النجم القدير محمود عبد العزيز يقدم العزاء للفنان أشرف وحيد سيف

تحدث الفنان أشرف سيف (ابن الفنان الراحل وحيد سيف)، في أولى حواراته الفنية، بعد فترة من الابتعاد عن الفن، عن والده. وقال سيف في حديث خاص إلى "العرب اليوم": والدي كان فنانًا عظيمًا ومثقفًا جدًا وكان من الساخرين العظام ، كما كان ملتزمًا لدرجة هائلة في مواعيده وارتباطاته، وتعلمت منه الالتزام، كما أنني استفدت في صغري من مكتبته الكبيرة، لأنني كنت أحب القراءة وما زلت بشدة، ومكتبته العظيمة هي أهم ما ورثته عنه، وأحافظ عليها في غرفة خاصة بوالدي وجوائزه وصوره وأعماله في بيتي الآن.
وعلى المستوى الشخصي، كان والدي طيبًا جدًا وكريمًا جدًا، وقد ظل هو ووالدتي الفنانة الكبيرة ألفت سكر أصدقاء إلى أن توفاه الله، وقال لي قبل أن يتوفى بفترة قصيرة "والدتك سيدة عظيمة ولا شك أني خسرت كثيرًا جدًا بالانفصال عنها"، وعلاقتي به ظلت طيبة، رغم أننا لم نكن نلتقي كثيرًا، لكن الفترة الأخيرة من حياته كنا نلتقي يوميًا، وكنت معه في منزله قبل وفاته بساعات كان يدعو لي ولإخوتي كثيرًا، ثم تركته الساعة الثانية عشرة ليلا، في 18 يناير الماضي، وتوفي والدي في مهده ظهرًت، في 9 كانون الثاني/ يناير، وعلى وجهه ابتسامة جميلة، بكيت كثيرًا عندما رأيتها، فقد عاش يضحك الآخرين، وصاحبته الابتسامة في لحظاته الأخيرة رحمة الله.
ومتحدثًا عن مشواره الفني، يقول سيف: بداية حبي للفن اكتشفتها وأنا في الخامسة من عمري، عندما أخذني والدي إلى مسرح سيد درويش في الإسكندرية، وتركني في صالة العرض وكانت هناك مسرحية من بطولة الراحل أبو بكر عزت، وذهب هو إلى الكواليس، لكي يلتقي بأصدقائه، ثم أدرك بعد مرور أكثر من ساعة، أنه قد نسيني، فجاء إلي مسرعًا ليجدني صامتا وهادئا تمامًا أنظر للمسرح كالمسحور، ومنذ ذلك اليوم أدركت أنني أحب هذا الفن وأعشقه. مثلت بعد هذا في مرحلة الدراسة الابتدائية والإعدادية، وكنت رئيس فرق التمثيل في المدرسة ومارست أيضًا الغناء في هذه الفترة وحصلت على لقب أفضل مطرب في مسابقة الجمهورية للطلائع، وفي هذه الفترة انفصل والدي وأمي وعشت مع والدتي الفنانة الكبيرة ألفت سكر، التي كانت تشجعني بشدة على ممارسة هواياتي، سواء في التمثيل أو الغناء، بينما كان والدي النجم الكبير وحيد سيف - رحمه الله – لا يريدني في هذه الفترة أن أعمل في الفن مطلقًا، لأنه كان يرى أنه مجال صعب وغير مضمون، خصوصًا أنني كنت طفل خجول، وكان يتمنى أن أكون مهندسًا.
ويتابع سيف: استمريت في هوايتي أثناء المرحلة الثانوية في الدراسة وحصلت في الثانوية العامة على مجموع كبير، أهلني لدخول كلية الهندسة وفي الوقت ذاته، وبتشجيع كبير من والدتي، قدمت أوراقي إلى المعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل والإخراج، دون أن يعلم والدي. وحصلت على المركز الأول في الطلبة المقبولين للدراسة، وكنا 20 طالبًا مقبولين من 5000 متقدم، ولم يكن أحد في المعهد يعلم أنني ابن وحيد سيف، لأن اسمي الحقيقي أشرف مصطفى أحمد سيف، وأنا كنت أريد أن أنجح بمفردي، لكي أثبت لنفسي أنني أستحق عن جدارة وكان لي ما أردت، وظللت في المعهد عامًا كاملا، لم يعلم أحد أنني ابن وحيد سيف، إلا في العام الثاني من الدراسة.
