اشتباكات عنيفة وقعت في مطار حلب الدولي
دمشق ـ وكالات
أفاد ناشطون سوريون، الأربعاء، بارتفاع عدد قتلى الثلاثاء إلى 171 شخصًا، في أعمال العنف المستمرة بين الجيش الحكومي والمعارضة المسلحة، وأن ، وسط أنباء عن بدء "جبهة النصرة" حملة تطهير لإقصاء المسلحين الذين يتبعون لباقي التشكيلات المقاتلة، في مسعى لبسط هيمنتها
تمهيدًا لإعلان إمارتها الإسلامية، بينما نفت الولايات المتحدة علمها بمكان الناطق باسم الخارجية السورية المنشق جهاد مقدسي، في الوقت الذي جدد الائتلاف السوري "المعارض"، إصراره على "عدم وجود حل سياسي في ظل بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة".
وقال الناشطون إن "معركة المطارات بين الجيشين الحر والحكومي، تصاعدت في الأيام الأخيرة، إذ شهدت مدن عدة محاولات من مقاتلي المعارضة للسيطرة على مطارات عسكرية، في حين تدور معارك عنيفة على طريق مطار دمشق الدولي، وفي حلب، أعلن الجيش الحر اقتحام كتيبة قرب مطار منِغ الحربي الذي تحاصره قوات المعارضة السورية منذ أسابيع عدة، في محاولة للسيطرة عليه في ظل مواجهات مسلحة استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والثقيلة، كما يحاصر مقاتلو المعارضة حاليًا 3 مطارات عسكرية هي كويريس والنيرب ومنغ ومبنى مخابرات القوى الجوية، كما أعلن الحر، بدء ما سماها (معركة تحرير مدينة الرقة)، جاء ذلك بالتزامن مع تجدد القصف المدفعي على حيي الحجر الأسود والعسالي جنوبي العاصمة دمشق، فيما استهدفت راجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة مدينة داريا في ريف دمشق".
وذكرت لجان التنسيق المحلية السورية، أن مقاتلي المعارضة في حماة، أسقطوا طائرة مقاتلة تابعة للجيش السوري في معارك على مشارف المدينة، بالتزامن مع محاولة فصائل المعارضة دخول المدينة، بعدما أعلنوها هدفًا لعملياتهم العسكرية، فيما أصدرت اللجان بيانًا حمّلت فيه الحكومة السورية مسؤولية الغارة الجوية التي استهدفت، الأحد، مخبزًا في حلفايا في محافظة حماة وذهب ضحيتها العشرات، وقالت "لم يحد من تلك المجازر أو يخفف من وتيرتها وصول المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي إلى دمشق، لبحث مبادرة سياسية جديدة لأزمة مواجهة السلطات السورية لشعبها بالحديد والنار، وأن ارتكاب تلك المجازر المروعة، ما هو إلا رد واضح لا لبس فيه على مشروع المبادرة التي يحملها الإبراهيمي، يثبت مراوغة وكذب مسؤولي الحكومة السورية في ادعاءاتهم، بدعم الجهود الدولية السياسية للحل".
وقد أعرب الإبراهيمي، في وقت سابق، عن أمله بأن تتجه الأطراف المعنية بالأزمة السورية نحو حل لواقع "لا يزال مقلقًا"، وذلك إثر لقائه الرئيس السوري بشار الأسد، مشيرًا إلى أن مباحثاته مع الأخير تناولت الحلول الممكنة للأزمة التي يقول نشطاء إنها أودت بحياة ما يزيد عن 44 ألف شخص.
من جهتها، أكدت نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض سهير الأتاسي، أن "لا حل سياسيًا مع الرئيس بشار الأسد، أو أي حل يكون النظام جزءًا منه يضمن بقاءه في سورية، بعد أن ارتكب كل هذه الجرائم والمجازر بحق الشعب السوري"، مضيفة في حديث صحافي أن "اجتماع الائتلاف مع المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي في القاهرة، كان بغرض معرفة المعارضة السورية ما مدى التطورات والمقترحات والحلول التي وصل إليها الإبراهيمي في جولاته حول العواصم العالمية بشأن الأوضاع في سورية".
وعن الحلول المقترحة من قبل الائتلاف السوري، لفتت الأتاسي الى "أن ليس هدف المعارضة هدم مؤسسات وأركان الدولة، وأن الائتلاف السوري مستعد للتحاور مع القائمين على مؤسسات وهيئات ومرافق الدولة السورية ممن لم تتلطخ أياديهم بدماء الشعب السوري بعد رحيل الأسد وكل أركانه، وذلك حرصًا من الائتلاف وحفاظًا على أركان ومؤسسات الدولة السورية من الانهيار أو حلها ولكي تبقى قائمة".
في غضون ذلك، أشارت مصادر المعارضة السورية في الخارج لصحيفة "الشرق الأوسط"، إلى أن "وجهة نظر المعارضة تجاه حل الأزمة لم تتغير ولن تتغير، وأن المعارضة مصرة على أنه لا تفاهمات حول الحلول قبل تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، وأن موقفها واضح للغاية، ويتلخص في رحيل الأسد عن السلطة قبل الدخول في أي حوار، وأن الإبراهيمي سيحمل موقف المعارضة إلى موسكو ويبلغها إصرارنا على موقفنا الرافض لأي مرحلة انتقالية يكون الأسد وأعوانه جزءًا منها".
