أبو ظبي - العرب اليوم
شهدت رحلة البشرية لاستكشاف أسرار الفضاء تطوّرات غير مسبوقة وقفزات كبيرة خلال عقود قليلة من الزمن، نقلت المعرفة الإنسانية إلى أبعاد جديدة، وأفرزت ابتكارات واختراعات ما زال البشر يكتشفون فوائد جديدة لها في حياتهم اليومية.
وبعدما اقتصر الأمر على استكشاف القمر، ينطلق الطموح البشري إلى محطة جديدة، بعدما دخلت العديد من الدول في ركب العالم الساعي لاستيطان الفضاء.
ومن غير المستغرب أن يشهد العام المقبل إطلاق رحلات استكشاف استثنائية نحو الفضاء، ولن يقتصر ذلك على كوكبي المريخ أو عطارد، بل سيشمل اثنين من الكويكبات أيضا، إضافة إلى الشمس!
هنا على سطح الأرض، ستنطلق جولات استكشاف الفضاء وكوكب المريخ بأسلوب متميّز آخر، إذ تعكس الرؤية الطموحة لدولة الإمارات التي تتطلع إلى قيادة الحراك العالمي لاستكشاف الكواكب الأخرى وبلورة السياسات التي تدعم التوجهات العالمية للاستثمار في البحوث والدراسات المتعلقة بالعلوم المتقدمة وعلى رأسها علوم الفضاء.
واطلع العالم لأول مرة على الخطط الإماراتية الطموحة لبناء أولى المستوطنات البشرية القابلة للسكن على سطح المريخ، من خلال عروض الواقع الافتراضي.
ولعل أبرز هذه الإنجازات، تجربة "المريخ 2117" التي قدمت محاكاة مصورة فائقة لمشروع "مدينة الحكمة"، الفكرة الإماراتية الفريدة عن مدينة متكاملة تستوعب 600 ألف فرد من المقيمين الدائمين على سطح الكوكب الأحمر، إضافة إلى المختبرات والجامعات، وذلك استنادا إلى الدراسات والحقائق العلمية والبيانات الجغرافية الواقعية.
تدعم الخطة الإماراتية نحو "المريخ 2117"، حسب ما يوضح مدير برنامج المريخ في مركز محمد بن راشد للفضاء، سعيد القرقاوي، في حديث لـ"العربية.نت"، بإجراءات فعلية تمثّلت بتقديم نموذج أولي لمسبار "الأمل" في بعثة الإمارات إلى المريخ، والذي سيعمل على جمع البيانات المتعلقة بالمناخ والغلاف الجوي خلال دورانه بشأن الكوكب الأحمر، ويؤكد أن الإطلاق الفعلي لمشروع "مسبار الأمل" سيتم في صيف العام 2020.
الفضاء منجم للأرض
ويُجمع الخبراء على أن الهدف من البعثات الاستكشافية المتزايدة، التثبت من المعلومات التي تشير إلى أن 10% من 1500 نيزك رصدتها وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، تحتوي على موارد معدنية، وهو ما يشجع على التخطيط لرحلات من أجل التنقيب في الفضاء، ومن المشاريع المرتقبة، تركيب محطات شمسية في الفضاء لتزويد الأرض بالطاقة الكهربائية.
يقول القرقاوي إن التحدي يترجم في استشراف الفرص والتحديات الفضائية، مثل الزراعة والتنقيب عن المعادن، مثل الفضة والذهب واستكشاف الموارد في الفضاء، وغيرها من المجالات المستقبلية المرتبطة بهذا القطاع الحيوي.
الأمر لا يتوقّف عند هذا الحد، بل كُشف النقاب أيضا عن خطط لبناء "مدينة المريخ"، وهي مدينة تنشأ في الصحراء لتحاكي مستعمرة على الكوكب الأحمر، وتستخدم لتطوير أنظمة الغذاء والطاقة التي يمكنها دعم حياة الإنسان على سطح المريخ. كما كشفت الإمارات عن طموحاتها في مجال الزراعة الفضائية باستخدام نخيل التمر، وهي شجرة تعيش في أقسى الظروف الصحراوية اعتماداً على القليل من الماء والمغذيات في التربة.
بينما تخوض شركتا "بوينغ" و"سبيس إكس" سباقا آخر لإطلاق رحلات تحمل المسافرين إلى مدار حول الأرض، وعلى صعيد نقل روّاد فضاء "ناسا" إلى "المحطة الفضائية الدولية"، لا يوجد سوى فارق ضئيل يفصل بين الشركتين، ويشهد العام 2018 انطلاقة تاريخية لهذه الرحلات، لذا ستخوض الشركتان سباقا محموما لتطوير التكنولوجيات واختباراتها.