القاهرة - شيماء مكاوي
ليس دور " السنيد" للبطل دورًا ثانويًا أو ليس له قيمة، بل يُعتبر من الأدوار الرئيسية في أي عمل سينمائي، وعلى مدار تاريخ السينما المصرية ظهر العديد من الفنانين الذين قدّموا هذا الدور ببراعة شديدة، واشتُهروا من خلاله، وحقّقوا العديد من النجاحات، و"العرب اليوم" يرصد أشهر 10 فنانين قاموا بدور "مساعد البطل" في السينما
المصرية، .
فنجد الفنان الكبير عبد الفتاح القصري، الذي يعتقد كثيرون أنه جاهل أمي لم يتعلم، ولكنه في الحقيقة درس في مدرسة "الفرير" الفرنسية، ومن فرط حبه للتمثيل التحق بفرقة عبد الرحمن رشدي، ثم فرقة نجيب الريحاني، ثم بفرقة إسماعيل يس.
واشتُهر عبد الفتاح القصري بقامته القصيرة وشعره الأملس وإحدى عينيه التي أصابها الحول فأصبح نجمًا كوميديًا، بالإضافة إلى طريقته الخاصة في نطق الكلام وارتداء الملابس.
ولم يلعب القصري بطولة مطلقة وإنما كان دائمًا صديقًا للبطل، أو بمصطلح السينما دور " السنيد" للبطل
ولعب القصري أدوار المعلم وابن البلد وغير المتعلم، ومن أشهر أدوار عبد الفتاح القصري هو دوره في فيلم ابن حميدو مع الفنان إسماعيل ياسين وأحمد رمزي وزينات صدقي وهند رستم، حيث لعب دور "المعلم حنفي شيخ الصيادين" وعبارته الشهيرة التي ما زالت باقية حتى الآن " كلمتي لا ممكن تنزل الارض أبدا "، حيث لعب دور الزوج المغلوب على أمره أمام زوجته المتنمِّرة.
وارتبط عبد الفتاح القصري كثيرًا بالفنان إسماعيل ياسين في الكثير من الأفلام منها: "إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين" و"ابن حميدو" و"إسماعيل ياسين في متحف الشمع".
ولعب في وقت متأخر دوراً مميزاً في فيلم "سكر هانم" مع عبد المنعم إبراهيم وكمال الشناوي وحسن فايق وسامية جمال ألا وهو دور "المعلم شاهين الزلط".
ومثّل عبد الفتاح القصرى حوالي 63 فيلمًا وكان آخرها "سكر هانم" 1960.
وكانت نهاية الفنان الكبير عبد الفتاح القصري مأساة حقيقية بكل المقاييس، فبينما كان يؤدي دوره في إحدى المسرحيات مع إسماعيل ياسين إذا به يصاب بالعمى المفاجئ، فيصرخ قائلاً: "لا أستطيع الرؤية"، واعتقد الجمهور أن هذا الأمر ضمن أحداث المسرحية فزاد
الضحك وزادت المأساة، بينما أدرك إسماعيل ياسين حقيقة ما أصاب صديقه عبد الفتاح القصري فسحبه إلى كواليس المسرح، ومع نكبة العمى جاءته نكبة أخرى بتنكر زوجته الرابعة الشابة له، وطلبها الطلاق منه، بل بالزواج من صبي كان القصري يعطف عليه.
وكان القصري يتزوج من أجل أن ينجب الولد، ولكن هذا الحلم لم يتحقق، ودخل في صراع مع المرض، وقد أصيب بمرض نفسي بعد فقد
بصره، وتركته زوجته السابقة حبيس غرفة حقيرة يعاني من الظلمة والقهر والمرض، فأُصيب بتصلب في الشرايين أثر على مخِّه مما أدى إلى إصابته بفقدان الذاكرة والهذيان المستمر، وتوالت النكبات فقررت البلدية إزالة منزله، ومن مأساة إلى أخرى جاءت نهاية عبد الفتاح القصري في مستشفي المبرة، حيث لقي ربه في صباح الأحد الثامن من آذار/ مارس العام 1964م، ولم يحضر جنازته سوى ثلاثة أفراد من أسرته والفنانة نجوى سالم، فهي الوحيدة التي كانت تنفق عليه اثناء مرضه، فكانت تعتبره في مقام والدها.
