تحالف دعم الشرعية في اليمن

اشتدت المواجهات في يومها الثالث على التوالي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن بين القوات الحكومية ومسلحي «الانتقالي الجنوبي» وسط أنباء عن سقوط عشرات الجرحى والقتلى وتوقف شبه كلي للخدمات وفي ظل دعوات إنسانية لفتح ممرات آمنة لآلاف الأسر المدنية المحاصرة في المنازل.

وتدفق سيل من البيانات المحلية من سلطات المحافظات اليمنية في الوقت الذي تواصلت فيه النداءات الدولية لوقف المعارك واللجوء إلى ضبط النفس والعودة إلى الحوار، لتأييد الشرعية ورفض ما وصفوه بـ«الانقلاب» على مؤسسات الدولة من قبل القوات الموالية لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي».

ووظف كل من أنصار الحكومة اليمنية و«المجلس الانتقالي» على وقع المعارك المتصاعدة في مختلف مديريات محافظة عدن وأحيائها بين القوات المتقاتلة، مواقع التواصل الاجتماعي لشن حروب إشاعات موازية تتحدث عن انتصارات كل طرف رغم عدم وجود أي مؤشرات على الأرض لحسم سريع للمعارك وفق ما أفادت به مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط».

وفيما حذرت السلطات المحلية من توقف كلي لخدمات المياه والكهرباء بسبب عدم القدرة على وصول إمدادات الوقود إلى محطات التشغيل أطلق حقوقيون في المدينة نداءات تطلب فتح ممرات آمنة لخروج آلاف الأسر المحاصرة في عدد من أحياء كريتر وخور مكسر والمنصورة بخاصة مع تصاعد وتيرة العنف وسقوط القذائف الصاروخية على المنازل.

وقالت في بيان للمؤسسة العامة للكهرباء، "إن ناقلات الوقود «لا تستطيع التحرك من مصفاة عدن إلى محطات توليد الكهرباء بسبب ما يدور من اشتباكات وإغلاق للطرقات».

وأضافت أن الكميات الموجودة في المحطات حاليا بدأت تنفد وأن عدم تزويدها سيجعل من خروج محطات التوليد أمرًا لا مفر منه، مشيرة إلى أن ما تبقى من محطات التوليد العاملة بالديزل ستخرج تباعا في حالة عدم تزويدها.

وألغى طيران الخطوط الجوية اليمنية كامل الرحلات المجدولة من مطار عدن بينما خيمت على المدينة أجواء من الرعب وأغلقت أغلب المتاجر أبوابها في حين أكد شهود لـ«الشرق الأوسط» أن القوات من الطرفين لجأت إلى إغلاق الشوارع واللجوء إلى مواجهات الكر والفر مع استمرار تدفق التعزيزات العسكرية.

وبينما زعم أتباع «الانتقالي» إحراز تقدم على الأرض في كريتر حيث يحاولون لليوم الثالث على التوالي التقدم للسيطرة على القصر الرئاسي في منطقة «معاشيق» ظهر نائب وزير الداخلية اليمني الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس مجلس الوزراء أحمد الميسري رفقة وزير النقل صالح الجبواني وقائد المنطقة العسكرية الرابعة في الجيش اليمني اللواء فضل حسن، في مقطع مصور وهم يتجولون في حي «ريمي» في مديرية المنصورة شمال المدينة بالقرب من منزل الميسري بالتزامن مع سماع أصوات الرصاص في الجوار.

وتخوض القوات الحكومية ممثلة بألوية الحماية الرئاسية وفصائل من المقاومة الشعبية المعارك ضد كتائب من مسلحي «المجلس الانتقالي» في أحياء كريتر وخور مكسر والمنصورة ودار سعد، باستخدام الأسلحة المتوسطة وقذائف الهاون دون سيطرة أي طرف على الأوضاع حتى لحظة كتابة الخبر.

