الرئيس السوداني عمر البشير خلال كلمته الثلاثاء لمناسبة الذكرى الـ 57 لاستقلال بلاده الخرطوم ـ عبد القيوم عاشميق وجه الرئيس السوداني عمر البشير، كلمة إلى شعبه من ولاية النيل الأزرق، الثلاثاء، لمناسبة الذكرى الـ 57 لاستقلال بلاده، دعا فيها جميع التيارات السياسية إلى المشاركة في وضع الدستور الدائم للسودان، وتعهد بالاستماع إلى "الجميع من دون عزل أو حجر على رأي، بما في ذلك حملة السلاح والمتمردين"، فيما أكد "التزام الخرطوم بإقامة علاقات حسن جوار مع دولة الجنوب، حتى تصبح الحدود مواقع لتبادل المنافع مع شعب الجنوب".
وقال البشير في خطاب مختصر، إن حكومته "مصممة على الاستفادة من خيرات بلاده وتوظيفها لصالح أهل السودان وللأصدقاء والأشقاء"، فيما حيَّا القوات المسلحة والشرطة وأجهزة الأمن لجهودها ودورها البارز في وقف تهديد المتمردين في ولاية النيل الأزرق، كاشفًا عن الاحتفال قريبًا بخلو الولاية من التمرد، مشيرًا إلى أن "الإنجازات التي تحققت كانت بفضل تضحيات ومجاهدات الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءً للوطن"، فيما افتتح في ولاية النيل الأزرق مشروع تعلية سد الروصيرص، وحيَّا البشير الرعيل الأول من زعماء البلاد الذين ساهموا في تحقيق الاستقلال ومن بينهم أول رئيس لوزراء السودان الراحل إسماعيل الأزهري .
وجدد الرئيس السوداني الدعوة إلى أبناء السودان كافة، وحملة السلاح، للعودة إلى طاولة الحوار، وقال إن "العمل سيبدأ في مشاريع أخرى لصالح دعم العمل الزراعي في ولايات السودان، الذي يمتلك موارد طبيعية ضخمة، وأنَّ شعار حكومته في العام الجديد 2013م هو (وطن الخير للجميع)، وأن الشعب السوداني يستحق منا الكثير  لأنه صبر وتحمل سنوات المشقة والعناء وحان الوقت لينعم بثمرات ذلك، ورحب البشير بضيوف البلاد وبالرئيس الصومالي حسن شيخ محمود الذي حضر المناسبة، مشاركًا في احتفالات السودان بذكرى الاستقلال"، مؤكدًا في خطابه، "وقوف السودان حكومة وشعبًا مع الصومال حتى تعود دولة قوية موحدة آمنة، ووقوف بلاده إلى جانب كل أحرار في العالم"، مجددًا الدعوة إلى مشاركة الجميع في وضع الدستور الدائم للسودان، وهي دعوة وجدت قبول الكثير من التيارات السياسية، كما أن النداء لن يتوقف للرافضين المشاركة في وضع الدستور"، متعهدًا بالاستماع إلى "الجميع من دون عزل أو حجر على رأي، بما في ذلك حملة السلاح والمتمردين، فالدستور هو الذي يضمن ويحفظ وحدة البلاد"، مشيرًا إلى أن "حكومته نجحت في تحقيق العديد من الإنجازات في ظل حصار خانق وتآمر مكشوف".
وعاد البشير إلى "تأكيد الحرص والاهتمام بإقامة علاقات تعاون مع كل دول الجوار، وأن علاقات السودان ممتازة بكل دول الجوار (مصر وإثيوبيا وإريتريا وتشاد وليبيا)، وإن التعاون بين بلاده وتلك الدول سيحقق الكثير من المنافع المشتركة"، مجددًا "التزام الخرطوم بإقامة علاقات حسن جوار مع دولة الجنوب، حتى تصبح الحدود مواقع لتبادل المنافع مع شعب الجنوب، الذي كان جزءًا من السودان قبل الانفصال"، فيما حيا قادة وزعماء الدول العربية التي ساهمت مؤسسات وصناديق التمويل فيها، في توفير التمويل اللازم لإكمال مشروع تعلية خزان الروصيرص.