ومن أشهر من قاموا بدور "السنيد" أيضًا الفنان الراحل عبد المنعم إبراهيم، والذي تتلمذ على يد الفنان زكي طليمات، الذي ضمه إلى فرقة "المسرح الحديث"، التي أسسها زكي طليمات.
وشارك في العديد من المسرحيات التي قدمتها فرقة المسرح الحديث مثل "مسمار جحا" لأحمد باكثير، و"ست البنات" لأمين يوسف غـراب، ليستقيل بعدها من العمل الحكومى ويتفرغ للتمثيل في مسرح الدولة لكنه ترك فرقة المسرح الحديث العام 1955م وانضم إلى فرقه إسماعيل يس التي تكونت في الفترة ذاتها، وفى العام 1956م مثل في مسرحية معركه بورسعيد، ثم مسرحية تحت الرماد، الخطاب المفقود، جمهورية فرحات، جمعية قتل الزوجات، ومسرحية الأيدي القذرة لسارتر العام 1959م.
واتجه عبد المنعم إبراهيم أيضًا في بداياته إلى الإذاعة حيث اشتهر من خلالها، ومن الإذاعة إلى التليفزيون حيث تألق في العديد من المسلسلات التليفزيونية من بينها: "زينب والعرش ـ أولاد آدم"، وقد جمع بين اللونين الكوميدي والتراجيدي في أعماله.
وشارك في العديد من المسرحيات من بينها: "خمس نجوم ـ مسمار جحا ـ سكة السلامة ـ حلاق بغداد ـ ست البنات ـ معروف الإسكافي".
ومن أشهر أدواره السنيمائية: "سر طاقية الإخفاء ـ طريق الدموع ـ الثلاثية ـ الوسادة الخالية".
وحصل على مكافأة مالية كبيرة وميدالية ذهبية عن دوره في فيلم "طريق الدموع".
بالإضافة إلى دور "محروس" في فيلم "إشاعة حب" مع يوسف وهبي وعمر الشريف وهند رستم.
وكان الفنان عبد المنعم إبراهيم محترفًا في الأدوار المساعدة أو دور " السنيد" للبطل، ولا سيما أدوار صديق البطل، فقد شكل نظرية ناجحة في إضفاء أجواء الكوميديا على الأفلام جميعها وشكل في الجانب الآخر ثنائيات فنية في كل فيلم يقوم بأدائه.
فلعب عبد المنعم إبراهيم دور صديق البطل في فيلم "الزوجة 13" مع رشدي أباظة وشادية، وأيضًا الدور ذاته في فيلم "عدو المرأة" مع رشدي أباظة ونادية لطفي، وأيضًا في فيلم "خطيب ماما" مع مجموعة كبيرة من الفنانين منهم أحمد مظهر ومديحة يسري وحسن فايق وأيضًا الفنانة نبيلة عبيد.
وتُوفي الفنان القدير عبد المنعم إبراهيم عن عالمنا في 17 تشرين الثاني/ نوفمير العام 1987م، وقد حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقه الأولى العام 1983م، وفي العام 1986م حصل على درع المسرح القومي الذهبي.
ومن اشهر من قدموا دور صديق البطل أيضًا الفنان عبد السلام النابلسي، حيث جاءت الفرصة الأولى للنابلسي في السينما على يد السيدة آسيا في فيلم "غادة الصحراء" من إخراج وداد عرفي في العام 1929 وإن كان فيلم "وخز الضمير" في العام 1931 للمخرج إبراهيم لاما هو الذي فتح له أبواب السينما في الثلاثينات في تلك الفترة مع عدد من رموز الفن في ذلك الوقت، منهم الأخوان لاما وتوجو مزراحي ويوسف وهبي وآسيا وأحمد جلال.
وكانت بدايات النابلسي في أدوار الشاب المستهتر ابن الذوات ولم يكن مضحكًا في أفلام عديدة منها "العزيمة" لكمال سليم 1939 و"ليلى بنت الريف" لتوجو مزراحي 1941 و"الطريق المستقيم" للمخرج نفسه 1943 وغيرها.
