أثينا - مارك سعادة
من المضحك أنَّ التاريخ يعيد نفسه؛ حيث أنَّ انتخابات عام 2010 في اليونان كانت قد أجريت بالتزامن مع عدد من الإصلاحات الاقتصادية بعد الأزمة التي ضربت دول منطقة اليورو، ومن الممكن أن يتكرر الوضع ذاته في شهر أيار/ مايو 2015.ومما لا شك فيه أنَّ ما يحث في أوروبا يؤثر وبشكل جلي على بريطانيا، حيث أنَّ ما يحدث في منطقة اليورو، من المحتمل، أن يكون أزمة واحدة وكساد اقتصادي واحد بعيدًا عن أيَّة انشقاقات، غير أنَّ إظهار الدعم لحزب "الاستقلال" من شأنه وأن يشجع "المحافظين" لتبني نهج متشكك تجاه الاتحاد الأوروبي ما سيزيد من صعوبة مواقفهم خلال المناسبات التي تتطلب فيها الأمور استمرارية تواجد بريطانيا داخل الاتحاد، ومن الممكن أن يدفع الانهيار الاقتصادي في منطقة اليورو التجارة البريطانية المتوازنة نحو منطقة الخطر.
وبدأت أزمة منطقة اليورو في التحسن خلال السنوات الماضية، حيث ظهرت مؤشرات النمو، انخفضت معدلات البطالة، وهبطت معدلات الديون من أصل صافي الإنتاج، لكن اليونانيون لا يزالون يعملون وفق السياسات التقشفية.
وفي محاولتها لاستعادة السيطرة على زمام الأمور؛ أعلنت الحكومة في أثينا عن مواعيد التصويت في الانتخابات الرئاسية، في شهر أيار/ مايو 2015، وفي حال لم يحصل المرشح المحسوب علي تيار "الوسط"، المفوض السابق للاتحاد الأوروبي، ستافروس ديمز، على 180 صوت من أصل 300، سيكون حزب "سيريزا" المناهض للسياسات التقشفية الرابح الأكبر خلال هذه العملية الانتخابية.
وكان من المزمع أن تعزز فرص فوز الحرب في الانتخابات إلا أنَّ ما أعلنه رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، عن رغبته في "التعرف علي وجوه جديدة بدلًا من القوى المتطرفة التي تتولي الحكم في اليونان"، قد يقلب الموازين.
إلا أنَّ أيَّة أزمة جدية قد تضرب اليونان من الممكن أن يتطلب الأمر شهورًا لحلها، حيث سترتفع عوائد الأصول في كل دول منطقة اليورو التي كانت قد شهدت انهيارًا وتقهقرًا، مثل: البرتغال، إسبانيا، إيطاليا، وبلجيكا، ما سيؤدي إلى ازدياد المخاوف الخاصة بالقروض المتعثرة التي تقدمها بنوك الاتحاد الأوروبي المهتزة.
في نهاية المطاف، يظهر أن التأثيرات السياسة على الوضع في اليونان جلية، حيث أنَّ المصوتون يعتبرون أوروبا الحل الأمثل للأزمات الاقتصادية البريطانية، هم يشعرون بسعادة غامرة أنَّ بريطانيا لم تنضم إلى دول منطقة اليورو المنهارة اقتصاديًا، والعديد منهم على قناعة تامة بأن بريطانيا لابد وأن تخرج عن الاتحاد الأوروبي بالكامل.