معبر "رأس جدير" الحدودي البري بين تونس وليبيا
تونس ـ أزهار الجربوعي
يبحث رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي، الاثنين في ليبيا مع نظيره علي زيدان قضية أمن الحدود المشتركة، لا سيما مسألة غلق معبر رأس جدير من قبل السلطات الليبية بسبب تردي الوضع الأمني، وهو ما فجر اشتباكات عنيفة مع قوات الشرطة، ليل الإثنين، لم يفلح الأمن التونسي في التصدي لها إلا بعد استخدام الغاز
المسيل للدموع، حتى تمكنت قوات الأمن التونسية في ساعة متأخرة من مساء الأحد، من السيطرة على مواجهات عنيفة اندلعت بين متظاهرين في مدينة بن قردان الحدودية وعناصر الشرطة احتجاجًا على إغلاق نقطة العبور الرئيسية التي يرتكز نشاطهم التجاري عليها، حيث تعتبر التجارة بين البلدين مورد الرزق الرئيسي لأهالي المدينة التابعة لمحافظة تطاوين الجنوبية.
ويشهد معبر رأس جدير الحدودي المشترك بين تونس وليبيا حالة من الفوضى والترقب والتحركات الإحتجاجية المتواصلة بعد أن فتحت السلطات التونسية الأسبوع الماضي المعبر من طرف واحد، في حين واصلت ليبيا غلقه متعللة بشبح الإضطرابات الأمنية الذي يخيم على المنطقة، وهو ما أدى إلى ركود السلع ومنع التجار التونسيين من ادخال البضائع من القطر الليبى باتجاه تونس.
ويترقب التجار التونسيون، وأهالي مدين بن قردان نتائج زيارة رئيس الحكومة إلى ليبيا، فيما يطالب المحتجون الحكومة التونسية باتخاذ التدابير الملائمة والعاجلة لإيجاد حل نهائي لهذه القضية التي عرقلت السير الطبيعي لحياتهم الإجتماعية والإقتصادية متهمين حكومة الترويكا بالإنشغال بالملفات السياسية وغض الطرف عن قضيتهم التي رأوا أنها عاجلة ولا تقبل التأجيل بإعتبار أنَّها تمس مورد رزقهم الرئيسي، في ظل غياب مشاريع تنموية بديلة بالمنطقة، كما لوَّح المحتجون بغلق المعبر أمام حركة تنقل المسافرين والأشخاص حال عدم التعاطي بجدية مع مشكلتهم.
وكانت السلطات الليبية قد أمرت منتصف شهر كانون الأول / ديسمبر الماضي بإغلاق الحدود مع الجزائر والنيجر والسودان وتشاد، فيما أعلنت جنوب البلاد منطقة عسكرية مقفلة بسبب تدهور الأمن.
من ناحية أخرى تترقب الأوساط السياسية في تونس الإعلان عن التعديل الوزاري الذي طال إنتظاره، حيث من المتوقع أن يتم الإعلان عنه بالتزامن مع إحتفالات تونس بالذكر الثانية لثورة الحرية والكرامة في 14 يناير_كانون الثاني 2013.
وعلم "العرب اليوم" أن التعديل الوزاري المنتظر لن يطال وزير الخارجية رفيق بن عبد السلام، حيث أبدت حركة النهضة الإسلامية صاحبة الأغلبية الحاكمة تمسكها بصهر زعيمها راشد الغنوشي، مشددة على براءة ذمته من شبهة الفساد التي تحوم حوله، بعد أن اتهمته المدونة الفة الرياحي بالتورط في قضية فساد مالي ، تتمثل في الإنتفاع بالإقامة في نزل فاخر على حساب خزينة الدولة والمال العام، إلى جانب حصوله على مبلغ مليون دولار من وزارة التجارة الصينية والذي تم تحويله إلى رصيد خاص بوزارة الخارجية، حسبما صرحت به ألفة الرياحي.
وطالب حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يتزعمه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، شريك النهضة والتكتل في الائتلاف الحاكم، بتنحية رفيق عبد السلام من منصب وزير الخارجية.كما التحق حزب التكتل الذي يقوده رئيس البرلمان التونسي مصطفى بن جعفر ، بحزب المؤتمر ليعلن عن مساندته للمدونة ألفة الرياحي التي صدر قرار بمنعها من السفر خارج تونس، على خلفية ما نشرته من وثائق تتعلق بتورط وزير الشؤون الخارجية رفيق عبد السلام في عمليات إهدار المال العام والخيانة الزوجية.
