الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

رغم تخفيف حالة الحجر في فرنسا، ما زال الكثيرون من الموظفين يخشون العودة إلى العمل في دوائر الحكومة والشركات والمؤسسات الخاصة، ويفضلون الاستمرار في ممارسة وظائفهم عبر شاشة «الإنترنت». ويبذل المديرون والمسؤولون عن إدارة شؤون العاملين جهوداً لإقناع ملايين الفرنسيات والفرنسيين بالتوجه إلى مقرات أعمالهم، واستئناف نشاطهم من المكاتب، لكن الجهود تبقى دون طائل.

وجاء في دراسة نشرت أمس أن نحو 3 ملايين موظف في فرنسا، من مجموع 5 ملايين يمارسون حالياً العمل عبر الشبكة الإلكترونية، يرون أن العمل من منازلهم أفضل لهم ولعائلاتهم، خصوصاً الأمهات. وكشفت الدراسة التي أجراها مكتب «ديسكو» المتخصص في مراقبة ظواهر العمل، أن جائحة «كورونا» التي فرضت أسلوب العمل من البيوت، بعيداً عن المكاتب، فتحت أمام نسبة غالبة من الموظفين إمكانية ممارسة مهماتهم بدون التعرض لمشقات التنقل اليومي وما يتبعه من توترات عصبية ونفقات.

وتأتي الخشية من العدوى في مقدمة الأسباب التي تدفع الموظفين للامتناع عن التوجه لمقرات عملهم. وقالت موظفة في أحد المصارف الكبرى، إنها تشعر بالأمان على نفسها وهي في بيتها، بدل احتمال تعرضها للفيروس عند اضطرارها لركوب «المترو» في ساعات الذروة، واستخدام مصاعد كبيرة ينحشر فيها 10 أشخاص أو أكثر. كما يشكك موظفون كثيرون في قدرة الإدارات على ترتيب المكاتب بشكل يباعد ما بين طاولات العمل، ويحترم شروط التباعد والتعقيم المستمر للأبواب والأزرار وآلات الاستنساخ وغيرها.

وخلصت الدراسة إلى ملاحظة تفيد بأن المؤسسات لا تستطيع الاستمرار في العيش عن بعد. وهناك منها من يبذل جهوداً لاستعادة العاملين بشكل تدريجي، لكن سريع، لأن الحضور الشخصي في المكاتب ضروري لاستكمال الكثير من جوانب العمل. ومن تلك المؤسسات مجموعة «أكزيتا» للاستشارات الهندسية، التي تضم 2000 منتسب.

ويرى مدير شؤون الموظفين في المجموعة أن من المستحيل الاستغناء عن الجانب الجماعي في العمل، عدا عن أن تفكيك العلاقات الاجتماعية بين الزملاء لفترة تتجاوز الأشهر الستة، من شأنه أن يتسبب بأضرار كبيرة للشركة. ويقول: «الغالبية العظمى من موظفينا يشتغلون من بيوتهم حالياً، لكن لا أرى كيف يمكننا الاستمرار في هذه الوضعية من هنا وحتى نهاية الصيف. كيف ستصمد شركاتنا إذا استمر الفيروس في السريان لسنتين مقبلتين؟».

هذا القلق ينعكس على مئات المؤسسات الكبرى التي تقف حائرة بين ميل المسؤولين، على رأسهم الرئيس ماكرون، لاستمرار العمل المنزلي، وبين الاحتياجات اليومية لموظفين موجودين في المكاتب بشكل فعلي وليس افتراضياً. وهو قلق يعيشه ملايين الموظفين الفرنسيين الذين يتوقعون حملات كثيرة لإفلاس الشركات التي يشتغلون فيها، وحتى في حال الاستمرار، فإن الوضع الاقتصادي سيفرض تقليص أعداد العاملين والاستغناء عن نسبة كبيرة منهم.

في السابق، كان الشعار الشهير للفرد الفرنسي المنتج يرتبط بوتيرة «مترو بولو دودو»، أي ركوب المترو والذهاب للعمل ثم العودة للنوم. وهو شعار كان قد وجد طريقه إلى كلمات الأغاني وعناوين الأفلام والروايات. أما اليوم فإن «كورونا» قضى على تلك الوتيرة، وأسقط المترو من الثلاثية اليومية المعتادة.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :  

جمعية المصارف تكشف أنها تقترب من إخراج لبنان من الأزمة الاقتصادية وسُبل التعافي

جمعية المصارف اللبنانية تطالب النواب بردّ الخطة الاقتصادية