صنعاء ـ علي ربيع أكدت مصادر عسكرية  يمنية لـ"العرب اليوم" أن قوات من الجيش اليمني مدعومة بوحدات خاصة تنتظر إذنًا من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، للبدء في تنفيذ حملة لملاحقة المئات من عناصر تنظيم"القاعدة" المتمركزين في عدد من مناطق محافظة البيضاء(جنوب صنعاء)، والذين يعتقد أنهم يحتجزون زوجين فلندين ونمساوي، كان قد تم خطفهم في كانون الأول/ديسمبر الماضي، على يد مسلحين قبليين من وسط العاصمة صنعاء، قبل أن يقوموا بتسليمهم لـ"القاعدة" مقابل مبلغ مالي، بعد رفض الحكومة الرضوخ لمطالبهم، بالإضافة إلى شكوك السلطات اليمنية حول احتجاز التنظيم لدبلوماسي سعودي في المنطقة نفسها، كان قد تم خطفه في آذار/مارس 2012.
وفي حين توقفت الحملة العسكرية القادمة من صنعاء، قرب مدينة رداع في محافظة البيضاء، قالت مصادر عسكرية ومحلية" إن الحملة متأهبة لتنفيذ مهمتها، في انتظار أوامر البدء من قبل الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي ينتظر بدوره ما ستسفر عن الساعات القادمة من جهود وساطة يبذلها زعماء قبليون في المنطقة، لدى مسلحي التنظيم المدعومين بغطاء قبلي، في سبيل إقناعهم بتسليم أسلحتهم الثقيلة، وتسليم المخطوفين الأجانب، بالإضافة إلى عدم إيواء عناصر التنظيم الفارين من مناطق يمنية أخرى، فضلاً عن التخلي عن إيواء أنصاره المسلحين من جنسيات أجنبية، والذين يقدر عددهم مابين 30- 50 عنصرًا، أغلبهم من السعوديين.
وبينما لم تتوصل جهود الوساطة إلى نتائج حتى الآن، قالت المصادر "إن القادة المحليين في التنظيم وافقوا على خروج أنصارهم من الأجانب ومن غير السكان المحليين، إلى خارج المنطقة دون القيام بتسليمهم للسلطات، لكنهم يرفضون حتى الآن تسليم أسلحتهم للجيش، كم يشترطون أن تترك لهم السلطات إدارة شؤونهم المحلية القضائية وفقًا لما أسموه "أحكام الشريعة الإسلامية"".
وتتوسط محافظة البيضاء اليمنية عدة محافظات يمنية أخرى تنشط فيها عناصر تنظيم"القاعدة"، ما جعل منها حلقة وصل وممرًا طبيعيًا لتنقل مسلحي التنظيم،  القادمين من أبين ولحج جنوبًا، أو من شبوة ومأرب شرقًا وشمالاً. ويعتقد أن مئات من مسلحي التنظيم كانوا قد فروا من محافظتي أبين وشبوة (جنوب البلاد) إلى مناطق قبلية متفرقة في محافظة البيضاء، إثر تمكن الجيش اليمني من استعادة السيطرة على مدن أبين وشبوة في منتصف 2012، والتي كان تنظيم"القاعدة" استولى عليها إبان الاضطرابات السياسية والأمنية التي رافقت موجة الاحتجاجات العارمة ضد نظام الرئيس اليمني السابق في 2011، وأعلن فيها قيام إمارات إسلامية.
ودخلت مجاميع مسلحة من التنظيم، بقيادة الزعيم القبلي طارق الذهب، صهر الأميركي من أصل يمني والقيادي الأبرز في التنظيم أنور العولقي، إلى مدينة رداع ثاني أكبر مدن البيضاء، مطلع العام الماضي، وحاولت الاستيلاء عليها، قبل أن تتمكن وساطة قبلية من إقناع الذهب بالخروج مع مسلحيه من المدينة إلى منطقة المناسح حيث مسقط رأسه، مقابل إطلاق عدد من سجناء التنظيم  لدى السلطات اليمنية، وفيما لقي طارق الذهب حتفه، بعد الحادثة  بنحو شهر، على يد أحد إخوته، الذي كان مناوئًا لتواجد "القاعدة" في المنطقة، تولى أخوه الآخر، قائد الذهب الزعامة المحلية للتنظيم في محافظة البيضاء.
