القاهرة ـ حسام السيد
قفزت ظاهرة استخدام السحر في ملاعب كرة القدم إلى سطح الأحداث خلال الساعات الأخيرة، بعد أن شهدت مباريات دوري أبطال إفريقيا والبطولة الكونفيدرالية وقائع اعتبرها البعض طريفة للغاية، وذهب البعض الآخر إلى الاعتقاد في تأثيرها على نتائج المباريات، وظهرت
لقطات تلفزيونية لحارس مرمى فريق "حوريا كوناكري" الغيني وهو يقوم بعملية شعوذة من خلال وضع مياة غريبة على خط المرمى في مباراة الرجاء المغربي، وتكرر المشهد في مباراة "الإسماعيلي" و"إيتانشيتي" في البطولة الكونفيدرالية عن طريق حارس الأخير، ووضح حارس "يانغ أفريكانز" التنزاني خيطًا على امتداد خط مرماه في مباراة "الاهلي" لينصرف تفكير الجميع إلى استخدام الأنديّة الأفريقيّة لأعمال السحر الأسود من أجل تحقيق الفوز، على الرغم مما تحمله الظاهرة من تباين في التعاطي معها ما بين مؤمن بها، ومن يرى أنها مجرد طقوس لتشتيت التركيز ليس أكثر وكونها نوع من الخرافات.
ويستعرض "المغرب اليوم" أبعاد الظاهرة التي تأخذ طابعًا خاصًا في القارة السمراء، بعد أن أصبحت حديث الشارع الرياضي في مصر بسبب كمية الفرص المهدرة أمام "يانغ أفريكانز"، وكذا الأمر في لقاء "الإسماعيلي" لتعود إلى الأذهان ذكرى هزيمة المنتخب المصري من نظيره منتخب النيغر في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2012، بعد أن رش بعض الأشخاص مياه غريبة على اللاعبين والطواف حول الملعب بعنزة مع قراءة ترانيم وكلمات غير مفهومة، ومن قبلها وقائع عديدة مع الكرة المصرية عندما وجد الجهاز الفني للمنتخب في 2002 كيسًا يحوي عظام حيوانات وحجارة أسفل دكة البدلاء، كما شهدت مباريات المنتخب حرص اللاعبين على ذبح العجول في بطولات كأس الأمم الأفريقية عامي 2008 و2010 لمنع السحر والشعوذة، ووصل الأمر إلى حد عرض أحد المشعوذين مساعدة المنتخب المصري في تخطي عقبة نظيره الغاني بتصفيات كأس العالم 2014 مقابل الحصول على مليون دولار.
وقائع السحر لم تتوقف عند حد المساعدة في تحقيق الفوز فقط، وإنما شهدت وقائع غريبة للغاية من خلال استخدام السحر الأسود في علاج إصابات الملاعب الغريبة، وكان من بينها لجوء بعض اللاعبين لهذه الطريقة ومنهم الإيفواري إبراهيما تورية شقيق الإخوان يايا وكولو، الذي تعرض للإصابة بقطع في الرباط الصليبي ليحتاج إلى علاج لمدة 6 شهور، لكنه رفض التدخل الجراحي ولجأ إلى العلاج بالسحر وعاد إلى الملاعب بعد شهرين فقط من الإصابة، كما حدثت واقعة طريفة مع لاعب "الإسماعيلي" صامويل جنسون الذي تعرض للإصابة بكسر في القدم ورفض الجراحة وسافر إلى غينيا لتلقي العلاج بالسحر، وعاد بالفعل بعد أقل من شهر وعندما طالبه النادي بفاتورة العلاج لصرفها أكّد أنه تلقى العلاج عن طريق السحر الأسود.
ويرى الكثير أن دخول السحر إلى كرة القدم ما هو إلا إرث عفى عليه الزمن من تراث القبائل الأفريقية، وأنه وسيلة لجذب البعض لتحقيق أرباح كبيرة، خصوصًا أن هناك من يؤمن بمثل هذه الأمور، وتتنوع مرادفات السحر لدى البلدان الأفريقية حيث ينتشر الجهل والفقر ومنها الزعم باستدعاء آلهة وأرواح شريرة لمساعدة الأشخاص في مباريات الكرة، ورصد باحث الأنثربيولوجي أرنولد بانبورغ في 2010 ظاهرة السحر في ملاعب القارة السمراء، وربط فيه ما بين مورث القدامى وتحليل أسباب لجوء بعض المنتخبات واللاعبين إلى السحر الأسود كوسيلة جانبية بخلاف الأداء في الملعب كاستخدام يد القرد ودم الماعز والماء المقدس وغيرها، وسبق للإتحاد الأفريقي لكرة القدم مناشدة الجماهير بالابتعاد عن السحر لأنه يسيء إلى سمعة القارة بشكل عام، إلا أن الـ"فيفا" رفض تجريمه باعتبار أنه مجرد موروث ثقافي بدليل أنّ الكثير من الدول التي تستخدم السحر لا تحقق نتائج طيبة.