ابوظبي – زكي شهاب
كشف الكاتب اللبناني أمين معلوف الفائز بجائزة "الشيخ زايد للكتاب" في طبعته العاشرة في ابوظبي"، أن هذا الفوز مدعاة للسرور بالفعل ويعطيه دفعًا للانصراف أكثر فأكثر إلى الكتابة، فهو من الكثيرين الذين ينظرون إلى المستقبل وليس كثيرًا إلى الماضي على الأقل ليس إلى كتبه الماضية، وبالتالي بعد عودته إلى فرنسا سينتقل كما يفعل عادة إلى البيت الصغير الذي يكتب فيه، ويبدأ بكتابة روايته الجديدة".
وقال أمين معلوف في تصريحات خاصة إلى "العرب اليوم " إن المرحلة الحالية التي يمر بها العالم العربي بالفعل صعبة ، لكنها مدعاة أمل بالنسبة له بأن يرى اهتمامًا متزايدًا بالكتب والثقافة كما يراه اليوم من حوله في معارض الكتاب، وهذا طريق الانتقال من اليأس إلى الأمل على حد قول الكاتب اللبناني الشهير" .
وكرمت "جائزة الشيخ زايد للكتاب" في نسختها العاشرة، الأحد،, سبع شخصيات في مجالات ثقافية وأدبية، أبرزهم الكاتب اللبناني الفرنسي أمين معلوف الذي اختير شخصية العام الثقافية.
وقال معلوف في كلمة مقتضبة بعد تسلمه الجائزة: "كلمة واحدة في ذهني هذه الليلة: من الكتب تبدأ اعادة البناء، بناء العقول والقلوب، العقول النيرة، والقلوب المتآلفة، بناء الأمل، بناء الثقة بالنفس، الثقة بأن المستقبل ليس فقط للآخرين، بل هو أيضاً لنا، لأبنائنا وبناتنا، وهو لكل من يعشق العلم والفكر والفن والأدب، لكل من يعشق المعرفة والابتكار والابداع".
وأضاف أن "المستقبل لمن يعشق الكتب، اي لمن يعشق الحياة".
وسلم الجوائز نائب رئيس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة , الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، خلال احتفال اقيم في مركز "أبوظبي للمعارض"، على هامش معرض "أبوظبي الدولي للكتاب" الذي يستمر حتى الثالث من أيار/ مايو الجاري.
وإضافة الى معلوف، حاز الإماراتي جمال سند السويدي "جائزة الشيخ زايد للتنمية وبناء الدولة" عن كتابه "السراب"، والمصري ابراهيم عبد المجيد "جائزة الشيخ زايد للآداب" عن كتاب "ما وراء الكتابة: تجربتي مع الابداع"، و"جائزة الشيخ زايد للفنون والدراسات النقدية" للمغربي سعيد يقطين عن كتاب "الفكر الأدبي العربي: البنيان والأنساق"، و"جائزة الشيخ زايد للترجمة" للعراقي كيان أحمد حازم يحيى عن ترجمته لكتاب "معنى المعنى" لأوغدن ورتشاردز، و"جائزة الشيخ زايد للثقافة العربية في اللغات الأخرى" للمصري رشدي راشد عن كتاب "الزوايا والمقدار" الصادر بالعربية والفرنسية.
اما "جائزة الشيخ زايد للنشر والتقنيات الاخلاقية" فمنحت لـ"دار الساقي للنشر" اللبنانية.
وانطلقت الجائزة في العام 2006 وتحمل إسم مؤسس دولة الامارات العربية المتحدة، وتمنح سنوياً "للمبدعين من المفكرين والناشرين والشباب تكريماً لمساهماتهم في مجالات التأليف والترجمة في العلوم الإنسانية". وتأسست الجائزة بدعم ورعاية "هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث" وتشرف عليها لجنة عليا وهيئة استشارية.
وتضم الجائزة عشر فئات بينها شخصية العام الثقافية. لكن استثنيت هذه السنة فئات أدب الأطفال والناشئة، والمؤلف الشاب، والفنون والدراسات النقدية.
وتبلغ القيمة الإجمالية للجوائز سبعة ملايين درهم إماراتي (ما يناهز مليوني دولار أميركي). وينال الفائز في كل فرع من فروع الجائزة 750 ألف درهم، بينما تخصص شخصية العام الثقافية بمليون درهم.
ومعلوف أديب وصحافي لبناني ولد في بيروت في 25 شباط 1949 . امتهن الصحافة بعد تخرجه , حيث عمل في الملحق الاقتصادي لجريدة "النهار" البيروتية. وفي العام 1976 م انتقل إلى فرنسا حيث عمل في مجلة "إيكونوميا" الاقتصادية، واستمر في عمله الصحافي فرأس تحرير مجلة "جون أفريك"، وكذلك استمر في العمل مع جريدة "النهار"، وفي ربيبتها المسماة "النهار العربي والدولي".
نال الروائي اللبناني الذي يكتب بالفرنسية جائزة أمير اوسرترياس للأدب في العام 2010.
