الرياض – العرب اليوم
في الفترة التي طغى فيها ركود الحراك الثقافي على معظم المؤسسات الثقافية على مستوى السعودية لم يجد عدد من الأدباء والمثقفين، في السنوات الأخيرة بدا من الاتجاه لتفعيل الحراك الأهلي عبر إنشاء صالونات ثقافية خاصة، برز منها في الرياض صالون العلاّمة حمد الجاسر وثلوثية المشوح، وفي الأحساء أحدية آل مبارك، ولم تخل المنطقة الشرقية من عدة صالونات أيضا. وفي جدة صالون الدكتور عبد المحسن القحطاني، التي أضيفت للصالون العريق "اثنينية عبد المقصود خوجة" المستمرة على مدى ثلاثة عقود.
وفي جازان لم يختلف الوضع، حيث هرع عدد من المثقفين إلى إنشاء صالونات أدبية في منازلهم تؤدي الدور الذي عجزت عن إكماله المؤسسات الأدبية والثقافية، بحسب مؤسسي هذه الصالونات.
فيما عبر عدد من الأدباء والمثقفين عن استيائهم من الوضع الحالي الذي فكك لحمة الأدباء والمثقفين وجعل بعضهم يواصل نشاطه خارج "المؤسسة" الأندية الأدبية.
أرجعت الأديبة نجاة خيري انتشار الصالونات الأدبية في جازان في الفترة الأخيرة إلى تنحي الأندية الأدبية عن دورها الحقيقي وتضييق المواضيع التي يتفاعل معها.
وأكدت: للصالونات الأدبية عدة مزايا، فهي تحقق للمثقف متسعا ليبدع بعيدا عن الحجر الذي تخلقه المؤسسات الرسمية وتحد من انطلاقته. وطالبت خيري بتكثيف الرعاية الثقافية في المنطقة واستشعار قيمة الأدب بمناشط وفعاليات وتأسيس المراكز الثقافية بالمحافظات وتوفير الدعم المادي ودعم الواعدين والمؤسسين والإسهام في التلاقح الثقافي بين الأدباء والمثقفين داخل المملكة وخارجها.
من جهته شدد الشاعر حسن ودعاني على حتمية وصول المؤسسات الثقافية والأندية للشعراء والموهوبين وتحتضنهم، لافتا إلى أن هناك مواهب شابة تحتاج الفرصة لإثبات وجودها، ذاكرا أنه في بداياته كانت له جهود شخصية وأنه يطمح إلى أكثرمن ذلك.
فيما أوضح صاحب صالون "اثنينية الزاهد النعمي" في جازان أن الصالون الأدبي هو الأسبق وأنه يمثل ثقافة المجتمع فهو ليس جهة رسمية وليس محتكرا، لكن لديه جمهوره ومحبوه، مشيرا إلى أن الحراك الأدبي حاليا في المنطقة يشهد تطورا بالرغم من بعض الإشكاليات، واصفا هذه الإشكاليات بأنها عبارة عن صراعات شخصية ترتكز على قضايا ذاتية أبعدت الأدباء عن الأدب، وصرفتهم عن الفعل الحقيقي للمبدع. ولم يتردد النعمي في اتهام الأندية الأدبية بأنها لم تقدم شيئا، قائلا: هناك شعراء لم يجدوا من يحتضنهم، حيث لا تبحث هذه المؤسسات عن الطاقات الشابة.
وطالب النعمي المؤسسات الثقافية بالنهوض بالأدب وربط الأندية الأدبية بالصوالين والمجتمع لإتاحة الفرصة أمام جميع الفئات والشرائح كي تؤدي دورها بفعالية، ودعا النعمي لإعادة تنظيم الأندية وفروع جمعية الثقافة والفنون لتعاود أداء دورها الريادي الذي ضعف كثيرا. ويعول النعمي كثيرا على كبار المثقفين - حسب وصفه - لوضع حل لراهن الحراك الثقافي الأدبي في المنطقة وحل الخلافات.
وكان عديد من المثقفين قد أبدو تذمرهم عبر كتابات في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي من اقتصار الأندية على "الأدبية"، مطالبين بتوسعها لتكون "ثقافية" شاملة، مشددين على فكرة (المراكز الثقافية) على غرار تجربة (قصور الثقافة)، منطلقين من أن "الأدبية" صيغة لم تعد ملائمة للعصر ومتغيراته، وهو رأي ظل يطلق منذ أكثر من عقد على أكثر من صعيد. فالمجتمع الآن بكل تعقيداته تبقى الصيغة الأنسب لاستيعاب جزء من هذا التعقيد مراكز ثقافية كبرى في كل المدن، تضم ناديا أدبيا وثانيا للمسرح وثالثا للفنون البصرية، وناديا علميا وسينما ، ومقهى، وبخشة لرياضات خفية.
وفي هذا السياق يتساءل الكاتب القاص عبدالله التعزي: محبو الأدب والعلم والمعرفة واتجاهات الثقافة كافة، ربما يحتارون كثيرا أين يلتقون أو يذهبون هذه الأيام خاصة إن كانوا ليسوا من عاشقي ارتياد الصوالين المنزلية التي يفتحها -مشكورين- عدد من الوجهاء، وهي في الغالب تنحو نحو صيغ اجتماعية ولقاءات أصدقاء وبعض الأدعياء وأحاديث مرسلة، لا يمكن أن تنتج فكرا أو معرفة، أو تتبنى إبداعا أو تتبنى تيارات واتجاهات إبداعية وفنية. بل وربما تقتصر على سن معينة. جاء ذلك في تقرير نشره موقع صحيفة الوطن السعودية اليوم الأربعاء.