أوبك

اتفاق تاريخي أعلنت عنه "أوبك بلس" مساء أول من أمس (الأحد)، لم يكن ليأتي لولا جهود سعودية قويّة فرضت إرادة توازن الإنتاج العالمي، بعد أن كانت الدول المنتجة من "أوبك" وخارجها، تستجدي في 6 مارس (آذار) الماضي تعميق خفض الإنتاج القائم سابقًا بـ1.5 مليون برميل، قادت الجهود السعودية إلى تحقيق اتفاق تاريخي غير مسبوق بخفض يصل مداه إلى نحو 10 ملايين برميل، أي ما يقارب 3 أضعاف ما هو مستهدف سابقًا، والمكون من 1.7 مليون برميل في اتفاق أوبك+ لشهر يناير (كانون الثاني)، إضافة إلى التعميق الذي عرقلته روسيا.

هذا التغير القوي بين مارس وأبريل (نيسان)، أعاد الأسواق العالمية إلى جادة الاستقرار من جديد، وينتظر أن يسهم في كبح جماح تأثر أسعار النفط بجائحة "كورونا"، ودفع المحللين إلى توقع أداء أفضل لأسواق النفط، بعد أن كانت توقعاتهم في الأسابيع الماضية تشير إلى انزلاق الأسعار إلى مستويات متدنية غير مسبوقة منذ عشرات السنين.

ونسب وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان الفضل فيما آلت إليه نتائج المفاوضات في رحلة التخفيض لدول "أوبك بلس" إلى الجهود والمساهمة والمتابعة والمشاركة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وقال في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس في أعقاب انتهاء اجتماع عقدته "أوبك بلس": "لا بد أن ننسب الفضل لأهله حيث لولا مشاركة وتحفيز ومتابعة، بل أبعد من ذلك حيث قاد سمو ولي العهد كثيرًا من المفاوضات الرئيسية"، مضيفًا: "كيف كنا في السادس من مارس وكيف نحن الآن في الحادي عشر من أبريل".

إرباك المشهد

مطلع شهر مارس الماضي، لم تنجح دول "أوبك بلس" في التوصل إلى اتفاق يحسم قرار تعميق خفض الإنتاج بواقع 1.5 مليون برميل، المفاوضات حينها تعثرت وأربكت المشهد الاقتصادي العالمي المتداعي في الأساس جراء تفاقم الوضع من تفشي فيروس "كورونا" لتمر الأسعار بمرحلة انخفاض سريعة، مسجلةً بذلك مستويات قريبة من 22 دولارًا لبرميل برنت.

وبمجرد دعوة السعودية لاجتماع عاجل للدول المنتجة في الثاني من أبريل الماضي، قفز خام برنت من مستويات قريبة من 23 دولارًا للبرميل، وصولًا إلى مستويات تتخطى حاجز 30 دولارًا، هذا الأثر القوي، الذي بلغ مداه نحو 30 في المائة من الارتداد الإيجابي في الأسعار، يبرهن قوّة التأثير، وحجم الموثوقية الكبرى التي تحظى بها تحركات المملكة في الأسواق العالمية.

تحرك {العشرين}

لم تقف السعودية ساكنة أمام الوضع المحرج لأسواق النفط، ففعلت رئاستها لمجموعة العشرين بالإعلان الأسبوع الماضي عن عقد اجتماع استثنائي افتراضي لوزراء الطاقة في دول المجموعة الجمعة الماضي، لتعزيز الحوار والتعاون العالميين الهادفين إلى تحقيق وضمان استقرار أسواق الطاقة الذي بدوره سينعكس على نمو الاقتصاد العالمي. sوحسب بيان صدر حينها، عمل وزراء الطاقة في مجموعة العشرين، جنبًا إلى جنب، مع الدول المدعوة، ومنظمات إقليمية ودولية، للتخفيف من تأثير جائحة "كورونا" على أسواق الطاقة العالمية.

وأكد البيان أن الاجتماع يأتي في وقت تركز فيه رئاسة المملكة لمجموعة العشرين على التخفيف من آثار الفيروس على صحة الناس والاقتصاد العالمي.

الاجتماع الطارئ

وقبل يوم واحد فقط من عقد وزراء الطاقة في العشرين اجتماعهم الاستثنائي، كانت السعودية قد وجهت لاجتماع طارئ لدول "أوبك بلس"، أي قبل 24 ساعة فقط من انعقاد اجتماع وزراء طاقة مجموعة العشرين.