وفي العام 1955 ظهر مع عبد الحليم حافظ في فيلم "ليالي الحب" ثم "فتى أحلامي" 1957 و"شارع الحب" 1958و"حكاية حب" 1959 و"يوم من عمري" 1961 ولعب البطوله في فيلم حلاق السيدات أما آخر أفلامه مع فريد الأطرش فكان في العام 1956 و"إزاي أنساك" كما شارك فاتن حمامة وعمر الشريف في فيلم "أرض السلام" للمخرج كمال الشيخ في العام 1957 وقام فيه بتجسيد دور شديد الإنسانية حيث لعب شخصية رجل فلسطيني يعيش مع عشيرته تحت الاحتلال الإسرائيلي، ويبدو طوال الفيلم متخاذلاً وجبانًا لكن النهاية تكشف أنه أول من ضحى بحياته أثناء مساعدة الفدائي المصري في عملية خلف خطوط العدو.
ورحل إلى لبنان بعدما تفاقمت مشاكله مع الضرائب والتي بلغت 13 ألف جنيه في حينها ولم تفلح محاولاته والتي بدأها في العام 1961 لتخفيضها إلى 9 آلاف وأخذ يرسل لمصلحة الضرائب حوالة شهرية بمبلغ 20 جنيهًا فقط، الأمر الذي يعني أن تسديد المبلغ المستحق عليه سيستغرق 37 عامًا، وهو ما اعتبرته مصلحة الضرائب دليلاً على عدم جديته في السداد، فقررت بعد ثلاث سنوات من رحيله أي في العام 1965 الحجر على أثاث شقته المستأجرة في الزمالك والتي لم تكن بقيمة المبلغ المطلوب.
وظلت القضية معلقة حتى وفاته في العام 1968 رغم تدخل العديد من رموز الفن في مصر وعلى رأسهم كوكب الشرق أم كلثوم.
وحقق النابلسي رغبته القديمة في الاستقرار الأسري بعد أن ظل متمتعًا بلقب أشهر عازب في الوسط الفني وحتى وصل إلى الستين من عمره وذلك عندما تزوج من إحدى معجباته (جورجيت سبات)، وقام بإتمام إجراءات الزواج في فيلا صديقه فيلمون وهبي من دون علم أسرة الفتاة، والتي دخلت معه في صراع مرير أرغمته خلاله على تطليقها قبل أن تحكم المحكمة بصحة الزواج ويتم الصلح بينهم.
وأما في ما يتعلق بوفاته فبعد وفاته بأيام قليلة أعلنت الفنانة زمردة وكانت صديقة له سرًا يتعلق بحقيقة مرضه، حيث أكدت أنه لم يكن يعاني من مرض في المعدة كما أشاع ولكنه كان مريضًا بالقلب منذ عشر سنوات، وأنه تعمد إخفاء ذلك حتى عن أقرب الناس إليه حتى لا يتهرب منه المخرجون والمنتجون ويبعدوه عن أفلامهم، وأنها عرفت ذلك بالصدفة وذلك عندما أرسل معها بعض التقارير الطبية إلى الطبيب العالمي د. جيبسون والذي كان يشرف على علاج فريد الأطرش، وهو الذي أخبرها بحقيقة مرض عبد السلام النابلسي من دون أن يدري أن النابلسي يخفي ذلك، وعقب عودتها صارحته بما عرفت فبكى أمامها واستحلفها أن تحفظ هذا السر، وهو ما فعلته حتى وفاته في 5 تموز/ يوليو 1968 التي حدثت على أثر أزمة قلبية حادة.
ومن أشهر من قدموا دور المساعد للبطل الفنانة وداد حمدي، وهي الأكثر انتشارُا مقارنة بمعظم الفنانين نظرُا إلى مشاركتها في حوالي 600 فيلم، حيث بدأت حياتها الفنية كمغنية كورس، أشهر أدوارها كان دور الخادمة خفيفة الظل التي توصل الرسائل بين الحبيبين، وخاصة دور " بمبة" في فيلم " الزوجة 13" .
وتزوجت في حياتها ثلاث مرات كلها من فنانين، الأولى تزوجت من محمد الموجي والثانية تزوجت من محمد الطوخي والثالثة من صلاح قابيل.
وأثر زواجها عليها في الستينات حيث اعتزلت حتى استطاعت المطربة وردة ان تخرجها من عزلتها الفنية لتشاركها مسرحية "تمر حنة".
ودرست وداد حمدي سنتين في معهد التمثيل ليقدمها بركات في فيلم "هذا جناه أبي"، ثم عملت بدلاً من عقيلة راتب في مسرحية "شهرزاد وذلك" في الفرقة القومية المصرية.
