صورة من الارشيف لموظفين في مصرف سوري
دمشق ـ جورج الشامي
أكّدت الحكومة السورية، الأربعاء، أن "مخزون القمح يكفي لعام، وأن الليرة السورية لديها المقومات للمحافظة على موقعها، وأن مشكلة المحروقات والغاز بدأت بالانتهاء"، فيما ذكر عدد كبير من المواطنين السوريين لـ"العرب اليوم" أن "الوضع الميداني مختلف تمامًا، وأن الواقع لا يشبه أبدًا ما صرحت به حكومة دمشق"
. وقال رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي، في اجتماع نوعي للحكومة، إنه "في ظل هذه الظروف الراهنة توجد معوقات وصعوبات في إطار التوسع في زراعة القطن وإمكان تسويقه وحلجه وتخزينه، وهناك احتياط إستراتيجي من مادة القمح يكفي لأكثر من عام، وأن من يراهن على انهيار الليرة السورية واهم، فمتطلبات صمود اقتصادنا متوفرة ولدينا احتياطات كبيرة وإستراتيجية لمختلف المواد التموينية والاستهلاكية تغطي حاجات المحافظات كافة ولأشهر عدة، وأن الاختناقات التي حدثت في مادتي الغاز والبنزين بدأت في الانفراج، وأن أولويات عمل الحكومة هي تأمين مستلزمات الشعب من مواد غذائية واستهلاكية وطبية وتنموية"، فيما قدم عرضًا للواقع الحالي لمحافظة الرقة، موضحًا "مظاهر التخريب والدمار التي تعرضت لها على يد (المجموعات الإرهابية المسلحة)، وقيام الحكومة بتأمين الخدمات كافة من مياه وكهرباء وصحة، بالإضافة إلى المواد الغذائية لأبناء المحافظة، وأن محافظة الرقة ستبقى في قلب سورية أرضًا وشعبًا، والحكومة لن تنسى أبناءها وستعيد بسط الأمن والاستقرار فيها بفضل جهود قواتنا المسلحة، وتأمين المستلزمات المعيشية والخدمية كافة"، مشيرًا إلى "أهمية قيام المجتمع الأهلي والفعاليات الاجتماعية في المحافظة على الممتلكات العمومية والخاصة".
وأوضح وزير الزراعة أحمد القادري، في تصريحات للصحافيين عقب الجلسة، بعض الآثار السلبية التي تؤثر على تنفيذ الخطط الزراعية، والمتمثلة في "عدم توافر وسائل النقل والإمداد لبعض المناطق، وتعرّض المخازن للسلب والحرق على يد (المجموعات الإرهابية المسلحة) من أجل محاربة الشعب السوري في لقمة عيشه، وأن الحكومة مهتمة بتأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي ضمن الإمكانات المتاحة"، معربًا عن تفاؤله بالحصول على "محصول جيد من القمح هذا الموسم، نظرًا لأن عمليات الإنماء جيدة في غالبية المناطق ولم يتعرض لأي مشاكل مرضية، وأن المساحة المزروعة بالقمح بلغت 1.3 مليون هكتار".
ووافق مجلس الوزراء على مقترح وزارة الزراعة، المتضمن تنفيذ خطة زراعة القطن للعام 2012-2013، مع قيام الحكومة بتأمين مستلزمات الإنتاج "بذور وسماد"، على أن يقوم الفلاحون بدفع قيمتها نقدًا عند استلامها، مع مراعاة أن تتناسب المساحات المزروعة مع الحاجات اللازمة لتشغيل معامل وزارة الصناعة والقطاع الخاص وأن تقوم الحكومة بتقديم الدعم عند استلام المحصول، وبالنسبة لمحصول القمح وافق مجلس الوزراء على مقترح وزارة الزراعة المتضمن قيام الحكومة بتأمين وإيصال المحروقات للمحافظات كافة وبخاصة لمراكز الثقل الزراعي حلب والرقة ودير الزور والحسكة، لتأمين السقايات بالموعد المحدد، لكي لا تخسر القسم الكبير من الإنتاج المخطط في حال عدم تأمينه حوالي 70 في المائة من إنتاج القمح من الزراعة المروية".
توجه "العرب اليوم" بعد هذا الاجتماع، إلى المواطن السوري لاستطلاع رأيه بشأن مضمون الاجتماع، حيث أكّد "عدد كبير من السوريين أنه رغم تأكيدات الحكومة على لسان رئيسها أن الليرة لن تنهار، وأن مشكلة المحروقات والغاز بدأت بالحل، وأن مخزون القمح يكفي لأكثر من عام، فإن الوضع الميداني مختلف تمامًا، وأن الواقع لا يشبه أبدًا ما ذكره رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة، وأن الحكومة السورية منفصلة عن الواقع".