وخرج الاجتماع الذي استمر أكثر من 7 ساعات متتالية باتفاق شبه جماعي نشزت عنه دولة المكسيك التي لخبطت الأوراق مجددًا برفض التوقيع لحظتها على مفكرة التفاهم الرامية بتخفيض الإمدادات النفطية، إذ أشارت حينها إلى عدم ارتياحها للحصة التي ستقوم على تنفيذها. خرج على أثرها وزير الطاقة السعودية ليؤكد أنه لا يمكن إتمام الاتفاق ما لم توقع المكسيك باعتبارها عضوًا في "أوبك+" على الاتفاقية.

الاتفاق التاريخي

يوم 12 أبريل من عام 2020، بات يومًا تاريخيًا لا يُنسى في صناعة النفط على مستوى العالم أجمع، حيث توصلت دول "أوبك بلس" إلى اتفاق تاريخي، بعد إزالة جميع العوائق وقبول الأطراف مجتمعة على بنود الاتفاق، حيث لم يكن ليأتي لولا الجهود السعودية القوّية التي دفعت إلى تحقيق هذا الاتفاق، الذي استقبلته أسواق النفط بانتعاش في التداولات، وتذبذب على نحو إيجابي.

الخفض الأكبر

ويعد الخفض الذي اتفقت عليه المجموعة المعروفة بـ"أوبك بلس" هو أكبر 4 مرات من الخفض القياسي السابق المسجل في 2008، في وقت تأتي فيه أهميته إلى توقعات أن تستمر الحكومات في مختلف أنحاء العالم في تمديد القيود المفروضة على السفر والتجمعات للحيلولة دون انتشار فيروس كورونا؛ وهي القيود التي أدت إلى تراجع الطلب على الوقود.

في 30 مارس الماضي، كان سعر خام برنت يحوم قريبًا من مستويات 22 دولارًا للبرميل، وزادت الأسعار المنخفضة من أهمية توحيد جهود الدول المُنتجة لإعادة الأسعار نحو التوازن من جديد، هذه المستويات السعرية لم تدم طويلًا... فمنذ أن دعت السعودية للاجتماع الطارئ للدول المنتجة من منظمة أوبك وخارجها، شهدت مستويات الأسعار تحولًا ملحوظًا وإيجابيًا للغاية.

الأسعار تتحسن

شهدت أسعار النفط يوم أمس (الاثنين) تحسنًا ملحوظًا، حيث قفز النفط الخام بأكثر من 3 في المائة (حتى ساعة إعداد هذا التقرير)، فيما يأتي هذا التحسن في الأسعار رغم التطورات التي يشهدها العالم اليوم جراء الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها حكومات الدول لمواجهة تفشي فيروس كورونا.

ومن المرتقب أن تستمر أسعار النفط في التماسك بفضل الاتفاق التاريخي الذي توصلت إليه "أوبك بلس" أول من أمس (الأحد)، فيما سيعيد هذا التماسك مستويات المخزون إلى التوازن من جديد، في ظل التطورات التي يشهدها العالم حاليًا من جهة، وفي ظل حجم مستويات الإنتاج الأخيرة من جهة أخرى.

ثلاثة أضعاف

وبين مارس وأبريل، كانت حكاية تضاعف المستهدف من التخفيض بقرابة 3 أضعاف، ليعكس الجهود السعودية البارزة في هذا المجال لدعم أسواق النفط وضبط أسواق الطاقة، ما سيؤدي إلى تعزيز الاقتصاد العالمي المتداعي حاليًا.

ويمكن اختصار المشهد بما أورده الأمير عبد العزيز بن سلمان في تصريحاته مؤخرًا: "كنا نستجدي خفض 1.5 مليون برميل إضافي، الآن خفضنا ما يقارب 10 ملايين برميل يوميًا، كنا نستجدي لأعوام طويلة ومحاولات عديدة مع خارج (أوبك) وحتى (أوبك بلس) لممارسة شيء من التخفيضات، والآن باتت تأتي التخفيضات طوعية".

ويؤكد وزير الطاقة السعودي في أكثر من موقف أن المملكة تفتح ذراعيها لمن يرغب في إيجاد حلول للأسواق النفطية.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

ترامب يؤكّد أن "أوبك+" تتطلع إلى خفض الإنتاج 20 مليون برميل

وزير الطاقة الروسي يؤكد أن بوتين لعب دورًا رئيسيًا في التوصل لصفقة "أوبك+"