المتظاهرين أمام "الاتحادية"
القاهرة ـ أكرم علي
وصل الرئيس المصري محمد مرسي قصر الاتحادية في منطقة مصر الجديدة (غرب القاهرة)، صباح الأربعاء، وسط قوات كثيفة من الأمن المركزي، ودخل من بوابة رقم 4، وسط هتافات المتظاهرين المناهضة له، من قبل المعتصمين أمام قصر الاتحادية، الذين نصبوا حوالي 24 خيمة للأحزاب والقوى المختلفة،
وذلك بالتزامن مع إعلان جماعة "الإخوان" المسلمين تنظيم تظاهرات أمام "الاتحادية" عصر الأربعاء، في حين وجه نائب الرئيس المستشار محمود مكي، نداءً إلى القوى السياسية دعوة للحوار لدرس سبل تحقيق أهداف الثورة.
وصرح المتحدث الإعلامي باسم جماعة "الإخوان" المسلمين، الدكتور محمود غزلان، بأن "الجماعة والقوى الشعبية تداعت للتظاهر أمام مقر الاتحادية عصر الأربعاء، لحماية الشرعية بعد التعديات الغاشمة التي قامت بها فئة الثلاثاء، تصورت أنها يمكن أن تهزّ الشرعية أو تفرض رأيها بالقوة"، مضيفًا " تداعت القوى الشعبية لإظهار أن الشعب المصري هو الذي اختار هذه الشرعية وانتخبها، وأنه قادر على حمايتها وإقرار دستوره وحماية مؤسساته".
وتزايدت أعداد الخيام المنصوبة أمام قصر الاتحادية، صباح الأربعاء، وذلك في أعقاب إعلان بعض القوى السياسية والثورية الاعتصام أمام القصر ليلة الثلاثاء الأربعاء، احتجاجًا على الإعلان الدستوري الذي أصدره رئيس الجمهورية الخميس قبل الماضي، وكذلك المطالبة بإيقاف الاستفتاء على الدستور والمقرر في 15 كانون الأول/ديسمبر الجاري.
وأكد عدد من المتظاهرين لـ"العرب اليوم"، أنه تم نصب نحو 24 خيمة أخرى أمام باب قصر الاتحادية المطل على شارع الميرغني، وكذلك أمام القصر من الجهة الأخرى بجوار نادي هليوبوليس، في الوقت الذي غابت فيه قوات الأمن المركزي عن محيط القصر، حيث لا يوجد سوى تشكيل أمن مركزي ومدرعة واحدة على الباب الخلفي للقصر.
وقام عدد من المعتصمين من أعضاء حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي"، بتوزيع بيان على المارين أمام القصر تحت عنوان "نرفض دستور الاستبداد والظلم الاجتماعي والوصاية العسكرية، ويتضمن مسودة الدستور الجديد التي تم وضعها من دون توافق من القوى السياسية والثورية كافة، يكرس لدولة الاستبداد وحكم الفرد والظلم الاجتماعي والوصاية العسكرية، وهي الدولة التي ثار عليها الشعب المصري في 25 يناير"، مشددًا على رفضه التام للكيفية التي تم بها اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية، معلنًا رفضه القاطع للمنتج النهائي الذي خرج عن هذه "الجمعية المشوهة"، بحسب وصف البيان.
في السياق ذاته، واصلت عشرات القوى والأحزاب السياسية والثورية اعتصامها في ميدان التحرير، للمطالبة بإسقاط الإعلان الدستوري، وإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة دستور بمشاركة الأحزاب والقوى السياسية الأخرى، ورفض الدستور الذي طرحته الجمعية، والمقرر الاستفتاء عليه الشهر الجاري.
