النفط

ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ ثلاثة أشهر، بعد إقرار أعضاء "أوبك" وحلفائها خفض حصص الإنتاج مجددًا في الاجتماع الذي عُقد خلال الأسبوع الأول من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، حيث وافقت المجموعة على خفض الإنتاج بمقدار 0.5 مليون برميل يوميًا بما يرفع إجمالي كمية الخفض المستهدفة إلى 1.7 مليون برميل يوميًا بدءًا من الربع الأول من العام 2020،

ومن ضمن هذه الكمية، سيتم اقتسام نحو 0.7 مليون برميل يوميًا ما بين السعودية وروسيا بمعدل 0.4 مليون برميل و0.3 مليون برميل يوميًا على التوالي وفقًا لتصريحات وزراء الطاقة، حيث صرح وزير الطاقة السعودي أن المملكة ستقوم طوعا بتقليص إنتاجها بواقع 0.4 مليون برميل يوميًا، علاوة على حصة الخفض المقررة بما سيساهم، إلى جانب التزام المنتجين الآخرين، في تعميق خفض الإنتاج إلى نحو 2.1 مليون برميل يوميًا.

وقال تقرير صادر عن شركة "كاكو" للاستثمار وإدارة الأصول، إنه رغم ذلك، أدى الارتفاع غير المتوقع للمخزون الأميركي وخاصة بالنسبة لمخزونات البنزين ونواتج التقطير خلال الأسبوع المنتهي في 6 ديسمبر 2019 إلى تعويض جزء من اتجاه سعر النفط الإيجابي. وأظهر التقرير الأسبوعي الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية زيادة قدرها 822 ألف برميل بعد تسجيل تراجع بمقدار 4.9 مليون برميل خلال الأسبوع الذي سبق. وتظهر البيانات الأسبوعية السابقة أن مخزون الولايات المتحدة من النفط الخام ارتفع خلال 11 من أصل 13 أسبوعًا بإضافة نحو 31.9 مليون برميل إلى إجمالي مخزون الولايات المتحدة من الخام الذي بلغ 447.9 مليون برميل. كما أبرز تقرير إدارة معلومات الطاقة أيضًا الانخفاض الحاد في استهلاك البنزين الذي بلغ 8.8 مليون برميل يوميًا، فيما يعد أدنى مستوياته منذ فبراير (شباط) 2019، كما ساهم ذلك أيضا في دفع مصافي التكرير إلى خفض معدلات الاستخدام التي تراجعت بنحو 130 نقطة أساس إلى 90.6 في المائة من إجمالي الطاقة الاستيعابية الفعلية.

أضاف التقرير من جهة أخرى، أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين استمرت في التأثير سلبًا على توقعات الطلب على النفط في ظل استعداد الولايات المتحدة لفرض رسوم جمركية إضافية على واردات صينية. ومع ذلك، أوقفت المرحلة الأولى من صفقة نهاية الأسبوع بين البلدين القيود المفروضة على التعريفة الجمركية الجديدة وأعطت أملا لسوق النفط.

وفقا للصفقة، وافقت الولايات المتحدة على التخلي عن التعريفة الجمركية الجديدة وفي المقابل وافقت الصين على استيراد المنتجات الزراعية الأميركية وغيرها من المنتجات. في ذات الوقت، أشارت أحدث البيانات المتعلقة بالصادرات القادمة من الصين إلى تأثير الحروب التجارية على نشاط التجارة في البلاد، حيث أظهرت أرقام التصدير في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 انخفاضا للشهر الرابع على التوالي. من جهة أخرى، كانت بيانات الوظائف الأميركية متفائلة في نوفمبر 2019، ولم يشر الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى أي تغيير في أسعار الفائدة في العام 2020 بما يؤكد استمرار النمو الاقتصادي المطرد خلال العام المقبل. هذا، وبالإضافة إلى إجراء الانتخابات الأميركية العام المقبل من شأنه أن يساهم في إبقاء الطلب على النفط ثابتًا.

على صعيد العرض، سلطت أحدث توقعات الطاقة الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية الضوء على أن الولايات المتحدة ستواصل إنتاجها بوتيرة قياسية خلال العام المقبل، وإن كان من المتوقع أن تكون وتيرة النمو أقل مما كان متوقعًا في السابق. ووفقًا للتقرير، من المتوقع أن يصل إنتاج النفط الخام الأميركي إلى 13.18 مليون برميل يوميا في العام المقبل بما يمثل زيادة قدرها 930 ألف برميل يوميًا مقابل توقعات بتسجيل نمو يصل إلى 1 مليون برميل يوميًا في التقرير الذي سبق، كما تم خفض تقديرات الإنتاج للعام 2019 إلى 12.25 مليون برميل يوميًا مقابل 12.3 مليون برميل يوميًا في التقرير السابق.

