لندن - العرب اليوم
بعد النجاح المذهل الذي حققته «سوذبيز» في سوق المزادات، قررت الدار أن تعرض مجموعة أخرى من لوحات المشاهد التاريخية في الشرق الأوسط التي كانت انعكاساً لتجربة المستكشفين المستشرقين الذين رسموها بعناية وجرأة في القرن التاسع عشر. وستُعرض أكثر من ثلاثين من الأعمال الفنية النادرة التي رُسمت بريشة كبار الفنانين بمن فيهم جان ليون جيروم، وغوستاف باورنفايند، ولودفيغ دويتش في معرض «سوذبيز» بلندن ابتداءً من 27 مارس (آذار) قبل إقامة المزاد في 31 منه. وستسافر أبرز الأعمال الفنية في المزاد إلى دبي من 9 - 13 مارس. قال كلود بينينغ، رئيس قسم الفن الأوروبي في القرن التاسع عشر بدار «سوذبيز»: «نشهد بين كل فينة وأخرى إحدى مجموعات الفن الخاصة تعيد تعريف وتنشيط نوع فني معين واستقطاب جيل جديد من عشاق الفن، وتحقيق المبيعات الناجحة في السوق. وعندما عرضنا في العام الماضي الأعمال الفنية الـ155 الكاملة من مجموعة (نجد) المرموقة، شعرنا بسعادة غامرة لرؤية الحماس الهائل الذي لقيه فن المستشرقين، ومن دواعي سرورنا أن نتمكن من تقديم مجموعة ثانية من تلك الأعمال البارزة التي رسمتها أنامل أكثر الفنانين شهرة وتميزاً في فئتهم».
غوستاف باورنفايند
في المعرض لوحة للرسام الألماني غوستاف باورنفايند، «موكب في يافا»، ألوان زيتية على قماش، 1890، مقدرة بسعر مليون و500 ألف إلى مليونين و500 ألف جنيه إسترليني. وفي رسالة موجهة إلى والدته، كتب باورنفايند «عليك أن تعيشي في بلد كهذا لوقت طويل حتى تتمكني من معرفة القليل فقط مما تخبئه من جمال وسحر». رسم باورنفايند هذا العمل فور عودته إلى ألمانيا بعد رحلته الثالثة والأخيرة إلى فلسطين، وتعد هذه اللوحة الأبرز بين لوحاته التي رسمها ليصور يافا. ولم تفلت أي تفاصيل من عين باورنفايند، فكان يعشق تصوير شوارع المدينة ومبانيها ومساجدها، فضلاً عن «موكب الشخصيات» التي سكنت تلك الأماكن. يظهر في هذه اللوحة الضخمة مجموعة من الدراويش والصوفيين يقودون مسيرة دينية، لربما تضم الحجاج الذين يشرعون في الحج السنوي إلى مكة.
سيعرض العمل الفني في المزاد، لأول مرة منذ أكثر من أربعين عاماً، بعد أن سجل عمل «سوق في يافا» 3.7 مليون جنيه إسترليني والذي بيع من ضمن مجموعة «نجد» العام الماضي.
لودفيغ دويتش
لودفيغ دويتش رسام مستشرق نمساوي، تشارك لوحته «حارس القصر»، رسم هذه اللوحة عام 1900 بألوان زيتية على الخشب، مقدرة بسعر بين 600 ألف و800 ألف جنيه إسترليني. بيعت لوحة «الأعطية» لدويتش ضمن أعمال مختارة من مجموعة «نجد» العام الماضي بسعر قياسي بلغ 4.3 مليون جنيه إسترليني؛ مما ضاعف الرقم القياسي السابق للفنان الذي أحرزه في عام 2013. وهناك ثمانية أعمال أخرى للرسام النمساوي في المزاد.