وأثناء الفعاليات أعلنت المنصة المتواجدة في الميدان، أن "مطالب المتظاهرين تغيرت من عدم الموافقة على الدستور، أو المطالبة بإلغاء قرارات الرئيس محمد مرسي الأخيرة، ومنها الإعلان الدستوري إلى المطالبة بإسقاط النظام بصورة كاملة"، كما رددوا العديد من الهتافات الدالة على ذلك، ومنها "يسقط يسقط حكم المرشد"، و"الشعب يريد إسقاط النظام"، فيما لجأ عشرات المعتصمين إلى خيامهم بعد انتهاء فاعليات الاحتفال بوصول مسيرة الاتحادية، وقام الآخرون بتشكيل حلقات حوارية مع ممثلي الأحزاب والقوى السياسية المتواجدين في الميدان للنقاش حول مواد الدستور الجديد والأزمة الحالية، وما السبل المقترحة للضغط على النظام الحالي للاستجابة لمطالبهم.
واستأنف متظاهرو التحرير اعتصامهم في الميدان، صباح الأربعاء، بعد عودة العشرات الذين شاركوا في مسيرات "الاتحادية"، وشهد الميدان نشاطًا مكثفًا لهؤلاء المشاركين، لشرح تفاصيل المسيرة لزملائهم عبر العديد من الحلقات النقاشية، فيما استمر إغلاق مداخل الميدان من الجهات الأربع، وتم تحويل المرور حول الشوارع المحيطة به طوال الفترة الماضية، واستمر الباعة الجائلون في احتلال مواقعهم حول الحديقة الوسطى للميدان.
وعلى مستوى صحف القاهرة، أبرزت غالبية الصحف القومية والمستقلة التي احتجبت منها 11 صحيفة، أحداث التظاهرات الثلاثاء، ومحاصرة القصر الرئاسي، وتناولت تداعيات التظاهرات التي تطالب بإلغاء الإعلان الدستوري وتشكيل جمعية تأسيسية جديدة لتعديل الدستور الحالي قبل الاستفتاء عليه، ومن بين الصحف التي لم تبرز تظاهرات قصر الرئاسة، صحيفة "الحرية والعدالة" التي اهتمت فقط بالاستفتاء على الدستور، ونصائح الرموز الإخوانية للحركات الليبرالية في مصر.
ومن جانبه، أكد وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين، في حوار لجريدة "اليوم السابع"، أن قيادات الداخلية هي التي تحكم وزارة الداخلية وليست جماعة الإخوان المسلمين، ومقرات حزب (الحرية والعدالة) مثل أي منشأة تتعرض للتهديد فنؤمنها حتى زوال التهديدات، وأن عملية القبض على نخنوخ لم تكن إرضاء لجماعة الإخوان، وأن هناك قوى ثورية تتهمنا بالوقوف بجوار التيار الإسلامي والعكس أيضًا، وأن ذلك لا يدل إلا على حيادية وزارة الداخلية في عملها".
من جهته، وجه نائب رئيس الجمهورية المستشار محمود مكي، في حوار مع صحيفة "الأهرام"، نداءً إلى القوى السياسية للتمسك بتحقيق أهداف الثورة، وقال "لقد أن الأوان لنلتقي جميعًا ومعنا الرئيس، لنضع وثيقة جامعة شاملة لتحديد أهداف ثورتنا، ووسائل تحقيقها"، محذراً من "أن هذا لن يحدث في ظل أزمة انعدام الثقة الموجودة"، داعيًا إلى توافق جميع القوى السياسية على ثلاث أو خمس شخصيات لم يسبق لهم الإدلاء بدلوهم في الأزمة الراهنة، ليضعوا تصورًا لكيفية التوافق.
ورفض نائب الرئيس التدخل في اختيار تلك الشخصيات، ولكنه طالب بأن تكون من بين شركاء ميدان التحرير خلال الأيام الـ18 الأولى من عمر الثورة، مضيفًا أن "هؤلاء الثوار لهم حق علينا، ويستحقون أن نسمعهم ونحترم خياراتهم، وسأتواصل مع الرئيس في هذا الشأن، فهو يرحب بالحوار دائمًا".