تدريبات الجيش الجزائري على مستوى القتال في الصحراء الكبرى
الجزائر ـ حسين بوصالح
باشرت القوات الجزائرية استعدادها لحرب وشيكة في شمال مالي، وبدأت هيئة أركان الجيش التدريب على مستوى القتال في الصحراء الكبرى، استعدادًا لمواجهات قد تفرزها تطورات الوضع في منطقة الساحل، فيما أعلنت الخارجية الجزائرية، الأحد، توافق اللائحة 2085 التي صادق عليها مجلس الأمن،
الخميس، مع موقف الجزائر، وأشار الناطق الرسمي للخارجية الجزائرية عمار بلاني أن "هذه اللائحة تتطابق مع المقاربة الشاملة التي اعتمدتها الجزائر منذ اندلاع الأزمة في مالي، أي ضرورة إعطاء رد متعدد الجوانب لأزمة متعددة الأبعاد، من أجل معالجة الجوانب السياسية والإنسانية والأمنية لهذه الأزمة".
ونفذت هيئة الأركان الجزائرية مع قيادات القوات الجوية، والدرك الوطني تدريبات بمشاركة عناصر متخصصة في مكافحة الإرهاب، تابعة للقوات الخاصة وقيادة القوات البرية، وقيادة النواحي العسكرية الرابعة والسادسة والثالثة.
وأشارت مصادر عليمة، بحسب صحيفة "الخبر" الجزائرية إلى أن "هذه التدريبات سوف تتواصل على مدى سنة كاملة، وتتضمن التمارين القتالية التي برمجتها القيادة العسكرية تدريب القوات على معارك واسعة النطاق في الصحراء مع مجموعات مسلحة كبيرة العدد، وحصارها وتدميرها ومطاردتها في مواقع وعرة تتشابه مع جبال شمال مالي"، إلى جانب "التدريب على طريقة التعامل مع مجموعات جيدة التسليح، وقادرة على التنقل بسلاسة في الصحراء، بالإضافة إلى تحرير الرهائن والتسلل إلى مواقع محصنة في الصحراء من طرف وحدات نخبة، والتنسيق بين القوات الجوية والوحدات المحمولة على متن طائرات عمودية، واستغلال وسائل الاتصال والتجسس الحديثة".
وذكرت المصادر، أن "التدريبات التي باشرتها هيئة أركان الجيش ترتكز أيضًا على تدريب المتخرجين الجدد من كل المدارس العسكرية، وكذا الطيّارين على العمل طويل المدى في الصحراء، والوصول إلى أقصى درجات التنسيق بين مختلف فروع القوات المسلحة أثناء مواجهة طويلة الأمد مع مجموعات مسلحة".
وفي السياق ذاته، صادق مجلس الأمن الدولي، الخميس، بالإجماع على اللائحة (2085) التي تسمح في بنشر بعثة دولية لدعم مالي تحت إشراف إفريقي لفترة أولية مدتها سنة، أكد بلاني أن "هذه اللائحة تؤكد العناصر الأساسية لحل الأزمة، لا سيما "محورية" الماليين و"ريادتهم" في إيجاد أي حل، وكذا "تحديد واضح لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد في أفريقيا الغربية كخطر حقيقي بالنسبة إلى منطقة الساحل".
وأضاف أن الجزائر التي تعتبر هذه اللائحة تساند المقاربة الشاملة التي طالما دعت إليها من أجل إيجاد حل للأزمة في مالي تجدد، إرادتها في مواصلة جهودها من أجل المساعدة على توفير ظروف مفاوضات شاملة وذات مصداقية بين الماليين، وكذا مساعدتها الإنسانية ومساهمتها في تعزيز القدرات الوطنية لمالي".
وترى الجزائر وفقًا لما أبداه عمار بلاني أنه "من الضروري أن تستهدف كل عملية عسكرية في مالي الجماعات الإرهابية، وتلك ذات الصلة بالجريمة المنظمة التي حددتها لائحة مجلس الأمن هذه بوضوح، والاستجابة لشروط النجاح في مجال التخطيط وتعبئة الوسائل والخبرة بما يعزز قوة الجيش المالي.
وحسب المصدر، فقد خص مجلس الأمن الدولي في لائحته حيزًا مهمًا للحل السياسي من خلال الدعوة إلى حوار "شامل" ومفاوضات "ذات مصداقية" بين الحكومة المالية والجماعات المتمردة المتمسكة بالوحدة الترابية لمالي، ولا تربطها صلة بالإرهاب، كما من شأن اللائحة هذه أن تجعل من تعزيز الجيش المالي العنصر المحوري والهدف الرئيسي لنشر القوات الدولية تحت الإشراف الأفريقي.
وفي سياق ذي صلة، اعتبر وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي، الأحد، أن اتفاق الشراكة الموقع، الجمعة، في الجزائر بين الحركة الوطنية لتحرير الأزواد وحركة أنصار الدين "لبنة إضافية" في مسار التسوية السياسية للأزمة في مالي.
وأوضح الوزير في تصريح للصحافة على هامش استقباله للأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط فتح الله سجلماسي أن الجزائر تعتبر التوقيع على هذا الاتفاق بمثابة "ثمرة اجتهاد جماعي وخطوة مشجعة جدًا" على درب التسوية السياسية لهذه الأزمة.
وشدد مسؤول الدبلوماسية الجزائرية على ضرورة اتخاذ "خطوات إضافية" لحل الأزمة في مالي، مذكرًا في ذات السياق بالقرارات التي اتخذتها أخيرًا هيئة الأمم المتحدة لصالح تغليب الحل السياسي لأزمة مالي.
للتذكير، وقعت كل من الحركة الوطنية لتحرير الأزواد وحركة أنصار الدين على تصريح مشترك تلتزمان فيه بـ"الامتناع عن كل عمل من شأنه التسبب في إثارة مواجهة وكل شكل من العدوان في المنطقة التي يسيطران عليها".
من ناحيته، أوضح الخبير الأمني والاستراتيجي محمد شفيق مصباح، لـ"العرب اليوم" أن "هذه المعلومات تؤكد التوّجه الحتمي لخيار الحرب الوشيكة على منطقة شمال مالي"، لافتًا إلى أن "القضية تجاوزت فرنسا وأميركا، وحتى الصين وروسيا مقتنعتان بضرورة التدخل العسكري في منطقة الساحل الإفريقي"، لافتًا إلى أن "الجزائر مهددة بخطر محدق في حال اندلعت الحرب، ولا يقتصر هذا على الجانب الأمني فقط، إنما يهدد حتى النظام القائم في حال تعالت أصوات طوارق الجنوب، مطالبة بالاستقلال أو الحكم الذاتي".
بدوره، أكد الخبير الأمني والمحلل السياسي أحمد عظيمي، أن "الجزائر أقحمت في الحرب من طرف الدول الكبرى، قبل أن تندلع بحكم تواجد أكثر من 700 ألف عائلة على التراب الجزائري"، مشيرًا إلى "خطورة نزوح سيول بشرية على أمن واستقرار الجزائر"، مؤكدًا أن "مخطط تقسيم الجزائر من خلال حرب مالي هو هدف الدول الداعمة إلى الدخول العسكري، والزج بالجزائر لاستنزاف احتياطي الصرف المقدر بـ 200 مليار دولار".