لندن ـ سليم كرم أكد محللون سياسيون أن "وكالة الاستخبارات والأمن الجزائرية هي وكالة قوية، لكن من الخطأ الاعتقاد أنه يمكنها السيطرة على كل شيء، وأن حادث منشأة أميناس للغاز في الصحراء الجزائرية يًعد فشلاً ذريعًا للأمن الجزائري"، فيما رأى البعض الآخر أن "هجوم أميناس خدعة قذرة من قبل وكالة الاستخبارات الجزائرية، لإثبات خطر المتطرفين الجهاديين، وأن تفاصيل الهجوم لاتزال مشوشة ومبهمة، وهناك قلق بشأن الطريقة التي تم التعامل بها من قبل السلطات".
وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، "لا يعرف أي شخص القصة الكاملة لما حدث في منشأة أميناس للغاز في صحراء الجزائر، كما يعرفها رئيس وكالة الاستخبارات والأمن (DRS) الجنرال محمد مدين وكنيته (توفيق)، فهو شخص مميز ولكنه لا يتحدث كثيرًا، وبينما كانت أصداء دراما قصة الرهائن تنتشر صداها عبر شمال أفريقيا، كان رئيس وكالة الاستخبارات الغامض يقود الجهود لملاحقة الجهاديين الذين خططوا للغارة على العاملين الأبرياء في المنشأة النفطية، فقد أمر نائب رئيس وكالة الاستخبارات الجنرال بشير طرطاق، المعروف بإسم (المدفعي) ويتسم أيضا بالوحشية والطموح، بالهجوم الذي أنهى أحد أكثر الحوادث الإرهابية التي وقعت في الجزائر، مما هدد صادرات الغاز الحيوي إلى الغرب".  
وأضافت الصحيفة البريطانية أن "الجنرال مدين (73 عامًا)، وهو في حال صحية سيئة، بقي في الظل، ويوصف بأنه (الأب الروحي للشعب الجزائري)، ومسؤول التجسس، ويعد الرجل الأكثر نفوذًا في البلاد بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (75 عامًا)، وربما هو مرشح لخلافته، وحتى أن البعض يقول أنه أكثر قوة من بوتفليقه نفسه"، فيما قال دبلوماسيون أميركيون في برقية تعود للعام 2007، ونشرها موقع :ويكيليكس" أن "الجزائر يتم حكمها منذ فترة طويلة، بالتناوب من وراء الكواليس، من خلال مجموعات مختلفة من الرجال تعرف جميعًا باسم (القوة)، وقد أصبح من الواضح الآن بشكل متزايد أن مراكز القوة تتكون أساسًا من مدين وبوتفليقة، حيث ظل الأخير غائبًا طوال الأزمة، يخضع للعلاج الطبي في جنيف، بينما تقول مصادر موثوقة، إن مدين والجيش أبعدا بوتفليقة من الصورة لأنهم كانوا غاضبين لموافقته على السماح للطائرات الفرنسية بالتحليق فوق الجزائر لمهاجمة المتمردين الإسلاميين في مالي".
وقال المحللون إن "النظام الجزائري غامض ومبهم، فصور الجنرال مدين نادرة، وهو يتجنب الكاميرات في المناسبات الرسمية خوفًا من التقاط الصور له"، موضحين أن مدين ولد في منطقة القبائل العام 1939، وخدم في الجيش الاستعماري الفرنسي وتم تهجيره بعد بدء ثورة "جبهة التحرير الوطني" العام 1954، وتم تدريبه من قبل الاستخبارات الروسية ورقي بعد أعمال الشغب العام 1988، وأصبح رئيسًا لوكالة الاستخبارات والأمن العام 1990، وهو احتمال يجعله أكثر شخص في العالم خدم في وكالة الاستخبارات، وكان شخصية صعبة ومؤثرة في لحظة حاسمة العام 1992 عندما ألغى الجيش الانتخابات التي كان من المفترض أن يفوز فيها الإسلاميون، مما أثار حربًا أهلية دامية قتلت حوالي 150 ألف شخص خلال السنوات القليلة التي تلت تلك الأحداث".
ويرى بعض المحللين، أن "هجوم أميناس خدعة قذرة من قبل وكالة الاستخبارات والأمن، لإثبات خطر المتطرفين الجهاديين، وأن تفاصيل الغارة تبقى مشوشة ومبهمة وهناك قلق حول الطريقة التي تم التعامل بها من قبل السلطات الجزائرية، ولكن لا يوجد دليل على أن الحادث لم يكن إرهابيًا، وكان يبدو عملية مدبرة أكثر بكثير من كونها مؤامرة".
وقال المحلل في شؤون المغرب العربي في مركز برشلونة للشؤون الدولية فرانسيس غيلز، إن "وكالة الاستخبارات والأمن هي وكالة قوية في الجزائر، لكن من الخطأ الاعتقاد أنه يمكنها السيطرة على كل شئ"، مشيرًا إلى أن الحادث يعتبر فشلاً ذريعًا للأمن الجزائري، وهو لم يكن متواطئًا في شئ، وكان كل ما يهم مدين هو إبقاء الجزائر آمنة، ولكن حادث أميناس قد يكون أضعف مدير الأمن المخضرم"، فيما رأى الخبير الاستشاري في الجزائر جورج جوف، أن " تخلص بوتفليقة من الكثير من الناس الذين عارضوه، يرجع سببه إلى أنه لم يكن قادرًا على وقف وكالة الاستخبارات والأمن، وأن سمعة طرطاق لقد تضررت كثيرًا، وتبين أن النظام الذي يترأسه هو ومدين، لم يعد كفوءًا في الوقت الذي لم يتم معرفة من هو الذي سيخلف بوتفليقة، والناس يعرفون أن هناك مستوى من الكفاية ومستوى من الوحشية ربما كان لا لزوم لها، وهذا يثير تساؤلات حول كفاية وكالة الاستخبارات والاستعلام والأمن".