دبي ـ العرب اليوم
أدت المتغيرات الاقتصادية والسياسية، التي يعيشها العالم إلى تعديل توقعات النمو في بلدان المنطقة العربية.
وأكد صندوق النقد الدولي، أن التوقعات في هذه البيئة الأمنية الراهنة، تخضع لأجواء كثيفة من انعدام اليقين. وما لم تنفذ إصلاحات هيكلية أعمق، يُتوقع قصور النمو في الأجل المتوسط عن المعدلات اللازمة لخلق وظائف كافية وتحسين مستويات المعيشة.
ويؤدي تراجع الإيرادات النفطية وتزايد الإنفاق الحــكومي إلى إضعاف مراكز المال العمومية، لكن في الجانب الآخر من شأن ضبط أوضاع المال أن يُكْسِب البلدان المصدرة للنفط صلابة أمام تراجع أسعار النفط. ومن أبرز التحديات الجديدة القدرة على الحد من اعتماد النمو الاقتصادي المستمر على ارتفاع أسعار النفط، وهو ما يقتضي الاضطلاع بإصلاحات هيكلية تعزز التنويع الاقتصادي والنمو الاحتوائي.
ولا يزال استمرار التوترات الاجتماعية- السياسية والأمنية وارتفاع مستويات الدين العام ووجود معوقات هيكلية عميقة الجذور يحد من الزخم الاقتصادي، الذي ولدته أوجه التحسن في البيئة الخارجية والتقدم المحرز في التحولات السياسية المحلية، ما يترك توقعات النمو، التي ظلت مـن دون تغيير يُذكر عن التوقعات السابقة.
وأوضح التقرير أنه يتعين مواصلة ضبط أوضاع المال لوضع الدين العام على مسار يمكن الاستمرار في تحمله وتعزيز الهوامش الوقائية اللازمة للتعامل مع الصدمات المعاكسة. ومن شأن زيادة مرونة سعر الصرف في بعض الحالات أن تدعم التعافي وتحسن القدرة التنافسية.
وفي ما هو أبعد من الأجل القريب، يتعين تحسين الأوضاع الأمنية وتعميق الإصلاحات الهيكلية، لا سيما في مجالات التعليم وبيئة الأعمال وكفاءة أسواق العمل، يدعمها استمرار الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار وزيادة المساعدة الدولية، لرفع معدلات النمو الممكن في المنطقة، وخلق الوظائف التي تشتد الحاجة إليها، وتحسين مستويات المعيشة، وتوسيع نطاق الاحتواء.
وأبرز التقرير أن التحولات السياسية التي حققت تقدما في الآونة الأخيرة تدعم حدوث تعاف طفيف إلا أن الصراعات الإقليمية تلقي بظلالها على تلك التحولات، فمنذ الربيع العربي، وضعت بعض البلدان دساتير جديدة، وأجرت بلدان عدة انتخابات. وأصبح الآن أمام كثير من الحكومات، ولكن ليس كلها، الآفاق متعددة السنوات اللازمة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة لتحقيق النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل.
ووفقاً للصندوق يتعرض التعافي لمخاطر التطورات السلبية على الصعيدين المحلي والإقليمي. فحدوث انتكاسات في التحولات السياسية، وتزايد التوترات الاجتماعية والأمنية، وتداعي آثار أكبر للصراعات الإقليمية كلها عوامل يمكن أن تقوض الثقة وتضر بتنفيذ الإصلاحات والاستقرار الاقتصادي الكلي.
وتميل المخاطر الخارجية أيضاً نحو التطورات السلبية، فانخفاض النمو الممكن عن المستويات المتوقعة أو حدوث ركود طويل الأجل في الاقتصادات المتقدمة، لا سيما في أوروبا، أو بطء النمو في الأسواق الصاعدة الأخرى يمكن أن يحد من النمو في البلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن طريق خفض السياحة والصادرات وتحويلات العاملين في الخارج.
والبلدان التي لديها مرونة محدودة في أسعار الصرف قد تواجه مستويات أعلى من أسعار الفائدة المحلية مع زيادة تشديد الأوضاع النقدية على مستوى العالم.
وتكتسب بلدان المنطـــقة مزيداً من الصلابة في مواجـهة الصــدمات الخارجية بوتيرة متباينة، ففي مصـر زادت تغطية الاحتياطات الـدولية أخيرًأ، وإن كانت لا تزال منخفضة وعرضة لمخاطر التطورات المعـاكسة، وتحسنت أيضاً تغطية الاحتياطيات في الأردن ولا تزال مرتفعة في لبنان، على الرغم من وجود ضغوط للاستيراد من أجل توفير الغذاء لأعداد أكبر من اللاجئين.
ويواجه الأردن ضغوطاً إضافية ناشئة من الاستعاضة عن إمدادات الغاز المصري الأقل من المستويات المتوقعة والمستخدمة في إنتاج الكهرباء بواردات الوقود مرتفعة التكلفة.
وتعزى الفروق في تغطية الاحتياطات بدرجة كبيرة إلى تباين التطورات في الحسابات الجارية. وتشهد بلدان المنطقة حالياً تحسناً في عجز الحسابات الجارية إلا أن هناك اختلافاً بين البلدان في ما يتعلق بزيادة الصادرات.