أنقرة - العرب اليوم
كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن طلبه من نظيره الروسي فلاديمير بوتين بتنحية القوات الروسية جانباً وإفساح المجال أمام تركيا لمواجهة النظام السوري في الوقت الذي اتفق فيه الجانبان التركي والروسي على خفض التوتر في محافظة إدلب الواقعة شمال غربي سورية، وعلى الرغم من ذلك استمرت الاشتباكات العنيفة بين القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها والقوات السورية.
وجدد أردوغان، في كلمة خلال اجتماع مع نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم في إسطنبول أمس السبت، تأكيده أن تركيا لم تتدخل في سورية بناء على دعوة من نظام الأسد وإنما استجابة لطلب الشعب السوري، وأنها ليست لديها نية للخروج ما دام شعبها يطالبها بالبقاء.
وأضاف أن تركيا لا تسعى إطلاقاً لمغامرة في سورية أو توسعة حدودها، ولا توجد لها أي مطامع في نفط أو أراضي سورية، إنما هدفها ضمان أمنها القومي عبر إقامة منطقة آمنة شمالي سورية.
وقال أردوغان إن الأزمة في إدلب جرى «حبكها» بهدف التضييق على تركيا، وإن الهدف الرئيسي من هذا السيناريو هو تركيا وليس سورية، مشيراً إلى أن تركيا ذهبت إلى سورية لمحاربة الإرهاب هناك وإن لم تفعل ذلك لاضطرت لأن تواجهه على أراضيها.
وأضاف أن تركيا تواصل جهودها لإنشاء منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً، على طول حدودها المشتركة مع سورية، مشيراً إلى أن كلا من واشنطن وموسكو لم تفيا بتعداتهما في هذا الشأن ولم تلتزما بالاتفاقات الموقعة بشأن شمال شرقي سورية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتابع أردوغان أن بلاده تقوم بإجراءات في سبيل إنشاء منطقة آمنة وإسكان اللاجئين فيها، مشيراً إلى أن مخيم «أطمة» في سورية يشهد ازدحاماً شديداً، وأن تركيا تعمل على بناء منازل مساحة كل منها 25 إلى 30 متراً مربعاً لتوفير إقامة مريحة للنازحين.
وقال إنه دعا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلى دعم المشروع لاستكماله في أقرب وقت، بناءً على وعود قدمتها سابقاً في هذا الإطار، حيث وعدت بتقديم 25 مليون يورو بواسطة الصليب الأحمر، وقالت إن المساعدات هذه سيتم تحويلها إلى الهلال الأحمر التركي. وأضاف أن الجانب الألماني ارتأى ضرورة أن يمرّ المبلغ المذكور عبر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنها إلى الصليب الأحمر، ومن ثم إلى الهلال الأحمر التركي، لكن ذلك لم يتحقق، فاتصلت مرة أخرى بالمستشارة الألمانية، وقالت إن الأموال جاهزة، فقلت لها إن أموالكم الجاهزة لم تصل، فإن كنتم لا تريدون تقديمها فلنرسل اللاجئين إليكم إذن ولنقدم نحن لكم 100 مليون يورو بدلاً عن 25 مليوناً».
وتابع أنه سأل ميركل عمّا إذا كانت تشاهد وضع النازحين الذين بينهم أطفال أعمارهم بين 3 و5 أعوام، يعيشون في الوحل في ظروف قاسية، فقالت إنها «تتابع ذلك»، معقباً: «هؤلاء لا يمكن الوثوق بهم، وأنا أقولها دائماً: نحن مضطرون لاتخاذ خطواتنا بأنفسنا».
وعن رد تركيا على مقتل جنودها في إدلب، قال أردوغان إن القوات المسلحة التركية، دمرت مستودعاً كيماوياً للنظام السوري، مضيفاً: «لم نرغب في الوصول لهذه النقطة، لكن النظام أجبرنا على معاملته بهذه الطريقة».
