مواطنون سوريون ينتظرون دورهم لملئ اسطوانات الغاز
دمشق ـ جورج الشامي
تحول نقص أسطوانات "الغاز" وارتفاع ثمنها بشكل مبالغ فيه أزمة خانقة في العاصمة السورية، بعد وصول الاشتباكات إلى المنطقة الصناعية في عدرا في ريف دمشق والتي تحوي أكبر مصنع لتعبئة أسطوانات الغاز في البلاد. ويزيد من تفاقم الأزمة، أن معظم متطلبات الحياة من "البنزين،
والمازوت، والكهرباء، والخبز"، تعرض قطاع الغاز إلى مشكلات عدة، تزامنًا مع الأزمة السورية المستمرة منذ ما يزيد عن 22 شهرًا، بداية من غلاء الثمن، وانتهاءً بصعوبة تأمين الأسطوانات، وتحول تأمين أسطوانة غاز مثل"ربطة الخبز، وليتر المازوت" إلى حلم بالنسبة للمواطن العادي، إذ غابت الأسطوانات عن معظم الأسواق الحكومية، في حين تصاعد ثمنها من 500 ليرة سورية "السعر الحكومي" بشكل تدريجي، ليصل الى 750 في البداية، ومن ثم إلى 1000، و1500، و2000، وأخيرًا 2500 ليرة سورية في السوق السوداء، أي ما يعادل 5 أضعاف سعرها الحقيقي.
وفي ظل هذه المعطيات تكيف السوريون مع الوضع، وانقسموا إلى جزأين، الأول القادر على دفع هذه الأرقام وشراء أسطوانات الغاز من السوق السوداء "وهم قلة"، والثاني غير قادر على دفع ثمن أسطوانات الغاز "وهم الأكثرية"، وهذا القسم من المواطنين لجأ إلى وسائل بديلة، من استخدام الكهرباء "حين وجودها"، إلى استخدام الحطب للطبخ.
وأخيرًا اتخذت أزمة الغاز منحىً جديدًا، مع وصول الاشتباكات إلى محيط معمل تعبئة الغاز في عدرا في ريف دمشق في الأيام القليلة الماضية، لينقطع إمداد الغاز بشكل كامل، وليصل سعر الأسطوانة في سوق السوداء "إن وجدت" بين 5 و7 آلاف ليرة سورية، وهذا ما أدى إلى إغلاق عدد كبير من مطاعم دمشق أبوابها، وينقل لنا عدد من أصحاب المطاعم في منطقة "باب توما" الشهيرة، أنهم "حاولوا على مدى اليومين الماضيين تأمين أسطوانات الغاز لاستمرار عملهم، ولكن معظم محاولاتهم باءت بالفشل، وكان بعضهم مستعدًا لدفع أي مبلغ، ولكن توقف نقل الأسطوانات من عدرا إلى دمشق، حال دون حصولهم عليها"، ويؤكد بعضهم أن "مع عدم وجود أسطوانات الغاز، من الصعب الاستمرار في العمل، فكل ما يمكن تقديمه يعد على الغاز من طعام وشراب".
ومن أكثر المطاعم التي تأثرت بالأزمة، تلك التي تعتمد على التوصيل المنزلي والأكل السريع (الفاست فود)، والتي لا يمكن أن تقدم معظم أطباقها من دون الغاز، وهذا ما دفع بعضها إلى إغلاق أبوابه بشكل كامل، وبعضها الآخر للإبقاء على الأطباق التي تعتمد على الكهرباء، وتستخدم (المقالي)، واستبعدا تلك التي تعتمد على الغاز، وحتى هؤلاء يعانون من مشاكل انقطاع الكهرباء، وصعوبة تأمين المازوت أو البنزين للمولدات وغلاء سعره".
فيما أعلنت الجهات الحكومية أن "عناصر من العصابات المسلحة قد استولت على مصنع تعبئة الغاز في عدرا"، ولكنها عادت وأعلنت أن "الجيش السوري أعاد سيطرته على المنطقة بشكل كامل، وبأن اسطوانات (الغاز) ستتوارد إلى دمشق بشكل مباشر"، وقالت إن "محافظ ريف دمشق، حسين مخلوف قام بتفقد وحدة تعبئة الغاز في مدينة عدرا، واطلع على حجم الأضرار التي تعرضت لها الوحدة نتيجة استهدافها من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة، فيما قال مدير فرع تعبئة الغاز في عدرا، مصطفى مطر إن "الأضرار التي لحقت بالأنابيب ترجع نتيجة الشظايا التي تعرضت لها، ما تسبب بتسرب الغاز وتضرر صهريج لنقل الغاز بسعة 5 أطنان"، في حين أعلن مدير الفرع أن "الإجراءات المتخذة لإعادة تشغيل المعمل الأربعاء بنسبة 50 % من إجمالي الطاقة على أن يعود الإنتاج بنسبة 100 % الخميس، ولكن الأزمة استمرت الأربعاء على الرغم من التاكيد بأن المعمل سيعاود إنتاجيته بنسبة (50)% ولم توجد أسطوانات الغاز في الأسواق السورية". ومن المتوقع أن تستمر في الأيام المقبلة في هذه الوتيرة، قبل أن تعود إلى وضعها العادي (المتأزم) أصلًا".
في المقابل اتهم لواء الإسلام الموجود في منطقة عدرا "النظام السوري بافتعال الأزمة"، وقال مساء الأربعاء في بيان أصدره "تفنيدًا لما يشيعه النظام، فإننا نبين لكل أهالينا في دمشق وريفها أن العمليات العسكرية لقوات لواء الإسلام في منطقة عدرا، لم تستهدف مصنع تعبئة أسطوانات الغاز في المنطقة، وتجنبت قواتنا الاشتباك مع قوات الجيش السوري المجرم المتمركزة في المصنع مع حرص هذه العناصر على استغلال موقف قيادة لواء الإسلام لإطلاق النار بغزارة من قلب الدشم الموجودة في المصنع على قوات لواء الإسلام الموجودة في المنطقة، وعلى السيارات المدنية، وسيارات الغاز في المنطقة ذاتها". وأضاف "أننا نحمل النظام، المسؤولية الكاملة عن إمداد الغاز وإيقاف المعمل عن التعبئة, فالنظام هو الذي يفتعل هذه الأزمة للإيقاع بين المجاهدين والأهالي الأكارم، لكي يحملوا الأهالي على كراهيتنا". واضاف "إننا نعد أهالينا الأفاضل ببذل كل ما في وسعنا لرعاية مصالحهم وحمايتها، ورسالة إلى كل أهالينا على أرض بلادنا الطاهرة, أن كل ما يكون فيه مصلحة للإخوة الكرام تخص حياتهم اليومية، فإننا حريصون كل الحرص على سلامتها ".