دمشق ـ وكالات أعلنت المعارضة السورية، الإثنين، سقوط 87   قتيلاً على أيدي القوات الحكومية في أنحاء عدة من البلاد، وسط أنباء عن مقتل 25 شخصًا في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، جراء ست غارات جوية شنها الطيران الحربي السوري على المخيم الواقع جنوب دمشق، في الوقت الذي ندد فيه الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون بقصف مخيم اللاجئين، معتبرًا أن "استهداف المدنيين بطريقة عشوائية هو جريمة حرب"، بينما كشفت إيران عن تفاصيل خطة للخروج من الأزمة في سورية، تنص على "وقف أعمال العنف، وإجراء حوار وطني بين الحكومة والمعارضة"، معتبرة أن نشر صواريخ "باتريوت" الأميركية المتوقع في تركيا، "خطوة استفزازية أكثر منها رادعة".
فيما تضاربت تصريحات نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، ورئيس الوزراء وائل الحلقي، بشأن مصير المعارك الدائرة في سورية، حيث أقر الشرع أن "أيًا من قوات الرئيس بشار الأسد أو المعارضة، غير قادرة على حسم الأمور عسكريًا"، بينما شدد الحلقي، على "مضي الحكومة بعزيمة وتفاؤل في حسم معركتها ضد الإرهاب".
ميدانيًا، قالت شبكة "شام" الإخبارية، إن "87   قتيلاً سقطوا الإثنين، في أعمال عنف في أنحاء مختلفة من سورية، وأن القوات الحكومية قصفت بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ أحياء ددمشق الجنوبية، وتركز القصف على حيي مخيم اليرموك والحجر الأسود، وفي ريفها جرى كذلك قصف عنيف من الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة على مدن عربين وحمورية وزملكا ومناطق عدة في الغوطة الشرقية، كما تجدد القصف المدفعي مدن وبلدات بيت سحم وعقربا وداريا ومعضمية الشام ويلدا وحجيرة البلد والبويضة ومحيط إدارة المركبات في عربين والزبداني، كما تجددت الاشتباكات العنيفة في داريا، وفي حمص شن الجيش السوري حملة دهم واعتقالات واسعة في بساتين حي الوعر وسط انتشار أمني كثيف في المنطقة، وفي الريف تجدد القصف العنيف بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ على مدينة الرستن، أما في حماة فجرى قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ على مدن وبلدات حيالين وكرناز وكفرزيتا وحلفايا واللطامنة وكفرنبودة بالتزامن مع اشتباكات عنيفة في مدينة حلفايا، وكذلك في محافظة حلب حيث جرى قصف بالمدفعية الثقيلة على حي الليرمون بالتزامن مع اسمترار الاشتباكات العنيفة في محيط مدفعية الزهراء ومبنى الأمن الجوي في جمعية الزهراء، وفي درعا قصفت القوات الحكومية بالمدفعية الثقيلة والدبابات أحياء طريق السد ومخيم النازحين في درعا المحطة بالتزامن مع محاولة اقتحام المنطقة بالدبابات، وفي ريفها جرى قصف عنيف براجمات الصواريخ على قرى منطقة اللجاة بعد اشتباكات عنيفة في المنطقة وتحرير اللواء 34 في بلدة المسمية، كما تدور اشتباكات عنيفة في مدينة الحراك وبلدة جملة بالتزامن مع قصف مدفعي على مدينة الحراك وبلد كحيل، أما في دير الزور فتم قصف أحياء المدينة بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون مع استمرار الاشتباكات العنيفة في محيط مطار دير الزور العسكري، وفي إدلب قصف الجيش السوري قرى دير سنبل وفركيا والمغارة وسرجة واحسم في جبل الزاوية ومدن معرة النعمان وبنش، أما في محافظة السويداء فاندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر والقوات الحكومية بالقرب من قرية الصروة الكبيرة".
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، "قُتل ثمانية أشخاص الأحد، جراء ست غارات جوية شنها الطيران الحربي السوري على مخيم اليرموك في جنوب دمشق، منها محيط مشفى الباسل وأحياء الجاعونة والحجر الأسود والعسالي"، مشيرًا إلى أن العدد مرشح للارتفاع "بسبب وجود جرحى في حالة خطرة"، فيما قال سكان في المخيم لوكالة "فرانس برس"، إن صاروخًا استهدف مسجد عبد القادر الحسيني، الذي يؤوي 600 نازح من أحياء دمشق الجنوبية، مشيرين إلى "سقوط عدد كبير من الضحايا"، وسط أنباء عن مقتل 25 شخصًا من المخيم خلال الغارات السورية.
