أصبحت أكثر الانتخابات الإيطالية التي لا يمكن التنبؤ بنتائجها، وهو وضع لم يحدث على الساحة السياسية في البلاد منذ سنوات".
كما تطرقت الصحيفة في إطار رسمها لملامح الحالة الانتخابية الإيطالية إلى "الكوميديان الإيطالي بيبي غريللو 64 عامًا، الناشط السياسي الذي سبق وأن اكتسب شهرة ضخمة بعد أن قام بنشر أسماء كل أعضاء البرلمان الذين أدينوا في قضايا فساد على صفحة إعلانية كاملة في الصحافة القومية، وطالب بحرمانهم من دخول البرلمان، وبعد ذلك تحول إلى شخصية سياسية وبدأ يحاضر في البرلمان الأوروبي العام 2007، حول مشكلة الفساد في الحياة السياسية الإيطالية، وفي العام 2009 استغل شعبيته السياسية، وقام بتكوين حزب أطلق عليه اسم "حركة خمس نجوم"، والتي تكشف استطلاعات الرأي الحالية في إيطاليا عن احتلالها المركز الثاني من حيث الشعبية على الساحة الإيطالية بعد حزب يسار الوسط، وهي نتيجة أدهشت الكثير من المراقبين، وقد استطاع حزبه أن يحصل على نسبة 20 % من الأصوات،
وعلى الرغم من نجاحه في قياس وتجسيد التقلبات التي تشهدها الحياة السياسية في إيطاليا وتجسيد خيبة آمال الشارع الإيطالي في رجال السياسة الإيطالية، لكن ذلك لم يمنع عددًا من المعلقين الذين يصفونه بـ"النبي الزائف".
ويعلق أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في روما، جيمس والستون، على وجود كل من بيرلسكوني والكوميديان الإيطالي بيبي غريللو على الساحة السياسة الإيطالية، فيقول إن "كليهما يمارسان الكوميديا السياسية، وأن الود بينهما غير مفقود على الرغم من تنافسهما على الساحة الانتخابية، وقد يعتقد البعض عدم إمكان عقد تحالف فيما بينهما"، لكنه يشير إلى أن "كليهما يعيش لحظة يمكن أن يحصل خلالها على عدد كافٍ من المقاعد في البرلمان لقيادة الحكومة، إلا أن اشتراكهما في معاداة النزعة الأوروبية يمكن أن يعجل بالتحالف فيما بينهما".