وتحدث سكان في مديرية «كريتر» لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف عن وجود المئات من الأسر المحاصرة في مناطق التماس حيث تدور المواجهات داعين المنظمات الدولية للضغط على الفريقين من أجل فتح ممرات آمنة.

وذكر ناشطون أنهم شاهدوا جثثا متناثرة، في حين قطعت المياه عن كثير من الأحياء، في وقت أصبح الآلاف من السكان دروعا بشرية بسبب حرب الشوارع التي يخوضها طرفا القتال.

وبين الأهالي في اتصالاتهم «أن مئات الأسر محاصرة في حارة القطيع في مديرية كريتر جنوب المدينة بسبب الاشتباكات»، مشيرين إلى أن القذائف العشوائية تهدد حياتهم في منازلهم.

ولم تتوافر أي حصيلة رسمية عن أعداد الضحايا خلال أيام المواجهات الثلاثة وسط تبادل الاتهامات، إلا أن مصادر محلية تتحدث عن سقوط العشرات بين قتيل وجريح، في مختلف مناطق المواجهات إضافة إلى إصابة عشرات المنازل بأضرار كبيرة جراء القصف. وكان «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي إلى انفصال جنوب اليمن أعلن الأربعاء الماضي النفير العام لأتباعه لاقتحام القصر الرئاسي في عدن وطرد من وصفهم بأتباع «حزب الإصلاح» تمهيدا للسيطرة على المدينة والمؤسسات الحكومية.

وتقود ألوية الحماية الرئاسية المعركة في الجهة المقابلة للدفاع عن القصر والمقرات الحكومية والبنك المركزي فضلا عن الدفاع عن المعسكرات الحكومية في مديريات عدن، بعد أن تعهدت بعدم السماح بسقوط المؤسسات أو الاعتداء عليها من قبل أتباع «الانتقالي».

وفي شمال المدينة، ذكرت مصادر محلية وميدانية أن المواجهات على أشدها بالقصف المتبادل بين قوات اللواء الرابع حماية رئاسية بقيادة العميد مهران قباطي وقوات «اللواء العاشر عاصفة» التابع لـ«الانتقالي» بقيادة يسري العمري.

ورغم النداءات الدولية والمحلية للتهدئة إلا أن المعارك اشتدت أمس وتوسعت إلى شمال وغرب المدينة في وسط أنباء عن استقدام تعزيزات للحكومة من أبين المجاورة شرقا وتعزيزات للانتقالي من الضالع شمالا.

وتوالت أمس بيانات التأييد للشرعية من قبل السلطات المحلية في محافظات عدن ولحج وأبين وحضرموت والمهرة وشبوة وصنعاء وحجة وتعز والضالع وعمران، في بيانات منفصلة بثتها وكالة «سبأ» الحكومية.

وأكدت البيانات دعمها للرئيس عبد ربه منصور هادي وللشرعية ورفض ما وصفته بالانقلاب على مؤسسات الدولة من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي، داعية إلى توجيه جهود جميع اليمنيين لاستكمال تحرير البلاد من انقلاب ميليشيات الحوثي الموالية لإيران.

وذكرت المصادر الرسمية أمس أن رئيس الحكومة معين عبد الملك أجرى اتصالات هاتفية من مقر إقامته الحالي في الرياض شملت نائبه وزير الداخلية أحمد الميسري وقائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء فضل حسن، وذلك «لمتابعة الأوضاع الراهنة في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية والعسكرية للحفاظ على الأمن والاستقرار وملاحقة العناصر الخارجة عن النظام والقانون».

وأفادت وكالة «سبأ» أن رئيس الحكومة اطلع «على التصعيد العسكري الذي تنفذه مجاميع مسلحة تابعة لما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، والجهود الجارية بالتنسيق مع تحالف دعم الشرعية لإنهاء هذا التصعيد والحفاظ على أمن وسلامة وحياة المواطنين»، مؤكدا بهذا الخصوص دعم الحكومة للأجهزة الأمنية والعسكرية للقيام بواجباتها في الحفاظ على الأمن والاستقرار.