وتحدث المرصد عن "اشتباكات عنيفة بين مقاتلين من اللجان الشعبية التابعة للجبهة الشعبية-القيادة العامة (الموالية لدمشق) من جهة، ومقاتلين من ("كتيبة المهام الخاصة لأسود التوحيد" و"كتيبة البراء بن مالك" و"كتيبة الفهود السود" و"كتيبة مغاوير فلسطين" وكتائب أخرى) من المعارضة المسلحة من جهة ثانية تحاول السيطرة على المخيم.
من جهتها، قالت الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة، إن "المجموعات الإرهابية المسلحة حاولت اتخاذ المخيمات الفلسطينية منصة وممرًا لاستهداف الجيش العربي السوري، لكن اللجان الشعبية أفشلت هذا المخطط"، بحسب شريط عاجل للتلفزيون الرسمي السوري.
ويعد مخيم اليرموك الاكبر للاجئين الفلسطينيين في سورية، ويضم 150 ألفا من قرابة 400 ألف لاجئ يقيمون في دمشق وريفها، ويبلغ مجموع اللاجئين الفلسطينيين في سورية نحو 520 ألف شخص، بحسب أرقام منظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فيما دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في بيان له، الأحد، إلى "الوقف الفوري" لقصف مخيم اليرموك، مضيفًا "إننا نتابع بغاية القلق ما يجري في سورية من إقحام الشعب الفلسطيني والمخيمات الفلسطينية في الصراع الدائر المؤسف في سورية، حتى وصل الأمر إلى القصف الذي تعرض له مخيم اليرموك، والذي سقط به عدد كبير من الشهداء والجرحى، وهو ما يجب أن يتوقف فورًا".
بدوره، دان رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، قصف مخيم اليرموك، وقال "ليس أمامنا إلا الإدانة الشديدة لما فعلته الطائرات السورية في مخيم اليرموك"، وكذلك  دان الناطق باسم الحكومة المقالة التابعة لحركة "حماس" في قطاع غزة، طاهر النونو، القصف السوري، وقال في تصريح صحافي "إننا ندين استهداف اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك داخل سورية بالطيران الحربي، مما أدى إلى شهداء وجرحى وندعو إلى وقف استهداف أبناء شعبنا وتجنيبه ما يجري في سورية".
من جهته، ندد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بقصف الطيران السوري لمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، معتبرًا أن "استهداف المدنيين بطريقة عشوائية هو جريمة حرب"، حيث نقل المتحدث باسم بان، مارتن نيسيريكي، عنه قوله في بيان، إن "الأمين العام يشعر بالقلق من التصعيد المستمر المأساوي للعنف في سورية، في الأيام الأخيرة، والخطر الكبير الذي يواجه المدنيين في مناطق النزاع، وأن عمليات القصف المصحوبة بأعمال عنف شديدة والتي أسفرت عن مقتل كثير من اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك في دمشق تثير قلق الأمين العام الشديد، وأنه وردتنا تقارير مقلقة جدًا في بداية هذا الأسبوع، بشأن قتل عدد كبير من المدنيين في قرية عقرب القريبة من حماة، بالإضافة إلى إطلاق صواريخ بعيدة المدى في البلاد، ووكشفت عن أن الطائرات العسكرية قامت بعمليات قصف على مناطق مأهولة بالسكان، وأن الأمين العام يندد بشدة بتصعيد العنف المسلح، لا سيما قصف مراكز المدنيين والهجمات على المدنيين، ويدعو الفرقاء كافة إلى إيقاف أشكال العنف، ويذكّر هؤلاء بضرورة الامتثال إلى التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي الذي ينصّ على حماية المدنيين، وأشار إلى أن استهداف المدنيين أو إجراء عمليات عسكرية في المناطق المأهولة، بطريقة عشوائية تؤذي المدنيين يعتبر جريمة حرب، ويجدد الأمين العام دعوته إلى المجتمع الدولي، إلى بذل الجهود لوقف دوامة العنف المأساوية في سورية، والترويج بشكل فوري لعملية سياسية شاملة تثمر عن انتقال سلمي للسلطة".
وكانت تقارير قد أشارت إلى مقتل 25 شخصًا وإصابة 100 آخرين بجروح في عملية قصف نفذها الطيران السوري على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين قرب دمشق.
على الصعيد الدبلوماسي، وفي أول موقف من نوعه لمسؤول سوري، أقر نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، أن أيًا من نظام الرئيس بشار الأسد أو معارضيه، غير قادر على حسم الأمور عسكريًا في النزاع المستمر منذ 21 شهرًا، داعيًا إلى "تسوية تاريخية" لإنهائه.