وقال أحد الموطنين لـ"العرب اليوم"، إن "مشكلة المحروقات لا تزال مستمرة، وعدد كبير من المحطات خارج الخدمة بسبب عدم توافر المحروقات، والسوق السوداء في ارتفاع متواصل، حيث وصل سعر اليتر الواحد من البنزين إلى ما يزيد عن 150 ليرة فيما تحدد الدولة بـ65"، فيما أوضح آخر أن "الليرة السورية في انخفاض مستمر، حيث وصل سعر الدولار اليوم إلى ما يزيد عن 120 ليرة سورية، وهذا ما ينعكس على مختلف البضائع الغذائية والخدمية التي ترتفع بدورها بشكل جنوني".
ورأى مواطن سوري آخر، أن "انخفاض الليرة رفع الأسعار بشكل جنوني، ولا يمكننا كمواطنين من ذوي الدخل المحدود على مجاراته، وعلى سبيل المثال وصل سعر كيلو الطماطم (البندورة) إلى 150 ليرة سورية، (ما يعادل دولار ونصف الدولار)، في حين أن سعره يجب ألا يتجاوز 15 ليرة سورية، وأصبحنا نسميها الذهب الأحمر، لغلائها وصعوبة شرائها، والأمر ينطبق على معظم السلع الغذائية الأخرى".
وفي ما يتعلق بالدقيق، قال صاحب أحد الأفران في ريف دمشق لـ"العرب اليوم": لم أفتح أبواب الفرن منذ أسبوع، فالمواد الأساسية للعمل غير موجودة، فإذا توافر الطحين في بعض الأيام، يغيب المازوت المشغل للفرن، وإذا حضر المازوت غاب الطحين، وفي بعض الأحيان أضطر لشراء الطحين والمازوت من السوق السوداء لتأمين حاجات المواطن، ولكن ذلك يزيد من التزاماتي المالية، وبالتالي يزيد من سعر ربطة الخبز، وبالمحصلة يزيد الضغط على كاهل المواطن على المستوى المالي.
ولا تزال أزمة الغاز في سورية مستمرة حتى الآن، حيث ذكر أحد المواطنين لـ"العرب اليوم"، أن "مؤسسات الدولة خاوية من إسطوانات الغاز، وحتى السوق السوداء شحيحة بالمادة، ويصل أسعارها لأرقام فلكية"، في حين أكد أحد باعة الغاز في السوق السوداء أنه خلال الشهر الماضي تم بيع معظم إسطوانات الغاز في السوق والتي تم تعبئتها في لبنان، وهذا ما يجعلها مرتفعة السعر، حيث يصل سعر الإسطوانة الآن في السوق بين 2500 و3000 ليرة سورية في حين أنها محددة من قبل الحكومة بـ550"، بينما تساءل أحد السوريين: إلى متى ستبقى الحكومة السورية تكذب؟، وإلى متى ستبقى منفصلة عن الواقع؟، يبدو أن حكومتنا من كثرة الكذب، بدأت تصدق كذبها، وتدافع عنه، وتعتبره الواقع على الأرض.
وأكد كاتب مدير عام المخابز أبو زيد، في تصريح لـ"الوطن"، أن "أسعار الطحين أصبحت بكل تأكيد في تصاعد وهي تسير نحو الأعلى، وأن هناك 100 سيارة طحين تنتظر دورها في ريف دمشق لتفريغ حمولتها في السيارات التابعة للمطاحن لتدخل بدورها إلى دمشق وتغذية الريف والمنطقة الجنوبية من البلاد، وأن باخرة طحين وصلت من إحدى الدول المطلة على البحر الأسود إلى ميناء طرطوس، الجمعة الماضية، تحمل 1800 طن في إطار تنفيذ عقد توريد مع شركة (ليسكو) لحوالي 30 ألف طن طحين، وأن باخرة أخرى تحمل 450 طن طحين وصلت إلى ميناء اللاذقية، وذلك ضمن عقد كمية تبلغ 10 آلاف طن تقوم هيئة الحبوب الأوكرانية بتوريدها إلى البلاد"، مشيرًا إلى أنه تم "الانتهاء من معالجة موضوع النقل عبر رفع التعرفة للسيارات التي تقوم بنقل الطحين"، مضيفًا "قمنا أيضًا بالتعاون مع الجهات المعنية، بتأمين مرافقة للسيارات من اللاذقية إلى دمشق، وأن المفاوضات مع مكاتب سيارات النقل أفضت إلى إقرار تعرفة تبلغ 2000 ليرة سورية لنقل الطن الواحد، أي ما يصل إلى أكثر من ضعفين ونصف عن السعر السابق".