وتلتها مسرحيات أخرى مثل مسرحية "عزيزة ويونس" من أشهر مسرحياتها "ام رتيبة" "20 فرخة وديك" "عشرة على باب الوزير" "لعبة اسمها الحب" "إنهم يقتلون الحمير" "الدنيا لما تضحك" "مين مبيحبش زوبة" ومن المسلسلات التي عملت بها مسلسل "غوايش".
وفي 26 آذار/ مارس 1994 توفيت غدرًا حيث قتلها الريجسير متى باسليوس طعنًا بالسكين طمعًا في مالها، وألقي القبض عليه وتم الحكم عليه في قضية استمرت أربع سنوات في نهايتها حكم عليه بالإعدام شنقًا ونفذ فيه.
وأيضًا هناك الفنانة الرائعة زينات صدقي واسمها الحقيقي زينب محمد سعد، التحقت بمعهد أنصار التمثيل والخيالة الذي قام الفنان زكي طليمات بتأسيسه في الإسكندرية، إلا أن والدها منعها من إكمال دراستها في المعهد.
وأحبت زينات العمل في الفن، ولكن رفض عمها لدخولها هذا المجال جعلها تترك الإسكندرية عقب وفاة والدها، لتنتقل مع والدتها للعمل كمطربة في كازينو بديعة مصابني، إلا أن بديعة اختارت لها الرقص إلى جانب تحية كاريوكا وسامية جمال.
فبدأت زينات صدقي مشوارها الفني كراقصة في ثلاثينات القرن العشرين، حتى شاهدها الفنان نجيب الريحاني ورشحها للعمل معه في الفرقة من خلال دور في مسرحية "الدنيا جرى فيها إيه"، ثم قدمت عددًا من الأدوار المسرحية منها "عاوزة أحب"و"الكورة مع بلبل".
واشتُهرت زينات صدقي في المسرح بدور الخادمة سليطة اللسان ثم نقلت هذه الشخصية إلى السينما، وكان أول أعمالها السينمائية فيلم "وراء الستار" العام 1937م، والذي قدمت بعده عدداً هائلاً من الأفلام حيث كانت تتمتع بخفة ظل غير عادية وقبول طاغٍ أكسبها لونًا خاصًا، فأصبحت أشهر عانس في تاريخ السينما المصرية، واشتهرت بعبارتها المأثورة "كتاكيتو بنى".
وفي نهاية الستينات بدأت زينات صدقي"في الاختفاء التدريجي ولم تظهر سوى في أعمال قليلة أشهرها فيلم "معبودة الجماهير" العام 1967م، بينما كان أخر أعمالها فيلم "بنت اسمها محمود" عام 1976م، وعقب فترة انقطاع تصل إلى 16 عامًا قضتها زينات في بيتها من دون عمل، وتوفيت يوم 2 آذار/ مارس 1978م، بعد أسبوع واحد من إصابتها بماء على الرئة.
وبلغ الرصيد الفني للفنانة زينات صدقي حوالي 150 فيلمًا، ومن أبرز أعمالها فيلم "معبودة الجماهير" و"حلاق السيدات" و"العتبة الخضراء" و"شارع الحب" و"إسماعيل يس في مستشفى المجانين" و"إسماعيل يس في الأسطول" و"أنت حبيبي" و"مدرسة البنات" و"أيامنا الحلوة" و"عفريتة إسماعيل يس" و"غزل البنات"، "الآنسة حنفي" و"ابن حميدو".
ونالت الراحلة زينات صدقي العديد من التكريمات عن مشوارها الفني، حيث كرمها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كما كرمها الرئيس الراحل أنور السادات في العيد الأول للفن العام 1976م.
ومن أشهر من قام بدور "سنيد" البطل الفنان توفيق الدقن، حيث عشق الفن منذ طفولته، وعلى الرغم من أنه كان يعمل أثناء دراسته في السكك الحديد في القاهرة لمساعدة أسرته، فقد حرص على صقل موهبته بالدراسة، حيث التحق بمعهد التمثيل من دون أن يخبر والده، الذي كان يريد أن يكون مثله رجلاً أزهريًا.
وتخرج الدقن في الدفعة الثانية من معهد التمثيل العام 1947 وكان من زملائه صلاح منصور وعبد المنعم مدبولي وسعد أردش وزهرة العلا، وعمل عقب تخرجه في المسرح الحر لمده سبع سنوات، قبل أن يعمل لعامين في فرقة إسماعيل ياسين، ثم التحق بالمسرح القومي وظل عضوا به حتى إحالته إلى التقاعد، وكان واحدًا من أبرز نجومه.
