الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود

بدأت المملكة العربية السعودية علاقتها الدبلوماسية حديثاً، مع جمهورية الصين الشعبية وعلى الرغم من ذلك إلا أنها شملت تبادل سفراء وتنظيم اجتماعات على المستويات السياسية والاقتصادية إلا أن مسؤولين صينيين صرحوا في مناسبات مختلفة بأن المملكة العربية السعودية هي الشريك الرئيسي للصين في الشرق الأوسط والخليج العربي، حيث وصل عدد الشركات الصينية العاملة في المملكة 150 شركة، وأن المملكة تعد الوجهة الأولى في الشرق الأوسط للاستثمار من قبل الشركات الصينية، وتنوعت العلاقة بين السعودية، وجمهورية الصين الشعبية في مختلف المجالات وعلى جميع الأصعدة، وترتبط البلدان أيضاً بعلاقات وثيقة ومتميزة، تسير بوتيرة متسارعة ومتطورة نحو المزيد من التعاون والتفاهم المشترك، مما يمهد بأن تلعب المملكة دور الجسر بين الصين والدول الآسيوية الأخرى، وبين دول العالم التي تتمتع المملكة معها بعلاقات قوية، وهذا يؤكّد أن تطوير العلاقات بالصين، يمثل أهمية استراتيجية للمملكة.

ومن جانب المملكة عملت في الآونة الأخيرة على عدة إصلاحات في بيئتها الاستثمارية، تماشيًا مع رؤية المملكة 2030، حيث أسهمت تلك التسهيلات للمستثمرين الأجانب في جذب الطريق وإفساحه أمام دخول المزيد من الاستثمارات إلى المملكة، ومن ضمنها جمهورية الصين الشعبية.

وتشهد العلاقات السعودية- الصينية تميزًا كبيرًا انعكس إيجابًا على تعزيز التعاون بين البلدين، واتسمت بالتماشي مع التطور الذي يشهده العالم من حيث تنفيذ بنود الاتفاقيات التي تقوم عليها العلاقات، أو تطويرها لتتلاءم مع متغيرات العصر. وشهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين الصديقين التوقيع على العديد من الاتفاقيات في مختلف المجالات سواء ما يتعلق باتفاقيات ثنائية بين الحكومتين أو اتفاقيات بين رجال الأعمال في البلدين, حيث ترتكز معظم صادرات المملكة إلى الصين في البترول.

وتحتل الصين المرتبة الأولى من بين أكبر (10) دول مستوردة من المملكة، وشهدت العلاقات السعودية الصينية خلال الفترة الماضية تميزًا كبيرًا انعكس إيجابًا على تعزيز التعاون بين البلدين، وترجم ذلك في افتتاح منتدى الاستثمار السعودي الصيني الذي أقيم في مدينة جدة في أغسطس 2017م، حيث أبرمت المملكة والصين 11 اتفاقية جديدة تقدر قيمتها بنحو 20 مليار دولار، وتأتي هذه الاتفاقيات ضمن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، كما تأتي مكملة لـ60 مذكرة تفاهم موقعة بين المملكة والصين، وبين الشركات في البلدين.

تعزيز الروابط

وفي كلمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود خلال زيارته للصين عام 2017م أكد فيها -أيده الله- اعتزازه بمستوى العلاقات الثنائية والتعاون المشترك بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية الصديقة، مشيرًا إلى ما تمر به المملكة والصين من تحولات اقتصادية مهمة أتاحت فرصاً كبيرةً لتعزيز الروابط الوثيقة بينهما، مشيدًا بما تقوم به اللجنة المشتركة رفيعة المستوى بين البلدين من جهود لتعزيز العلاقات وتطويرها.

وقال - حفظه الله -: «نأمل أن يسهم التعاون الاستراتيجي بين المملكة والصين في تعزيز الجهود الدولية لمكافحة التطرف والإرهاب بوصفهما خطرًا عالميًا، وفي تحقيق الأمن والسلم الدوليين»، متطلعًا إلى أن تنقل المباحثات العلاقات بين البلدين إلى مجالات وآفاق أرحب، وبخاصة في المجالات الاقتصادية.

وخلال الزيارة وقع العديد من مذكرات التفاهم في الاستثمار والتعاون في علوم وتقنية الفضاء، وبرنامج التعاون الفني في المجال التجاري، ومذكرة التفاهم بشأن إسهام الصندوق السعودي للتنمية في تمويل مشروع إنشاء مبانٍ جامعية في إقليم سانشي.

وعقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - مع الرئيس شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية جلسة مباحثات، جرى خلالها التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم والتعاون وبرامج بين حكومتي المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية..