وقال الشرع في حديث إلى صحيفة "الأخبار" اللبنانية، المؤيدة للحكومة السورية، أجرته معه قبل يومين في دمشق، إنه "ليس في إمكان كل المعارضات حسم المعركة عسكريًا، كما أن ما تقوم به قوات الأمن ووحدات الجيش لن يحقق حسمًا"، وذلك بحسب مقتطفات وزعتها الصحيفة الأحد، معتبرًا أن "تراجع عدد المتظاهرين السلميين، الذين أطلقوا في منتصف آذار/مارس 2011 احتجاجات مطالبة بإسقاط النظام، أدى بشكل أو بآخر إلى ارتفاع أعداد المسلحين، صحيح أن توفير الأمن للمواطنين واجب على الدولة، لكنه يختلف عن انتهاج الحل الأمني للأزمة، ولا يجوز الخلط بين الأمرين"، مضيفًا "كل يوم يمر يبتعد الحل عسكريًا وسياسيًا، نحن يجب أن نكون في موقع الدفاع عن وجود سورية، ولسنا في معركة وجود لفرد أو نظام".
ويتعارض كلام الشرع، مع تصريحات نقلتها الأحد، وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، عن رئيس الوزراء وائل الحلقي، شدد فيها على "مضي الحكومة بعزيمة وتفاؤل في حسم معركة الإرهاب والقضاء على فلول المجموعات الإرهابية المسلحة، بفضل تضحيات وانجازات قواتها المسلحة، والانفتاح على جميع المبادرات التي من شأنها إنهاء الأزمة بالحوار والطرق السياسية والسلمية".
ودعا الشرع الذي اقترحته تركيا في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لتولي مسؤولية المرحلة الانتقالية في سورية، إلى "أن يكون الحل سوريًا، ولكن من خلال تسوية تاريخية تشمل الدول الإقليمية الأساسية والدول أعضاء مجلس الأمن، على أن تتضمن أولاً وقف كل أشكال العنف وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون ذات صلاحيات واسعة".
في السياق، وصف وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، نشر صواريخ "باتريوت" الأميركية المتوقع في تركيا، بأنه "ليس سوى خطوة استفزازية قد تدفع نحو إجراء غير محسوب، لا قدر الله"، مضيفًا أن "نشر تلك الصواريخ سيكون استفزازيًا أكثر منه رادعًا"، محذرًا من أن صواريخ "باتريوت" "لن تساعد الأمن الإقليمي".
في عمّان، أعلن مسؤولون في المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، الأحد، التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الأردنية، لإنشاء مركز مشترك لتنسيق عمليات إغاثة اللاجئين السوريين في المملكة والذين تجاوزت أعدادهم الـ250 ألفا، حيث قال رئيس المفوضية انطونيو غوتيريس في مؤتمر صحافي، "الأحد حققت الحكومة الأردنية والأمم المتحدة نقلة نوعية على طريق التعاون المشترك في ما بينها، من خلال الاتفاق على إنشاء مركز مشترك لتنسيق عمليات الإغاثة يستجيب بشكل كامل لأزمة اللاجئين في الأردن".
من جهتها، أفادت وسائل الإعلام الإيرانية، الإثنين، أن طهران قدمت تفاصيل "خطة للخروج" من الأزمة في سورية، تنص على "وقف أعمال العنف، وإجراء حوار وطني بين الحكومة والمعارضة، حيث قدم وزير الخارجية الإيرانى، علي أكبر صالحي، في 14 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، صيغة أولى من هذه الخطة، التى وصفت حينها بأنها "غير رسمية"، إلى الوسيط الدولى لسورية الأخضر الإبراهيمي، وتدعو الخطة التي تتضمن ست نقاط، وأعدتها إيران الحليفة الكبرى للرئيس السوري بشار الأسد في المنطقة، على "وقف فورى لأعمال العنف والأعمال المسلحة بإشراف الأمم المتحدة، ورفع العقوبات المفروضة على سورية لإتاحة توزيع المساعدات الغذائية، وبدء حوار بعد عودة الهدوء، لإنشاء لجنة مصالحة من أجل تشكيل حكومة انتقالية، وستكلف هذه الحكومة تنظيم انتخابات حرة للبرلمان والجمعية التأسيسية والرئاسة، وتقضي بأن تفرج الحكومة عن السجناء السياسيين ومحاكمة المعتقلين المتورطين في جرائم أمام محاكم غير منحازة، وكذلك إنشاء لجنة لتقييم الأضرار الناجمة (عن النزاع) في البنى التحتية، ودعوة وسائل الإعلام إلى تأمين تغطية موضوعية، من أجل وقف حملة التضليل الحالية ضد سورية".