وبحسب الوكالة قدم نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية وقائد المنطقة العسكرية الرابعة، إيضاحا كاملا لرئيس الوزراء حول حقيقة الأوضاع الجارية في عدن حيث اتهما من وصفوهما بـ«المجاميع المسلحة الخارجة عن النظام والقانون» بالاعتماد «على التهويل الإعلامي لترهيب المواطنين وإقلاق السكينة العامة، وافتعال معارك داخل الشوارع والأحياء السكنية المكتظة بالمواطنين».

وتواصلا للقلق الدولي من تداعيات المواجهات في عدن، عبرت الخارجية الأميركية عن قلقها من اندلاع أعمال العنف والاشتباكات ودعت في بيان للمتحدثة باسم الخارجية مورغان أورتاغوس «إلى الامتناع عن التصعيد وعن إراقة المزيد من الدماء وإلى حل الخلافات من خلال الحوار».

وقالت المتحدثة الأميركية، «إن التحريض على مزيد من الانقسامات والعنف داخل اليمن لن يؤدي إلا إلى زيادة معاناة الشعب اليمني وإطالة أمد الصراع»، مؤكدة أن «الحوار يمثل السبيل الوحيد للتوصل إلى أن يكون اليمن مستقرا وموحدا ومزدهرا» وفق ما جاء في البيان.

وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، «إنه قلق جدا من تصاعد العنف في عدن مؤكدا أن بلاده تدعو جميع الأطراف لوقف القتال والانخراط عاجلا بمحادثات لمعالجة الشكاوى».

وفيما دعا السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون إلى وقف القتال قال إن «مئات المدنيين عالقون في بيوتهم نتيجة للصراع ولا بد من الحوار وإنهاء القتال حتى يتمكن الناس من قضاء العيد مع أسرهم بسلام».

ونفى قائد اللواء الثالث حماية رئاسية لؤي الزامكي في بيان أنباء إصابته أو السيطرة من قبل «الانتقالي» على معسكر «طارق» في مديرية خور مكسر وسط عدن وقال إن قيادة اللواء «لن تفرط في الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية». متوعدا بفرض «هيبة الدولة» - على حد تعبيره - بجميع الوسائل المتاحة.

ولم يصدر عن قادة «الانتقالي» أي موقف رسمي جديد يشير إلى تراجعهم عن مطلب إسقاط الحكومة الشرعية والمؤسسات في عدن بالقوة، باستثناء تغريدة لأمين عام المجلس أحمد لملمس فهم منها الإصرار على الاستمرار في القتال.

وقال متحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، «حاولنا التهدئة ولكن كان هناك هدنة مع وزير الداخلية لكي يذهب إلى مقر التحالف العربي، ولمعرفة هل من يقاتل من القوات بإمرته، ومحسوبين على ألوية الحماية الرئاسية، سواء مناصرين أو مقاتلين لكنه للأسف تخلى عن الهدنة وهذا ما تسبب في اشتعال الأحداث»، مضيفا، لقد واجهنا سابقا في 2015 مثل هذا السيناريو ضد «القاعدة» أو «داعش» وهو ليس غريبا علينا خصوصا مظاهر انتشار القناصة في أسطح المنازل.

وبسؤاله، هل تواصلتم مع التحالف قال المتحدث «إنه من المفترض أن تدين الجهة الرسمية ما حدث لدى تشييع جنازة الشهيد أبو اليمامة من استهداف للمواطنين خصوصا لنعلم لماذا هذا الاستخدام المفرط في القوة واستخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة».

قد يهمك أيضًا

القوات الحكومية السورية تخوض معارك عنيفة ضد الفصائل المقاتلة

المجلس الانتقالي في السودان ينفي توقف صادرات النفط من الجنوب