من جانبه، هنأ رئيس وزراء السودان السابق، وزعيم حزب "الأمة" المعارض الصادق المهدي، الأمة السودانية لمناسبة ذكرى الاستقلال المجيد، حيث أكد الحزب المعارض في بيان أصدره الثلاثاء، أن "المناسبة لابد أن تكون حافزًا ودافعًا للتمسك بمعاني الوحدة والاستقلال الحقيقي"، وطالب البيان الجميع بـ"تحمل المسؤولية كاملة، والالتفات إلى المخاطر التي تحيق بالبلاد حاليًا، ليتفق الناس على رؤية تضمن مستقبلاً واعدًا للأمة السودانية".
كذلك وجه نائب رئيس حزب "المؤتمر الشعبي" المعارض إبراهيم السنوسي انتقادًا للحكومة الحالية، حيث اعتبر السنوسي أن الحكومة "أدخلت البلاد إلى نفق مظلم"، وأضاف السنوسي في تصريحات أدلى بها إلى "العرب اليوم" قائلاً "إن استقلال السودان تحقق في العام 1956 على نحو مختلف عما كان معهودًا، إذ لم تسفك الدماء، أو تشهد البلاد عملاً مسلحًا، باستثناء ماقامت به الثورة المهدية في فترة سابقة على الاستقلال".
وتابع نائب الترابي قائلاً "إن استقلال السودان أعقبته ديموقراطية هشة وضعيفة، كانت تتحكم فيها طائفتان تسيطران على حزبين رئيسيين، هما حزب الأمة التابع لطائفة الأنصار، والحزب الاتحادي التابع لطائفة الختمية، مما أفرز ديموقراطية لم تكن قائمة على أسباب وأساس فكري، لتقوم على جهالة، حيث أن الديموقراطية تحتاج إلى وعي، في وقت كانت الأمية في السودان تقارب 90 %، ولم تتعمق عند الشعب، مما جعل اجهاضها بواسطة العسكر أمرًا سهلاً، و يجد ترحيبًا، أسفر عن وصول الجنرال إبراهيم عبود وجعفر النميري وعمر البشير إلى الحكم".
وأضاف السنوسي قائلاً "إن الأحزاب أضاعت وقتها في الصرعات فيما بينها، ولم تلتفت للأصوات الأخرى من الأقاليم، كما أن الإنكليز خلفوا بعد رحيلهم عن السودان نظامًا مركزيًا، ولم يخلفوا نظام حكم يتناسب مع السودان، الذي كانت مساحته وقتها مليون ميل مربع، قبل انفصال جنوب السودان، وقد كان السودان وقتها في حاجة إلى نظام حكم فيدرالي، ولو حكم السودان وقتها بنظام كهذا، لما حدث الانفصال أوالتوتر في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان".
واختتم السنوسي تصريحاته قائلاً "لابد ونحن نحتفل بذكرى الاستقلال ومعانيه، أن ننعم باستقلال حقيقي، تتأصل فيه معاني الحرية، والتي تشمل حرية التعبير والصحافة والتظاهر، فما عاد بمقدور أحد أن يحكم السودان منفردًا".
بدوره أكد رئيس "حزب الأمة الوطني" المهندس عبد الله علي مسار أن "الحكومات السودانية المتعاقبة أخفقت في حكم السودان برضا أهله، مما كان سببًا في تولد المشكلات التي أدت إلى انفصال الجنوب"، حيث أكد في تصريحات لـ"العرب اليوم" أن "الاستقلال المطلوب هو استقلال القرار، مع الحريات العامة والعدل بين السودانيين، مع تنمية وبناء السودان، وخروجه من الجهل والأمية والفقر والمرض، والدخول إلى العصر الحديث، وتطور الصناعة والتجارة، ونشر الديموقراطية، وبناء الدولة الحديثة".
وأضاف مسار "إن استقرار السودان يتطلب قيام نظام حكم ديموقراطي، يتوافق عليه أهل السودان، كما أن الانفتاح على العالم الخارجي بعلاقات متطورة يكتسب أهمية قصوى، على أن تكون هذه العلاقات علاقات تكامل في المصالح، فما من دولة تستطيع أن تعيش بمفردها، أو تعادي الأخرين، ولابد أيضًا من إقامة علاقات حسن جوار مع الدول المجاورة للسودان، بما في ذلك دولة جنوب السودان".
ومن ناحيته، أعلن رئيس تحالف أحزاب المعارضة السودانية فاروق أبو عيسى عن "تمسك المعارضة بزوال النظام"، وأكد في تصريحات لـ"العرب اليوم" أن ذلك "هدفًا تسعى المعارضة لتحقيقه".