كانت وزارة الدفاع التركية نشرت مشاهد جديدة لعمليات قصف شنتها، أول من أمس، ضد أهداف عسكرية للنظام السوري رداً على الهجوم الذي شنه على نقطة مراقبة تركية في إدلب، الخميس، مما أدى إلى مقتل 33 جندياً وإصابة 32 آخرين. وقالت الوزارة إن المشاهد تتعلق بقصف جوي أدى إلى تدمير منشأة كيميائية عسكرية، وقاذفة صواريخ، وعدد من المواقع التي يوجد بها جنود النظام جنوب إدلب.
وأشار أردوغان إلى ارتفاع عدد القتلى من الجنود الأتراك إلى 36 قتيلا، قائلا: «النظام السوري سيدفع ثمن هجماته على قواتنا». أضاف أردوغان أن القوات التركية قتلت 2100 عنصر من قوات النظام السوري ودمرت نحو 300 آلية تابعة له.
وعن اتصاله الهاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول من أمس، عقب مقتل الجنود الأتراك بغارة للنظام السوري في إدلب، ذكر أردوغان: «قلت لبوتين: ماذا تفعلون هناك؟ إذا كنتم تريدون إنشاء قاعدة، فلكم ذلك، لكن ابتعدوا من طريقنا واتركونا وحدنا مع النظام».
في السياق ذاته، توصل الجانبان التركي والروسي لاتفاق لتخفيض التوتر في إدلب السورية، في ختام مباحثات عقدت في العاصمة التركية أنقرة، على مدار 3 أيام، بخصوص الأوضاع في إدلب، اختتمت مساء أول من أمس.
وأكد البيان أن الجانبين اتفقا على خفض التوتر ميدانياً، وحماية المدنيين داخل وخارج منطقة خفض التصعيد في إدلب، وإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة للجميع في هذه المنطقة. وقالت مصادر دبلوماسية تركية إن الجانب التركي طالب خلال المباحثات بضرورة إعلان وقف إطلاق نار فوري ومستدام في إدلب شمالي، وانسحاب النظام إلى حدود اتفاق سوتشي.
بالتوازي، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها أجرت تقييماً لأسرع طريقة يمكن من خلالها تقديم المساعدة لتركيا بخصوص التطورات الأخيرة في إدلب. وقال مسؤول رفيع بالوزارة لوكالة «الأناضول» التركية، رفض الكشف عن هويته، إن هناك قنوات مفتوحة لتبادل المعلومات الاستخبارية والمعدات العسكرية بين الولايات المتحدة وتركيا.
ولفت المصدر ذاته إلى أن هناك تعاوناً تم بين النظام السوري وروسيا في الهجوم الأخير بإدلب ضد القوات التركية، مشيراً إلى أن نظام بشار الأسد لا يمكن أن يقدم على هذه الخطوة دون مشورة وموافقة موسكو.
كان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قال، أول من أمس، إن الولايات المتحدة تدرس خيارات لمساعدة تركيا بعد مقتل جنودها في هجوم في إدلب. مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة منخرطة مع الحلفاء الأتراك وتدرس خيارات لمساعدة تركيا في صد هذا العدوان مع سعينا لوقف وحشية نظام الأسد وروسيا وتخفيف المعاناة الإنسانية في إدلب».
وأوضح أن تركيا لم تتقدم بأي طلب بخصوص المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي (ناتو)، التي تنص على أن الهجوم على أي دولة عضو بالحلف يعتبر هجوماً على جميع الدول الأعضاء.
كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحث، في اتصال هاتفي مساء أول من أمس، مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، التطورات في إدلب. إلى ذلك، بحث رئيس هيئة الأركان العامة التركية، يشار جولار، مع نظيره الأميركي مارك ميلي، مستجدات الأوضاع إدلب.
وأجرى أردوغان اتصالاً هاتفياً مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أدانت فيه هجوم النظام السوري ووصفته بـ«الوحشي» ضد القوات التركية في إدلب، وطالبت النظام وداعميه إلى وقف اعتداءاتهم، بحسب بيان لدائرة الاتصال في الرئاسة التركية.
ومن جانبه، أجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو سلسلة اتصالات مع كل من نظيريه الفرنسي جان إيف لودريان، والإسبانية أرانشا غونزاليس لايا، والممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، حول التطورات في إدلب.
قد يهمك أيضًا