حركة البناء الوطني الجزائرية

تسعى الأحزاب الإسلامية، في الجزائر، إلى لم شملها، بعد أعوام من الإنقسام والتشرذم، وتجسيد المزيد من التقارب تحسبًا للانتخابات البرلمانية المقبلة المزمع تنظيمها 4 أيار/مايو المقبل.فبعد أن شكلت خمسة أحزاب محسوبة على التيار الإسلامي في الجزائر، قطبين الأول يضم كل من حركة مجتمع السلم الجزائرية وجبهة التغيير، والثاني المسمى بالتحالف الاندماجي يضم ثلاثة أحزاب هي كل من جبهة العدالة والتنمية وحركة النهضة وحركة البناء الوطني، يسعى الآن زعماء هذان القطبان إلى تشكيل تحالف جديد للدخول بقائم موحدة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وكشف القيادي في جبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، في تصريحات صحافية لـ"العرب اليوم"، عن وجود اتصال مع القطب الذي يضم كل من التغيير وحركة مجتمع السلم، بهدف فتح حوار ونقاش بخصوص إمكانية إحداث تقارب بين كل من التحالف الذي يضم جبهة العدالة والتنمية والنهضة وحركة البناء وقطب حمس والتغيير، مشيرا إلى إمكانية عقد لقاء بحر هذا الأسبوع لإمكانية تجسيد هذا التقارب قبيل الانتخابات وإمكانية الدخول بقوائم موحدة.

ويرى متتبعون للمشهد السياسي في الجزائر، إنه من الصعب تحقيق هذا المشروع بالنظر إلى الخلافات الشخصية التي مازلت قائمة بين زعيم جبهة العدالة والتنمية ورئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية عبد الرزاق مقري، وكذا وجود خلافات بين زعماء  داخل القطبين، بدليل التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الأمين العام لحركة البناء الوطني أحمد الدان، الذي اتهم مقري بوضع شروط مسبقة لفتح أي حوار، وهو ألأمر الذي نفته قيادة حركة مجتمع السلم.

وقرأ في هذا السياق المحلل السياسي الجزائر، الدكتور لعقاب، هذه التحالفات التي أبرمت بين التحالفات الإسلامية قائلا إن الأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي في الجزائر تسعى للحصول على أكبر عدد من  المقاعد في البرلمان بهدف المشاركة في الحكومة المقبلة، بدليل التصريحات التي أدلى بها الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم، قائلا لدى نزوله ضيفا على برنامج تلفزيوني، إن أن هناك محاولات أو رغبة في توحيد القطبين الإسلاميين لخوض الانتخابات التشريعية القادمة بقائمة واحدة، حتى تزيد حظوظهم في الفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد في التشريعيات، ليصبح الأمر واضحا أن الإسلاميين الجزائريين قد يخوضون الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2019 بمرشح واحد.

وعن أبرز العوامل التي دفعت بهذا التيار إلى لم شتاته استدل الدكتور لعقاب، بتراجع شعبية التيار الإسلامي في الجزائر، فلم يعد خطابهم يمتلك القدرة على تعبئة الجماهير في الجزائر، كما أنه فقط الشخصية الكارزمية التي كان يتمتع بها، كراشد الغنوشي في تونس.

ومن بين الأسباب الأخرى، قال لعقاب إن الدستور الجديد لعام 2016 يعطي عدة امتيازات للأحزاب الممثلة في البرلمان منها حق إخطار المجلس الدستوري بمدى دستورية القوانين، ويرغب الإسلاميون الجزائريون في الاستفادة من ذلك وممارسة المعارضة من داخل المؤسسات وليس من خارجها، كذلك ينص دستور 2016 على تعيين رئيس الوزراء بالتشاور مع الأغلبية البرلمانية، ومعنى ذلك أنه كلما كان للإسلاميين مقاعد أكثر في البرلمان كانت لهم الفرصة أكبر للتفاوض على منصب الوزير الأول وعدد الحقائب الوزارية ونوعيتها، وأيضا تأثير حركة النهضة التونسية في الإسلاميين الجزائريين حين تقاسمت الحكم بعد الثورة في تونس، وتنازلت عن الترشح لرئاسة الجمهورية لحزب نداء تونس بقيادة الباجي قايد السبسي، ثم تخليها عن العمل الدعوي لصالح العمل السياسي الحزبي وترك العمل الدعوي للمجتمع المدني.

وعن رؤيته للمشهد السياسي القادم، قال المحلل السياسي الجزائري، إنه يمكن القول أن الساحة السياسية في الجزائر بدأت تتشكل في أقطاب، حيث لا مستقبل للأحزاب الصغيرة، التي أصبحت مطالبة بالاندماج في أحزاب أخرى أو التحالف مع أحزاب أخرى أو تنتظر الإفلاس.

وتوقع أن يكون للإسلاميين في الجزائر حضور واضح في البرلمان القادم بما لا يقل عن 50 – 60 مقعدا، ما يؤهلهم لتقلّد حقائب وزارية في الحكومة القادمة، ومن خلال هذه التحالفات سيكون للإسلاميين أيضا مقاعد معتبرة في المجالس الولائية وفي المجالس البلدية، الأمر الذي يؤهلهم للفوز ببعض المقاعد في انتخابات مجلس الأمة.