فيلم "12 عاماً من العبودية" مرشحاً بقوة لحصد جائزة الأوسكار 2014

بيروت ـ  غيث حمّور بعد فوزه بجائزة "الغولدن غلوب" الأميركية، ومن ثم "البافتا" البريطانية قبل أيام قليلة، يبدو أن فيلم "12 عاماً من العبودية" مرشحاً بقوة لحصد جائزة الأوسكار 2014 لأفضل فيلم الشهر المقبل ويتقدم بخطى ثابتة نحو تحقيق هذه الجائزة. فالفيلم المرشح لتسع جوائز أوسكار من بينها أفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل مخرج، يقدم بمشاهده المؤلمة نظرة جديد على تاريخ العبودية في أمريكا، ويأخذ المشاهد في رحلة سينمائية عالية الجودة بتفاصيل قد تكون للكثيرين معروفة ولكنها في كل مرة تقدم تكون صادمة، وتدفع للتساؤل حول ماهية البشر، وقدرتهم على انتهاك حقوق أقرانهم. علاقة ذوي البشرة البيضاء، بنظرائهم من ذوي البشرة السوداء، في أمريكا، وفي دولة أخرى من المعمورة، كانت عصية على الفهم، بالنسبة للكثيرين من جيل القرن الواحد والعشرين، ولكن فيلم "12 عاماً من العبودية" خلال 134 دقيقة يضع النقاط على الحروف، ويقدم صورة واضحة لهذه العلاقة. قصة "سليمان ثورب" المبنية على حادثة حقيقية كما تشير بداية الفيلم، تلقي الضوء مجدداً بعد متوالية طويلة من الأفلام السينمائية، على زمن الاسترقاق الأمريكي للعبيد السود "ذوي الأصول الأفريقية" من قبل ذوي البشرة البيضاء "ذوي الأصول الأوروبية". في عام 2012 شهدنا فيلم "لينكولن" الذي يتابع حياة الرئيس الأمريكي الراحل الذي خاض حرباً لتحرير العبيد ، وإيقاف تجارة الرقيقي، وفي 2013 تعود هوليوود لتقديم تلك الحقبة التاريخية، ولكن بطريقة أكثر إلتصاقاً، وأكثر قرباً، من واقع السود في بداية القرن العشرين.
بين القصور والمزارع وغرف العبودية، يتنقل "12 عاماً من العبودية" في مساحة درامية كبيرة، سارداً قصة رجل لـ12 عاماً، عانا خلالها من أقصى أنواع الاضطهاد، وتعرض لمختلف أنواع التعذيب، الرجل الذي تحول من رجل حرّ بمكيدة من رجلين بيض، إلى رجل عبد مرة أخرى.
قصة "ثورب" ليست قصة شخصية، أو حدث خاص، بل هي مثالاً كاملاً لحياة العبودية في القرون الماضية، ومن خلالها يستطيع المشاهد أن يكون فكرة كافية ووافية عن ذلك الزمن، فشخصيات الفيلم المبنية بتأني وحرفية عاليين، وراء كل منها حكاية منفصلة، ومن كلٍ منها يمكن أن يستخلص المشاهد فكرة جديدة عن غياب الإنسانية، والاضطهاد الذي كان يمارس.
فنياً تميز الفيلم بحس إخراجي عالي، وقدرة أستثنائية في الانتقال بين الامكان والأزمنة دون تكليف أو مبالغة، فرغم أنه يرصد 12 عاماً في ساعتين، ولكن المشاهد لن يشعر بفراغ زمني، وعلى مستوى الأداء استطاع شيواتال إيجيوفور بطل الفيلم أن يسرق الأضواء ويقدم شخصية كاملة، فكرياً وفنياً وحسياً، أما النص فاتسم بالبعد الفكري الانساني الخاص، المجرد من العقد، في حبكة درامية متزامنة مع الحدث، ومتعمقة في التفاصيل.
12 عاما من العبودية (بالإنجليزية: 12 Years a Slave) هو فيلم دراما تاريخي بريطاني-أمريكي 2013، مبني على السيرة الذاتية لـ"اثني عشر عاما من العبودية" لسليمان نورثوب، وهو شخص أسود حر يتم اختطافه في واشنطن العاصمة في سنة 1841 ويباع إلى العبودية، سليمان عمل كعبد ل12 سنة في إحدى المزاع في ولاية لويزيانا قبل أن يطلق سراحه، الفيلم من إخراج ستيف ماكوين وسيناريو جون ريدلي، ويجسد فيه شيواتال إيجيوفور دور سليمان، ومن بطولة مايكل فاسبندر وبينيديكت كامبرباتش وبول دانو وبول جياماتي وسارة بولسون وبراد بيت، صدر الفيلم في 18 أكتوبر في الولايات المتحدة، وتلقى إشادة هائلة من النقاد وحصل على جائزة الغولدن غلوب لأفضل فيلم دراما وجائزة البافتا، وتلقى 9 ترشحيات لجائزة الأوسكار من ضمنها أفضل فيلم و‌أفضل مخرج لماكوين و‌أفضل ممثل لإيجيوفور و‌أفضل ممثل مساعد لفاسبندر و‌أفضل ممثلة مساعدة لنيونج.
عند عرضه في مهرجان تيلورايد السينمائي 2013، تلقى الفيلم إشادة عالمية من النقاد والجمهور على حد سواء، الذين مدحوا أداء الممثلين (خصوصاً إيجيوفور وفاسبندر) والحس الإخراجي لماكوين، والسيناريو والإخلاص الشديد في اقتباس السيرة الذاتية.