احتجاجات في جنوب اليمن "صورة من الأرشيف"
صنعاء ـ علي ربيع
أصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الثلاثاء، قرارًا رئاسيًا قضى بتشكيل لجنتين من القضاة لمعالجة دعاوى المظالم التي لحقت بمناطق الجنوب منذ قيام الوحدة الاندماجية بين شمال اليمن وجنوبه في 1990، في سياق القرارات المهيئة لانعقاد الحوار الوطني في اليمن، وبما يكفل التخفيف من
روح النزعة الانفصالية في جنوب البلاد، الرافضة للمشاركة في الحوار، في حين تلوح نذر أزمة سياسية بين الرئيس هادي وتكتل أحزاب"اللقاء المشترك" على خلفية مشروع قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية الذي أحاله الرئيس اليمني أخيرًا إلى البرلمان لمناقشته وإقراره.
في هذا السياق، انسحب نواب أحزاب"اللقاء المشترك"(المعارضة السابقة لنظام صالح) من جلسة البرلمان اليمني،الثلاثاء، احتجاجًا على إحالة مشروع قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية إلى 3 لجان برلمانية لدراسته ووضع الملاحظات عليه تمهيدًا لإقراره، وقال نواب أحزاب"المشترك" في تصريحات صحافية"إن انسحابهم من جلسة البرلمان جاء احتجاجًا على إحالة مشروع القانون إلى اللجان البرلمانية من قبل رئاسة البرلمان دون التوافق عليه"، معبرين عن رفضهم لمشروع القانون الذي أحاله الرئيس هادي للبرلمان، باعتباره لا يمثل طموحهم من حيث مواده وصياغته والفترة التي يشملها.
وكانت حكومة الوفاق اليمنية قد فشلت منذ منتصف 2012 في التوصل إلى صيغة توافقية لقانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، ما جعلها ترفع المسودة التي وضعتها وزارة الشؤون القانونية إلى الرئيس هادي، وفقًا للصلاحيات الممنوحة له بموجب اتفاق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، والتي تعطي للرئيس حق تقديم القوانين للبرلمان بدون العودة للحكومة، وحق إصدارها في حال عدم التوافق عليها بين الأطراف السياسية في الحكومة والبرلمان.
وفيما انتقد وزير الشؤون القانونية في الحكومة اليمنية، والقيادي في الحزب الاشتراكي، الدكتور محمد المخلافي نص مشروع القانون المنظور أمام البرلمان، اعتبره ممثلاً لوجهة نظر الرئيس هادي وحزب المؤتمر الشعبي العام، الذي ينتمي إليه هادي ولا يزال يرأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
في السياق نفسه، أعلنت كتلة أحزاب "اللقاء المشترك" رفضها لمشروع قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية المقدم من الرئيس هادي لاقتصاره، على حد قولها، على أحداث العام 2011التي رافقت الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس صالح، وما نتج عنها من أعمال قمع وعنف وانتهاكات إنسانية، مطالبة أن تمتد الفترة التي يعالجها القانون لتشمل على الأقل طيلة سنوات حكم الرئيس اليمني السابق.
ويتكون المشروع الحالي للقانون من20 مادة، موزعة على أربعة فصول، وتنشأ بموجبه هيئة مستقلة تسمى هيئة الإنصاف والمصالحة مكونة من 21 عضوا وتهدف إلى إجراء مصالحة وطنية لتجاوز ما خلفته الصراعات السياسية خلال فترة سريانه وإنصاف المتضررين، كما تسعى إلى إنصاف وتعويض الأشخاص المنتهكة حقوقهم، من خلال صندوق ينشأ لهذا الغرض بموجب القانون نفسه، ويتم تمويله بمساعدة الداعمين الدوليين.
على صعيد منفصل، أصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الثلاثاء، قرارًا رئاسيًا قضى بتشكيل لجنتين لمعالجة القضايا العالقة في جنوب اليمن، وحل المشاكل الحقوقية ، والمظالم الوظيفية للعاملين في الجهاز الإداري للحكومة، ولمنتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية من أبناء المحافظات الجنوبية، الذين كانوا قد سرحوا من وظائفهم إثر حرب صيف العام 1994، أو تمت إحالتهم للتقاعد القسري، بحسب الدعاوى السائدة.
ويأتي قرار الرئيس اليمني في سياق عملية التهيئة لانعقاد الحوار الوطني في اليمن، وبما يكفل التخفيف من روح النزعة الانفصالية المتنامية في جنوب البلاد، والتي تتبناها فصائل في "الحراك الجنوبي" ترفض حتى الآن المشاركة في الحوار الوطني الذي تعد له السلطات في العاصمة صنعاء تمهيدًا لعقد الحوار الوطني الشامل في إطار "التسوية" الراهنة وفقًا للمبادرة الخليجية بهذا الشأن .
ونص القرار الذي نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية على تشكيل "لجنة نظر ومعالجة قضايا الأراضي" و"لجنة معالجة قضايا الموظفين المبعدين عن وظائفهم في المجال المدني والأمني والعسكري"، في إطار السعي لإنجاح الحوار، وتحقيق المصالحة الوطنية ونظرا لما تقتضيه المصلحة العليا لليمن.
وفي حين حدد القرار نطاق عمل اللجنتين بـ"الادعاءات بالانتهاكات" التي وقعت على العقارات والأراضي العامة والخاصة في الجنوب، أو على العاملين في المجال المدني والأمني والعسكري للفترة من 1990(منذ الوحدة بين شمال وجنوب اليمن) حتى صدور هذا القرار، حدد القرار سقفًا زمنيًا لا يتجاوز سنة واحدة لكي تنجز اللجنتان عملهما.
و نص القرار الرئاسي ، على أسماء أعضاء اللجنتين من شخصيات يمنية مشهود لها بالنزاهة والإنصاف، ومعظمهم من القضاة، حيث من المتوقع أن يبتوا في قضايا نهب الأراضي ، ومصادرة الممتلكات العامة والخاصة في الجنوب ، واستعادة ما تم مصادرته دون وجه حق من قبل نافذين في النظام السابق ، خاصة منذ نهاية حرب صيف1994،كما يفترض أن يقوموا بإنصاف آلاف الموظفين، خصوصًا العسكريين الذين سرحوا من وظائفهم، أو أحيلوا للتقاعد القسري.
في غضون ذلك، يفترض أن يقود الرئيس هادي حوارًا وطنيًا شاملاً لحل مشاكل اليمن الكبرى لاسيما "القضية الجنوبية" وحركة التمرد الشيعية(جماعة الحوثي) في الشمال، فضلاً عن وضع دستور جديد للبلاد، رغم أن معظم مكونات المعارضة الانفصالية في الجنوب لا تزال ترفض المشاركة في الحوار الوطني، وتطالب أن يكون "بين دولتين"، وبما يفضي لاستعادة دولة الجنوب، فيما كانت اللجنة الفنية للتحضير لمؤتمر الحوار اليمني قد اشترطت أن يكون التمثيل في الحوار مناصفةً بين الشماليين والجنوبيين.