طهران ـ مهدي موسوي تسود الأوساط السياسية العليا في إيران، حالة من الجدل بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة بعد 6 أشهر، والتي تنتهي معها فترتي الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد، في الوقت الذي طالب فيه المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي، المسؤولين كافة بالتوقف عن الإدلاء بأي تصريحات أو أحاديث تلمح إلى أن الانتخابات السابقة لم تكن حرة، بالتزامن مع تأكيد ممثل الحرس الثوري علي سعيدي، أن "قوات النخبة العسكرية ستتولى مسؤولية إجراء انتخابات سليمة".
وتقول صحيفة "غارديان" البريطانية، إن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تقبل توجيه انتقادات للعملية الانتخابية في البلاد، حيث قامت السلطات الإيرانية بوضع زعيما المعارضة الإيرانية مير حسين موسوي ومهدي كروبي قيد الإقامة الجبرية في منزليهما، بعد زعمهما بأن انتخابات الرئاسة التي جرت عام 2009 كانت مزورة، ولهذا السبب فإن انتقادات المسؤولين والساسة في إيران للعملية الانتخابية يتم التعبير عنها بأساليب غامضة، وخلال الأشهر الأخيرة قال عدد من الشخصيات البارزة في إيران، إن انتخابات الرئاسة التي ستجرى خلال شهر حزيران/يونيو المقبل، ستشهد منافسة وفعالية إذا جرت في أجواء حرة ونزيهة".
وتضيف الصحيفة البريطانية، أن "من بين المسؤولين الذين يُعتقد بأن خامنئي (73 عامًا) قد استهدفهم بالانتقاد والتحذير، في خطابه الأخير أمام حشد من المتدينين في مدينة قم المقدسة، الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رافسنجاني، أحد أبرز الزعماء السياسيين في إيران، والذي كان يترأس المجلس الإيراني الذي سبق وشكّله المرشد الأعلى للتدقيق في المرشحين قبل الانتخابات، ففي خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، قال رافسنجاني في إطار الجدل الدائر بشأن تأثير العقوبات الدولية على الاقتصاد الإيراني، إن إجراء انتخابات حرة كان يمكن أن ينقذ إيران من الورطة التي وصلت إليها الآن، ويجنبها مخاطر الحرب التي تلوح في الأفق،
وقال أيضًا: إن إجراء انتخابات حرة ونزيهة ودستورية وتتمتع بالشفافية من شأنه أن يحل جانب كبير من المشاكل والأزمات التي تعاني منها البلاد، وقد ردد مثل هذه التصريحات شخصيات أخرى بارزة مثل الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، الذي قال من قبل إن الانتخابات الحرة ستحمي إيران من التهديدات الدولية، وفي ما يعتقد بأنه رد على التصريحات المشابهة لتصريحات رافسنجاني وخاتمي، قال خامنئي هذا الأسبوع (إن هؤلاء لا ينبغي أن يثبطوا من عزيمة الأمة الإيرانية ولا ينبغي عليهم الإلحاح بالقول بأن الانتخابات لم تكن حرة)، كما حذر خامنئي الشعب الإيراني من الاستسلام إلى هذه الأقاويل، قائلاً: إن ذلك سيخدم أغراض أعداء إيران، فقد أجرينا ما يزيد عن 30 انتخابًا منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979، أي من هذه الانتخابات كانت غير حرة ؟ وما هي البلد التي يمكن أن تكون انتخاباتها أكثر حرية مما يحدث في إيران؟".
وفي أعقاب خطاب خامنئي في مدنية قم، قال ممثل الحرس الثوري علي سعيدي، إن "قوات النخبة العسكرية ستتولى مسؤولية إجراء انتخابات سليمة"، وهو التصريح الذي أثار العديد من الإيرانيين على شبكة الإنترنت، ففسروه على أنه علامة على اعتزام الحرس الثوري بالتدخل في الانتخابات المقبلة، إلا أن الحرس الثوري سرعان ما أوضح أن تصريحات سعيدي لا تعني تدخل الحرس الثوري في العملية الانتخابية، ولكن العديد من الايرانيين بمن فيهم أحمدي نجاد لم يقتنعوا بذلك، وقال نجاد إن "من يريد أن يوجه الشعب الإيراني سيقوم الشعب بتوجيهه".
يُذكر أن الحرس الثوري كان خلال انتخابات عام 2005 من بين المؤيدين لأحمدي نجاد، إلا أن الانقسامات الداخلية بين الرئيس الإيراني والقائد الأعلى خلال فترة الرئاسة الثانيةن قد تسببت في فجوة بين نجاد ومؤيديه السابقين، كما تبادل الطرفان اللوم في تحمل مسؤولية تدهور الاقتصاد الإيراني في ظل العقوبات الدولية.