بغداد - جعفر النصراوي قدم عدد من نواب البرلمان العراقي، طلبًا لاستجواب رئيس الحكومة نوري المالكي، على خلفية التظاهرات التي تشهدها البلاد، وكذلك أمره بغلق منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن، فيما اعتبر "ائتلاف دولة القانون" أنَّ طلب الاستجواب جاء لتعطيل صلاحيات المالكي الدستورية بحل البرلمان.وأكَّد مكتب رئيس مجلس النواب أسامه النجيفي، الخميس، أنَّه تسلم طلبًا من عدد من النواب لاستجواب رئيس مجلس الوزراء على خلفية تعامل الحكومة مع طلبات المتضاهرين في الأنبار، وكذلك أمر الحكومة بإغلاق المنفذ الحدودي مع الأردن، والذي يعد الشريان الاقتصادي للعراق، مشيرًا إلى أنَّ الطلب استوفى شروطه القانونية، فيما قالت النائب عن "القائمة العراقية" وحدة الجميلي لـ"العرب اليوم"، إنَّ "استجواب رئيس الحكومة نوري المالكي أمام البرلمان أصبح ضرورة ملحة، وسط تخبط قرارات الحكومة برئاسته وانفراده باتخاذ قرارات مصيرية من شأنها أن تنعكس سلبًا على الوضع في العراق".
وأضافت الجميلي أنَّ "المالكي بدأ باتباع سياسة المحاصرة الاقتصادية لمحافظة الأنبار، من خلال إغلاق منفذ طريبيل الحدودي، ومعاقبة أهلها لخروجهم بتظاهرات حاشدة ضد سياسية التهميش التي يتبعها"، معتبرة أنَّ هذا الأمر "خاطئ" وسيضر بالعراق أجمع، موضحة أنَّ "منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن هو منفذ حيوي للعراق أجمع، وليس لمحافظة الأنبار فقط، وأنَّ تلك الخطوة جاءت لأنَّ المالكي لم يستطع اللجوء إلى القوة ضد المتظاهرين، وأنَّ هذا الأمر خاطئ وسيضر بالعراق أجمع وليس بالأنبار فقط، وأنَّ ذلك سيؤثر على العلاقة الإستراتيجية مع الأردن، لأنَّ له صادرات كبيرة مع العراق"، داعية إلى "الحوار مع المتظاهرين واحتوائهم لا محاصرتهم اقتصاديًا".
وردًا على ذلك اعتبر "ائتلاف دولة القانون"، الدعوة إلى استجواب نوري المالكي، "محاولة لتعطيل صلاحياته الدستورية بحل البرلمان"، مؤكدًا أنَّ الاستجواب محاولة "بائسة للاحتفاظ بالكراسي حتى آخر يوم في عمر مجلس النواب"، حيث قال النائب عن الائتلاف علي الشلاه لـ"العرب اليوم"، إنَّ "هذه هي المرة الأولى في تاريخ مجلس النواب التي يأتي فيها طلب استجواب وتتم الموافقة عليه في اليوم نفسه، وأنَّ الدستور العراقي ينص في إحدى فقراته على أنَّه لا يحق لرئيس الوزراء طلب حل البرلمان إذا كان مستجوبًا"، معربًا عن استغرابه "من الموافقة على هذا الطلب بعد تقديمه بخمس دقائق، فيما لم يبت بطلب استجواب وزير الكهرباء والمقدم منذ أربعة أشهر حتى الآن"، مؤكدًا "وجود أكثر من 100 نائب يطلبون سحب الثقة عن رئيس البرلمان أسامة النجيفي".
وحمل رئيس الحكومة نوري المالكي، في الثاني من كانون الثاني/يناير 2013، مجلس النواب العراقي المسؤولية الكاملة في إلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب، فيما اتهم بعض الأطراف والشخصيات السياسية بـ"خلط الأوراق" عند مطالبتها الحكومة بإلغاء هذه القوانين، وحذًَّر من "تسييس التظاهرات خدمة لأجندات خارجية وحسابات سياسية وفئوية ضيقة"، في حين اتهم رئيس البرلمان أسامة النجيفي، في الثالث من الشهر الجاري الحكومة، بـ"التجاوز عن الدستور واستقلالية القضاء وسلب حق التعبير من المواطنين والنواب"، واعتبر أنَّ "زعم" رئيس الحكومة بسقوط شرعية رئاسته للبرلمان "تجاوزًا غير مسبوق"، ودعا إلى الحوار مع الشعب وتلبية مطالب المتظاهرين المشروعة بدل "التلويح بالتهديدات".
