دبي - العرب اليوم
تتشارك دول العالم في سباق عالمي لا يتوقف لبناء مطارات جديدة أو توسيع المطارات الموجودة لديها بالفعل، وتقف منطقة الخليج في مقدمة المرشحين للفوز بهذا السباق، باستثمارات إجمالية تصل إلى حوالي 40 مليار دولار من إجمالي 65 مليار دولار رصدتها دول الشرق الأوسط لتطوير مطاراتها، في حين يصل
إجمالي الأاموال التي رصدتها دول آسيا إلى 115 مليار دولار.
وسيتم تسليط الضوء على هذا الموضوع الإستراتيجي خلال الكلمات والمداخلات التي سيلقيها كبار القيادات في صناعة المطارات الدولية في الدورة الثانية لمنتدى قادة المطارات العالمية 2014، الذي تستضيفه دبي في الفترة من 12 إلى 13 أيار/ مايو المقبل، على هامش معرض المطارات الذي يقام في مركز دبي التجاري العالمي في الفترة بين 11 و 13 من الشهر ذاته، تحت رعاية رئيس هيئة دبي للطيران المدني رئيس مطارات دبي الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات الشيخ احمد بن سعيد ال مكتوم.
وتساهم التغييرات المتلاحقة في ديناميكيات السفر في حدوث طلب هائل على السفر في مختلف انحاء العالم، حيث كلما زاد الطلب زادت الحاجة إلى مزيد من الاستثمارات لتطوير شبكة البنية التحتية في قطاع الطيران بصفة عامة وفي المطارات بصفة خاصة.
وأعلنت المدير العام لمجلس المطارات العالمي إنجيلا جيتنز أن المطارات بطبيعتها نشاط يعتمد على رأس المال الكثيف، ويتوقف عملها على وجود نشاط اقتصادي قوي، مشيرة إلى أنه يتعين مواصلة الاستثمار في المطارات حتى في أوقات الركود الاقتصادي، حتى تتمكن المطارات من مواكبة الزيادة عندما تتحسن الاوضاع الاقتصادية في المستقبل.
وأوضحت مؤسسة "برايس واتر هاوس كوبر" وهي واحدة من كبريات الشركات الاستشارية في العالم أن معدل السفر يتأثر بمجموعة من العوامل المتداخلة مثل الاوضاع الاقتصادية والتغييرات السكانية ومستوى نضوج السوق ودرجة المنافسة والطبيعة الجغرافية.
وتشير المؤسسة إلى أن المطارات فئة خاصة من الاصول لأنها تفتح الابواب امام فرص النمو المحتملة بعكس بقية الاصول الاخرى التقليدية في حقيبة البنية التحتية، حسب ما ذكرت "وام".
وتخوض جميع دول العالم تقريًبا غمار سباق عالمي لبناء مطارات جديدة أو لتوسيع المطارات الموجودة لديها بالفعل، من أجل استيعاب الزيادة الهائلة في اعداد المسافرين والنمو الكبير في حجم اساطيل شركات الطيران، وتلبية المتطلبات الخاصة للأجيال الجديدة من الطائرات العملاقة مثل "ايرباص ايه 380" و"بوينغ دريملاينر 787" بتكلفة تقدر بحوالي 385 مليار دولار.
ونوّه مدير معرض المطارات ومنتدى قادة المطارات العالمي دانيال قريشي إلى أن توسعات المطارات نقطة تركيز رئيسية لصناعة الطيران في مختلف انحاء العالم، وبصفة خاصة في منطقة الشرق الاوسط ومنطقة اسيا الباسيفيك، والجميع يدركون الآن الأهمية القصوى للاستثمار في المطارات، نتيجة الزيادة الهائلة في اعداد المسافرين خلال العقد المقبل.
وأوضح الاتحاد الدولي للنقل الجوي ان اعداد المسافرين على مستوى العالم سترتفع مع حلول العام 2017 إلى 91ر3 مليارات مسافر، من بينهم 292 مليون مسافر على الرحلات الدولية، وحوالي 638 مليون مسافر على الرحلات المحلية.
وتتصدر منطقة الشرق الاوسط قائمة اسرع مناطق العالم نموًا في أعداد المسافرين، حيث ستنمو اعداد المسافرين خلال السنوات الثلاث المقبلة وصولاً للعام 2017 بنسبة نمو سنوية متوسطة 3ر6 في المائة، تليها منطقة آسيا الباسيفيك بنسبة نمو 7ر5 في المائة، ثم أفريقيا بنسبة 3ر5 في المائة، وأميركا اللاتينية بنسبة 5ر4 في المائة.
وبالتوازي مع الزيادة الهائلة في اعداد المسافرين على مستوى العالم تشهد صناعة الطيران العالمية اكبر طفرة في حجم صفقات شراء الطائرات على مدار تاريخ صناعة الطيران المدني، حيث تبلغ عدد الطائرات التي تعاقدت على بيعها كل من شركتي "بوينغ" و"ايرباص" خلال السنوات الخمس الماضية حوالي ثمانية الاف و 200 طائرة، وبحسبة بسيطة فان خطوط الانتاج لدى عملاقي صناعة الطائرات الأوروبي والأميركي تنتج 24 طائرة اسبوعيًا في المتوسط، وقد جسدت الدورة الاخيرة من معرض دبي للطيران هذه الحقيقة، حيث بلغ اجمالي قيمة الصفقات المعلن عنها لشراء الطائرات أكثر من 221 مليار دولار، وهي الأعلى في تاريخ صناعة الطيران.
