واشنطن - العرب اليوم
بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي في 8 مايو/أيار 2018 والذي وصفه الرئيس ترمب بـ"أسوأ اتفاق"، عادت العقوبات الأميركية المفروضة على إيران بشكل أشد من الماضي وبلغت تصفير النفط وهو أهم مصدر للميزانية في البلاد.
وأكد مسؤولون أميركيون مراراً أنهم يريدون فرض "أشد العقوبات" على إيران إلى أن تغير سلوكها وتأتي إلى طاولة التفاوض حول اتفاق جديد يشمل الملفين النووي والصاروخي، بالإضافة إلى مسألة دعم طهران لوكلائها في المنطقة.
وتؤكد الولايات المتحدة أنها لا تريد خوض حرب عسكرية مفتوحة مع إيران، اعتقادا منها أن العقوبات كفيلة بإرغام طهران على الخضوع لمبدأ التفاوض، وبالرغم من أن إيران تصف هذه العقوبات بـ"الإرهاب الاقتصادي"، إلا أنها أشبه بحرب اقتصادية شاملة تطال إيران ومن يتعامل معها من دول وشركات وأشخاص، ويشار في الإعلام إلى كل من جون بولتون ومايك بومبيو كقائدين للحرب الاقتصادية الأميركية ضد إيران ولكن هناك سيدة أميركية في أعلى مراتب قيادة هذه الحرب الضروس، حيث تعمل من خلف الستار، وهي "سيجال مندلكر" مساعدة وزير الخزانة الأميركي في شؤون الإرهاب والمعلومات المالية، حسب ما ذكر موقع "ذي أتلانتيك" الأميركي في مقال للكاتبة "كتي جيلسينان".
وجاء في المقال، "في الصيف الراهن تختفي ناقلات النفط العملاقة أو تفجر أو يتم الاستيلاء عليها بشكل رسمي وتسقط الطائرات المسيرة وتندلع الحرب الكلامية في تويتر بين "دونالد ترمب" و"الولي الفقيه" بإيران، والخليج هو المكان الذي يحتضن اليوم كافة هذه الاشتباكات التي يشهدها العالم، ولكن معظم العقوبات الأميركية ضد إيران ليست عسكرية مشهودة، بل اقتصادية ومالية وبات اللجوء إلى هذا النوع من العقوبات الوسيلة الرئيسية التي تستخدمها أميركا لمواجهة "السلوك التحريضي للجمهورية الإسلامية الإيرانية" وأضاف الموقع أن "السيدة مندلكر هي التي تمسك بيدها خيوط العقوبات".
وبعد الإشارة إلى أن مندلكر كانت عملت مع ثلاثة رؤساء جمهورية، أضاف المقال، "في خضم الاستفزازات والخطاب العدائي بين الولايات المتحدة وإيران، قد يكون اثنان من كبار المسؤولين الصقور، جون بولتون ومايك بومبيو، الوجهين العلنيين لسياسة "أقصى الضغوط" لترمب ضد الجمهورية الإسلامية، لكن مندلكر، والمكتب الذي تشرف عليه بصفتها وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والمعلومات المالية، هي الشخص الذي يقوم بتحديد معظم معالم هذه السياسة ونوعية العقوبات".
العملية المعقدة للعقوبات
إنها محامية يصفها زملاؤها السابقون بأنها عضو بارز ورائع في الجمعية الفيدرالية المحافظة وكاتبة سابقة لقاضي المحكمة العليا كلارينس توماس، وإنها تتحدث بشغف شديد حول العملية المعقدة للعقوبات والغرامات المالية. وبما أن ترمب يتجنب الحرب مع إيران ويريد ممارسة الضغط على هذا البلد قدر الإمكان، عليه فقد أصبحت مندلكر أحد أقوى مسؤولي إدارته وهي التي تخطط لسياسة ترمب تجاه إيران بغية شل اقتصاد البلاد أو حتى العمل على انهيار النظام.
في الندوة التي عقدت في جامعة "آسبن ويندي شيرمان" في 21 الشهر الحالي، قالت السيدة مندلكر ردا على سؤال طرحه سكرتير لجنة الولايات المتحدة في المحادثات النووية حين قال: "أعرف أن سياستنا تجاه إيران تمثل ضغطاً شاملاً، ولكن ما هو الهدف النهائي لهذه السياسة؟"، فقالت "بدون شك، العقوبات فعالة"، مستشهدة بالشكاوى الإيرانية من أن صادراتها النفطية بلغت أدنى مستوياتها على الإطلاق، وأن وكلاء إيران مثل حزب الله باتوا يطلبون التبرعات.
"الأعمال الخبيثة لإيران"
كما أشارت إلى "الأعمال الخبيثة لإيران" في دعم المجموعات الموالية لها ودعم طهران لبشار الاسد الذي "قتل شعبه بأسلحة الكيمياوية" وأضافت: "هذه هي بالتحديد أسباب فرض العقوبات المشددة على النظام الإيراني، فلكما زدنا الضغط عليهم تتفاقم أزمتهم أكثر، نحن نحرمهم من القدرة على الدعم المالي (للإرهاب)، ونجعل العالم مكاناً أكثر أماناً".
ويضيف المقال: "ولكن منذ ذلك الحين، حاولت وزارة الخزانة دائما إيجاد سبل تجعل تعامل طهران التجاري مستحيلا ليس فقط مع الولايات المتحدة، بل أيضاً مع العالم بأسره، وفي عام 2006، سعى مسؤولو وزارة الخزانة إلى إيجاد طريقة لاستبعاد إيران من النظام المالي والمصرفي الدولي، وفي وقت لاحق أيضا قلصت إدارة أوباما من قدرة إيران على تصدير النفط، وتهدف حكومة ترمب اليوم إلى تصفير صادرات النفط الإيرانية وإعاقة اقتصادها بالكامل، وفي الوقت نفسه، تستخدم إدارة ترمب العقوبات كسلاح ضد أقوى المسؤولين والمؤسسات للنظام الإيراني، بما في ذلك الحرس الثوري والقائد الأعلى للنظام الإيراني، آية الله علي خامنئي.
وبما أن إدارة ترمب تكرر تأكيدها على أنها لا تريد الحرب مع إيران، هنا تأتي أهمية الدور الذي تلعبه "سيجال مندلكر" مساعد وزير الخزانة الأميركي في شؤون الإرهاب والمعلومات المالية على صعيد العقوبات الاقتصادية التي تفرضها إدارة ترمب ضد النظام الإيراني ويبدو أنها نحو المزيد.
قد يهمك ايضا:
بكين ترفض تلميحات ترامب بشأن اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة
موغيريني تؤكّد أنّ أوروبا تدعم الاتفاق النووي الإيراني وتدعو لتجنب التصعيد