اسطنبول - رؤوف سليمان
انطلقت اليوم الأربعاء أعمال الملتقى الاقتصادي التركي العربي التاسع الذي يعقد في اسطنبول برعاية رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان وبمشاركة تركية وعربية رفيعة المستوى.
وافتتح وزير المالية التركي محمد شمشيك أعمال الدورة التاسعة من الملتقى وسط حضور نحو 400 مشارك من عشر دول تقدمهم عدد من الوزراء وكبار المسؤولين الحكوميين العرب والأتراك.
واشار شمشيك خلال كلمته إلى أنه على العالم العربي وتركيا اليوم مواصلة الإصلاحات وتنويع الاقتصاديات معتبرا أن المرحلة الحالية الانتقالية تحمل معها صعوبات معينة يجب إدارتها وحلحلتها بشكل جيد.
كما اعتبر الوزير التركي أن الاعتماد والاستثمار في رأس المال البشري ونوعية المؤسسات هي محددات النجاح للمستقبل مؤكدا ضرورة تحسين بيئة العمل وتطوير البنية التحتية لاستقطاب الاستثمارات وخلق فرص عمل الى جانب العمل على تطوير أنفسنا وخلق المزيد من المنافسة التي تعتبر من الأمور المهمة في دفع الإنتاجية لاسيما المعتمدة على التقنية التي بدورها تساهم في تقديم منتجات ذات قيمة مضافة ما يسهم في القضاء على الفقر وتحقيق الرفاهية.
واشار الى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا يمكن تقسيمها إلى دول مصدرة للنفط وأخرى مستوردة وهذه الأخيرة تعاني عجزا ماليا وعجزا في الحسابات الجارية على الرغم من التحسن الحاصل لديها إذ إنها بحاجة إلى مزيد من الإصلاحات.
واضاف انه في المقابل فان الدول المصدرة للنفط لاسيما دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لديها فائض كما أن الإيرادات المتأتية من خارج إطار النفط تشهد نوعا من التحسن لديها من حيث تنويع مصادر الدخل لكن هذه المصادر ما زالت مساهمتها منخفضة في الميزانية.
وشدد الوزير التركي على ضرورة إجراء المزيد من الإصلاحات البنيوية والتنويع الاقتصادي حيث إن أسعار الطاقة على المدى البعيد ستنخفض في ظل ارتفاع ازدياد استهلاك الطاقة وفقا لتوقعات ودراسات البنك الدولي.
وحول التبادل التجاري أشار شمشيك إلى أن صادرات تركيا الى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بلغت العام الماضي 5ر41 مليار دولار في حين سجلت واردات بلاده من هذه المنطقة 25 مليارا وبالتالي ارتفعت حصة الشرق الأوسط وشمال افريقيا من الصادرات التركية لتبلغ 27 بالمئة عام 2013 بعد أن كانت تتراوح في حدود 11 بالمئة في عام 2002.
من جانبه استهل الرئيس التنفيذي لـ (مجموعة الاقتصاد والأعمال) رؤوف أبو زكي كلمته باعتبار الملتقى في سنته التاسعة حدثا لا يضاهى في أهميته وفعاليته على النطاق الإقليمي واكتسب استمرارية في ظل احتضان ودعم الحكومة التركية ورعاية العديد من كبريات مؤسسات القطاع الخاص التركي والعربي.
وقال ان الملتقى ينعقد هذه السنة 'في مرحلة استثنائية في العالم العربي وخاصة دول الربيع العربي كما على نطاق المنطقة الأوسع فالتحولات الكبيرة وحالة عدم الاستقرار التي جاء بها الربيع العربي لم تنته فصولها بعد'.
واضاف انه في المقابل 'تبين جميع التطورات الجارية والمؤشرات ذات الصلة أن المرحلة الانتقالية التي تمر بها المنطقة قد تطول لبعض الوقت وتستمر تفاعلاتها على جميع دول المنطقة'.
واشار الى أن هذه التفاعلات والتداعيات امتدت إلى 'العلاقات الاقتصادية العربية - التركية وكان لها آثار سلبية في بعض جوانبها وإيجابية في جوانب أخرى'.
وشدد على أن 'مجرد انعقاد هذا الملتقى هو نجاح بذاته وذلك إذا وضعناه في إطار الظروف السياسية التي تمر بها المنطقة وما خلفته من انعكاسات سلبية على العلاقات التركية مع بعض دول المنطقة.
بدوره أشاد ممثل جامعة الدول العربية في تركيا السفير محمد الفاتح الناصري باهمية انعقاد الملتقى وإصرار (مجموعة الاقتصاد والأعمال) على تنظيمه ما يدل على حماسة وتجاوب القطاع الخاص في ظل الظروف التي تمر بنا'.