وتميزت رواياته بتجاربه في الحرب الأهلية والهجرة والعلاقة بين ضفتي المتوسط تاريخياً.
ولعل أبرز كتبه المثيرة للجدل كتاب "الحروب الصليبية كما رآها العرب - عرض تاريخي" (1983)، و"الهويات القاتلة" (1998 و 2002)، و"اختلال العالم" وهي عبارة عن مقالات سياسية (2009).
أما رواياته فهي: "ليون الأفريقي" (1984)، "سمرقند" (1986)، "حدائق النور" (1991)، "القرن الأول بعد بياتريس " (1992)، "صخرة طانيوس" (1993)، "موانئ الشرق" (1996)، "رحلة بالداسار" (2000)، و"التائهون" (2012).
ولدى معلوف ايضاً مسرحيتان شعريتان بعنوان: "الحب عن بعد" (2001)، و"الأم أدريانا" (2006)، كذلك سيرة عائلية بعنوان "بدايات" (2004)
وأقيم احتفال التكريم مساء الأحد، تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ,بحضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة و الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان عضو المجلس التنفيذي، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين والسفراء والدبلوماسيين.
وفي كلمته الترحيبية، قال الدكتور علي بن تميم أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب ..ذات يوم شتوي من سبعينات القرن الماضي زار الراحل الكبير المغفور له الشيخ زايد مبنى التلفزيون، وبعد أن تحدث مع العاملين فيه حديثا فياضا بالمحبة عابقا بالحكمة عامرا بالتفاؤل توقف رحمه الله عند مقدمة برنامج تلفزيوني كان يتحدث عن الذهب الأسود قائلا : " إنكم تعرضون في المقدمة صورة الغاز وهو يحترق فكأنكم تقولون إن الإمارات تبدد الثروة التي حباها الله بها" ..سارع العاملون بالاعتذار معلنين أنهم سيغيرون تلك الصورة ..فرد عليهم الشيخ زايد بعطف الأب وحزم القائد: " ما الفائدة من تغيير الصورة إذا لم يتغير الواقع، لا تغيروا الصورة نحن من سيغير الواقع أولا "..هذا هو الدرس الذي رسخه الراحل الكبير في دولة الامارات معلنا منهجا نسير عليه في المصالحة بين الصورة والواقع، فلا يستقيم الظل والعود أعوج والرائد لا يكذب أهله كما جاء في الأثر.
واضاف: "نقف اليوم إزاء لحظة مشرقة لحظة بهية ..لحظة فارقة ..مولد الجائزة قبل عشر سنوات وميلاد الرؤية، رؤية أبوظبي، التي شيدت صرحا معرفيا يفيء إليه العلماء والمفكرون والمبدعون والمثقفون في العالم العربي ..إنها الرؤية التي تتجذر في الحاضر وتمتد إلى المستقبل وتؤرخ في الوقت عينه لانبثاق روح جديدة في دولة الامارات العربية المتحدة ..الأفكار لها أجنحة تعود إلى أصحابها ..هكذا تحدث ابن رشد الشخصية التي يحتفي معرض أبوظبي الدولي للكتاب بها ونقول للقيادة الحكيمة في أبوظبي إن الرؤية لها أجنحة تعود بها إلى فرسانها".
وقال بن تميم : "هذا هو الدرب الذي سار عليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان رئيس الدولة حفظه الله وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الدعم غير المحدود للثقافة والفكر والفن لأنها الحجر الأساس في بناء الدولة ..فنحن في أبوظبي نصدر عن وعي حقيقي بأن مجابهة التحديات الكبرى تقوم على المعرفة وتتواصل بالعلم وتنهض بالثقافة وتنتهي بالاستتنارة."
واضاف: يسعدنا أن يكون بيننا إلى جوار الفائزين الكرام الأديب العالمي أمين معلوف وهو من تقدِّم إبداعاته صورة تطابق تاريخينا وتنزلها منزلتها ولا تتعالى على الواقع، وتعرِّي الهويات القاتلة وتفضح زيف من يتاجرون بها ..ويسرني أن أتقدم بخالص التهنئة للعلماء والمفكرين والمبدعين الفائزين وكلي ثقة أنهم سيستلهمون نهج الراحل الكبير الشيخ زايد في عدم التفريط بالواقع من أجل الصورة أو تشويه الصورة أمام صخرة الواقع وأنهم يفيئون إلى ظلال السماحة والتواصل والحوار واحترام الآخر والعمل بتفان وإخلاص".
وتوجه في الختام بالشكر الى الشيخ منصور بن زايد آل نهيان على حضور الحفل وتكريم الفائزين، وهو من تلقى الثقافة عنده بهاءها وألقها ويعرف للثقافة فضلها والفضل يعرفه ذووه والشكر موصول لمجلس الأمناء الموقر والهيئة العلمية ولجان التحكيم والمكتب الإداري للجائزة.
وشهدت الاحتفالية الثقافية عرض فيلم حول تاريخ الجائزة في السنوات العشر الماضية والذي يناقش تطورات الجائزة ومسيرتها.