بغداد ـ نجلاء الطائي
اعتبر وزير التخطيط والتعاون الإنمائي العراقي السابق مهدي الحافظ أن "التخصيص" موضوع جدير بالاهتمام من وجهة نظر الإصلاح الاقتصادي والتنمية الوطنية عموماً، إذ إن العراق يمر بظروف اقتصادية صعبة.
وقال في حديث إلى "الحياة" إن التخصيص، أي تحويل الملكية العامة لمشاريع معينة إلى ملكية القطاع الخاص، تتخذ أشكالاً متعددة وذات جوانب معقدة، منها تحويل ملكية الشركات الحكومية إلى الناس، وخصوصاً العاملين فيها، أو تأجير طويل الأمد بالأصول المملوكة للحكومة وفقاً لقواعد تصون المصلحة العامة والاقتصاد الوطني، وكذلك تكليف القطاع الخاص بالقيام بالخدمات الحكومية عبر التعاقد والالتزام بحماية المستهلكين ومبادئ التنمية الوطنية وخياراتها، أو إلغاء الوحدات الحكومية غير المنتجة، لغياب جدواها الاقتصادية وتحرير الدولة من دفع المعونات المالية المقدمة لها».
ورأى في التخصيص «خياراً إيجابياً يهدف إلى تعزيز النمو وتحسين نوع السلع والخدمات المقدمة إلى المجتمع وخفض العجز وتخفيف أعباء الضرائب والتضخم المرتبطين بالموازنة»، مشيراً إلى أن «التخصيص يؤدي إلى زيادة الادخار والاستثمار الوطني، أي أن باباً جديداً مهماً يُفتح لتوسيع الاستثمار المنتج وزيادة الإنتاجية والصادرات وتعزيز القدرة على منافسة الواردات، إلى جانب إيجاد فرص عمل وتحسين الأجور واستيعاب التكنولوجيا الحديثة».
وشدد على أن «قضية التخصيص تطرح في العراق باعتباره من الدول النامية على أنها جزءاً من عملية الإصلاح الاقتصادي والحد من الأعباء المالية المقدمة للقطاع العام ومشاريعه غير النافعة»، معتبراً أن «أفكار ومواضيع التنمية البشرية المهتمة أساساً بخيارات المستقبل ظهرت واتسعت منذ تسعينات القرن الماضي، وهي العوامل المؤثرة في رفاه السكان ومصدر سعادتهم، بينها الدخل والصحة والتعليم وحماية البيئة وسواها، أي العناصر التي أسستلمفهوم جديد للعدالة الاجتماعية ومبادئ تكافؤ الفرص».
وفي ما خص العراق، قال الحافظ «يبرز التخصيص كخيار مهم يجب درسه بعناية، إذ إن القطاع العام في العراق هو القوة الأساس المهيمنة على الاقتصاد الوطني ولا يمكن القطاع الخاص في الظروف الحالية أن يلعب دوراً ريادياً كما كان الجميع يتوقع بعد عام 2003، لاسيما القيادات السياسية آنذاك في إطار مجلس الحكم والحكومات اللاحقة».
ويأخذ الحافظ على القطاع العام في العراق «احتكاره أهم المفاصل الاقتصادية الأساسية في معظم القطاعات والنشاطات الخدمية، وهي ظاهرة ليست جديدة بل شهدها العراق منذ فترة طويلة، كما أن بعض الدراسات يفيد بأن القطاع العام يضم أكثر من أربعة ملايين موظف ومستخدم، وهي نسبة عالية قياساً إلى حجم السكان بالنسبة إلى الكثير من الدول، فضلاً عن أنها تتناقض من حيث الكلفة المالية مع حاجات الاستثمار الوطني».
ودعا إلى «درس خيارات التخصيص في سياق التنمية الوطنية، وطرح برنامج عملي للتحويل من الملكية العامة إلى الخاصة لعدد كبير من المؤسسات، وإلى تنفيذ إجراءات منها خلق بيئة اقتصادية مساندة للملكية الخاصة ضمن شروط ومتطلبات المصلحة الوطنية الواسعة، وخلق بنك معلومات شامل من شأنه المساعدة في فهم الحقائق والتعقيدات في الاقتصاد الوطني، لاسيما في مجالات الضريبة والمعونات المالية وعواقبها على المصلحة العامة، ووضع برامج للتدريب وتوفير مختصين في الأبعاد الفنية لمشكلة التخصيص، أي توفير أشخاص مؤهلين وملمين بالأساليب الفنية لعمليات التحويل للملكية الخاصة».
وأكد الحافظ «أهمية تحديد الأولويات في عملية التخصيص، إذ لا يمكن تحويل كل شيء إلى الملكية الخاصة، وهذه المسألة مهمة جداً بالنسبة إلى الدول النامية التي تفتقر إلى الخبرة في التحول إلى القطاع الخاص، كما أن الأولويات هنا تنسحب أيضاً على المؤسسات والشركات التي تسبب الاستنزاف الأكبر للأموال العامة».
وركز على «أهمية إستراتيجية دعم القطاع الخاص في العراق التي صدرت نهاية العام الماضي والمعروفة باسم إستراتيجية تطوير القطاع الخاص 2014 - 2030»، مشيراً إلى أنها تتضمن إطلاق الموارد العراقية وتنشيط النمو والتنوع الاقتصادي، وخلق بيئة ملائمة لتطور القطاع الخاص، وتحسين الإنتاجية والمنافسة». ويُتوقع أن يشهد العام الحالي تفعيل قرارات تهدف إلى تسهيل تخصيص عدد كبير من الشركات العامة على رغم وجود خارطة طريق لإصلاح أوضاع بعضها والعمل نحو شركات صناعية مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي.