تونس ـ أزهار الجربوعي
أكدت الناشطة الحقوقية التونسية والقيادية في جمعية "النساء الديمقراطيات" فتحية حيزم أن الجمعية لا يمكن أن تتخذ أسلوب الاحتجاج بالصدور العارية الذي اعتمدته إحدى الفتيات التونسيات، والتي أثارت ضجة واسعة، بتأكيدها اعتزام منظمة "فيمن" العالمية افتتاح فرع لها في تونس. وشددت حيزم، في حوار خاص مع "العرب اليوم"، على أنها لا تندد بالاحتجاج بالصدور العارية، وتدافع عن حق أي جمعية في التنظم، طالما لا تمس بحقوق وحرية بقية المواطنين، مؤكدة أن الدستور التونسي الجديد يتضمن العديد من الثغرات، ولا يحمي حقوق المرأة التونسية. وأوضحت حيزم أن "جمعية النساء الديمقراطيات لا تدعم أسلوب الفتاة التونسية التي ظهرت عارية الصدر على الشبكة العنكبوتية، في الاحتجاج، كما أنها لا تندد به"، معتبرة أن "ظروفًا قصوى قد تكون أملت عليها ذلك". وبشأن عزم منظمة "فيمن" الأوكرانية للإحتجاج بالصدور العارية فتح فرع لها في تونس لممارسة نشاطها، قالت حيزم "مبدئيًا نحن لا يمكن أن نكون ضد حق الأفراد في التنظم، طالما لا يمسون بحرية وحقوق بقية المواطنين، سيما وأننا عانينا سنين طوال من التضييق على الأحزاب، وحظر حق التنظم، وتكوين الجمعيات، وهو حق تكفله جميع الدساتير والتشريعات الدولية". واعتبرت حيزم "إقدام الفتاة التونسية أمينة على الظهور عارية الصدر، غداة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، كاتبة على جسدها (جسدي ملكي وليس شرفًا لأحد)، ناجمًا عن صغر سنها، وقِلة خبرتها، وأنها لم تجد سبيلاً لإيصال رسالتها المناهضة للعنف ضد المرأة، واستغلالها جسديًا، إلا بالطريقة التي عبرت بها". وأكدت حيزم أن "الفتاة أرادت أن توجه رسالة للإخوان المسلمين، ولكل المتطرفين دينيًا، وكل من يناهض حقوق المرأة، ويختزلها في الجسد، مفادها أن المرأة ليست عورة، ولا يمكن امتلاكها بمجرد امتلاك جسدها، أو توظيفه دينيًا أو إعلاميًا". وحذرت حيزم من "عودة القمع من خلال التجييش ضد الفتاتين اللواتي ظهرن على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عاريات الصدر، معلنات تضامنهن مع الفتاة أمينة، ومن تكرار ما حدث مع الفتاة التونسية التي حوكمت بالسجن، لسبب ظهورها في أغنية راب". وشددت القيادية في جمعية "النساء الديمقراطيات" التونسية على أن "واجب الصحافة يقتصر على إنارة الرأي العام، دون الانزلاق نحو التجييش، والتعبئة الخطيرة، ضد الأفراد، التي قد تشكل مقدمة للعنف اللفظي والجسدي على الأخرين". وبشأن وضعية المرأة في تونس بعد الثورة وفي الدستور الجديد، اعتبرت الناشطة الحقوقية فتحية حيزم أن "المرأة التونسية مهددة في ضوء حكم الإسلاميين"، مشيرة إلى أن "مسودة الدستور الجديد تتضمن العديد من الثغرات، ولا تكفل حقوق المرأة التونسية". وأوضحت فتحية حيزم أن "الدستور لا ينص صراحة على المساواة بين الرجل والمرأة، لأن الدستور يعني الحقوق وليس الواجبات فقط، كما أن مبدأ كونية حقوق الإنسان قد أسقط من مسودة الدستور". واستنكرت حيزم "تراجع الحكومة التونسية عن اتفاقية (سيداو)، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، لحجة مخالفتها للدين والتقاليد التونسية"، معتبرة أن "هذه الاتفاقية هي عصارة الفكر الإنساني"، وأضافت "لقد وصلنا إلى أقصى درجات التخلف، وعلينا الاعتراف بالمرأة ككائن بشري، قبل التطرق إلى دينها وهويتها". وتعليقًا على دعوات بعض نائبات حزب "حركة النهضة" الإسلامي الحاكم إلى تجريم الإجهاض، اعتبرت حيزم أن "القضاء على الإجهاض سيشرع الباب أمام أطفال الشوارع، وسيجبر الفتيات على التعرض للموت والإجهاض في أماكن غير صحية"، وأضافت أن "تونس لا تحتمل تضخمًا بشريًا قد يستنزف مواردها الشحيحة أصلاً". وبشأن تصاعد المخاوف والتهديدات المسلطة على المرأة في ضوء الحكم الإسلامي في تونس، شددت حيزم أن "المخاوف على حقوق المرأة من الأخطار الإيديولوجية موجودة وفي تصاعد مستمر"، لافتة إلى "ارتفاع ظاهرة العنف ضد المرأة، على غرار تفشي الاغتصاب، وإكراه المرأة على ارتداء الحجاب". ودعت حيزم إلى ضرورة وجود ضمانات حقيقية لحماية حقوق وحريات المرأة في الدستور الجديد، وتطبيق القانون بصرامة على المجرمين والمعتدين، بالعنف والاغتصاب، على النساء، والتأكيد على عدم الإفلات من العقاب. وفي ختام حديثها قالت الناشطة الحقوقية التونسية فتحية حيزم "تطبيق القانون وحده لا يكفي، بل يجب عرض هؤلاء المجرمين على أخصائيين نفسيين، لإعادة تأهيلهم"، مستنكرة اعتماد الحكومة على بعض الأئمة وشيوخ الدين لإعطاء دروس للمساجين، حيث قالت "إن هؤلاء يربون جهاديين، ولا يمكنهم إعادة تأهيل المساجين".