كما أشارت أوبك في تقريرها الشهري إلى ثقتها في أن تراجع العرض خلال العام المقبل سيؤدي إلى عجز. وفي تقريرها الشهري الأخير، أوضحت الأوبك أن منتجي النفط الصخري الأميركي بدأوا في خفض الإنتاج بوتيرة أسرع مما كان متوقعًا في السابق، ومن المتوقع أن يكون تباطؤ التجارة العالمية قد وصل إلى القاع وهو الأمر الذي سينعكس إيجابيًا على الطلب على النفط في العام المقبل، وهي النقطة التي أكدتها أيضا وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري.

وقامت وكالة الطاقة الدولية، في تقريرها الشهري الأخير، بخفض توقعات نمو إنتاج النفط العالمي للعام المقبل بمقدار 0.2 مليون برميل يوميًا لتصل إلى 2.1 مليون برميل يوميًا، إلا أنها ذكرت أنه على الرغم من التخفيضات الإضافية التي أدخلتها الأوبك على حصص الإنتاج في الربع الأول من العام 2020 فإنه من المتوقع ارتفاع مخزونات النفط العالمية خلال الربع. وعزت الوكالة خفض التوقعات لإعلان الأوبك إلى تعميق خفض حصص الإنتاج، هذا بالإضافة إلى تراجع معدلات نمو الإنتاج المتوقعة للولايات المتحدة وغانا والبرازيل. وفي المقابل، رسم التقرير صورة إيجابية لنمو الاقتصاد العالمي في العام المقبل وذكر أن تباطؤ النشاط التجاري والاقتصادي قد يكون قد انتهى في الربع الأخير من هذا العام. وفي ذات الوقت، أبرز التقرير الشهري لإدارة معلومات الطاقة الأميركية انخفاض عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة بما أدى إلى تباطؤ نمو إنتاج النفط، وأضاف أنه من المتوقع أن تستمر تلك الأوضاع خلال العام 2020 وإن كان تحسين كفاءة منصات الحفر وإنتاجية الآبار قد ساهم في تعويض بعض من تأثيرات انخفاض عدد منصات الحفر.

تم الإبقاء على تقديرات الطلب العالمي على النفط للعام 2019 دون تغير عن المستويات الصادرة عن الأوبك خلال الشهر الماضي عند مستوى 0.98 مليون برميل يوميًا، حيث يتوقع أن يصل في المتوسط إلى 99.80 مليون برميل يوميًا. كما لم يطرأ أي تغير على بيانات نمو الطلب الإجمالية لكل من الدول التابعة وغير التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وظل اتجاه الطلب الشهري في الولايات المتحدة ضعيفًا خلال نوفمبر 2019 خاصة بالنسبة للبنزين نظرًا لتراجع معدلات الطلب التي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ فبراير 2019 على خلفية استخدام بدائل الوقود وارتفاع كفاءة الوقود إلى جانب انخفاض مبيعات المركبات. في المقابل، ساهم تزايد الطلب على الغاز الطبيعي المسال - غاز البترول المسال، الكيروسين ونواتج التقطير في تعويض تباطؤ معدلات الطلب على البنزين وزيت الوقود المتبقي. وظل اتجاه الطلب على النفط في الدول الأوروبية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إيجابيا حتى الآن هذا العام مقارنة بمستويات العام 2018 في ظل تسجيل مكاسب بنسبة 0.6 في المائة على أساس سنوي. وكانت أرقام الطلب في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 إيجابية بالنسبة لألمانيا وفرنسا وإيطاليا والتي قابلها جزئيا انخفاض الطلب من جهة المملكة المتحدة. على صعيد منطقة آسيا والمحيط الهادي التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أظهرت بيانات الطلب الأولية لليابان تراجع معدلات الطلب في أكتوبر 2019 لجميع فئات المنتجات. أما بالنسبة للدول غير التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فقد ظلت معدلات الطلب على النفط قوية في الصين، حيث ارتفع الطلب بمقدار 0.35 مليون برميل يوميًا على أساس سنوي في أكتوبر 2019 فيما يعزى في المقام الأول إلى ارتفاع متطلبات وقود الطائرات - الكيروسين والنافتا والديزل. إلا أن ذلك الارتفاع قابله انخفاض الطلب على البنزين. وواصلت مبيعات السيارات تراجعها في أكتوبر 2019، حيث انخفضت بنسبة 4 في المائة على أساس سنوي في ظل فشل النمو الذي سجلته مبيعات سيارات الدفع الرباعي في تعويض التراجعات التي شهدتها الفئات الأخرى. وأظهرت أرقام الطلب على النفط في الهند انخفاضا في أكتوبر 2019 على خلفية تراجع الطلب على نواتج التقطير المتوسطة والثقيلة التي تم تعويضها جزئيًا من خلال زيادة متطلبات غاز البترول المسال.