إلى ذلك، قالت صحيفة "الوطن" السورية، إن "وحدات من الجيش العربي السوري واصلت الثلاثاء، ملاحقتها للمجموعات المسلحة، موقعة عددًا من القتلى والجرحى في صفوفهم في ريف دمشق، فيما عادت الاشتباكات إلى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بعد عودة المسلحين إليه"، فيما نقلت عن مصادر أهلية قولها "إن مخيم اليرموك يشهد بشكل يومي بين الفينة والأخرى اشتباكات بين اللجان الشعبية الفلسطينية والمسلحين الذين عاودوا دخوله بعد أن انسحبوا إلى أطرافه، الأمر الذي أدى إلى نزوح العديد من الأهالي مرة ثانية، وأن أصوات تلك الاشتباكات تُسمع في الأحياء المحيطة بالمخيم مثل الزاهرة الجديدة والقديمة ودف الشوك والزهور، وأن عددًا من الشهداء والجرحى المدنيين قضوا خلال الاشتباكات المتقطعة التي دارت خلال الأيام الأربعة الأخيرة، كما تواصلت الاشتباكات في القدم والعسالي بين عناصر الجيش والمجموعات المسلحة حيث كبدت وحدات الجيش خلالها المسلحين خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وأوقعت وحدات من الجيش عددًا من أفراد المجموعات المسلحة بين قتيل ومصاب خلال ملاحقتهم في مدينة داريا في ريف دمشق، ودمرت عددًا من أوكار إجرامهم، وفي مدينة يبرود، دمرت وحدة من الجيش أوكارًا لمجموعات مسلحة بما فيها من أسلحة وذخيرة وإرهابيين مرتزقة كانوا يرتكبون أعمال قتل وسلب ونهب واعتداءات على الأهالي".
وأضافت "الوطن" "وفي حلب، أكدت المعلومات أن (جبهة النصرة) التابعة لتنظيم (القاعدة)، بدأت منذ فترة حملة تطهير أفضت إلى إقصاء وإلقاء القبض على عشرات المسلحين الذين يتبعون لباقي التشكيلات المقاتلة في أحياء المدينة التي يتمركزون فيها، في مسعى لبسط هيمنتها بشكل مطلق ومن دون منازع، تمهيدًا لإعلان إمارتها الإسلامية، حيث روى شهود عيان أن أحياء المشهد وبستان القصر والفردوس شهدت الأيام الأخيرة، دخول دوريات يقودها عناصر من (جبهة النصرة) اختطفت الكثير من عناصر المسلحين المحليين من أبناء الأحياء الذين يدعون أن جماعاتهم تتبع لـ(الجيش الحر) بشكل صوري، وقال أحد سكان حي المشهد: بات الحي خاليًا تقريبًا من المسلحين الذين يقطنون الحي، وتطوعوا في وقت سابق مع الجماعات المسلحة المختلفة بعد اقتيادهم من (النصرة) إلى أماكن مجهولة للتحقيق معهم، بذريعة لجوئهم إلى السطو على المنازل والمحال التجارية، حيث إن معظمهم سمعته سيئة ويشتكي السكان من تصرفاته، بينما لفت آخر من حي الفردوس إلى أن المسلحين كانوا ينصبون الحواجز المتنقلة ويفتشون المارة والسيارات ولا قوانين تردع تجاوزاتهم بحق الأهالي، وهو ما حسّن صورة الجبهة في عيون السكان المتلهفين للتخلص من المراهقين المسلحين، لكن طلب منا أن نغير هتافاتنا التي كنا نرددها في التظاهرات المطالبة بخروج المسلحين والتي تقول (الجيش الحر حرامي بدنا الجيش النظامي) لتصبح: (الجيش الحر حرامي بدنا الجيش الإسلامي) أي الإسلاميين من (النصرة)".
وتابعت الصحيفة السورية، أنه "في مدينة حماة، يميل الوضع الأمني عمومًا إلى الفتور بالنهار، ويشتد إلى درجة السخونة في الليل، حيث يسمع الحمويون دوي انفجارات وقذائف، وأزيز رشقات نارية كثيفة، رغم تحصنهم في ممرات وحمَّامات شققهم السكنية بعد إغلاقهم أباجوراتها بإحكام، ليتبينوا في صباح اليوم التالي أن ما سمعوه ناجم عن استهداف مجموعات إرهابية مسلحة حواجز حفظ النظام، ورد عناصرها على تلك المجموعات التي أمست تشكل عبئاً ثقيلاً على المدينة وأهلها".
من جهة أخرى، نقلت قناة "العربية" عن جهات معنية في الشأن السوري، إشارتها إلى أن الناطق باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي "اختطف" من قبل "حزب الله" في بيروت، وهو في طريقه مع عائلته إلى المطار، وربما تم اختطافه من داخل المطار، ومن ثم تم تسليمه إلى دمشق أو "اعتقل لدى جهة لبنانية حليفة لدمشق".
