الكويت ـ كونا
أكد المشاركون في الجلسة الأولى للمنتدى الاقتصادي العربي - الأفريقي الذي انطلقت أعماله الإثنين أهمية الاستثمار في قارة أفريقيا الذي يعد واعدا، لاسيما للدول العربية بسبب وجود عوامل مشتركة بين الجانبين. وشدد المشاركون على ضرورة فتح آفاق الاستثمار أمام الدول العربية في قارة أفريقيا واطلاع الجهات المعنية بالاستثمار من القطاعين العام والخاص على الفرص الواعدة والمشروعات التي تتطلب استثمارات كبيرة، إضافة إلى القوانين
المشجعة على الاستثمار والمعززة له.
من جهته، دعا رئيس مجلس إدارة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي المدير العام عبداللطيف الحمد في الجلسة الأولى للمنتدى بعنوان (دور المؤسسات العربية في دعم التنمية في أفريقيا) إلى البحث عن المجالات الواعدة للتعاون في الاستثمارات والإنتاج والتجارة بين الدول العربية والأفريقية.
وقال الحمد إن هذ المنتدى يعقد في وقت تشهد فيه كثير من الدول العربية والأفريقية تغيرات مهمة في أنظمتها السياسية وعلاقتها الدولية.
ورأى أن هذه التغيرات ستؤثر على استراتيجيتها التنموية التي ستضطر العرب والافارقة على حد سواء إلى إعادة النظر في علاقات التعاون ومراجعة الأهداف التمويلية والخطط والمشروعات، فضلا عن التعرف على الأولويات الجديدة التي تستجيب للظروف المتغيرة والحقائق الجديدة في المنطقتين.
وأضاف أنه خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي وفي أعقاب استعادة الدول العربية لاستقلالها وثرواتها قامت المؤسسات الوطنية والإقليمية التنموية بما فيها بنك التنمية الإسلامي وصندوق أوبك للتنمية الدولية (أوفيد) بالجانب الأعظم بالمساهمة في رأس المال.
وأوضح أن ذلك مكَّن هذه المؤسسات بدءا من العام 1973 من المساهمة في تطوير خطة التنمية في مناطق مختلفة من العالم، لا سيما في أفريقيا.
وقال إنه خلال الفترة بين عامي 1973 و2012 ساهمت المؤسسات الوطنية والاقليمية العربية بتمويل 3770 مشروعا تنمويا اقتصاديا واجتماعيا.
وأضاف أن قيمة هذه التمويلات بلغت نحو 60 مليار دولار أميركي بما يمثل حوالي 51 % من إجمالي التمويل المخصص من المؤسسات العربية خلال تلك الفترة والذي بلغ قرابة 118 مليار دولار أميركي.
وذكر أن 25 % من التمويل خصص لمشروعات تنموية في مجال النقل والاتصالات و23 % للكهرباء والطاقة و14 % لمشروعات الزراعة و29 % لمشروعات الشرب و8 % لمشاريع الصناعات والتعدين وحوالي 19 % لمشروعات أخرى.
وعن التغيرات المناخية الجديدة في الدول العربية والأفريقية قال الحمد إنها ستحدد مفهوم المعرفة المستقبلية وحجم التمويل والقدرة على تسريع برامج التنمية وتوجيه منافعها إلى الشرائح المختلفة من الناس في مناطق ودول مختلفة.
وأضاف أن الدول العربية والأفريقية دخلت مرحلة هائلة من التغيرات عميقة الأثر مصحوبة بطموحات شعبية واجتماعية كبرى تدعو إلى تغيير الاولويات التنموية على نحو يستجيب للتحديات المستجدة.
ورأى أن تلك التغيرات تستدعي من المؤسسات العربية والاقليمية التمويلية مراجعة العمليات والتعرف على الاولويات الجديدة وظروف التمويل المطلوب للعقد المقبل.