واشار الناصري إلى أن 'حجم التبادل التجاري بين المنطقة العربية وتركيا قد تضاعف من 17 مليار دولار في 2005 إلى 57 مليارا في 2013' معتبرا أن 'الشراكات التي نشأت من خلال المنتدى شكلت أحد أهم الأسباب وراء مضاعفة هذا الحجم من التبادل التجاري وهذا يعني أن تشابك المصالح التجارية بين الطرفين لا بد أن يواكبه مزيد من الرعاية'.
واعتبر أن 'ما تشهده المنطقة من مرحلة انتقالية يدفعنا إلى اتخاذ خطوات تحول هذا الملتقى إلى مركز قرار' مضيفا أن 'الأحداث التي وترت الأجواء بين المنطقة العربية وتركيا لا تعدو أن تكون زوبعة في فنجان'.
من ناحيته قال وكيل وزارة الاقتصاد والتجارة القطرية سلطان بن راشد الخاطر إن المنتدى يهدف إلى تطوير العلاقات بين العرب وتركيا 'التي هي أصلا متطورة وتسير بالاتجاه الصحيح' مضيفا أنه من المهم متابعة التوصيات التي يخرج بها المنتدى لاسيما في ما يتعلق بتنشيط الاستثمارات المشتركة في عدد من القطاعات.
وشدد على أن 'الخبرات التي لدينا تمكن الطرفين من الانتقال إلى آفاق أوسع في المجالات الاستثمارية ونتطلع إلى أن يساهم الملتقى في توسيع دائرة التبادل التجاري آملين أن نلتقي في دورات مقبلة حيث نكون قد أنجزنا ما نصبو إليه اليوم'.
أما وزير المالية الأردني أمية طوقان فاعتبر أن 'المنطقة اليوم تعاني مزيدا من البطالة الأمر الذي يستدعي مزيدا من الإصلاحات البنيوية كما أن الانضباط المالي ضروري في هذه المرحلة' مضيفا انه 'ربما نتعرض لصعوبات لكن بإمكاننا تخطيها'. من جانبه قال وزير الدولة الصومالي للشؤون المالية عبدالله محمد نور ان 'هذا الحدث هو فرصة للنقاش في الصعوبات الاقتصادية وماهية الحلول الواجب اتباعها سعيا إلى تذليلها' معتبرا أنه بفعل هذا المنتدى يمكن تطوير الأفكار التي ستساهم في تطوير الاقتصاديات' ومشددا على 'أهمية تبادل المعلومات والخبرات في ما بيننا خلال يومي الملتقى'.
كما اعتبر وزير الدولة السوداني للشؤون المالية مجدي حسن ياسين أن 'العلاقات بين المنطقة العربية وتركيا تاريخية ومميزة' مؤكدا انه من هذا المجال 'يجب أن نستشرف المستقبل ونسعى إلى تطويره'. وقال ان 'هناك تحديات كبيرة تواجه الدول العربية وهناك تحديات أخرى تواجه تركيا .. والمهم أن نواجهها بالواقعية والأساليب العلمية والعملية ونستفيد من الأخطاء التي وقعت من حولنا في العالم فالأزمة المالية العالمية كانت درسا مهما جدا لدول المنطقة لإعادة النظر في نوعية وطبيعة الاستثمارات'.
إلى ذلك استكمل الملتقى فعالياته بجلسة أولى حملت عنوان (أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاديات العربية) أدارها كبير الاقتصاديين في بنك البحر المتوسط الدكتور مازن سعيد وشارك فيها كل من وزراء مالية تركيا والأردن والصومال والسودان ووكيل وزارة الاقتصاد والتجارة القطرية ونائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية لأوروبا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وشمال افريقيا ديميتريس تسيتسيراغوس.
وتمحورت نقاشات الجلسة حول التدهور الاقتصادي بعد المرحلة الانتقالية السياسية وكيفية إدارة التوقعات مسألة معالجة البطالة وإعادة إحياء الاستثمارات والنمو الاقتصادي.
وأجمع المتحدثون على ضرورة تعزيز مستوى التكامل الاقتصادي بين جميع أسواق المنطقة ورفع مستوى التبادل التجاري والمشاريع المشتركة لما فيه خير شعوب تلك الدول.
وأعقب ذلك جلسة ثانية حملت عنوان (الآفاق المستقبلية للمصارف والأسواق المالية) ناقشت دور المصارف التركية في زمن التحديات وسلطت الضوء على ضمانات الحكومة على القروض للمشاريع الكبيرة من حيث تقييم المخاطر والمنافع إضافة إلى التركيز على آفاق الأسواق المالية التركية والاستثمار في المصرفية الإسلامية.
يشار إلى أن الملتقى تنظمه (مجموعة الاقتصاد والأعمال) بالاشتراك مع الحكومة التركية ممثلة بوزارة المال وجامعة الدول العربية وبالتعاون مع كل من بورصة إسطنبول الوكالة الحكومية لدعم وتشجيع الاستثمارات في تركيا ومجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية في تركيا.