وقالت مصادر مطلعة في بيروت لـ"العربية"، إنه "تم اعتقال مقدسي أو اختطافه ثم سُلّم إلى دمشق، وهو ما يفسر لماذا صمتت دمشق أيام عدة، قبل أن تعلن أن مقدسي في إجازة ولم ينشق، حيث كانت في انتظار أن تتسلمه من (حزب الله)، حليفها اللبناني الذي نفذ عملية الاعتقال"، مؤكدة أن "مقدسي لم يكن يحمل تأشيرة دخول إلى بريطانيا ولا إلى الولايات المتحدة، حيث ألغيت تأشيرتا دخوله إلى البلدين بعد أن انتهت مهامه الدبلوماسية فيهما، مما يعني أنه لم يكن في طريقه لا إلى لندن ولا واشنطن، وإنما إلى مكان ثالث خارج عن التوقعات".
إلى ذلك، نفى مسؤول في الخارجية الأميركية، في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط"، علم واشنطن بمكان وجود جهاد مقدسي، مضيفًا أنه "لا يقدر على نفي أو تأكيد تقارير إخبارية تشير إلى أن مقدسي في الولايات المتحدة بترتيب من وكالة الاستخبارات المركزية، وأن مؤيدي الرئيس السوري بشار الأسد ينفضون من حوله واحدًا بعد الآخر، ويسرنا دائمًا أن نسمع ذلك، ونتوقع مزيدًا من هروب واستقالات الذين حول الأسد"، رافضًا الحديث عن أي دور تقوم به "سي آي إيه".
على صعيد متصل، أكد القائد العام للشرطة العسكرية المنشق، اللواء عبدالعزيز الشلال، من على الحدود التركية السورية، في حديث له الثلاثاء، أن "الحكومة السورية استخدمت أسلحة كيميائية في حيي الخالدية والبياضة في حمص وسط سورية، وأنه انشق عن الجيش السوري إثر انحراف الجيش عن مهمته الأساسية، وهي حماية البلاد ومحاربة العدو الإسرائيلي، وتحول إلى عصابات قتل وتدمير وارتكاب المجازر بحق شعبنا الأعزل الذي خرج ليطالب بالحرية، وأنه كان على تواصل مع المعارضة قبل انشقاقه"، كاشفًا عن أن "المعارضة المسلحة تمكنت من تحقيق مكاسب مهمة في معركتها ضد القوات الحكومية، وأن الثوار يسيطرون على مناطق واسعة من الأراضي السورية".
وكانت المعارضة السورية قد أعلنت، الثلاثاء، انشقاق قائد الشرطة العسكرية الشلال وعضو مجلس الشعب السوري محمد عدنان عربو عن دمشق، وأن السلطات التركية استقبلت رسميًا الشلال بعد انشقاقه، والذي عُين في السابق بالإضافة إلى مهامه في قيادة الشرطة العسكرية رئيسًا للمحكمة الميدانية للغرفة الأولى والثانية، وهو المسؤول عن سجني صيدنايا وتدمر، وهو المركز الذي كان يشغله وزير الداخلية الحالي اللواء محمد الشعار.
من جهة أخرى، أكدت مصادر المعارضة أن عربو، النائب عن محافظة ريف حلب، وصل برفقة عائلته إلى الأراضي التركية، مشيرة إلى أن العملية تمت بالتنسيق مع المجلس الوطني المعارض، ويُعد انشقاق عربو هو الرابع بين أعضاء مجلس الشعب الجديد، بعد أن سبقه النواب تركي الزايد وإخلاص بدوي وعلي محمد البش.
وتأتي عمليات الانشقاق عن الحكومة السورية في وقت تحقق المعارضة المسلحة مكاسب نوعية في معاركها مع القوات الحكومية، إذ تمكنت من السيطرة على عدد من المواقع العسكرية.
في السياق، قالت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية، إن "الغرب يبدو حاليًا أقرب أكثر من أي مرحلة أخرى من القيام بعمل عسكري في سورية، وأنه بعد 21 شهرًا من القتال، وصلت قوات المعارضة إلى العاصمة السورية دمشق، واستطاعت السيطرة على عدد من المدن الإستراتيجية، وأنه كلما زاد يأس الرئيس السوري بشار الأسد، كثرت الهجمات التي تستهدف المدنيين، حيث تفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن حصيلة القتلى وصلت إلى أكثر من 40000 قتيلاً"، مشيرة إلى "أعمال وحشية" ارتكبها كلا الجانبين.
وتساءلت الصحيفة عما إذا كان يتعين على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العمل من أجل التعجيل بسقوط الأسد، وسط مطالبات بتحرك ينهي الأزمة في سورية، ورأت أنه "إذا اعترف الأميركيون والأوروبيون بتحالف المعارضة كحكومة شرعية في سورية، يمكنهم قانونًا تقديم مساعدة عسكرية لها من دون الحاجة لقرار من الأمم المتحدة، وستقوم، حينئذ، تركيا وقطر بالمساعدة في فرض منطقة حظر جوي أو أي تحرك عسكري محدد