كما تم الإبقاء على توقعات نمو الطلب على النفط للعام 2020 دون تغير عند مستوى 1.08 مليون برميل يوميًا مع توقع أن يصل الطلب إلى 100.88 مليون برميل يوميًا. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب من جهة الدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بواقع 0.07 مليون برميل يوميًا، وأن يرتفع الطلب من خارج المنظمة بمقدار 1.01 مليون برميل يوميًا نظرًا لتزايد الطلب من الصين بصفة خاصة.

وفقًا للبيانات الأولية، شهد المعروض العالمي من النفط نموًا بلغ 0.41 مليون برميل يوميا في نوفمبر 2019 على أساس شهري ليصل في المتوسط إلى 99.78 مليون برميل يوميًا. وتعزى تلك الزيادة في الإنتاج في المقام الأول لارتفاع الإنتاج في الولايات المتحدة وكندا والنرويج والمملكة المتحدة وروسيا وأذربيجان وسائل الغاز الطبيعي من الدول التابعة لمنظمة الأوبك. في حين تراجعت حصة الأوبك في السوق بمقدار 30 نقطة أساس على أساس شهري إلى 29.6 في المائة في نوفمبر 2019.

وبالنسبة للعام 2019 بأكمله، استقرت توقعات نمو المعروض النفطي من خارج منظمة الأوبك دون تغيير عند مستوى 1.82 مليون برميل يوميًا مع توقع أن يبلغ إجمالي المعروض 64.30 مليون برميل يوميًا، إلا أن مراجعة مستويات العرض الإقليمية نظرًا للطلب على البيانات الخاصة بالعام الحالي والتي نتج عنها ارتفاع مستويات المعروض النفطي أكثر مما كان متوقعًا لكل من تايلاند (+ 18 ألف برميل يوميًا) وروسيا (+ 3 آلاف برميل يوميًا) والتي قابلها تراجع البيانات الخاصة بكل من المملكة المتحدة (- 14 ألف برميل يوميًا) وإندونيسيا والهند وكندا. كما تم إجراء مراجعات ربع سنوية عكست ارتفاع إمدادات النفط من الولايات المتحدة في الربع الثالث من العام 2019، إلا أنه قابلها تراجع تقديرات الربع الأخير من العام.

أما بالنسبة للعام 2020 ظل نمو المعروض من خارج الأوبك دون تغيير عند مستوى 2.17 مليون برميل يوميًا مع توقع وصول المعروض النفطي خلال العام إلى 66.46 مليون برميل يوميًا. كان هناك رفع لتوقعات المملكة المتحدة (+ 14 ألف برميل يوميًا) وإندونيسيا والهند وكندا، إلا أنه تم تعويض ذلك من خلال خفض توقعات روسيا (- 18 ألف برميل يوميًا) وتايلاند. تراجع إنتاج الأوبك خلال نوفمبر 2019 بعد النمو الذي شهده الشهر الذي سبق. ووفقًا لبيانات وكالة بلومبرغ، انخفض إنتاج الأوبك بمقدار 110 آلاف برميل يوميًا خلال الشهر على خلفية انخفاض الإنتاج بشكل رئيسي في أنغولا (- 60 ألف برميل يوميًا) وإيران (- 40 ألف برميل يوميًا) وهو الأمر الذي قابله جزئيًا ارتفاع الإنتاج في الإكوادور والعراق بإجمالي بلغ 80 ألف برميل يوميًا. وباستثناء التراجع الحاد للإنتاج خلال شهر سبتمبر (أيلول) 2019 على خلفية الهجمات التي تعرضت لها المنشآت النفطية السعودية، بلغ معدل الإنتاج في نوفمبر 2019 أدنى مستوياته منذ ستة أعوام، وفقا لبيانات وكالة بلومبرغ. وفي ذات الوقت، أظهرت المصادر الثانوية لمنظمة الأوبك انخفاضا حادًا في الإنتاج الشهري وصولًا إلى 193 ألف برميل يوميًا فيما يعزى أساسًا إلى انخفاض الإنتاج السعودي بواقع 151 ألف برميل يوميًا، والذي قابله زيادة هامشية للإنتاج من جهة الإكوادور والكويت وليبيا.

قد يهمك أيضًا

أسعار النفط تواصل ارتفاعها عالميًا لأعلى مستوى في 3 أشهر

أسعار النفط ترتفع بفعل توقع أوبك عجزًا في الإمدادات