وهي توقيع مذكرة تفاهم للإطار العام لفرص الاستثمار الصناعي والبنى التحتية، ومذكرة تفاهم بشأن تمويل وإنشاء محطات الحاويات والبنى التحتية لمركز الخدمات اللوجستية المتعددة بمدينة ينبع الصناعية، واتفاقية تعاون استراتيجي للاستثمار في مشروعات متعددة، ومذكرة تفاهم للتعاون بشأن مشاركة المملكة في رحلة الصين لاستكشاف القمر (تشانق إي ـ 4)، واتفاقية شراكة لتصنيع الطائرات بدون طيار، ومذكرة تفاهم بشأن قائمة مشروعات التعاون في الطاقة الإنتاجية، وتم التوقيع على برنامج تعاون تنفيذي بين هيئة الإذاعة والتلفزيون في المملكة والهيئة الوطنية للإذاعة والتلفزيون والإعلام والنشر بجمهورية الصين الشعبية، وكذلك التوقيع على برنامج تعاون في المجال التجاري والاستثماري، ومذكرة تعاون في المجال التعليمي، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال العمل، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في الشؤون التنظيمية للأمان النووي للاستخدامات السلمية للتكنولوجيا النووية، والتوقيع على اتفاقية عمل دراسة جدوى لمشروعات المفاعل النووي عالي الحرارة المبرد بالغاز بالمملكة، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال رواسب اليورانيوم، والثوريوم، كما وُقعت اتفاقية تعاون في مجال ضمان ائتمان الصادرات.

وفي مجالات استكشاف التعاون الاستراتيجي وفرص الاستثمار في مجال التكرير والتسويق والبتروكيماويات وقعت شركة «أرامكو» السعودية مع شركة «نورنكو» (NORINCO) اتفاقية، وفي مجال استكشاف فرص الاستثمار في المملكة في مجالات الهندسة والتصاميم وتصنيع الأنابيب ومجالات الأبحاث والتطوير وقعت «أرامكو» اتفاقية أخرى مع شركة «ايورسون»(AEROSUN).

كما وقعت اتفاقية بين الهيئة الملكية للجبيل وينبع وشركة «بان-آسيا» (PAN-ASIA) لتخصيص موقع لمعمل جازان البتروكيماوي بحجم استثمار يقدر بــ 2 مليار دولار، كذلك وقعت الهيئة اتفاقيتين مع شركة «هواوي» الصينية لإنشاء مركز الابتكارات لخدمات المدن الذكية، وإنشاء مركز هواوي للتدريب بمدينة ينبع الصناعية.

ووقعت شركات سعودية اتفاقيات مع شركات صينية في مجالات البناء بتقنية 3D، وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة المتجددة، الهندسة الآلية، وغيرها من المجالات.

كما افتتح خادم الحرمين الشريفين مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في جامعة بكين وتسلم الدكتوراه الفخرية من الجامعة.

شراكة استراتيجية

وفي شهر يناير عام 2016م، زار الرئيس شين جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية، المملكة العربية السعودية، وعقد مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله - جلسة مباحثات، أكد خلالها الملك سلمان بن عبدالعزيز، أن علاقات الصداقة بين المملكة والصين شهدت نموًا مطردًا على مدى أكثر من 25 عامًا مضت، ويسعيان معًا للاستقرار وتعزيز السلم والأمن في العالم.

وشهد عام 1437 هـ نموًا وتقدمًا ملحوظًا في العلاقات بين البلدين، حيث صدر بيان مشترك بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية بشأن إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين تماشيًا مع الرغبة المشتركة لدى البلدين في زيادة التعاون وتعميقه في المجالات كافة والارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة.

وحرص الجانبان السعودي والصيني على بذل الجهود لتطوير التعاون في عدد من المجالات منها المجال السياسي، حيث اتفق الجانبان على أنه في ظل التطور المستمر للتعددية القطبية في العالم والعولمة الاقتصادية يزداد الطابع الاستراتيجي والعالمي للعلاقات السعودية ـ الصينية يومًا بعد يوم، وأصبح كلا البلدين شريكًا مهمًا لبعضهما البعض على الساحة الدولية.

تعاون مثمر في مجال الطاقة

وفي مجال الطاقة أبدى الجانبان رغبتهما في استمرار تعزيز علاقات التعاون في مجال الطاقة، وأكدا أهمية استقرار السوق البترولية للاقتصاد العالمي، كما أبدى الجانب الصيني تقديره للدور البارز الذي تقوم به المملكة العربية السعودية لضمان استقرار أسواق البترول العالمية بوصفهما مصدرًا آمنًا وموثوقًا، ويعتمد عليه في امدادات البترول للأسواق العالمية.

تعاون علمي

وفي مجال التعاون العملي حرص الجانبان على مواصلة الالتزام بمبدأ المنفعة المتبادلة والكسب المشترك لإجراء التعاون العملي، وتفعيل دور آلية اللجنة السعودية ـ الصينية المشتركة للتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والفنية، وذلك لإثراء مقومات التعاون باستمرار.