ولا تستطيع المطارات أن تتخلف عن هذا السباق العالمي وتقف مكتوفة الايدي أمام الطوفان في حركة الركاب والطائرات، وليس امامها من حل في المستقبل القريب سوى مواصلة مشاريع التطوير والتحديث وبناء مطارات جديدة، لاستيعاب النمو المتوقع في حجم الركاب وحركة الطائرات.
وقدَّر مركز "آسيا الباسيفيك" لأبحاث الطيران أن حجم الاستثمارات العالمية الحالية في مشاريع تطوير المطارات يبلغ حوالي 385 مليار دولار تستحوذ القارة الآسيوية على 115 مليار دولار من بينها، وتعتزم الصين وحدها إقامة 690 مطارًا إقليميًا من الآن وحتى العام 2015، لتضاف إلى حقيبة مطاراتها التي تضم 193 مطارًا.
ولا يختلف الوضع كثيرا في منطقة الشرق الاوسط التي تخوض سباق مطارات محموم وبصفة خاصة في منطقة الخليج العربي نتيجة للطفرة الهائلة للتوسع الدولي لشركات الطيران الخليجية التي غيرت من قواعد اللعبة في صناعة الطيران العالمية سواء فيما يتعلق بالمسافرين او الشحن.
وحسَب تقرير حديث للاتحاد الدولي للنقل الجوي فإن الشرق الاوسط يمثل النموذج الاكثر إشراقا للنجاح في صناعة الطيران، حيث يبلغ حجم مشاريع تطوير المطارات التي تنفذها الحكومات بعيدة النظر في دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من 40 مليار دولار.
ومن بين جميع المدن الخليجية تمثل دبي حالة خاصة في ضخامة الاستثمارات في قطاع الطيران والبني التحتية المرتبطة به، حيث تصل قيمة الاستثمارات الإجمالية في مشروع "دبي ورلد سنترال" عند اكتمال جميع مراحله إلى أكثر من 34 مليار دولار.
ويتضمن المشروع بناء خمسة مدرجات حديثة في مطار ال مكتوم الدولي الذي من المقدر ان تصل طاقته الاستيعابية إلى نحو 160 مليون مسافر سنويا.
وتخوض أبوظبي أيضًا سباقًا مع الزمن لتوسيع الطاقة الاستيعابية لمطاراتها التي من المتوقع أن تشهد زيادة كبيرة مع افتتاح مبنى الركاب الجديد في 2017، والمشيد على مساحة 700 ألف متر مربع، وستمكّن التوسعة التي تُعد محورًا رئيسيًا من محاور الخطة الاستراتيجية لأبوظبي لتطوير البنية التحتية، ستمكن المطار من استيعاب 27 مليون مسافر سنويًا.
ويَستعد مطار الشارقة لتنفيذ الخطة الرئيسية للعام 2030 لاستيعاب الزيادة في الطلب على السفر، التي خلقها اطلاق شركة طيران "العربية"، التي تعد أول شركة للطيران الاقتصادي في المنطقة، والتي قامت في العام 2012 بنقل حوالي 5ر7 ملايين مسافر من مطار الشارقة، بزيادة نسبتها 6ر13 في المائة عن عدد المسافرين في العام الأسبق.
ورصَدَت سلطنة عمان مبلغ 1ر6 مليارات دولار لتنفيذ مشاريع تطوير وتحديث مطاراتها، ومن بينها مشاريع لتطوير مباني المسافرين في مطار مسقط وصلالة الدوليين، واستكمال اربعة مطارات إقليمية في كل من صحار وراس الحد ودوقم وادام، وتستحوذ مشاريع التطوير في مسقط وصلالة على نسبة 92 في المائة من اجمالي الاستثمارات المرصودة، فيما تستحوذ المطارات الاقليمية الاربعة على النسبة الباقية.
ومن المتوقع ان يبدأ مطار مسقط الدولي الجديد التشغيل بكامل عملياته في نهاية العام 2014 ويستوعب المطار حاليًا 8 ملايين مسافر سنويًا، ويحقق نسبة نمو 16 في المائة في المتوسط، أما مطار صلالة الدولي فقد صُمم ليستوعب 12 مليون مسافر سنويًا، ويمكن رفع طاقته الاستيعابية إلى 48 مليون مسافر إذا دعت الضرورة لذلك، وقد حقق مطار صلالة نموًا متواصلاً خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تجاوز عدد المسافرين حاجز الـ 700 ألف مسافر في العام 2013، وتضيف توسعة المطارات الإقليمية الأربعة 2 مليون مسافر سنويًا إلى إجمالي الطاقة الاستيعابية للمطارات العمانية عند اكتمالها.