كما اتهم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مطلع الشهر الجاري، رئيس الوزراء نوري المالكي بالتخلي عن المسؤولية وإلقائها على عاتق وزراءه، داعيًا إياه إلى الاستجابة لمطالب المتظاهرين.
وتشهد محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وكركوك، منذ 25 كانون الأول/ديسمبر 2012، تظاهرات حاشدة شارك فيها علماء دين وشيوخ عشائر ومسؤولون محليون، للمطالبة بإطلاق سراح السجينات والمعتقلين الأبرياء، ومقاضاة "منتهكي أعراض" السجينات، فضلاً عن تغيير مسار الحكومة وإنهاء حالة تهميش المكون السني في اتخاذ القرارات المصيرية من قبل حكومة المالكي.
وفي سياق متصل، أكدَّت وزارة الداخلية، الخميس، أنَّ إغلاق منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن يهدف إلى حماية المتظاهرين من أي "عملية إرهابية"، مشيرة إلى أنَّ وزارة الدفاع تمسك الحدود حاليًا نظرًا للوضع الطارئ في سورية.
وقال الوكيل الأقدم للوزارة عدنان الأسدي لـ"العرب اليوم"، إنَّ "قرار غلق منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن جاء لحماية المتظاهرين وحماية القادمين للبلاد من أي عملية إرهابية، ولعدم تكديس عجلات النقل والسائقين والمسافرين بين محافظة الأنبار والحدود"، مبيناً أنَّه "باعتبارنا وزارات أمنية وسيادية من حقنا أن نحمي أبناء شعبنا والقادمين لبلدنا".
في غضون ذلك، شهدت جلسة البرلمان العراقي، الخميس، تبادلاً للاتهامات بين نائب من "كتلة الأحرار" التابعة للتيار الصدري، والكتلة التركمانية التابعة لـ"ائتلاف دولة القانون"، حيث اتهمت الأخيرة رئيس "الأحرار" بهاء الأعرجي بالتطاول على المكون التركماني، مطالبة إياه بتقديم اعتذار للكتلة أمام البرلمان، فيما نفى الأعرجي ذلك، واتهم نواب الكتله التركمانية بـ"الكذب"، مما اضطر رئيس الجلسة إلى تعليقها.
وقال النائب عن الكتلة عباس البياتي، خلال مؤتمر صحافي عُقد في مبنى البرلمان، إنَّ "الكتلة التركمانية حريصة على أن يؤدي مجلس النواب دوره الرقابي في استجواب الوزراء، ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن نغطي على مقصر أو فاسد، وإنَّنا طالبنا أن يعطي وزير الشباب فرصة لكي يحضر أوراقه ومستنداته بدعوى مقامة في المحكمة الاتحادية، وننتظر قرار الدعوى، إلا أنَّ المستجوب بهاء الأعرجي تجاوز على مكون كبير وهم التركمان، واتهم هذا المكون باتهامات باطلة"، داعيًا الأعرجي إلى "الاعتذار للكتلة أمام مجلس النواب، كونه تجاوز على القومية وليس على الوزير".
بدوره، رأى النائب عن الكتلة أرشد الصالحي، خلال المؤتمر أنَّ "الاستجواب حق طبيعي لأداء الدور الرقابي، ونحن نؤيد مثل هذه الأمور، ولكن ما يحصل من مشادات وإدخال التحزبات السياسية ضمن صفقات بين الكتل السياسية غير مقبول داخل مجلس النواب"، مضيفًا أنَّ "إطلاق الكلام البذيء على مكون معين أمر مرفوض".
من جهته، نفى رئيس "كتلة الأحرار" بهاء الأعرجي، توجيه أي إساءة للمكون التركماني، متهما نواب الكتلة بـ"الكذب"، وقال في مؤتمر صحافي عُقد في مبنى البرلمان، "نستغرب عندما يقوم نائب أو بعض النواب بالكذب من أجل تحقيق مكتسبات على حساب مكونات الشعب العراقي، وإنَّ بهاء الأعرجي لم ينتقص من أي مكون من مكونات الشعب العراقي وبخاصة التركمان، وأنَّ عملية التجاوز على المكون التركماني عارية عن الصحة"، مشيرًا إلى أنَّ "ما تكلم به النواب يعبر عن انتمائهم لأحزابهم".
وأشار الأعرجي إلى أنَّ "استجواب وزير الرياضة والشباب مستوفي للشروط، وجاء على أساس ملفات تستحق ضرورة الإستجواب"، مطالبًا بـ"إقالته لأنَّه لم يستجب إلى نداء مجلس النواب واستهان بجلسة الاستجواب".