واشتُهر توفيق الدقن بأدوار الشر التي اختلطت بخفة الظل، ومنها اللص والبلطجي والسكير والمنافق، وهي الأدوار التي كان يخاف منها زملاؤه ويعتذرون عنها، وكان أجرأ من زملائه في قبول هذه الأدوار، وكان جميع المخرجين والمنتجين يعرفون عنه هذه الميزة، وهو صاحب المقولة الشهيرة "ليس هناك دور كبير وآخر صغير، ولكن هناك ممثل كبير وآخر صغير".
وعمل مع جميع المخرجين الكبار والكتاب، ومنهم نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وتوفيق الحكيم ويوسف السباعي وثروت أباظة ووضع الجميع ثقتهم فيه، وكون لفترة طويلة ثلاثيًا شهيرًا مع محمود المليجي وفريد شوقي أثمر عشرات الأفلام الناجحة.
وقدم الدقن خلال مشواره ما يقرب من 200 فيلم منها "درب المهابيل" و"ابن حميدو" و"عريس مراتي" و"سر طاقية الإخفاء" و"الناصر صلاح الدين" و"سعد اليتيم" الذي كان آخر أفلامه.
وشارك الدقن أيضًا في عدد من المسرحيات منها "عيلة الدوغري"، و"بداية ونهاية"، و"سكة السلامة" و"المحروسة"، و"الفرافير"، و"عفاريت مصر الجديدة"، كما شارك في بطولة العديد من المسلسلات الإذاعية والتليفزيونية، ومنها "سمارة"، و"المحروسة 85"، و"القط الأسود"، و"هارب من الأيام"، و"نور الاسلام"، و"مارد الجبل"، و"احلام الفتى الطائر".
توفيق الدقن حصل على العديد من الأوسمة وشهادات التقدير، منها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1956، والاستحقاق والجدارة في عيد الفن العام 1978، ودروع وجوائز أخرى من المسرح القومي، واتحاد الإذاعة والتليفزيون، وجمعية كتاب ونقاد السينما، وجمعية الفيلم، كما حصل على جوائز عن أدواره في عدد من الأفلام، ومنها "في بيتنا رجل"، و"الشيماء"، و"صراع في المينا"، و"القاهرة 30"، و"ليل وقضبان".
وتُوفي الدقن في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 1988 بعدما عانى لفترة من إصابته بالفشل الكلوي.
ومن أشهر من قاموا بدور مساعد للبطل الفنان الراحل حسن فايق، فنان بسيط ذو أداء متميز، تمكن بصلعته، وضحكته الشهيرة من اقتحام قلوب المشاهدين، ونجح في ترك بصمة مميزة ومختلفة في السينما المصرية.
وبدأ حياته الفنية في عمر 16 عامًا، وكون مع يوسف وهبي و حسين رياض جمعية "الاتحاد" التمثيلية، وقدموا بعض المسرحيات التاريخية بعضها من تأليف حسن فايق نفسه، ثم اشترك مع عزيز عيد ونجيب الريحاني في فرقة الهواة، وعندما توقف نشاط الفرقة بعد ثلاثة أسابيع من تكوينها انضم إلى فرقة سلامة حجازي، و اشترك في مسرحية "أنيس الجليس" التي ضحك فيها ضحكته الشهيرة للمرة الأولى.
ومن المسرح، أنطلق حسن فايق لعالم المونولوج العام 1919، وعمل كمنولوجست في الإذاعة، وعندما قامت ثورة 1919 ركز جهوده في تأليف المنولوجات والأزجال الحماسية التي تثير حماس الجماهير وكان من المقربين للزعيم الراحل سعد زغلول.
وعمل الممثل الراحل في معظم الفرق المسرحية الشهيرة في ذلك الوقت، من فرقة يوسف وهبي، والفرقة القومية التي كان يتولاها زكى طليمات، وانتقل بعدها لفرقة نجيب الريحانى، ومنها لفرقة إسماعيل يس، واشترك في مسرح الدولة من خلال العمل في فرقة التليفزيون.
وزاد عملُ حسن فايق المسرحي من خبرته، وتمكنه من أدواته كممثل، ليبدأ بعدها مسيرته السينمائية في عام 1938، والتي حفر من خلالها مكانة مرموقة في ذاكرة المشاهد، إذ بلغ عدد الأفلام التي شارك فيها حوالي 412 فيلمًا أشهرها "سكر هانم- لعبة الست – أمسك حرامي- شارع الحب".