وأضاف سيف "بعد أن دخلت المعهد بشهر، كنت أسير في الردهة في مدخل المعهد، عندما رآني الممثل ومدير الإنتاج مصطفى الكواوي، فناداني وسألني، قائلا: أنت في أي عام يا بني؟ فقلت له في العام الأول، فرد قائلا: أي قسم؟ قلت له: قسم تمثيل، قال لي: عظيم، أنت من أبحث عنه، كم عمرك؟ فقلت له: عندى 17 عامًا و8 شهور، فقال لي: قابلني ليلا في شركة "أوسكار"، لكي يراك المخرج عبد الله الشيخ، تعالى الساعة الثامنة ولا تتأخر. وذهبت في الميعاد وأدخلني الأستاذ مصطفى على الأستاذ عبد الله، الذي نظر إلي نظرة فاحصة، ثم قال لهم أعطو له الدور، وفوجئت بأن الدور الذي اعتقدت أنه سيكون مشهدًا أو 2، أنه دور لبطولة في مسلسل 30 حلقة، وكانت تلك هي البداية، وكانت بداية قوية جدًا.
وعن علاقته بالفنان الراحل حسن عابدين يقول: علاقتي به بدأت منذ المسلسل الأول لي، الذي تحدثت عنه مسبقًا، فأثناء التصوير تعرفت على الراحل العظيم حسن عابدين، الذي كان يقوم بدور والدي في هذا المسلسل وهو مسلسل "أهلا بالسكان"، وكان رجلا طيبًا جدًا وفنانًا رائعًا، وبعد أيام قليلة من التصوير، استدعاني إلى غرفته، وقال لي "أنت بعد هذا المسلسل ستكون نجمًا، قلت له" لا أصدق، فقال لي: سترى ذلك، أنت رائع ومهذب وأتمنى أن تظل هكذا دائمًا، وأنا سأعتبرك ابني الأصغر، وتعهدني بالرعاية وبالفعل طوال الفترة القصيرة التي عاشها بعد هذا المسلسل فعل ذلك، فتعاونت معه بعد هذا المسلسل في مسلسلين في العام ذاته، هما "رفقًا أيها الأبناء" و"لمن يهمه الأمر"، ثم مسرحية "بولوتيكا" والتي مرض - رحمه الله - أثناء عرضها، ونقلوه إلى لندن للعلاج، ولكن شاء الله أن يسترد وديعته، وافتقدت هذا الرجل العظيم خلال فترة قصيرة جدًا تعرفت فيها عليه، وارتبطت وجدانيا بشخصيته الثرية وإن كانت كبيرة جدًا في تأثيرها على حياتي بعد ذلك.
ويواصل سيف "عرض لي في التلفزيون مسلسل "رفقا أيها الأبناء"، ثم "أهلا بالسكان" مباشرة وراء بعض، ووجدت نفسي فجأة نجمًا يكتب عنه النقاد كلمات رائعة ويطارده المنتجون، ولكني رغم ذلك، لم استغل ذلك بالإدارة المناسبة، ربما لأنني كنت غير ناضج بالشكل الكافي أو ربما لأنني أميل إلى العزلة وليست لي صداقات في الوسط الفني، جميع الذي أعلمه أن البداية القوية لم تستغل فيما أتى بعدها".
ويستطرد حديثه، قائلا: قابلني ذات يوم وأنا في استوديو "الأهرام" النجم الكبير الرائع أحمد زكي، وكنت ذاهب إلى التصوير، فإذا بي أقابله وجهًا لوجه عند إحدى النواصي في الاستوديو، وكانت تلك المرة الأولى التي أقابله فيها، بادرني بقوله "أنت هايل يا أشرف، ستكون نجم النجوم لكن انتبه يا بني من الذئاب في هذا الوسط، لا بد من أن تكون أسدًا تأخذ حقك بيديك من الحروب التي ستواجهها". سعدت جدًا من إعجاب نجمي المفضل بي، وكان هذا شيئًا لايصدق بالنسبة لي، أما عن النصيحة فلم أطبقها أبدًا، كنت أعتقد أن الموهبة والدراسة وحدهما يكفيان، في الحقيقة أدرك الآن كم كانت كلماته صحيحة جدًا.