وفي تسجيل صوتي نُشر على الصفحة الرسمية لحزب التكتل، دعا الناطق الرسمي للحزب محمد بنور للتعبئة من أجل رفع إجراء منع السفر، منددًا بالقرار الذي اعتبره ماسًا بحرية التعبير ويتعارض مع أبسط قواعد حرية الإعلام والصحافة والديمقراطية.
وقال محمد بنور أنَّ العمل الذي قامت به ألفة الرياحي بادرة إيجابية في تونس ما بعد الثورة، مشيدًا بدور الصحافة الاستقصائية التي تساهم في كشف المسكوت عنه للرأي العام، على حد قوله.
ورأى مراقبون، أنَّ الخطوة التي اتخذها شريكا حركة النهضة في الحكم ، التكتل والمؤتمر، والقاضية بدعم المدونة ألفة الرياحي على حساب وزير الخارجية المنتمي للحركة، ستعمق من عزلة النهضة وستحرج الأغلبية الحاكمة خاصة إذا لم تسارع السلطات المعنية بكشف نتائج التحقيق للرأي العام.
من جانبه نفى وزير الصحة التونسي وعضو مجلس شورى حركة النهضة عبد اللطيف المكي، وجود نية لعزل وزير الشؤون الخارجية رفيق عبد السلام من منصبه او تغييره، وأوضح المكي أنَّ التعديل الوزاري سيشهد تغييرًا طفيفًا وسيشمل وزارات السيادة، حيث من المتوقع أن يحظى عبد الرؤوف العيادي رئيس حركة وفاء بحقيبة وزارة العدل، فيما تتواصل مفاوضات الترويكا الحاكمة مع الحزب الجمهوري رغم اشتراط الأخير انضمام حركة نداء تونس إلى الحكومة الجديدة.
إلى ذلك، أكدت مصادر مسؤولة لـ"العرب اليوم"، أنَّ التنسيقية المشتركة لإئتلاف الترويكا الحاكمة في تونس صعدت من نسق مشاوراتها وإجتماعاتها بهدف الحسم في ملف التعديل الوزاري، بعد أن اختتمت إحدى جلساتها المغلقة في ساعة متأخرة من مساء الأحد، رغم أنَّ المعارضة والرأي العام لا يعلقان آمالًا كبيرة على هذا التعديل الذي لا يفصله عن موعد الإنتخابات التشريعية سوى خمسة أشهر، الأمر الذي يشكل عائقا أمام أي برنامج إصلاحي أو تعديلي محتمل.
وفي سياق منفصل دعا القيادي في الجبهة الشعبية حمة الهمامي ، إلى ضروة ضم قائمة شهداء الحوض المنجمي الذين سقطوا بمحافظة قفصة منذ خمس سنوات احتجاجًا على إستبداد النظام السابق، إلى قائمة شهداء ثورة 14 يناير 2011، مشددًا على أنَّ انتفاضة الحوض المنجمي مثلت المنعرج الحاسم في اتجاه إسقاط نظام بن علي.
من جهتها دعت الرابطة التونسية للتسامح، المجلس الوطنى التأسيسى التونسي إلى مراجعة المرسوم عدد 97 المتعلق بالتعويضات لفائدة ضحايا ثورة 14 يناير 2011 بما يخدم إنصاف شهداء قضية الحوض المنجمى ، مشيرة إلى أنَّ هذا المرسوم قد غيب حلقة هامة كانت أحد أسباب إشعال فتيل الإنتفاضة، بسبب افتقاره إلى تحليل علمى لمسار الثورة التونسية.
وأكدَّت الرابطة أنَّ انتفاضة الحوض المنجمي كانت العامل الأهم والحدث الأبرز، الذي ساهم في تهيئة الارضية لاندلاع انتفاضة سيدى بوزيد وتوسعها لاحقًا إلى باقى محافظات البلاد إيذانا بسقوط الإستبداد ورحيل نظام الرئيس المخلوع زين العابدين "بن علي"، مشيدة بدورها في فضح النظام وإسقاط ورقة التوت الأخيرة التي كان يواري بها قمعه وانتهاكاته.