وعلى الرغم من أن معظم أدواره في السينما كانت دور ثاني، أو "سنيد" للبطل، إلا أنه تمكن من أدواره البسيطة، وخفة دمه، وضحكته الشقية في خلق مساحة منفردة ذات طبيعة مختلفة على الشاشة، حتى توفى في 14 أيلول/ سبتمبر العام 1980.
وهناك أيضًا الفنانة العظيمة ماري منيبـ حيث كانت خفة ظلها سببًا قويًا في بدء حياتها الفنية مبكرًا، فبدأتها في الثلاثينات, حيث اشتغلت في المسرح مع فرقة "فؤاد الجزايرلى" وبعدها فرقة "علي الكسار" ثم فرق "أمين عطا لله" و "بشارة واكيم" و "محمد بيومي" وفرقة مسرح "رمسيس" إلى أن استقرت فى فرقة "نجيب الريحاني" حتى وفاته العام 1949, ثم أدارت الفرقة من بعده مع "بديع خيري" و "عادل خيري", ومن أهم أعمالها على المسرح "إلا خمسة" و "30 يوم فى السجن" و "أم رتيبة" و "الستات ميعرفوش يكدبوا" و "لو كنت حليوة" وغيرها, كما قدمت للسينما العديد من الأفلام كان أولها فيلم "ابن الشعب" سنة 1934, وكان أخرها فيلم "لصوص لكن ظرفاء" مع الفنان عادل إمام والفنان أحمد مظهر سنة 1969, وخلال تلك الفترة قدمت العديد من الأفلام المعروفة منها "حماتي ملاك" و "كدبة أبريل" و "الحموات الفاتنات" و "شباك حبيبي" و "خد الجميل" وغيرها.
وتزوجت من محامٍ يدعى فهمي عبد السلام وظلت محتفظة باسمها من زوجها الأول فوزي منيب، واشتُهرت بأدوار الحماة التي تحاول التدخل بين ابنتها وزوجها فتفسد الأشياء ثم تنسحب عن حياتهما.
ورغم تنوع أدورها على الشاشة فإن دور الحماة قد غلب على مجموع أعمالها، حفيدها هو المطرب عامر منيب، أشهرت ماري منيب إسلامها قبل وفاتها بسنوات عدة، وتوفيت في القاهرة في 21 كانون الثاني/ يناير 1969.
ومن اشهر الفنانين أيضًا الذين قاموا بدور صديق البطل هو الفنان استيفان روستي، فأثناء دراسته ظهرت موهبة التمثيل لديه، وكان عشقه للفن سببًا في فصله من المدرسة، فتقدم إلى مصلحة البريد ليعمل بوسطجيًا وتم قبوله واستلم عمله، وقبل مضى ثمانية أيام على تعيينه جاء إلى مصلحة البريد تقرير من المدرسة الثانوية بأن استيفان يعمل ممثلاً وقت أن كانت النظرة إلى التمثيل والفن محرمة لدى البعض، ويعتبرها الناس من الأمور المعيبة، فما كان من مصلحة البريد إلا أن طردته، وعندما وجد استيفان نفسه بلا عمل وما يحصل عليه من التمثيل لا يكفيه هو ووالدته قرر السفر إلى إيطاليا بحثًا عن عمل ولدراسة التمثيل هناك.
وفي إيطاليا أتاحت له الظروف أن يعمل مترجمًا، ومن خلال عمله التقى كبار النجوم هناك وكان يتردد على المسرح الإيطالي، وأتيحت له فرصة ممارسة السينما عمليًا هناك، فعمل ممثلاً ومساعدًا في الإخراج ومستشارًا فنيًا لشؤون وعادات وتقاليد الشرق العربي للشركات السينمائية الإيطالية التي تنتج أفلامًا عن الشرق والمغرب العربي، بعد ذلك سافر استيفان إلى فرنسا وعمل في السينما هناك، ومن باريس سافر إلى فيينا ليشارك في إحدى الروايات المسرحية.
وفي العام 1924 عاد استيفان إلى مصر، وأمام صعوبات الحياة تزوجت أمه في ما بعد من أحد الإيطاليين، فبدأت متاعب استيفان تتزايد فقرر أن يهجر البيت واتجه إلى العمل المسرحي، ليعمل في فرقة عزيز عيد بعد أن فوجئ عيد بأن استيفان يجيد الفرنسية والإيطالية بطلاقة.
