الرياض ـ سعيد الغامدي
كشف الخبير الاقتصادي المعروف، عضو جمعية الاقتصاد السعوديّة، عبدالحميد العمري، أنَّ الحكومة في بلاده خصّصت، على مدار الأعوام الخمس الماضية، أكثر من ترليوني ريال، لحوالي 24 ألف مشروع تنموي، ولم تنفذ منها سوى 24%، مطالبًا وزارة المال، والجهات المعنية، باسترداد الأموال السعودية من الصناديق الخارجية، وتوظيفها وضخها في الداخل.
وأضاف العمري، في لقاء متلفز، أنَّ "الإشكالية تتركز في الفجوة التنموية، التي تعني الفرق بين الأموال التي تم رصدها وبين متطلبات المجتمع، لاسيّما أنَّ الرصد أظهر أنَّ من 11 إلى 24 % فقط هو ما تمَّ تنفيذه بالفعل وفقًا لما رصدته الميزانيّة العامة للحكومة السعوديّة".
وأشار إلى أنّه "بعد فشل بعض الأجهزة والقطاعات، يتم اللجوء إلى أمر ملكي، واستثناء، بغية ضخ أموال إضافية، أو طلب فزعة من شركة (آرامكو)؛ لذا فإنه إذا كان هذا هو الحل؛ فإننا نحتاج إلى 100 آرامكو".
وأكّد الخبير الاقتصادي السعودي أنَّ "ما تمتلكه المملكة من احتياطات مالية يساعدها على تجاوز التذبذب في واردات النفط، الاحتياط الخارجي لست في حاجته، أموالك وظفها هنا، لا أريد صناديق أو كراتين، هات أموالنا هنا".
وسلط العمري الضوء على أزمة تعيشها المملكة منذ 45 عامًا، موضحًا أنَّ الميزانية هي مَن تدعم الاقتصاد؛ على الرغم أنّ المفترض (كما هو في غالبية دول العام)، أن يكون الاقتصاد هو من يدعم ميزانية الحكومة.
وعن القطاع الخاص؛ أبرز العمري أنَّ "القطاع الخاص في السعوديّة أشبهه برجل هزيل، يرتدي هيئة سوبر مان؛ حيث إنه يتنفس على الدعم الحكومي في الكثير من الأمور؛ منها الكهرباء والوقود وغيرها، وفي حال سحب هذا الدعم سيظهر القطاع الخاص على حقيقته".
وفي شأن الفساد، أكّد أنه موجود، لاسيما في المبالغة في العقود، منتقدًا تصريح رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، عندما قال "شاهدوا وزير التجارة"، ومبيّنًا أنَّ "التصريح خطأ؛ فنحن لسنا جالسين في ملعب أو مدرسة لنقول شاهدوا فلانًا أحسن من فلان؛ وإنما المفترض أن يتابع أداء الوزراء بالتقارير، ويريهم القصور لتلافيه، ومن ثم يرفع للملك".
وأردف "نحن لا نزال على الوضع نفسه في موضوع الفساد، والتحسن الطفيف في المركز العالمي؛ بسبب تراجع بعض الدول، لا يعد تقدمًا لنا، ولمعالجة الإشكالية؛ فلا بد من محاسبة المتورطين؛ لكن لماذا لم نَرَ حتى الآن المتورط في كوارث مثل جدة".
وعن موضوع زيادة الرواتب، وتصريح وزير المال بصعوبة ذلك، لكون نسبة الرواتب تمثل 50% من الميزانية؛ قال العمري "أنتم السبب، وأنتم من ورّط نفسه في هذه الإشكالية؛ لأن الميزانية تدعم الاقتصاد وتعيش على النفط؛ لذلك نفّذ ما كتبته أنت ونوّع في التوزيع الاقتصادي".
وتابع "كان الوزير محرجًا، ويتعرّق عند الحديث عن زيادة الرواتب؛ لاسيما مع ملاحظة أنَّ رواتب السعوديين تُعتبر من أدنى المعدلات على مستوى العالم؛ ومع ذلك فإن الأرقام التي تُعلَن لا يستفيد منها المواطن بصورة سريعة ومباشرة".
وكشف العمري أنَّ "ديون المواطنين السعوديين تصل إلى 700 مليار ريال؛ فيما انخفضت ديون الدولة إلى 44 مليار فقط".
وأشار إلى أنَّ "السياسة الاقتصادية تعدّ إشكالية، في الفترة الماضية، كان هناك نشاط للاحتكار، المحتكر يفوز والمنتج يخسر، لا تستغرب أن يطارد أحد البنوك حاملاً للماجستير بسبب ديون، وتجد من يحمل (سادس ابتدائي) تاجر عقار بعد أن ركب الموجة".
وفي شأن وزير الصحة الجديد، أكّد العمري أنّ "الجميع يقولون له (الله يعينك)؛ عوضًا عن (مبروك)؛ وذلك بسبب وضع الوزراء، الذي وصف بالمقبرة"؛ مشيرًا إلى أنَّ الوزير بعد مباشرته بأيام فوجئ بإشكالية وفاة طفلة في إحدى مستشفيات نجران، وعلى الرغم من أنه وزير محبوب، وذَرَفَ طلابُه في جازان الدموع على رحيله من إدارة الجامعة؛ ولكن تبقى أمامه مهمة كبيرة نسأل الله أن يوفقه فيها".
وأوضح العمري، في شأن أسعار العقار، وأزمته مع العقاريين، أنَّ "الإشكالية تتجسد في تدوير الأموال في العقار، بسبب ارتفاع الأسعار، هناك مشاكل عديدة بالمجتمع؛ ولكن الملاحظ هو اتجاه الأسعار للانخفاض بسبب توجه الدولة ودخولها لحل الأزمة، نلاحظ انخفاض البيع والإعلانات عن عروض وتقديم سيارات، ولم يتبقَّ سوى عروض التكفل بالأثاث والزوجة عن الشراء".
وعن توجّه الدولة والحلول التي بدأت؛ بيّن العمري أنَّ "منها رسوم الأراضي المتوقع إقرارها قريبًا، كما أن الصكوك الملغاة للأراضي المسروقة، والتي استردتها الدولة تبلغ ملياريْ متر، وهي تكفي لسكن 15 مليون مواطن"، مبرزًا أنَّ "الشبوك اللي احتلت المدن من أسباب الأزمة السابقة، والمفترض أن تسلم الأراضي المستعادة إلى وزارة الإسكان؛ لكونها أراضي الشعب"، نافيًا أن يكون له علاقة مع وزير الإسكان، كشافًا أنَّ "وزارة الإسكان وضعت أمام أشرس خصم، ولا يوجد لديها صلاحيات".
وتوقع الخبير الاقتصادي "انخفاض سعر الدولار أمام الريال"، منبّهًا إلى أنّه "مع ذلك جهّز التجار الأعذار بوجود مخزون سابق لديهم؛ مطالبين بأشهر؛ علمًا بأنَّ مهنة خفض الأسعار من اختصاص وزارة التجارة".
وأشاد العمري بتطور أداء وزارتي العدل والتجارة وهيئة الاستثمار؛ مطالبًا بقية الوزارات بتطوير أعمالها لما يخدم المصلحة العامة، مؤكّدًا أنَّ موقع وزير المال المهم هو ما يعرّضه لنقد الإعلاميين والصاحفيين المستمر.