ستُعرض لوحة «حارس القصر» في المزاد لأول مرة، وهي تُصور حارساً معتداً بنفسه يرتدي ملابس غنية بالزخارف، ويقف في حالة تأهب دائم، ويرتدي حذاءً ذهبياً لامعاً ويحمل مجموعة من الأسلحة الذهبية وعلى رأسه قلنسوة فارسية من الفولاذ وإلى جانبه درعه مائلة على الأرض. وتُظهر اللوحة تقنية دويتش الدقيقة وتمرسه، فمثلاً تُبين البوابة الكثير من العناصر العمرانية الشهيرة في تلك الفترة في مسجد السلطان حسن في القاهرة.
لوحة بعنوان «لحظة استراحة»، رسمها دويتش بألوان زيتية على خشب، 1906، مقدرة بسعر بين 600 ألف و800 ألف جنيه إسترليني. صُورت هذه اللوحة المؤثرة لأحد المفكرين في المسجد الأخضر في بورصة بالأناضول الذي كان يشتهر بالبلاط السداسي ذي اللون الأخضر والفيروزي. وعلى الرغم من أن الفنان لجأ في الأغلب إلى الصور الفوتوغرافية لتساعده في دراسة هذه اللمحات الدقيقة، استطاع إنتاج مجموعة مرموقة بحلول التسعينات من القرن التاسع عشر وتفوقت لوحاته بدقتها على الصور الفوتوغرافية واستغرقته كل لوحة أسابيع أو ربما أشهراً ليُكملها.
لودفيغ دويتش، «العلامة»، ألوان زيتية على خشب، 1901، مقدرة بسعر بين 500 ألف و700 ألف جنيه إسترليني.
استوحي موضوع «العلامة» النبيل والأنيق على الأغلب من لقاءات دويتش مع علماء في مصر بجامعة الأزهر الشهيرة. وتعكس عباءته المميزة مكانته وثروته؛ نظراً لأن أغلى الأصباغ السوداء فقط هي التي تظهر بوضوح تحت الضوء الساطع. ويرتسم على وجه العلامة في اللوحة تعبير يدل على التركيز المكثف، ويجلس متأملاً في السورة التي قرأها للتو في القرآن الكريم ذي الغلاف الجلدي. لوحة أخرى لدويتش، وهي «كاتب الرسائل، ألوان زيتية على خشب، 1894، مقدرة بسعر بين 400 ألف و600 ألف جنيه إسترليني.
يستكشف دويتش في هذه اللوحة موضوع معرفة القراءة والكتابة في الثقافة المصرية ويحتفل بتاريخها المجيد، ويؤكد أهميتها في كل من الحياة العلمانية والدينية، في الوقت الذي كانت الابتكارات الحديثة في الطباعة تهدد الدور التقليدي للكُتاب المحترفين.
جان ليون جيروم
تضمن الجزء الأول من الأعمال التي عرضت ضمن مجموعة «نجد» العام الماضي خمسة أعمال للرسام الفرنسي ليون جيروم، وكان أحدها لوحة «راكبي الخيل يعبرون الصحراء» الاستثنائية والسينمائية، التي سجلت رقماً قياسياً جديداً للفنان بسعر 3.1 مليون جنيه إسترليني.
تصور اللوحة مجندين مصريين يعبرون الصحراء، ألوانها زيتية ورُسمت على قماش عام 1857، مقدرة بسعر بين 700 ألف ومليون جنيه إسترليني. رسم جيروم هذه اللوحة الرائعة التي عُرضت في صالون باريس عام 1857، عندما كان في أوج مسيرته المهنية بعد رحلته الافتتاحية الناجحة إلى مصر في عام 1856. وتصور اللوحة سجناء مكبلي الأيدي يقودهم حراس عبر عاصفة رملية لمصيرهم غير المعروف. وعبّر جيروم هنا عن معاناة المجندين بموضوعية تثير التعاطف، وأظهر مهارته ودقته عبر إسقاط الضوء على الأشخاص في المقدمة وتلاشي من هم في الخلفية الذين غمرتهم العاصفة الرملية بالكامل. وبعد أن رأى تلك المشاهد في أسيوط، اعتمد الفنان في رسمه على رسوماته الأولية المعتادة بالإضافة إلى الصور التي التقطها.