وأعرب عن اعتقاده بأن أولويات التنمية في الدول العربية والأفريقية يجب أن تتركز خلال العقود المقبلة على اهداف واضحة يمكن تحقيقها في مجالات أربعة رئيسية.
وأوضح أن تلك المجالات تتمثل في الاستثمار في البنية التحتية والمرافق العامة والثاني مجال ربط الدول العربية والأفريقية بشبكات الطرق والكهرباء والاتصالات والسكك الحديدية.
وأضاف أن المجال الثالث هو تطوير التجارة بين المجموعتين والذي يتطلب تمويل العمليات التجارية وتقليص الحواجز الجمركية فضلا عن دعم القطاع الخاص في حين يتمثل المجال الرابع في تعزيز التعاون العربي الأفريقي من خلال الدراسات المشتركة والندوات والمنتديات والمؤتمرات التي يتم خلالها تبادل وجهات النظر والمشاورات.
من جانبه، أكد رئيس مجموعة البنك الافريقي للتنمية دونالد كابيروكا في كلمته ان قارة أفريقيا استفادت كثيرا من دعم الدول العربية التي قامت من خلال مؤسساتها الاقتصادية والمالية بتقديم العديد من المساعدات التي كان لها أثر على أفريقيا بشكل عام.
وقال إن أفريقيا اليوم تختلف عن أفريقيا السبعينات، لافتا إلى ضرورة معرفة كيفية الاستفادة من امكانات القارة الأفريقية وقدراتها للوصول إلى التنمية.
وأكد ضرورة العمل على البنية التحتية في أفريقيا بكل مجالاتها اضافة إلى التكامل الاقتصادي والتجاري بين الدول العربية والأفريقية مشيرا إلى وجود عوامل مشتركة بين الطرفين تدفع باتجاه التكامل. ولفت إلى وجود عامل مشترك بين الطرفين يتمثل بالموارد الطبيعية التي يجب ان تستثمر بشكل كبير وبادارة جيدة واستغلال كامل من أجل بناء مستقبل واعد وتحويلها إلى ثروة ملموسة.
وأضاف أن الطرفين العربي والافريقي يشتركان في ظروف الفقر والمناخ مما يستوجب استدامة التنمية وحسن استثمار الفرص الحقيقية التي تنمي البلدان لمواجهة الفقر والظروف المناخية.
من ناحيته، لفت المدير العام للأوفيد (صندوق الأوبك للتنمية الدولية) سليمان الحربش في ورقته بعنوان (التعاون بين الجهات الانمائية العربية والجهات الانمائية الأفريقية في مجالات البنية التحتية وتبادل الخبرات) إلى نقطتين مهمتين الأولى هي أن انشاء صندوق التنمية الكويتي يعد أول قرار استيراتيجي للكويت بعد الاستقلال.
وقال إن النقطة الثانية هي أنه عندما التقى سمو امير البلاد في عام 2006 أوصاه بضرورة الاهتمام بأفريقيا وكررها ثلاثا، مضيفا أنه عندما تشرف بقابلة سموه في 2012 بشرته بأن النشاط في أفريقيا "أصبح يستقطب 50 % من استثماراتنا فقابل سموه هذا الخبر بالسعادة والسرور". وشدد على اهمية البنى التحتية في تعزيز النمو الاقتصادي، مضيفا أن تحديد الأولويات والتمويل والتشريع أمر مهم ولابد من التركيز على البنى التحتية الأساسية، ولاسيما التشريعية منها. وذكر انه وفقا للمؤشرات الاقتصادية فإن قارة أفريقيا تشهد نموًا يبرز بشكل خاص في شمال أفريقيا كما ان معدل النمو مرتفع حيث يشهد 27 اقتصادا من بين 30 اقتصادا في أفريقيا نموا.
وأوضح أن المؤسسات المالية العربية ساهمت في تعزيز النمو الاقتصادي والحد من الفقر في أفريقيا، مبينا أنه في 2012 وصلت التزامات هذه المؤسسات إلى حوالي 180 مليار دولار أميركي.
