واشنطن ـ يوسف مكي
صنع علماء الأحياء المجهرية من جميع أنحاء العالم، أعمالًا فنية من خلال وضع سلالات مختلفة من البكتيريا مع البروتينات في أطباق زجاجية مع السماح للبكتيريا بالتفاعل والانتشار عبر أنماط مرسومة بعناية، ودخلت هذه الأعمال الفنية في مسابقة "Agar Art Challenge" الفنية، وتمثلت الأعمال في العلم الأميركي وتصميمات للخلايا العصبية وصورة للكيميائي لويس باستور.
وتعتبر مسابقة "Agar Art Challenge" الأولى من نوعها التي تستضيفها الجمعية الأميركية لعلم الأحياء الدقيقة "ASM"، ونشرت عدة مشاركات على الصفحة الرسمية للجمعية على "فيسبوك" حيث اختار الفنانون وأعضاء الجمعية أفضل ثلاثة أعمال فنية، أما الجائزة الرابعة فتُمنح اعتمادا على عدد إعجاب الناس بأحد الأعمال الفنية.
وحصل على المركز الأول الفنان محمد بيركمن من نيو إنجلاند بيولاندز، وكذلك الفنانة ماريا بينيل، وتدعى اللوحة "Neurons'" وتعني الخلايا العصبية، وتتكون من الميكروبات الملونة بثلاثة ألوان هي البرتقالي والأصفر والأحمر، ووضع الرسم لمدة يومين في درجة حرارة 30 مئوية.
ومُنحت المركز الثاني كريستين مريزي من خلال دعم العلماء في "Genspace community" في نيويورك، وتدعى اللوحة "NYC Biome Map"، وأنشأت اللوحة من خلال أكثر من 50 مشاركًا باستخدام البكتيريا في أطباق زجاجية، وتم تجهيز الأطباق بالإستنسل لشبكة الشوارع في نيويورك، ونمت البكتيريا من خلال هذا النمط، وبعد فترة حضانة قصيرة عاد المشاركون إلى طباعة النماذج على الورق، وتم تجميع الأوراق المطبوعة معا بما يمثل خريطة نيويورك.
وذكرت السيدة مريزي أن "الكائنات الدقيقة موجودة في كل مكان ولكن لا يمكن رؤيتها بالعين البشرية، وقمنا بعمل خريطة ميكروبية لنيويورك التي تؤثر علينا بشكل كبير باعتبار نيويورك بوتقة تنصر فيها الثقافات المختلفة"، وتستخدم خريطة نيويورك البكتيريا الإشريكية القولونية بشكل هندسي مع البروتينات الفلورية، بما في ذلك البروتينات الفلورية الخضراء والحمراء والصفراء.
وحصلت ماريا يوجينيا إندا، وهي باحثة ما بعد الدكتوراه من الأرجنتين وتعمل في مختبرات "كولد سبرينج هاربور" على المركز الثالث في المسابقة من خلال عملا فنيا باسم "موسم الحصاد" باستخدام أنواع من الخميرة تسمى خميرة الخباز، وهى خميرة نشطة في الخبز والنبيذ والبيرة، واعتمدت العناصر المكونة للعمل الفني على عملية الأيض ما يجعلها تتحول إلى اللونين الأصفر والأحمر.
وأعطيت جائزة اختيار الناس إلى عمل فني بعنوان "من خلية إلى خلية"، حيث حظي العمل بـ3500 إعجاب من الناس على "فيسبوك"، وصنع العمل بواسطة نفس الفريق الذي قدم رسم "Neurons" الفائز بالمركز الأول.
وأوضحت أميلي ديلغر الحاصلة على درجة الدكتوراه في "ASM" أن "المسابقة لاقت استجابة كبيرة، وطلبنا من المشاركين بإنشاء عمل فني باستخدام الميكروبات ولم نحدد مصدر معين للميكروبات، وأشار عدد قليل من المشاركين إلى مصدر الميكروبات، وكنا سعداء بتفاوت الآراء والوقت والجهد المبذول لإنشاء هذه الأعمال".
ومن بين الأعمال الفنية المشاركة كان عملا يجسد وجه البومة باستخدام كبريتيد الهيدروجين الذي تنتجه السالمونيلا، وصنعت العيون الصفراء بواسطة البكتيريا القولونية، وهي البكتيريا الأكثر شيوعا في الفضلات البشرية، كما أنتج عملا فنيا بعنوان "زهرة البفيدوبكتيريا الصغيرة" باستخدام بعض الكائنات المجهرية الدقيقة المستخدمة على نطاق واسع في منتجات الألبان.
وهناك عمل أخر باسم "As American as Andy Warhol" باستخدام "Serratia" وسلالات مختلفة من البكتيريا القولونية لصنع اللون الأحمر والأبيض والأزرق للعلم الأميركي، بينما استخدم الرسم باسم "The Wild Garden of the Gut Bacteria' مزيجًا من بكتيريا الأمعاء والبكتيريا الرئوية.
وصُنع رسم باسم "الزهرة المشرقة" باستخدام الأمونيوم الحديدي لتسليط الضوء على H2S الذي تنتجه السالمونيلا، وتعتبر هذه البكتيريا من الأنواع الضارة عند ابتلاعها حيث تسبب مرض الكوليرا وتسمم المحار.
وصُمم بورتريه للكيميائي الفرنسي لويس باستور باستخدام متصابغة بنفسجية على مادة هلامية مشتقة من الأعشاب البحرية، وتنمو هذه المادة خلال أي وسيط وتنتج مضاد للأكسدة يسمى "فيولاسئين"، وهي صبغة أرجوانية تمنحها اللون البنفسجي، وهناك تصميم يجسد شكل الساعة باسم "It's Always 5 o'clock Somewhere" صُنع باستخدام أحد أنواع البكتيريا البحرية.
وأضافت السيدة ديلغر "طلبنا من الفنانين المشاركين إتباع إرشادات السلامة الخاصة بـ"ASM"، بما في ذلك ارتداء معدات الوقاية الشخصية ما جعل الرسم يجمع بين العلم والفن".
وتلقت المسابقة 85 طلبًا للمشاركة بها من العلماء في مختلف المجالات، وشملت لجنة التحكيم فنانين في الألوان المائية وأساتذة أكاديميين، وتم تقييم كافة الأعمال المقدمة من حيث التصميم والإبداع والعرض ودقة وسهولة إدراكها من قبل الجمهور العام من خلال الوصف المكتوب لكل لعمل.