لوحة «أرناود في القاهرة» لجيروم أيضاً، استخدم في رسمها الألوان الزيتية على خشب، مقدرة بسعر بين 200 ألف و300 ألف جنيه إسترليني. كان «الأرناود» أو «الباشي بازوك» من الشخصيات الملهمة بالنسبة لجيروم، حيث ظهر الأرناود في أعماله الفنية بدءاً من أواخر خمسينات القرن التاسع. والأرناود هم مرتزقة في الجيش العثماني ينحدرون من ألبانيا والبلقان، انتشروا في جميع أنحاء الإمبراطورية في تلك الفترة بما في ذلك القاهرة، حيث التقاهم الفنان وهم يرتدون تنانيرهم المطوية بلونها الأبيض المميز.
رودولف إرنست
رودولف إرنست، رسام نمساوي، له في المعرض لوحة «خارج المسجد»، القسطنطينية، ألوان زيتية على خشب، مقدرة بسعر بين 150 ألفاً و200 ألف جنيه إسترليني.
سافر إرنست في عام 1890 إلى القسطنطينية، وكانت رحلة ذات تأثير عميق على إنتاجه الفني. وفضّل حينها التركيز على التراث الإسلامي التقليدي والمهارات والحرف التقليدية في تركيا، على الرغم من أن عاصمة الإمبراطورية العثمانية كانت تتجه بشكل متسارع إلى الحداثة وتصبح أكثر قرباً من الغرب. ورسم الفنان لوحاته بمساعدة الصور أو الرسومات الأولية وذاكرته، وأنتج سلسلة من لوحات المساجد. ويصور في هذه اللوحة واجهة قبر السلطان سليم، الواقع في منطقة آيا صوفيا. «حارس القصر» لإرنست، ألوان زيتية على خشب، مقدرة بسعر بين 80 ألفاً و120 ألف جنيه إسترليني.
يقف في هذه اللوحة الثرية بالتفاصيل رجل عند مدخل القصر حاملاً أسلحة لمواجهة أي متسللين. ونرى هنا مزيجاً رائعاً من العناصر المعمارية والإثنية، وتضم اللوحة البلاط الملون والديكور البربري، التي تذكرنا مجتمعة باختلاط أنماط الزخارف في قصر الحمراء في غرناطة.
لمحة عن مجموعة «نجد»
توفر سجلات لوحات المستشرقين الثمينة لتاريخ العالم الإسلامي نافذة فريدة من نوعها على عالم قد تغير إلى الأبد، مُجسدة كل جانب من جوانب الحياة في المنطقة بتفاصيل تقنية متميزة.
جمع أحد جامعي الأعمال الفنية في الفترة التي تمتد بين أوائل إلى منتصف الثمانينات من القرن الماضي، مجموعة «نجد» التي تضم 155 لوحة، مدفوعاً بشغف مستنير لبناء صورة شاملة عن مجتمع المنطقة منذ قرن أو أكثر. وسافر الفنانون الممثلون في مجموعة «نجد» حرصاً منهم على اكتشاف ما وراء حدود تجربتهم الغربية إلى شمال أفريقيا والإمبراطورية العثمانية والشرق الأوسط، وأمضوا وقتاً طويلاً في تصوير ما شاهدوه وجربوه شخصياً. ووفر إرث أعمالهم مرجعاً وثائقياً لا يُقدر بثمن عن المناطق التي تغيرت منذ ذلك الحين بفعل الحداثة أو الصراع في حالات أخرى.
ولم يكن الفنانون في العالم الإسلامي يعملون بالأساليب التعبيرية والتصويرية نفسها التي كان يستخدمها الرسامون الغربيون. لذلك؛ وبالإضافة إلى التفاصيل التي أُظهرت في لوحات المستشرقين، لا يوجد إلا القليل فقط من السجلات البصرية الأخرى التي تسقط الضوء على عادات وأخلاق تلك الفترة في هذا الجزء من العالم خلال القرن التاسع عشر.
قد يهمك أيضا:
مازارتي يملكها مواطن معروضة في أشهر المزادات العالمية
حفرية لديناصور صغير تنضمّ إلى قائمة المزادات الغريبة على "إيباي"