من جانبه، قال المدير العام للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات فهد الإبراهيم في ورقته في الجلسة الثالثة تحت عنوان (دور صناعة الضمان في تشجيع التجارة والاستثمار بين أفريقيا والدول العربية) أن هناك عددا كبيرا من العوامل المشتركة بين الدول العربية والأفريقية لاسيما العوامل الجيوسياسية .
وأضاف أن أفريقيا عززت الكثير من التشريعات الاقتصادية وزادت الارتباطات الاقتصادية بين الوطن العربي وأفريقيا وذلك بتحسين مناخ الاستثمار في أفريقيا مما جعل العديد من الدول تتجه إلى الاستثمار هناك.
وبيَّن أن الاستثمار العربي في أفريقيا شهد زيادة ملحوظة، لا سيما من دول الخليج اضافة إلى المستثمرين في القطاع الخاص مضيفا ان هناك الكثير من المشاريع الناجحة في أفريقيا من قبل المستثمرين العرب.
وقال إن تعزيز الاستثمار يؤدي إلى زيادة الأمن والحماية وأن هناك عددا من المعوقات التي تواجه الاستثمار هناك منها ضعف البنية التحتية والنقل، إضافة إلى قلة الأيدي العاملة المدربة وكذلك النزاعات بين الدول إضافة إلى ضرورة تسهيل التشريعات وبحث كيفية تجاوز الازدواج الضريبي.
بدوره أكد رئيس قطاع الصناعات الزراعية والصناعات والخدمات في الوكالة الدولية لضمان الاستثمار نبيل فواز في ورقته بعنوان (تدعيم الروابط ودعم النمو) أن التحدي الأساسي يتمثل في كيفية معالجة المخاطر في الاستثمارات مبينا ان الاستثمار عابر للحدود وهذا ما يجعل الحكومات تساهم في حمايته.
وأضاف أن الاستثمارات الاجنبية المباشرة أمر مهم جدا وتيشكل رافدا كبيرا في تعزيز النمو الاقتصادي، مبينا أن الاستثمار العربي والخليجي بصفة خاصة تدفق واخذ بالاتجاه إلى أفريقيا في الآونة الأخيرة.
وذكر أن وحدة المعلومات في الوكالة الدولية لضمان الاستثمار أجرت بحثا عن مخاطر الاستثمار في أفريقيا واتضح أن المخاطر السياسية هي المهم، إذ لها مخاطر كثيرة على الاستثمار، منها خرق الاتفاقيات وعدم التزام الحكومات بها مما يجعل المستثمرين يخشون من الاستثمار، إضافة إلى تغيير العملات بشكل مفاجئ.
وأوضح أن ذلك كان سببا في ازدياد الطلب على التأمين على المخاطر في الاستثمار والطلب على ضمانات لحماية الاستثمار، مضيفا أننا "تمكنا من ضمان الكثير من الاستثمارات وحمايتها وحل الكثير من الخلافات بين الحكومات والمستثمرين".
من جانبه، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ولاية بنسلفينيا في الولايات المتحدة الأمريكية الدكتور يوهانس فيديرك في ورقته بعنوان (المناخ الاستثماري في دول جامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي..التحليل والتداعيات على السياسات) إن الاستثمار الأجنبي المباشر يعد محفزا مهما لتعزيز التبادل التكنولوجي وتوفير فرص العمل وتوفير الموارد البشرية.
ودعا إلى التركيز على المحفزات للاستثمار وذلك لأهميتها في خلق بيئة مناسبة للاستثمار من خلال جودة المؤسسات والحوكمة القانونية وغياب الفساد وتوفر السوق وكبر حجمه ومدى قدرته على استقبال الاستثمار وكذلك البنى التحتية الأساسية، مبينًا أن الكثير من الدراسات اكدت ان اهم المخاطر التي تواجه الاستثمار هي العوامل السياسية وعدم الاستقرار في الاقتصاد.