وقال سيف، عن أسباب توقفه فنيًا، قائلا: كنت أترشح للعديد من الأعمال الكبيرة من قبل مخرجين كبار لم أعمل معهم من قبل، مثل الراحل إسماعيل عبد الحافظ والراحل عاطف الطيب وترسل لي الحلقات أو السيناريو، ثم أفاجئ بالأعمال تجرى بروفاتها بممثلين آخرين، وبعد فترة أقابل المخرج كما قابلت الأستاذ إسماعيل عبد الحافظ في دبي وقال لي "أنا غاضب منك، لأنك اعتذرت عن العمل الذي أرسلته لك، فقلت له: أنا لم اعتذر يا أستاذ إسماعيل، لم يحدثني". وأعود هنا إلى كلمات الراحل الكبير أحمد زكي، عندما قال لي "لابد من أن تكون أسدًا مع الذئاب، لأنهم سيحاربونك"، هذا بالإضافة إلى الشائعات المتعددة، التي طالتني مثل أن أشرف سيف يتعاطى المخدرات، مع أنني لم أدخن على الإطلاق، وأن أشرف سيف يتأخر دائمًا على التصوير، مع أنني كنت دائمًا ملتزمًا بميعاد التصوير، وأخيرًا أن أشرف سيف يقول على الفن حرام. وهناك سبب آخر، وهو إنني حققت نجاحًا في التلفزيون، ولكن لم أدخل السينما بقوة، حيث أنه لو كانت البداية في السينما، أعتقد كان الموقف قد تغير كثيرًا بالنسبة لي، لأن نجم السينما يصعب إسقاطه إلا بيديه هو فقط، بمعنى إذا قدم أعمالا دون مستوى بدايته. ومن أسباب ابتعادي عن الفن أيضًا أنني لم أجد تطورًا في الأدوار التي تعرض علي عن البدايات الأولى، وقدمت من أجل الاستمرار بعض الأعمال في التلفزيون وبعض الأفلام الصغيرة، ثم رفضت الاستمرار في تمثيل أعمال لا أجد نفسي فيها، ولا تحقق طموحي الكبير، فابتعدت منذ 6 أعوام تمامًا، واتجهت إلى التجارة، فأنا لن أعتزل الفن، منتظرًا العودة القوية قريبًا.
أما عن ما إذا كان تعرض للأقاويل، بسبب أنه من عائلة فنية، ربما تكون سبب مساعدته لدخول الوسط الفني، فينفي ذلك قائلا: لا لم يحدث هذا، لأن الجميع كان يعلم أني دخلت بمجهودي والجمهور نفسه لم يعلم أني ابن وحيد سيف، إلا بعد مرور 3 أعوام من عملي بالفن، عندما ظهرنا معًا في لقاء تلفزيوني، ووالدي نفسه في العديد من اللقاءات، قال: إنه فخور بي لأنه فوجئ بي على شاشة التلفزيون، وأنه لم يكن يتخيل أني استطيع التمثيل بهذه البراعة، وللعلم والدي لم يرشحني أبدًا في عمل فني، بل العكس هو الذي حدث، عندما رشحته أنا في فيلم من بطولتي اسمه "مطاردة في الممنوع"، ضيفًا للشرف في الفيلم. وأذكر أنه عندما جاء إلى المعهد، ليشاهد مشروع تخرجي وكان مسرحية "الدخان" لميخائيل رومان، بكى بشدة في نهاية العرض، قائلا للمحيطين به: ابنى يمثل أحسن مني كثيرًا، وتخرجت في هذا العام بتقدير امتياز وكنت الأول على الدفعة.
ويتحدث سيف، عن والدته الفنانة ألفت سكر، قائلا: والدتي هي صاحبة الفضل على في كل شيء، فهي التي ربتني ورفضت أن تتزوج مرة أخرى بعد انفصالها عن والدي، رغم أنها كانت جميلة جدًا وصغيرة، وهي التي شجعتني على اتخاذ القرار الصعب بترك كلية الهندسة والاستمرار في المعهد فقط، كانت مؤمنة بي بشدة، وهي إنسانة حنونة جدًا وطيبة جدًا وأشد ما يؤلمها الآن أني بعيد عن الفن، ولكنني وعدتها بالعودة قريبًا جدًا في عمل يحترم عقلي وعقل المشاهد، وأهم ما تعلمته من أمي الالتزام والعطاء الشديد.
ويتحدث سيف عن زوجته، قائلا: زوجتي هي الفنانة المعتزلة لمياء الجداوي، وقد تفرغت بعد الزواج للحياة الزوجية وتربية الأولاد، وهي زوجة رائعة الحمد لله ولدينا 3 أبناء، هم فرح (ابنتي الكبرى 12 عامًا) ثم نور (9 أعوام) ثم عمر (3 أعوام)، وابنتي فرح هي التي ورثت منا حب الفن، واذا شعرت بموهبتها عندما تكبر سأقف بجوارها وأشجعها.
أما عن أشقاؤه، فيقول سيف: لدي شقيقتين إيمان وإيناس، ولدي تامر شقيقي من والدي فقط.
وعن رأيه في التلفزيون والسينما، يقول سيف: التلفزيون والسينما الآن تطورا جدًا، على المستوى التقني، ولكن على مستوى الكتابة تخلفًا، إلا فيما ندر من الأعمال، و يعجبني الصديق العزيز الفنان كريم عبد العزيز وأخى العزيز  الفنان أحمد السقا، وبالطبع العبقري الفنان القدير محمود عبد العزيز والفنانة ياسمين عبد العزيز والفنانة نيللي كريم.