وأعرب الجانبان عن تقديرهما لإطلاق التعاون في مجالات الفضاء، وإطلاق الأقمار الاصطناعية والاستخدام السلمي للطاقة النووية والطاقات الجديدة، وما حققه هذا التعاون من نتائج، مؤكدين استعدادهما لمواصلة دفع التطور المستمر للتعاون المعني، كما أعربا عن ترحيبهما بالتشاور في إطار التعاون في بناء «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري، مشيرين إلى وجود إمكانات ضخمة للتعاون العملي بين البلدين واستعدادهما لتعزيز التنسيق والارتقاء في السياسات الخاصة بالقوة الإنتاجية لتدعيم نقل تكنولوجيا، وتطوير القطاعات وتنويع الاقتصاد.

وأكد الانب الصيني إشادته بمشاركة الجانب السعودي كعضو مؤسس في إنشاء «البنك الآسيوي لاستثمار البنية التحتية»، وحرص الجانبان على تعزيز التعاون في المجالات ذات الصلة وبذل الجهود المشتركة لدفع التنمية والنهضة في منطقة آسيا.

رفض الإرهاب

وفي الجانب الأمني شدد الجانبان على رفضهما القاطع للإرهاب بجميع أشكاله، وصوره التي تهدد السلام والاستقرار في شتى أنحاء العالم، واستعدادهما لتعزيز التعاون الأمني في هذا الصدد، كما أكدا على رفضهما لربط الإرهاب بأي دين أو مذهب، حيث أعرب الجانب الصيني عن تقديره لجهود المملكة في إقامة مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ومواجهته.

وفي المجالات الثقافية والإنسانية أكد الجانبان أن جميع الحضارات يجب أن تتبادل الاحترام والتسامح بما يحقق التعايش المنسجم بين مختلف الحضارات البشرية، حيث أشاد الجانب الصيني بجهود المملكة الفاعلة لتعزيز الحوار والتواصل بين مختلف الحضارات والأديان.

وأبدى الجانبان استعدادهما لبذل الجهود المشتركة للحفاظ على التنوع الحضاري بروح التسامح والاستفادة المتبادلة، وثمّن الجانب الصيني جهود المملكة في إقامة مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا، وشجع الجانبان التبادل الثقافي بين البلدين على المستويين الرسمي والشعبي والتواصل والتعاون في مجالات الإعلام والصحة والتعليم والبحوث العلمية والسياحة وغيرها، مؤكدين أنهما سيواصلان تبادل إقامة الأسابيع الثقافية والمشاركة النشطة في مختلف الفعاليات الثقافية التي يقيمها الجانب الآخر، وتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الشباب والرياضة والمهارات المهنية، بما يعزز التواصل والصداقة بين البلدين والشعبين الصديقين.

دفع السلام في الشرق الأوسط

وفي الشؤون الإقليمية والدولية أجمع الجانبان على أن دفع السلام والاستقرار في الشرق الأوسط يتفق مع المصلحة المشتركة للمجتمع الدولي، وهما على استعداد لتعزيز التواصل والتنسيق بشأن الأوضاع في المنطقة، بما يحقق الحلول السياسية للقضايا الساخنة، وأكدا حق الدول بتقرير النظم والطرق التنموية التي تتناسب مع ظروفها الوطنية بإرادتها المستقلة، بما يحقق الاستقرار الدائم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، كما أكدا ضرورة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل بأنواعها كافة، وأبديا تأييدهما لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك الأسلحة النووية، وذلك طبقًا للقرارات الدولية ذات الصلة، وأهمية تحقيق السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط وفقًا لمبادرة السلام العربية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بما يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

موقف ثابت من وحدة اليمن

وكان الموقف السعودي والصيني موقف ثابت من وحدة اليمن واستقلاله وسيادته وطالباً اليمنيين بالحفاظ على وحدتهم الوطنية بمختلف مكوناتهم وأطيافهم وتياراتهم الاجتماعية والدينية والسياسية، وبعدم اتخاذ أية قرارات من شأنها تفكيك النسيج الاجتماعي لليمن، وإثارة الفتن الداخلية.

وأكدت المملكة والصين في مناسبات عديدة أن لديهما مصالح واسعة النطاق في كثير من القضايا الإقليمية والدولية المهمة، وسيقومان بتكثيف التنسيق والتعاون في الأمم المتحدة ومجموعة الـ (20) وغيرهما من المنظمات الدولية والمحافل المتعددة الأطراف.

إنجاز علمي مشترك

وفي إنجاز علمي جديد وفريد من نوعه على مستوى المنطقة والعالم الإسلامي، شاركت المملكة العربية السعودية، جمهورية الصين الشعبية، في رحلة نادرة لاستكشاف الجانب غير المرئي للقمر عن قرب، في إطار اهتمامها المتنامي في استكشاف الفضاء البعيد.

ويأتي هذا التعاون بين الرياض وبكين، ترجمة لمذكرة التفاهم المبرمة بين البلدين خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله- إلى الصين في 16 مارس 2017م، والتي أسست للتعاون مع وكالة الفضاء الصينية لاستكشاف القمر.

قد يهمك ايضا

خادم الحرمين وولي العهد يعزيان أسرة لإبراهيم بن محمد الشريدي في وفاة والدتهم

بأمر من الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ترقية وتعيين 84 قاضيا بالعدل