القاهرة ـ العرب اليوم
يقدم الدكتور عصام الروبي- أحد علماء الأزهر الشريف- تفسيراً ميسراً لما تحويه آيات من الكتاب الحكيم من المعاني والأسرار، وموعدنا اليوم مع تفسير الآيتين القرآنيتين {عينا يشرب بها المقربون * إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون }.. [المطففين: 28*29].
عينًا: منصوب على المدح
يشرب بها: الباء في قوله (بِهَا): إما زائدة، أي يشربها، أو بمعنى من، أي: يشرب منها، أو على تضمين يشرب معنى يروى أي: يشرب راوين بها. أي يروى بها. وهذا الوجه أحسن من الوجه الذي قبله؛ لأن هذا الوجه يتضمن شيئين يرجحانه وهما: إبقاء حرف الجر على معناه الأصلي. والثاني: أن ضمَّن معنى أعلى من الشرب وهو الري، فكم من إنسان يشرب ولا يروى، لكن إذا روي فقد شرب، وعلى هذا فالوجه الثاني أحسن، وهو أن يضمّن الفعل (يشرب) بمعنى يروى.
وخلاصة المعنى: أن هذه العين والمياه النابعة، والأنهار الجارية يتلذذ بشرابها ويرتوي بها المقربون من الأبرار.
الذين أجرموا: ذكر بعض المفسرين في سبب نزول هذه الآية روايات منها: أنها نزلت في المنافقين عبد الله بن أبى وحزبه، كانوا يتنعمون في الدنيا أو يسخرون من ضعفاء المؤمنين وفقراء المهاجرين، ويقولون: انظروا إلى هؤلاء الذين يزعم محمد أنه يغلب بهم. ومنها: أنها نزلت في أبى جهل ورؤساء قريش كانوا يسخرون من فقراء المسلمين كعمار وخباب وابن مسعود وغيرهم بسبب ما كانوا فيه من الفقر والصبر على البلاء. (يضحكون): ساخرين مستهزئين.
وخلاصة المعنى: أن الحق تبارك وتعالى يخبر عن شأن الكافرين الذين يسخرون من المؤمنين، فقد جمعوا إلى كفرهم وضلالهم استهزاءهم بعباد الله من المتقين، فجمعوا ضلالًا إلى ضلال.