رئيس حركة "النهضة" الإسلامية الحاكمة في تونس راشد الغنوشي (يمين) والرئيس محمد المنصف المرزوقي
تونس ـ أزهار الجربوعي
أعلن رئيس حركة "النهضة" الإسلامية الحاكمة في تونس راشد الغنوشي، مساء الأربعاء، قبوله المشاركة في حوار وطني شامل بمبادرة من الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي، يأتي ذلك في الوقت الذي تواصل تونس تعميق المشاورات مع جيرانها، الجزائر وليبيا بشأن تفعيل التنسيق الأمني المشترك، وذلك
عقب لقاء حمع وزير الداخلية التونسي بنظيره الليبي، إلى جانب تصديق البرلمان الجزائري، على مشروع القانون المتعلق بضبط الحدود البحرية بين الجزائر وتونس وهو الأول من نوعه الذي تبرمه مع قطر عربي.
وكشف زعيم حركة "النهضة" الإسلامية الحاكمة في تونس راشد الغنوشي، عقب لقاء جمعه بالرئيس التونسي الدكتور المنصف المرزوقي، انه قبل دعوة هذا الأخير للمشاركة في مؤتمر وطني للحوار موسع يشمل جميع الأطراف السياسية الفاعلة في البلاد بما في ذلك حزب "نداء تونس" الذي يتزعمه رئيس الحكومة التونسية الأسبق الباجي قائد السبسي.
واوضح زعيم الحزب الحاكم في تونس، أن هذا الحوار سيطرح جملة من الاشكاليات التي تمر بها البلاد خلال المرحلة الإنتقالية لهدف تهدئة الاوضاع ، مشددا على أهمية إرساء مناخ يسوده الوفاق الوطني من أجل الإعداد إلى انتخابات شفافة ونزيهة .
وأكد راشد الغنوشي أن هذا الحوار الوطني يجب أن يضع في مقدم أجندته أولوية رسم معالم خارطة طريق واضحة للبلاد ، داعيا إلى التركيز على مصلحة تونس قبل أي حسابات سياسية أخرى، إلا أن زعيم نداء تونس الباجي قائد السبسي قد رفض التعليق على تصريحات راشد الغنوشي عقب لقاء دمعه بدوره بالرئيس المرزوقي.
ويذكر أن حركتي "نداء تونس" و"النهضة" تعيشان على وقع خلاف سياسي حاد، رسمت معالمه الإتهامات المتبادلة بين الجانبين، حيث يعتبر الحزب الحاكم أن نداء تونس مجرد واجهة جديدة لبقايا النظام السابق الراغبين في الإنقلاب على الثورة والشرعية الإنتخابية ، في حين يتهم حزب رئيس الحكومة السابق الباجي قائد السبسي النهضة بتكوين وتغذية "ميليشيات"، هدفها التصدي لكل من يخالفها الرأي، والرجوع بالبلاد إلى حقبة الدكتاتورية المظلمة.
وقد استهل رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي، سلسلة لقاءات فردية مع غالبية زعماء الأحزاب والحركات والجبهات لمناقشة الوضع السياسي الراهن في البلاد،في مبادرة هدفها جمع أقصى ما يمكن من الفاعلين في المشهد السياسي على طاولة الحوار بغية بناء وفاق وطني يخدم مصلحة تونس.
وعلم "العرب اليوم" أن الرئيس التونسي سيلتقي الجميس حمة الهمامي وشكري بالعيد عن الجبهة الشعبية ، ومحمد البراهمي وزهير المغزاوي عن حركة الشعب ومحمد بالنور الناطق الرسمي باسم حزب التكتل، وذلك بعد أن عقد السلسلة الأولى من هذه اللقاءات اليوم مع كل من احمد نجيب الشابي ومية الجريبي عن الجمهوري، ومحمد الحامدي ومحمد القوماني عن التحالف الديمقراطي، وراشد الغنوشي عن حركة النهضة، ومحمد عبو عن حزب المؤتمر ،والباجي قائد السبسي عن حركة نداء تونس ،و كمال مرجان عن حزب المبادرة.
من جهته، أكد الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية خلال لقائه بالرئيس المرزوقي، ضرورة تحديد رزنامة للإنتخابات القادمة في أقرب وقت باعتبارها أولوية عاجلة.
على صعيد اخر ، علم "العرب اليوم" من مصادر مطلعة داخل إئتلاف الترويكا الحاكم في تونس، ان مفاوضات الحسم بشأن التعديل الوزاري المرتقب تم تأجيلها إلى الخميس خصوصا تلك المتعلقة بوزارات السيادة، كما أكدت مصادرنا أن حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، متمسكون برفض إنضمام حركة نداء تونس للفريق الحكومي الجديد، في حين أبدت كل من "كتلة الحرية والكرامة" التي يرأسها النائب محمد نجيب حسني، وكتلة "الوفاء للثورة"، التي يرأسها عبد الرؤوف العيادي و"الكتلة الديمقراطية" التي يرأسها محمد الحامدي، موافقة مبدئية على الانضمام إلى الحكومة المقبلة .
إلى ذلك يرى حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يتزعمه الرئيس المرزوقي أن التعديل الوزاري يجب أن يكون عميقا حتى يحدث الرجة المطلوبة التي ستساهم في تحسين الاداء الحكومي وتجديد الثقة فيه ، إلا أن حركة النهضة صاحبة الأغلبية الحاكمة تتمسك بأن هذا التعديل سيأتي من أجل تدعيم المسار الموجود ولن يدخل تغييرات عميقة على العمل الحكومي التي تعتبره مرضيا.