وبعد أن انفضت فرقة عزيز عيد انضم الممثل النابغة بعدها إلى فرقة نجيب الريحاني، ثم عمل بعد ذلك في فرقة يوسف وهبي ووصل إلى القمة، كما قام بتعريب العديد من الروايات لفرقة يوسف وهبي والتي حققت نجاحًا كبيرًا في ذلك الوقت.
وعمل استيفان روستي بعد ذلك في الإخراج، وكانت باكورة أعماله في مصر فيلم "ليلى"، الذي عرض في سينما متروبول في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر العام 1927 في حفل حضره حشد كبير من الفنانين والصحافيين، ولاقى الفيلم نجاحًا كبيرًا ليكون أول فيلم روائي مصري مائة في المائة في إنتاجه وتأليفه وإخراجه وتمثيله، وبعد هذا الفيلم سارت عجلة السينما في مصر إلى الآن.
وقدَّم استيفان روستى طوال مشواره الفني حوالي 380 فيلمًا سينمائيًا من تمثيل وإخراج وتأليف، استطاع فيها أن يقدم أداءً تمثيليًا فريدًا من نوعه، لم يقلد فيه أحدًا، ولم يتمكن أحد من تقليده.
وفي العام 1964 انطلقت إشاعة وفاته بينما كان يزور أحد أقاربه في الإسكندرية، وأقامت نقابة الممثلين حفل تأبين بعد أن صدقت الإشاعة، وفي منتصف الحفل جاء استيفان روستي إلى مقر النقابة ليسود الذعر الحاضرين، وانطلقت ماري منيب ونجوى سالم وسعاد حسين في إطلاق الزغاريد فرحًا بوجوده على قيد الحياة.
ولكن لم تمر إلا أسابيع قليلة، حتى رحل استيفان فعليًا، وهو لا يملك سوى 7 جنيهات بعد رحلة كفاح قدم فيها الكثير.
وهناك أيضًا الفنانة الكبيرة زوزو نبيل واسمها الحقيقى عزيزة إمام حسين، ظهرت علامات الموهبة التمثيلية عليها وهي صغيرة السن ، فتركت المدرسة وهي فرقة مختار عثمان، وعملت في المسرح والسينما، ثم انضمت الى فرقه مسرح رمسيس، وعُرفت بصوتها الرخيم الجميل، فبرزت في الإذاعة واشتُهرت مع المخرج محمد محمود شعبان في مسلسل " ألف ليلة وليلة".
من مسرحياتها "الدكتور يويو"، وفي التليفزيون قدمت "هارب من الأيام" ، "عائلة شلش" ، " عظمة يا ست " ، ومن آخر أعمالها "حكايات ماما زوزو" في إذاعة الشباب والرياضة تزوجت مرتين، وأنجبت من الزيجة الأولى وحيدها نبيل الذي استُشهد في "حرب أكتوبر"، وحصلت على العديد من الجوائز منها الجائزة التقديرية لجمعية كتاب ونقاد السينما العام 1978، وتم تكريمها في مهرجان الإسكندرية 1995، استطاعت أن تتقمص الشخصيات التي تجسدها، فتكسبها صدقًا ، توحًشا عندما تكون الشخصية شريرة مثلما في " زمن العجايب " ، " وسجن العذارى " ، أو طيبة عميقة في " الهروب " ويمكن مشاهدتها في دور صغير بالغ الأهمية في " بين القصرين ".
وكانت الفنانة الكبيرة تقول: إن الفنان الحقيقي لا يعتزل إلا عندما يموت، ورفضت الاعتزال حتى عندما تقدم بها العمر، وعندما انتشرت شائعة اعتزالها التمثيل في العام 1989 وذلك لبلوغها سن الخامسة والسبعين قالت "أنا الآن في الخامسة والسبعين والتمثيل يجعلني على الأقل أصغر بعشر سنوات، وأذا اعتزلت التمثيل سأكبر عشر سنوات، فأكيد سأختار ان أصبح في الخامسة والستين بدلاً من الخامسة والثمانين"
وكان آخر أفلامها هو الفيلم الكوميدي "يا تحب يا تقب" مع أحمد آدم وفاروق الفيشاوي ومريم فخر الدين، وذلك في منتصف التسعينات.