ولم تفلح غارات الطائرات الأميركية من دون طيار في اليمن، من الحد من تنامي خطر التنظيم في محافظة البيضاء، رغم استمرار استهدافها من قبل هذه الطائرات، بسبب امتداد المحافظة الجغرافي وتضاريسها الوعرة وطبيعة تركيبتها القبلية، ما جعل منها ملاذًا آمنًا لعناصر التنظيم، ومنطلقًا للتخطيط لعدد من  عمليات التفجير التي طالت مواقع للجيش اليمني في المحافظة نفسها، أو في المحافظات الأخرى.
في غضون هذه الاستعدادات للجيش اليمني لملاحقة عناصر"القاعدة" في عدد من القرى و البلدات في محافظة البيضاء، أفاد شهود عيان لـ"العرب اليوم" عن  نزوح جماعي للأهالي في تلك المناطق التي يتواجد فيها عناصر التنظيم، خاصة القريبة من مدينة رداع،  في قيفة، والمناسح ،وولد ربيع، هربًا من المواجهة المحتملة  بين قوات الحملة العسكرية ومسلحي التنظيم، الذين تقدر المصادر القبلية عددهم  بنحو 600 مسلح. وقال شهود العيان "إن عملية النزوح بدأت منذ أسبوع، ولاتزال مستمرة، باتجاه رداع جنوبًا، وذمار شرقًا".
في سياق هذه التطورات، أبدت المصادر تخوفها من استغلال مسلحي"القاعدة" لعملية نزوح الأهالي، كغطاء يساعدهم للتسلل إلى مناطق أخرى، معيدين انتشارهم في إطار المحافظة نفسها، أو حتى  في محافظات مجاورة، وهو ما سيصعب، بحسب المصادر، من مهمة حملة الجيش اليمني، حيث لن تجد قواته، أثناء ذلك، أي أهداف أو تجمعات مسلحة تواجهها ميدانيًا.
في السياق نفسه، كشفت المصادر العسكرية، أن سلطات الجيش اليمني تخطط لتطويق محافظة البيضاء من الجهات الأربع، لتقطع على مسلحي التنظيم طرق الهروب، وقالت "إن ألوية عسكرية ستنضم للحملة العسكرية، من جهة مأرب(شمال شرق) ومن جهات شبوة(شرقا) وأبين (جنوبا) وذمار (غربًا)  للإطباق على مناطق تواجد مسلحي التنظيم في البيضاء" مؤكدةً "أن بدء الحملة سيكون مرهونًا بما سينتج عن الوساطة القبلية الجارية بين السلطات المحلية وعناصر"القاعدة"، حيث تبدي السلطات، على حد قول المصادر، حرصًا شديدًا على سلامة المخطوفين الأجانب الذين تفترض وجودهم بحوزة التنظيم في المنطقة نفسها".
وكانت السلطات اليمنية قد نفذت أواخر العام الماضي حملة عسكرية مماثلة في مأرب(شرق صنعاء) لملاحقة عناصر "القاعدة" وتأمين أنابيب تصدير النفط والغاز، فيما كثفت الطائرات الأميركية من دون طيار غاراتها خلال الأسابيع الأخيرة، على أهداف مفترضة لـلتنظيم، في مأرب، والجوف، والبيضاء، سقط خلالها العشرات من المشتبهين، وسط انتقادات حقوقية وسياسية من استمرار هذه الغارات التي تنفذها واشنطن بالتنسيق مع السلطات اليمنية في سياق ما تسميه"الحرب على الإرهاب".