من جانبه أعلن القيادي في حزب المؤتمر الهادي بلعباس أن الكشف عن التعديل الوزاري سيكون نهاية الأسبوع الجاري، لافتا النظر إلى أن المفاوضات تعرف عثرات وتعطيلات كبيرة.وأضاف أن وزارات السيادة ستشهد تغييرات، مشددا على أن حزب المؤتمر خير البقاء بعيدا عن حقائب السيادة للنأي بنفسه بعيدا عن أي تجاذبات محتملة.
هذا وقد أعلن الحزب الجمهوري رفضه المشاركة في الحكومة المقبلة، بعد أن وضع جملة من الشروط التي وصفها الفريق الحاكم بـ"المجحفة" على غرار تحييد وزارات السيادة وإشراك حزب نداء تونس.
وفي سياق متصل ، أوضح الحبيب اللوز عضو مجلس شورى حركة النهضة ان استغناء سمير ديلو عن مهمة المتحدث الرسمي باسم الحكومة لا تعني إبعاده عن وزارة حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية التي سيظل على رأسها، على حد تأكيده.
وقال الحبيب اللوز انه اقترح وزارة الخارجية على زعيم الحزب الجمهوري نجيب الشابي إذا قبل بالتحالف مع النهضة مقابل نقل رفيق عبد السلام إلي وزارة أخرى ، مؤكدا أهمية بقاء هذا الأخير في الحكومة لأنه رجل نزيه وفعال وناجع، وذلك ردا على الإتهامات التي يواجهها وزير الخارجية التونسي بالفساد وإهدار المال العام، وفقا لوثائق نشرتها المدونة ألفة الرياحي.
وعلى الواجهة الأمنية، تواصل تونس تكثيف جهودها لتفعيل التنسيق الأمني المشترك مع جارتيها ليبيا والجزائر، حيث بحث وزير الداخلية الليبي عاشور شوايل مع نظيره التونسي علي العريض، سبل تعزيز التعاون الثنائي في المجال الأمني.
وقد أثمر الإجتماع الذي عقده الجانبان في طرابلس الليبية ،اإتفاقا على إعادة تقييم وتفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين في التاسع من شهر كانون الثاني يناير 2012 والمتعلقة بإعداد مدربين في الدفاع المدني ، إلى جانب تنظيم دورات تأسيسية لدمج عناصر اللجنة الأمنية العليا ضمن هيئة الشرطة.
وأبدى الجانب التونسي خلال الاجتماع استعداده لإيفاد مدربين من وزارة الداخلية لتنظيم دورات لتأهيل الكوادر الليبية والمساهمة في تدريب فرق متخصصة في مكافحة الإرهاب وتأمين الطائرات والبواخر، في حين تقدم الجانب الليبي بمقترح يقضي بتشكيل لجنة أمنية مشتركة من مصلحتي الجوازات والجمارك في البلدين ، تكون مهمتها تسهيل حركة تنقل البضائع والمواطنين على حد سواء، بما يخدم تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين.
وكان رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي ونظيره الليبي علي زيدان، قد أعلنا الإثنين الماضي عن فتح معبر راس الجدير الحدودي الذي عرقل غلقه، بسبب تردي الأوضاع الأمنية، مصالح متساكني المناطق الحدودية الذين تشكل التجارة بين البلدين مورد الرزق الرئيسي بالنسبة إليهم.
من جانبه أوضح مدير الإدارة العامة للعلاقات والتعاون بوزارة الداخلية الليبية العميد عبد المنعم عياد أن وزير الداخلية التونسي، أكد خلال لقائه بنظيره الليبي تسجيل العديد من المخالفات عقب الاعتداء الذي تعرض له بعض المواطنين الليبيين أثناء مرورهم بالأراضي التونسية مجتازين معبر رأس جدير البري .
وفي سياق متصل، ولكن في الجزائر هذه المرة، صدق البرلمان الجزائري على مشروع القانون يتعلق بضبط الحدود البحرية مع تونس، في إجراء يعد من نوعه فى مجال تأمين الحدود بين الجزائر ودول الجوار.
وينص مشروع الإتفاقية على الترسيم النهائي للحدود البحرية بين الجزائر وتونس من خلال ممارسة كل جانب في مجاله البحري لحقوقه السيادية وولايته القانونية على مياهه الإقليمية، كما توسعت بنود القانون لتشمل التعاون في مجال تبادل المعلومات بشأن التنقيب لاستكشاف واستغلال الموارد الطبيعية على خطوط التماس البحري بين تونس والجزائر.
كما اتفق الطرفان على تشكيل لجنة مشتركة للحدود البحرية تعمل على التعجيل بتنفيذ الإتفاقية وتذليل الصعوبات التي قد تعترض عملية تطبيقها.
من جانبه أشاد وزير الخارجية الجزائرية مراد مدلسي بهذه الاتفاقية الموقعة مع تونس معتبرا ان العلاقة بين البلدين يسودها جو من الاحترام المتبادل والتعاون في مختلف المجالات.
كما لفت مدلسي إلى أن هذه الاتفاقية تعتبر أول اتفاقية تبرمها الجزائر مع دولة مجاورة في مجال ضبط الحدود البحرية ، مشيرا إلى أن خطوات مماثلة ستليها مع المغرب إلى جانب حسم المفاوضات مع ليبيا بشأن الترسيم النهائي للحدود البرية المشتركة.