بنغازي ـ مصطفى سالم
كشف مصدر مقرَّب من شيخ قبيلة المغاربة (صالح سالم الأطيوش) أنه وآخرون من أفراد القبيلة يبذلون مساعيَ حثيثة منذ أيَّام لحلّ أزمة الموانئ النّفطيَّة بالطُّرق السّلميّة بعد مفاوضات قاموا بها مع كلّ أطراف الأزمة . وأكَّد المصدر ، الذي فضَّل عدم ذكر اسمه، لـ"العرب اليوم" أنّ الأطيوش دعا كلّ أفراد قبيلته لاجتماع كبير سيكون
في العاشر من ديسمبر/ كانون الأوّل الجاري في منطقة السّدرة - التي يقع فيها أحد موانئ تصدير النّفط الرّئيسيّة وأكبرها، وتبعد حوالي 600 كم عن طرابلس - لتدارس الموقف وبلورة رأي يقود إلى فتح الموانئ في هلال النّفط . وأوضح الأطيوش - بحسب المصدر- أن غلق موانئ النّفط كان بسبب الشّبهات التي تحوم حول بيع النّفط من دون عدّادات، وأنّنا بهذا الغلق أوضحنا للشّعب اللّيبيّ صورة ما يحدث في هلال النّفط، ووضعنا الغيورين على الأمّة اللّيبيّة أمام مسئوليّاتهم، لوقف هدر أموال اللّيبيّين بطرق غير مشروعة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن موانئ النّفط مؤتمن عليها من قِبل أبناء المنطقة. وذكر أنّ منطقة السّدرة ناضلت بأبنائها وأرضها وأموالها في حرب التّحرير، على الرّغم من عدم دفع التّعويض حتى الآن لسكّان المنطقة، جرّاء ما لحق بمساكنهم وقراهم من تدمير وخراب، حيث كانت المنطقة مسرحًا للأحداث أثناء الحرب، ولم تحظ بأدنى اهتمام من الحكومات المتعاقبة والتي وزّعت المناصب والوزارات وحتى الميزانيّات على المدن التي تزعجهم في دوائر صنع القرار هناك، بحسب تعبيره . وأوضح المصدر أن أبناء المنطقة لم يلتفتوا لهذا النّكران والإبعاد المتعمّد من مؤسّسات الدولة، وأكملوا المسيرة بعد انتصار الثّورة من خلال رباطهم في حراسة الموانئ النّفطيّة من النّهب والخراب، وهذا ما تؤكّده حتى تقارير السّلطات المعنيّة في قطاع النّفط . وأوضح المصدر نفسه أن رئيس الحكومة الليبيّة المؤقّتة "علي زيدان" أجرى اتصالًا هاتفيًّا بالسّيِّد الأطيوش وبارك الجهود التي تقودها القبيلة، مُبدياً تعاونه التامّ لحلّ الأزمة وتذليله لكلّ العراقيل التي تَحُول دون أن تُفضي هذه الجهود لحلّ الموانئ النّفطية . يُشار إلى أن قبيلة المغاربة التي يتزعَّمها صالح سالم الأطيوش تنتشر على طول هلال النّفط الممتدّ من شرقيّ إجدابيا إلى الوادي الأحمر غربيّ النّوفلية حيث كانت تدور أمّ المعارك إبّان حرب التّحرير . الجدير بالذكر أن أعيان ومشايخ من أغلب المناطق النّفطية يعقدون اجتماعًا في مدينة طبرق - أقصى الشرق الليبيّ – للوصول لحل لمشكلة توقف النّفط . من جهته، أعرب رئيس الحكومة المؤقَّتة "علي زيدان" عن أمله في أن تسفر الإجراءات التي تجري الآن في مدينة طبرق من قبل الجميع إلى حلّ للقضيّة دون إراقة دماء والدّخول في مواجهات . وأكَّد زيدان في المؤتمر الصحافيّ الذي عقده عشيّة، اليوم الخميس، أنه إذا لم يتمّ ذلك فالحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي إلى الأبد، ولن تنتظر أكثر مما انتظرت ونحن نقدِّر إلحاح وعجلة الرأي العامّ والشّعب من أجل حلّ هذا الموضوع، ولكن كثيرًا من الأشياء لن تكون إلّا بوقتها وبمقتضياتها وبترتيباتها وتهيئة الظّروف إليها . وأشار زيدان في هذا السّياق إلى تصريح السّيد نائب محافظ البنك المركزيّ بأن ليبيا أنفقت 7 مليارات من احتياطيّ النّقد الأجنبيّ، وستضطر لإنفاق 6 مليارات أخرى، كي يتّضح للنّاس أن الذين أقفلوا النّفط والذين لا يزالون يقفلونه حتى الآن رغم الجهود والوساطات التي جرت وتجرى من قبل الوفود والأشخاص لحلّ هذا الأمر الخطير ما سبّبه من أضرار جسيمة للاقتصاد الوطنيّ. وأكَّد أن الدّولة إذا اضطرت إلى فعل أيّ شيء فلن تكترث بأيّ أقوال، لأنها صبرت وانتظرت؛ حفاظًا على دماء الليبيّين، ولكن هذا الانتظار لم يجد آذانًا صاغية. وشدّد على "أنّنا نرفض ما تحاول أن تفرضه أيّ فئة لأسباب سياسيّة أو فئويّة أو اثنيّة، وهذا الأمر قد يكون ضارًّا بالجميع على المدى البعيد" . وحذَّر رئيس الحكومة كلّ من يحارب الليبيّين في قُوتِهم، وفي مَعاشهم، وفي مصدر دخلهم، ناصحًا الجميع بأن يجنحوا للتَّفاهم وللحلول العقلانيَّة، وللطُّرق السليمة للوصول لأهدافنا من خلال الحوار والتّفاهم. وذكر أنّ الحكومة لم تتفاوض مع أحد من المجموعات الخارجة عن القانون، أو مع أيّ فئة من الفئات التي تحتل النّفط، ولم تتّصل بها، نافيًا ما يتردَّد من إشاعات حول لقاء رئيس الحكومة مع أيّ جهة من الجهات، وأكَّد بأنها إشاعات كاذبة. وأضاف أنه إذا كان هناك أناس أبدوا مبادرات فإنما كان ذلك بصفتهم الشخصيّة، وأشار إلى أن هناك من اتصل به وأبدى بعض الملاحظات الإيجابيّة، وأنه وعدهم فعلًا بتلبية الحقوق أو المتطلبات التي تمثّل حقوق الناس . وفي السياق ذاته، ذكر وزير النّفط الليبيّ عبد الباري العروسي، اليوم الأربعاء، أنّ ليبيا تأمل في إعادة فتح كل مرافئها النّفطية في العاشر من ديسمبر الجاري، واستئناف الإنتاج بالكامل بعد ذلك بأسبوع. وأبلغ العروسي الصحفيِّين، في اجتماع لمنظمة أوبك، أنه "متفائل" بالضّغط على المحتجّين المسلّحين لإقناعهم بالسّماح باستئناف الإنتاج قائلًا: إن ذلك سيؤدِّي إلى عودة إنتاج النّفط إلى 1.5 مليون برميل يوميًّا. وذكر أنه في مطلع هذا الأسبوع، طالب الجيش الليبيّ أفراد الميليشيات والمحتجّين بإنهاء احتلالهم لحقول النّفط والمرافئ للسّماح باستئناف تصدير الخام، ولم يذكر العروسي أيّ تفاصيل ولم يوضّح ردّ المحتجّين على نداءات الجيش.
يذكر أنّ إنتاج النّفط اللِّيبيّ قد هبط إلى نحو 225 ألف برميل يوميًّا، بسبب الإضرابات في المرافئ والحقول الرئيسيّة.وتعيش ليبيا حالة من الاضطراب وتواجه حكومة رئيس الوزراء علي زيدان صعوبات في السّيطرة على عشرات الميليشيات التي شاركت في الإطاحة بمعمّر القذّافي قبل عامين، والتى ترفض تسليم أسلحتها.